تسجيل الدخول


كعب بن عدي

كَعْبُ بن عَديّ بن حَنْظَلة التنوخي:
من ملكان بن عوف حلفاء تنوخ، وهم العِباد بالحيرة، ومخرج حديثه عن أهل مصر. روى عنه ناعم بن أُجيل حديثًا حسنًا؛ قال البَغَوِيّ: لا أعلم لكعب بن عدي غيره. وهو ما رواه ناعم أَبي عبد اللّه، عن كعب بن عدي أَنه قال: كان أَبي أُسْقُفَّ الحيرة، فلما بعث محمد صَلَّى الله عليه وسلم قال: هل لكم أَن يذهب نفر منكم إِلى هذا الرجل فتسمعوا منه شيئًا من قوله؛ لا يموت فتقولون: لو أَنا سمعنا من قوله؟! فاختاروا أَربعة فبعثوهم، فقلت لأبي: أَنا انطلق معهم. قال: ما تصنع؟ قلت: أَنظر. فقدمنا على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فكنا نجلس إِليه إِذا صلى الصبح، فنسمع كلامه والقرآن، فلا ينكرنا أَحدٌ. فلم يلبث رسول الله إِلا يسيرًا حتى مات، فقال الأَربعة: لو كان أَمره حقًا لم يمت، انطلقوا، فقلت لهم: كما أَنتم حتى تعلموا من يقوم مقامه، فينقطعَ هذا الأَمر أَو يتمَّ. فذهبوا ومكثتُ أَنا لا مسلمًا ولا نصرانيًا، فلما بعث أَبو بكر جيشًا إِلى اليمامة ذهبتُ معهم، فلما فرغوا من مسيلمة مررت براهبٍ فَرَقِيتُ إِليه فدارسته، فقال لي: أَنصراني أَنت؟ قلت: لا. قال: فيهودي؟ قلت: لا. فذكرت محمدًا فقال: نعمْ، هو مكتوب. قلت: فأَرنيه. فأَخرج سفرًا ثم قال: ما اسمك؟ قلت: كعب ففتح فقرأَت، فعرفت صفة محمد ونعته، فوقع في قلبي الإيمان، فآمنت حينئذ وأَسلمت، ومررت على الحيرة فعيروني.
وفي رواية أخرى: عن ناعم بن أُجيل، عن كعب بن عدي؛ قال: أقبلتُ في وفد من أهلِ الحيرة إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، فعرض علينا الإسلامَ فأسلمنا، ثم انصرفنا إلى الحيرة، فلم نلبث أن جاءتنا وفاةُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فارتاب أصحابي، وقالوا: لو كان نبيًا لم يَمُتْ. فقلت: فقد مات الأنبياءُ قبله، فثبتّ على الإسلام، ثم خرجْتُ أُريد المدينة، فمررت براهبٍ كنا لا نقطع أمرًا دونه فعجتُ إليه فقلت: أخبرني عن أمْرٍ أرَدْتُه لقح في صدري منه شيء. قال: ائت باسمك من الأشياء، فأتيته بكعب قال: ألقه في هذا الشعر لشعر أخرجه؛ فألقيتُ الكعب فيه فإذا بصفةِ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، كما رأيته، وإذا موته في الحين الذي مات فيه، فاشتدت بصيرتي في إيماني، فقدمت على أبي بكر رضي الله عنه فأعلمته وأقمت عنده، ووجَّهْني إلى المقوقس، ورجعت، ثم وجهني عمر أيضًا، فقدمت عليه بكتابه بعد وَقْعة اليرموك. ولم أعلم بها؛ فقال لي: علمْتَ أن الروم قَتلت العرب وهزمتهم؟ قلت: لا. قال: ولِمَ؟ قلت: لأن اللهَ وعد نبيّه ليُظْهره على الدين كلّه، وليس يخلف الميعاد قال: فإنّ العربَ قتلت الروم، والله قِتلَة عاد، وإن نبيكم قد صدق. ثم سألني عن وجوه الصحابة فأهدَى لهم، وقلت له: إن العباس عمه حي، فَتَصِلُه؟. قال كَعْبٌ: وكنْتُ شريكًا لعمر بن الخطاب. فلما فرض الديوانَ فرض لي في بني عديّ بن كعب.
قال ابْنُ السَّكَنِ: يقال إن لكعب بن عدي صحبة. وقال ابن يونس: كان أحد وَفْد أهل الحيرة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يسْلم، وأسلم زمن أبي بكر، وكان شريكَ عمر في الجاهلية في تجارة البز، وقدم الإسكندرية سنة خمس عشرة رسولًا من عُمر إلى المقوقس، وشهد فَتْح مصر، واختط بها، وكان ولده بمصر يأخذون العطاء في بني عدي بن كعب حتى نقلهم أمير مصر في زمَن يزيد بن عبد الملك إلى ديوان قضاعة، وولده بمصر من عبد الحميد بن كعب بن علقمة بن كعب بن عَدي. وتبع ابْنَ يُونُسَ أبو عبد الله بن منده، فذَكَرَتْ رواية أنه أسلم في عهد النبي وأخرى ذكرت أن رسول الله مات ولم يكن كعب قد أسلم؛ ويمكن الجمعُ بين الروايتين بأنه ليس في رواية يزيد بن أبي حبيب أنه لم يسلم؛ بل سكت عن ذلك، وذكر أنه بعد موت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أقام لا مسلمًا ولا نصرانيًا. وفي رواية سعيد التصريح بإسلامه عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وذكر بعد ذلك أنه ازداد يقينًا في إيمانه، فيُحمل على أنه بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقع له تردّد، فصار في حكم مَنْ رجع عن الإسلام، فلما شاهد نصرةَ المسلمين مرةً بعد مرة رجح عنده الإسلام وعاوده اليقين؛ فعلى هذا يُعَدُّ في الصحابة؛ لأنه لو تخللت له رِدَّةٌ صريحة ثم عاد استمر له اسْمُ الصحبة، كالأشعث بن قيس وغيره ممن ارتدّ وعاد.
وأورد ابْنُ مَنْدَه في ترجمته قصةً له تتضمَّنُ رواية أبي ثور الفَهْمي عنه، فعن أبي ثور الفهمي؛ قال: كان كعب العَبَادِي عقيدًا لعمر بن الخطاب في الجاهلية، فقدم الإسكندرية، فوافق لهم عيدًا يكون على رأس مائة سنة، فهم مجتمعون، فحضر معهم حتى إذا فرغوا قام فيهم مَنْ يناديهم: أيها الناس، أيكم أدركَ عِيدنا الماضي فيخبرنا أيَّهما أفضل؟ فلم يجبه أحد حتى ردّد فيهم، فقال: اعلموا أنه ليس أحد يدرك عِيدنا المقبل مما لم يدرك هذا العيد من شهد العيد الماضي. قال ابْنُ يوُنُسَ: وكان هذا العيد عندهم معروفًا بالإسكندرية إلى بعد الثلاثمائة. ونقل ابن الأثير عن ابن منده أنه كان شريك النبي صَلَّى الله عليه وسلم في الجاهلية، وقدم الإسكندرية سنة خمس عشرة رسولًا لعُمر إلى المقوقس، وشهد فَتْح مصر وهذا نقله من كلام ابْن مَندَه، ولكن الذي عند ابن منده أنه كان شريكًا لعمر بن الخطاب.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال