تسجيل الدخول


صفوان بن المعطل

1 من 1
صَفْوَانُ بنُ المُعَطَّلِ

ابن رَحَضَةَ بن المؤمل بن خُزَاعِيّ بن مُحَارِبيّ بن هِلال بن فَالج بن ذَكْوَان بن ثَعْلَبَة بن بُهْثَةَ بن سُلَيم ويُكني أبا عَمْرو.

قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدّثني يعقوب بن يحيى بن عباد، عن عيسى بن مَعْمَر، عن عَبَّاد بن عبد الله بن الزبير، عن عائشة قالت: أَسْلَمَ صفوانُ بن المُعَطّل قَبْل غزوة المُرَيْسِيع وشهد المُرَيْسِيع مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وكان على ساقة الناس من ورائهم فادَّلج فأصبح عند منزلي الذي أقمت به ألتمس عقدي وقد ذهب الناسُ فأتاني، وكان يراني قبل أن ينزل الحجاب، وأنا متلفعةٌ فأثبتني فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فَخَمّرت وجهي بِملْحَفتي فواللِّه إن كلّمني كلمةً حَتَّى أناخ بعيرهُ. ثم وطِي على يده مُولِّيًا عني، فركبت على رحله، وانطلق يقود بي حتى جئنا العسكر شَدَّ الضُّحا، فارْتَعَجَ العسكر وقال أصحاب الإفك الذي قالوا - وتولَّى كِبْرَهُ عبدُ الله بن أُبَيّ بن سلول - ولا أشعر من ذلك بشيء، وتكلم ابنُ أُبَيّ في صَفْوان بن المُعَطَّل ورماه بما رماه به.

وذكر جُعَيلَ بنَ سُراقة وجَهجَاهَ، وكانا من فقراء المهاجرين فقال: ومثل هذين يكثران على قومي، وقد أنزلنا محمد في ذروة كِنَانة وعِزِّها! والله، لقد كان جُعَيل يرضى أن يسكت فلا يتكلم، فكان اليوم يتكلم. فقال حسان بن ثابت وكان ممن تكلم مع أُبَيَّ:

أَمْسَى الجَلاَلِيبُ قد راعوا وقد كَثُروا وابنُ الفُرَيْعَة أمسى بِبَيْضَة البَلَدِ

فلما نزل عُذْر عائشة وتلا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، القرآن على الناس وقد كان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، صَعِدَ المنبر قبل ذلك فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: "من يعذرني ممن يُؤذيني في أهلي؟ ويقولون لرجل والله ما علمت على ذلك الرجل إلاّ خيرًا، وما كان يدخل بيتًا من بيوتي إلا معي ويقولون عليه غير الحق".

فجاء صَفْوَانُ بن المُعَطّل إلى جُعَيْل بن سُرَاقَة فقال: انطلق بنا نَضْرِبُ حسانَ فوالله ما أراد غيرك وغيري، وَلَنَحن أقرب إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، منه، فَأَبَى جُعَيْل أن يذهب، وقال: لا أفعلُ إلا أن يأمرني به رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ولا تفعل أنت حتى تُؤامِر رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، في ذلك. فَأَبَى صفوان فخرج مُصْلِتًا السيفَ حتى يَضْرب حسان بن ثابت في نادي قومه، فوثبت الأنصار إليه فأوثقوه رباطًا - وكان الذي وَلِي ذلك منهُ ثابت بن قيس بن شَمّاس - وأَسروهُ أَسْرًا قبيحًا فمرَّ بهم عُمارةُ بن حَزم فقال: ما تصنعون؟ أَعَنْ أَمْر رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ورضاه أَمْ أَمْرٍ فعلتموه؟ قالوا: ما علم به رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم. قال: لقد اجترأتَ خلِّ عنهُ! ثم جاء به وبثابتٍ إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يسوقهما، فأراد ثابت أن ينصرف، فَأَبَى عُمارة حتى جاء إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقال حسان: يا رسول الله، شَهَرَ عَلَيَّ السيفَ في نادي قومي، ثم ضربني لأَن أموت، ولا أراني إلا ميتًا من جراحتي.

فأقبل رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم، عَلَى صفوان فقال له: "وَلِمَ ضَرَبْتَهُ وحملتَ السلاح عليه؟" وَتَغَيَّظ رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله آذاني وهَجاني وسفَّه عَلَيَّ وحسدني على الإسلام.

