علي بن أبي طالب الهاشمي رضي الله عنه ابن عبد المطلب هاشم بن عبد مناف...
ذكر ابن سعد في كتاب "الطبقات الكبير" أن أبا الحسن عليّا نزل الكوفة في الرحبة التي يُقال لها رحبة عليّ في أخصاص كانت فيها، ولم ينزل القصر الذي كانت تنزله الولاة قبله.
وروى الحرمازي، عن رجل من همدان قال: قال معاوية لضرار الصُّدائي: يا ضرار، صِفْ لي عليًّا، قال: أعفني يا أمير المؤمنين، قال: لتصفنَّه، قال: أما إذْ لا بد من وصفه فكان والله بعيد المَدى، شديد القُوى، يقول فَصْلًا، ويحكم عدلًا، يتفجَّر العلم من جوانبه، وتنطِقُ الحِكْمَةُ من نواحيه، ويستوحش من الدّنيا وزهرتها، ويستأنس بالليل ووحشته، وكان غَزير العَبْرة، طويل الفِكْرَة، يُعجِبُه من اللبّاس ما قصُر، ومن الطّعام ما خَشُن، وكان فينا كأحَدِنا، يُجيبنا إذا سألناه، ويُنْبئنا إذا استنبأناه، ونحن والله ــ مع تقريبه إيانا وقُرْبه مِنّا ــ لا نكاد نكلَمه هَيْبَةً له، يعظِّمُ أهل الدّين، ويُقرِّبُ المساكين، لا يطمع القويّ في باطله، ولا ييئس الضعيفُ من عَدْله، وأشهد أنه لقد رأيتُه في بعض مواقفه، وقد أرخى اللّيل سُدُولَه، وغارت نجومه، قابضًا على لحيته، يتململُ تَمَلْمُل السّليم، ويبكي بكاء الحزين، ويقول: يا دُنيا غُرِّي غيري، ألِي تعرّضْت أمْ إليّ تشوَّفتِ! هيهات هيهات! قد باينْتُك ثلاثًا لا رجْعَةَ فيها، فعُمْرُك قصير، وخطَرك قليل، آهٍ من قلَّةِ الزَّاد، وبُعد السفر، ووَحْشَةِ الطّريق، فبكى معاوية وقال: رحم الله أبا الحسن، كان والله كذلك، فكيف حزْنُك عليه يا ضِرَار؟ قال: حُزْن من ذُبح ولدها وهو في حِجْرها.