1 من 2
هَبّار بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشي الأسديّ، أمه فاختة بنت عامر بن قرظة القشيرية، وأخواه لأمه: حزن وهبيرة ـــ ابنا أبي وهب المخزوميان.
ذكر ابْنُ إسْحَاقَ في "المَغَازِي"، عن يزيد بن أبي حبيب، عن بكير بن الأشج، عن سليمان بن يسار، عن أبي إسحاق الدَّوْسيّ، عن أبي هريرة؛ قال: بعث رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم بعثًا أنا فيهم، ثم قال لنا: "إنْ ظفرتُمْ بهبار بن الأسْودَِ وَبنافع ابْنِ قَيْس فَحرقُوهُما بِالنَّارِ"، حتى إذا كان الغد بعث إلينا، فقال لنا: "إنِّي كُنْتُ أمَرتُكُمْ بِتَحْرِيق هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ إنْ أخَذْتُمُوهُمَا، ثُمَّ رأيْتُ أنَّهُ لاَ يَنْبَغِي لأحَدٍ أن يُعذِّبُ بِالنَّارِ إلَّا الله".(*)
وأخرجه ابْنُ السَّكَنِ، من طريق ابن إسحاق، وقال: هكذا رواه ابن إسحاق، ورواه الليث عن يزيد، فلم يذكر أبا إسحاق الدوسي فيه؛ وهو مجهول.
قلت: وطريقُ الليث أخرجها البُخَارِيُّ وأبُو دَاوُدَ والترمذيُّ والنسائِيُّ، وليس فيها تسمية هبار، ولا رفيقه، وتابعه عمرو بن الحارث عن بكير؛ علقه البخاري، ووصله النسائي، وأخرجه محمد بن عثمان بن أبي شيبة في تاريخه من طريق عبد الله بن المبارك، عن ابن لهيعة، عن بُكير، وسماهما، لكن قال: نافع بن عبد عمرو، وكان السبب في الأمر بتحريقه ما ذكره ابن إسحاق في السيرة أن هبار بن الأسود نخس زينب ابنة رسول صلى الله عليه وآله وسلم لما أرسلها زوْجها أبو العاص بن الربيع إلى المدينة، فأسقطت. والقصةُ بذلك مشهورة في السيرة.
وأخرج عَلِيُّ بْنُ حَرْبِ في فوائِدِه، وثابت بن قيس في الدلائل، وأبو الدحداح الدمشقي في فوائده أيضًا، كلهم من طريق ابن أبي نجيح ـــ أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعث سرية، فقال: "إنْ أصُبتُمْ هَبَّارَ بْنَ الأسْوَدِ فَاجْعَلُوهُ بَيْنَ حزمَتَيْنِ وَحَرِّقُوهُ" فلم تصبه السرية، وأصابه الإسلام؛ فهاجر إلى المدينة، وكان رجلًا سبابًا؛ فقيل للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن هبارًا يُسَب ولا يسب، فأتاه فقام عليه، فقال له: "سُب مَنْ سبك"، فكفوا عنه.(*)
وهذا مرسل، وفيه وهم في قوله: هاجر إلى المدينة، فإنه إنما أسلم بالجعرانة؛ وذلك بعد فتح مكة، ولا هِجْرَةَ بعد الفتح.
والصواب ما قال الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارً إن هبارًا لما أسلم وقدم المدينة جعلوا يسبونه، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: "سُبَّ مَنْ سَبَّكَ"؛ فانتهوا عنه.
وأخرج ابْنُ شَاهِين من طريق عَقِيل، عن ابن شهاب نحوه مرسلًا.
وأما صفةُ إسلامه فأخرجها الواقدي من طريق سعيد بن محمد بن جُبير بن مطعم، عن أبيه، عن جده؛ قال: كنت جالسًا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منصرفة من الجعرانة، فاطلع هبار بن الأسود من باب رسولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقالوا: يا رسول الله، هبار بن الأسود! قال: "قد رأيته". فأراد رجل من القوم أن يقوم إليه، فأشار النبي صلى الله عليه وآله وسلم إليه أن اجلس، فوقف هبار، فقال: السلام عليك يا نبي الله، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله، ولقد هربْتُ منك في البلاد، وأردتُ اللحاق بالأعاجم؛ ثم ذكرت عائدتك وصلتك وصفحك عمن جهل عليك؛ وكنا يا نبي الله أهل شرك، فهدانا الله بك، وأنقذنا من الهلكة؛ فاصفح عن جهلي؛ وعما كان يبلغك عني فإني مُقر بسوء فعلي، معترفٌ بذنبي. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "قد عفوتُ عنك، وقد أحسن الله إليك حيث هداك إلى الإسلام، والإسلامُ يجبُّ ما قبله".(*)
وأخرج الطَّبَرَانِيُّ من طريق أبي معشر، عن يحيى بن عبد الملك بن هبار بن الأسود، عن أبيه، عن جده ـــ أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مَرّ بدار هبار بن الأسود، فسمع صوت غناء؛ فقال: "مَا هَذَا؟" فقيل: تزويج، فجعل يقول: "هَذَا النِّكَاحُ لا السفاحُ".(*)
وأخرج الحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ في مسنده من طريق عبد الله بن أبي عبد الله بن هبار بن الأسود، عن أبيه، عن جده نحوه، وفي كل من الإسنادين ضعيف؛ قال أبو نعيم اسم أبي عبد الله بن هبار عبد الرحمن.