ثم أقبل رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، عَلَى حسان بن ثابت فقال: "أَسَفِهْتَ على قومٍ أَسلموا؟" ثم قال: "احبِسوا صَفوان، فإن ماتَ حسان فاقتلوه به". فخرجوا بصفوان، فبلغ سعدَ بن عُبادة ما صُنِع به. فخرج في قومه من الخزرج حتى أتاهم، فقال: عمدتم إلى رجل من قوم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، تُؤْذونه وتهجونه بالشِّعر وتشتمونهُ فغضب لِما قيل له، ثم أسرتموهُ أقبح إسارٍ، ورسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، بين أظهركم! قالوا: فإن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، أمرنا بحبسه وقال: "إن مات صاحبُكم فاقتلوه به": قال سعدٌ: واللِّه إِنَّ أحبَّ إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، لَلْعفو، ولكن رسول الله قد قضى لكم بالحق، وإن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، لَيُحِبّ أَنْ يُتْرَكَ صفوان واللِّه، لا أبرح حتى يُطْلَق! فقال، حسان: ما كان لي من حَقٍّ فهو لك فَأَبَى ثابت، وأبَى قَوْمُه، فغضب قيس بن سعد غضبًا شديدًا، وقال عجبًا لكم، ما رأيتُ كاليوم! إِنَّ حَسَّانَ قد ترك حَقَّهُ وتَأْبون أَنتم! ما ظننتُ أَنَّ أَحدًا من الخزرج يَرُدّ أبا ثابت في أمرٍ يهواهُ فاستحيا القوم وأَطلقوا صفوان من الوَثائق فذهب بهِ سعدٌ إلى بيتهِ فكساهُ حُلَّةً، ثم خرج صَفوانُ حتى دخل المسجد ليصلى فيه، فرآهُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: "صفوان؟" قالوا: نعم يا رسول الله، قال: "مَن كساه؟" قالوا: سعد بن عُبادة، قال: "كساه الله من ثياب الجنة".

ثم كلَّم سعدُ بن عُبادة حَسَّانَ بن ثابت فقال: لا أُكلِّمك أبدًا إن لم تذهب إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فتقول: كلّ حقٍّ هو لي قِبَلَ صَفوان فهوَ لك يا رسول الله، فأقبل حسان بن ثابت في قومه حتى وقف بين يدي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، كل حقٍّ لي قِبَلَ صفوان بن المُعَطَّل فهو لك. فقال: "قد أحسنتَ وقبلتُ ذلك". وأعطاهُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، أرضًا براحًا وهي بَيْرَحاء وما حولها وسِيرِين أخت مارية. وأعطاهُ سعد بن عُبادة حائطًا يَجُدّ مالًا كثيرًا عِوَضًا له ممّا عفا عَنْ حقّهِ(*).

قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدّثنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي سَبْرَة، قال: أخبرني سُلَيْمان بن سُحَيم، عن نافع بن جُبَير بن مُطْعِم، أَنَّ حَسَّان بن ثابت حبس صفوان، فلما بَرِئ حسان أرسل إليه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: "يا حَسَّان أَحْسِنْ فيما أصابك". فقال: هو لك يا رسول الله. فأعطاهُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، بَيْرَحَاء وأعطاه سِيرَين عِوضًا(*).

قال محمد بن عمر: وشهد صفوان مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، الخندقَ ومشاهدَهُ كلها، وكان مع كُرْز بن جابر الفِهريّ في طلب العُرَنيين الذين أغاروا على لِقاح رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، بذي الجَدْر، ومات صفوان بسُمَيساط سنة ستين.

قال: أخبرنا وهب بن جرير، قال: حدّثنا أبي، قال: سمعت الحسن، قال: لما قال حسان بن ثابت في شأن عائشة ما قال: حلف صفوان بن المُعَطَّل لئن أنزل الله عُذرَهُ ليضربَنَّ حسانَ ضربةً بالسيف، فلما أنزل الله عُذْرَه ضَرَبَ حسانَ على كَفِّه بالسيف، فأخذه قومه فأتوا به وبحسان على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فدفعه إليهم ليقتصوا منه، فلما أَدْبَرُوا بِهِ بَكَى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقيل لهم: هذا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يبكي فارجعوا به! فتركه حسان لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "دعوا صفوانَ فإنه يحب الله ورسولَه" أو كما قال(*).

قال: أخبرنا يحيى بن حماد، قال حدّثنا أَبُو عَوَانَة، عن سليمان، قال: حدّثنا أبو صالح، عن أبي سَعِيد الخُدْرِيّ، قال: جاءت امرأة صفوان بن مُعَطَّل إلى نبي الله صَلَّى الله عليه وسلم، تشكو زَوْجَها فقالت إنه يضربني إذا قرأتُ القرآن وأصلي، ويفطرني وأنا صائمةٌ ولاَ يُصَلِّي الفجرَ حي تطلع الشمس! فدعاهُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: "ما تقول هذه؟ تَذْكُرُ أَنك تضربها على الصلاة وقراءة القرآن!" قال: إنها تقرأ بِسُورَتِي فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "إن الناس كلهم لَوْ قرءُوها لكفتهم" أو "وسعتهم". "وتُفْطرها وهي صائمةٌ!" فقال: إني رجلٌ شابٌ وإنها تصوم بغير إذني ولا أصبر. فنهى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، النساء أن يصمن تطوعًا إلا بإذن أزواجهنّ. قال: "وتنام عن صلاة الفجر حتى تطلع الشمس!" فقال: إنّا أهل بيتٍ نُوَّمٌ وإني لا أستطيع إلا هذا. فقال له رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "إذا استيقظتَ فَصَلِّ"(*).
(< جـ5/ص 153>)
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال