تسجيل الدخول


كعب بن عدي

1 من 1
كعب بن عدي التنوخي.

مخرج حديثه عن أهل مصر. روى عنه ناعم بن أُجيل حديثًا حسنًا؛ هكذا اختصره ابن عبد البر.

ونسبه ابْنُ مَنْدَه عن ابْنِ يُونُسَ؛ فقال: ابْنُ عَدِيّ بْنِ عَمْرو بْنِ ثَعْلَبَة بْنِ عَدِيّ بْنِ ملكَان ابن عذرة بن زيد اللات، هو الذي يقال له التنوخي؛ لأن ملكان بن عوف حلفاء تنوخ، وهم العِباد، بكسر المهملة وتخفيف الموحدة، بالحيرة، وهكذا قال ابْنُ يُونُس في "تاريخ مصر".

قال ابْنُ السَّكَنِ: يقال إن له صحبة. وقال البغوي، وابن قانع عنه: حدثنا أبو الأحوص محمد بن الهيثم، أنبأنا سعيد بن جُبير بن عفير، حدثني عبد الحميد بن كعب بن علقمة بن كعب بن عدي التنوخي، عن عمرو بن الحارث، عن ناعم بن أُجيل ـــ بالجيم مصغّرًا، عن كعب بن عدي؛ قال: أقبلتُ في وفد من أهلِ الحيرة إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، فعرض علينا الإسلامَ فأسلمنا، ثم انصرفنا إلى الحيرة، فلم نلبث أن جاءتنا وفاةُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فارتاب أصحابي، وقالوا: لو كان نبيًا لم يَمُتْ. فقلت: فقد مات الأنبياءُ قبله، فثبتّ على الإسلام، ثم خرجْتُ أُريد المدينة، فمررت براهبٍ كنا لا نقطع أمرًا دونه فعجتُ إليه فقلت: أخبرني عن أمْرٍ أرَدْتُه لقح في صدري منه شيء. قال: ائت باسمك من الأشياء، فأتيته بكعب قال: ألقه في هذا الشعر لشعر أخرجه؛ فألقيتُ الكعب فيه فإذا بصفةِ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، كما رأيته، وإذا موته في الحين الذي مات فيه، فاشتدت بصيرتي في إيماني، فقدمت على أبي بكر رضي الله عنه فأعلمته وأقمت عنده، ووجَّهْني إلى المقوقس، ورجعت، ثم وجهني عمر أيضًا، فقدمت عليه بكتابه بعد وَقْعة اليرموك. ولم أعلم بها؛ فقال لي: علمْتَ أن الروم قَتلت العرب وهزمتهم؟ قلت: لا. قال: ولِمَ؟ قلت: لأن اللهَ وعد نبيّه ليُظْهره على الدين كلّه، وليس يخلف الميعاد قال: فإنّ العربَ قتلت الروم، والله قِتلَة عاد، وإن نبيكم قد صدق. ثم سألني عن وجوه الصحابة فأهدَى لهم، وقلت له: إن العباس عمه حي فتصله؟.

قال كَعْبٌ: وكنْتُ شريكًا لعمر بن الخطاب. فلما فرض الديوانَ فرض لي في بني عديّ ابن كعب.

وقال البَغَوِيّ: لا أعلم لكعب بن عدي غيره. وهكذا أخرجه ابْنُ قَانِعٍ عن البغوي، ولكنه اقتصر منه إلى قوله: مات الأنبياء قبله؛ وابن شاهين عن أبيه عن أبي الأحوص بطوله، وأبو نعيم عن أبي العباس الصَّرْصَري عن البغوي بطوله، وأخرجه ابن السكن بطوله، عن شيخ آخر عن أبي الأحوص، ومِن رواية عبد الله بن سعيد بن عفير، عن أبيه بطوله. وزاد فيه: فألقيت الكعب فيه فصحّف فيه، وقال فيها: وكنت شريكًا لعمر في البز. قال: ابْنُ السَّكَنِ: روَاه غير سعد فأدخل بين عمرو بن حريث وناعم يزيد بن أبي حبيب.

قلت: أخرجها ابْنُ يُونُسَ في تاريخ مصر، مِنْ طريق إبراهيم بن أبي داود البرلسي ـــ أنه قرأ في كتاب عمرو بن الحارث بخطه. حدثني يزيد بن أبي حبيب أن ناعمًا حدثه عن كعب بن عدي؛ قال: كان أبي أسقف الحيرة فلما بُعث محمد قال: هل لكم أن يذهب نَفَرٌ منكم إلى هذا الرجل فتسمعوا مِن قوله؟ لا يموت غَدًا فتقولوا: لو أنّا سمعنا مِنْ قوله، وقد كان على حق؟ فاختاروا أربعة فبعثوهم، فقلت لأبي: أنا أنطلقُ معهم، قال: ما تصنع؟ قلت: أنظر، فقدمنْا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فكنَّا نجلس إليه إذا صلّى الصبح فنسمع كلامه والقرآن ولا ينكرنا أحد، فلم نلبث إلا يسيرًا حتى مات، فقال الأربعة: لو كان أمره حقًا لم يمت، انطلقوا، فقلت: كما أنتم حتى تعلموا مَنْ يقوم مكانه فينقطع هذا الأمر أم يَتمُّ، فذهبوا ومكثت أنا لا مُسلمًا ولا نصرانيًا، فلما بعَث أبو بكر جيشًا إلى اليمامة ذهبتُ معهم، فلما فرغوا مررتُ براهب، فذكر قصةً معه؛ وقال فيها: فوقع في قلبي الإيمان فآمنْتُ حينئذ، فمررت على الحيرة فعيَّروني فقدمتُ على عمر رضي الله عنه، وقد مات أبو بكر رضي الله عنه، فبعثني إلى المقوقس، فذكر نحوه.