قلت: أخرجه الْبَغَوِيُّ من طريق عبد الله بن عبد الرحمن بن هبار به، لكن في سنده علي بن قرين، وقد نسبوه لوضع الحديث، لكن أخرج الخطيب في المؤتلف من طريق إبراهيم بن محمد بن أبي ثابت، ووقع لنا بعلو في فوائد ابن أبي ثابت هذا من روايته بسنده إلى أحمد بن سلمة الحراني... عن عبد الله بن هبار، عن أبيه؛ قال: زوج هبار ابنته، فضرب في عرسها بالدف... الحديث.
وأخرج الإسماعِيليُّ في "مُعْجَمِ الصَّحَابَةِ" والخطيب في المؤتلف، من طريقه، ونقلته من خطه؛ قال: أخبرني محمد بن طاهر بن أبي الدميك، حدثنا إبراهيم بن عبد الله الهروي، حدثنا هُشيم، أخبرني أبو جعفر، عن يحيى بن عبد الملك بن هبار، عن أبيه، قال: مَرّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بدار علي بن هبار، فذكر الحديث كما تقدم في ترجمة علي بن هبار.
وهبار ذكر في قصة أخرى ذكرها ابن منده، من طريق عبد الرحمن بن المغيرة، عن أبي الزناد؛ وابن قانع، من طريق داود بن إبراهيم، عن حماد بن سلمة، كلاهما عن هشام ابن عُروة، عن أبيه، عن هبار بن الأسود في قصة عتبة بن أبي لهب مع الأسد، وقول النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم: "اللَّهُمَّ سَلِّطِ عَلَيْهِ كلبًا مِنْ كِلَابِكَ".(*) وقول هبار: إنه رأى الأسد يشمُّ النيام واحدًا واحدًا حتى انتهى إلى عتبة، فأخذه.
وله قصةٌ مع عمر؛ فأخرج البخاري في التاريخ، من طريق موسى بن عقبة، عن سليمان بن يسار، عن هبار بن الأسود ـــ أنه حدثه أنه فاته الحج؛ فقال له عمر: طُفْ بالبيت وبين الصفا والمروة. وهكذا أخرجه البيهقي من هذا الوجه، وهو في الموطأ عن نافع عن سليمان بن يسار ـــ أن هبار بن الأسود حج من الشام.
وهكذا أخرجه سعيد بن أبي عروة في كتاب المناسك عن أيوب عن نافع، فذكره مطولًا.
وقد تقدم ذكر ولده علي بن هبار في حرف العين المهملة. وأنشد له المرزبانِي في معجم الشعراء يخاطب تُويت بن حبيب بن أسد بن عبد العُزّى بن قصي في الجاهلية:
تُوَيْتُ
ألَمْ تَعْلَمْ وَعِلْمُكَ
ضَائِرٌ بِأنَّكَ
عَبْدٌ
لِلِّئامِ
خدينِ
وَأنَّكَ إذْ تَرْجُو صَلاحِي وَرَجْعَتِي إلَيْكَ لِسَاهِي العَيْنِ جِدُّ غَبينِ
أتَرْجُو مُسَامَاتِي بِأبْياتِكَ الَّّتي جَعَلْتُ أرَاهَا دُونَ كُلِّ قَرِينِ
[الطويل]
(< جـ6/ص 411>)
2 من 2
هنَّاد: وجدته في جزء أبي إسحاق بن أبي ثابت بسنده إلى العرزمي، وهو محمد بن عبيد العرزمي، عن عبيد الله بن عبيد الله بن هناد، عن أبيه؛ قال: زوج هناد ابنته فضرب عليها بالغربال... الحديث.
وهو تصحيف؛ وإنما هو هبار، بموحدة وآخره. وقد تقدم على الصواب. في الأول.
(< جـ6/ص 459>)