ثم أخرج ابْن يُونُسَ من رواية سعيد بن عُفير، وقال: الصواب ما في الكتاب لم يسمعه عمرو بن ناعم.

قلت: اعتمد ابن يونس على ما في هذه الرواية؛ فقال في أول الترجمة: كان أحد وَفْد أهل الحيرة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يسْلم، وأسلم زمن أبي بكر، وكان شريكَ عمر في الجاهلية في تجارة البز، وقدم الإسكندرية سنة خمس عشرة رسولًا من عُمر إلى المقوقس، وشهد فَتْح مصر، واختط بها، وكان ولده بمصر يأخذون العطاء في بني عدي بن كعب حتى نقلهم أمير مصر في زمَن يزيد بن عبد الملك إلى ديوان قضاعة، وولده بمصر من عبد الحميد بن كعب بن علقمة بن كعب بن عَدي، وله بمصر حديثٌ، فذكره.

وتبع ابْنُ يُونُسَ أبو عبد الله بن منده، وأخرج الحديثَ عن ابن يونس، مِن طريق يزيد بن أبي حبيب المذكورة، وقال: قال ابْنُ يُونُسَ: هكذا وجدته في الدَّرْج والرَّق القديم الذي حدثني به محمد بن موسى، عن ابن أبي داود، عن كتاب عمرو بن الحارث.

قال ابْنُ مَنْدَه: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وكأن سياق سَندِ سعيد بن عُفير بعلو من روايته عن أحمد القاري، عن عبيد الله بن سعيد عن أبيه ولم يَسُقِ المَتْن، [[بل]] قَرنه برواية يزيد بن أبي حبيب، وبينهما من المخالفة أنّ في رواية سعيد بن عُفير أنه أسلم عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وفي رواية يزيد بن أبي حبيب أنه لم يسلم إلّا في عَهْد أبي بكر؛ ويمكن الجمعُ بين الروايتين بأنه ليس في رواية يزيد بن أبي حبيب أنه لم يسلم؛ بل سكت عن ذلك، وذكر أنه بعد موت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أقام لا مسلمًا ولا نصرانيًا.

وفي رواية سعيد التصريح بإسلامه عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وذكر بعد ذلك أنه ازداد يقينًا في إيمانه، فيُحمل على أنه بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقع له تردّد، فصار في حكم مَنْ رجع عن الإسلام، فلما شاهد نصرةَ المسلمين مرةً بعد مرة رجح عنده الإسلام وعاوده اليقين؛ فعلى هذا يُعَد في الصحابة؛ لأنه لو تخللت له رِدَّةٌ صريحة ثم عاد استمر له اسْمُ الصحبة، كالأشعث بن قيس وغيره ممن ارتدّ وعاد. وقد كنت اعتمدتُ على قول ابْن يُونُسَ، وكتبته في المخضرمين، ثم رجح عندي ما في رواية ابن عُفير فحوّلته إلى هذا القسم الأول، وبالله التوفيق.

وأورد ابْنُ مَنْدَه في ترجمته قصةً له تتضمَّنُ رواية أبي ثور الفَهْمي عنه، أخرجها من طريق ابن وهب، أخبرني عبد الرحمن بن شريح، عن يزيد بن عمرو، عن أبي ثور الفهمي؛ قال: كان كعب العَبَادِي عقيدًا لعمر بن الخطاب في الجاهلية، فقدم الإسكندرية، فوافق لهم عيدًا يكون على رأس مائة سنة، فهم مجتمعون، فحضر معهم حتى إذا فرغوا قام فيهم مَنْ يناديهم: أيها الناس، أيكم أدركَ عِيدنا الماضي فيخبرنا أيَّهما أفضل؟ فلم يجبه أحد حتى ردّد فيهم، فقال: اعلموا أنه ليس أحد يدرك عِيدنا المقبل مما لم يدرك هذا العيد من شهد العيد الماضي.

قال ابْنُ يوُنُسَ: وكان هذا العيد عندهم معروفًا بالإسكندرية إلى بعد الثلاثمائة. ووقع لصاحب "أسد الغابة" في ترجمته: وكان أحد وفد الحيرة إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم [[وأسلم زَمَنَ أبي بكر]]، وكان شريك النبي صَلَّى الله عليه وسلم في الجاهلية، وقدم الإسكندرية سنة خمس عشرة رسولًا لعُمر إلى المقوقس، وشهد فَتْح مصر وهذا نقله من كلام ابْن مَندَه، ولكن ليس عند ابن منده إلا ما عند غيره ممن ترجم له، وهو أنه كان شريكًا لعمر بن الخطاب، وقد وقع ذلك في رواية أبي ثَوْر الفهمي أيضًا.
(< جـ5/ص 449>)
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال