تسجيل الدخول


حجاج بن علاط بن خالد

حَجَّاجُ، وقيل: الحجّاج بنُ عِلاط بن خَالِد السلمي ثم البهزي، وقيل: الفِهري.
يُكْنَى أبا كلاب، وقيل: أبو محمد، وقيل: أبو عبد الله، وللحجاج بن عِلَاط أخ اسمه صالح مات في الجاهِلِيِة، وذكره حسان بن ثابت في قصيدته الطائية التي يقول فيها:
لِِكُمَيْتٍ كَأَنَّهَا دَمُ جَوْفٍ عُتِّقَتْ مِنْ سُلَافَةِ الأَنْبَاطِ
فَاحْتَوَاهَا فَتًى يُهينُ لَهَا المَال وَنَادَمْتُ صَالِحَ بْنَ عِلَاطِ
وأنشد له المَرْزَبَانِيُّ في "معجم الشعراء" أبياتًا يمدح فيها عليًّا يوم أحد يقول فيها:
وَعَلَلْتَ سَيْفَكَ بِالدِّمَاءِ وَلَمْ تَكُنْ لِتَرُدَّه حَرَّانَ حَتَّى يَنْهَلاَ
هو والد نصر بن حجاج، الذي نفاه عمر بن الخطاب ــ رضي الله عنه ــ حين سمع المرأة تنشد:
هَلْ مِنْ سَبِيلٍ إِلَى خمْرٍ فَأَشْرَبَها أَمْ هَلْ سَبِيلٌ إِلَى نَصْرِ بْنِ حَجَّاجِ
وكان نصر بن حجاج جميلًا، أسلم الحجاج، وحسن إسلامه، وشهد مع النبي صَلَّى الله عليه وسلم خيبر، وكان سبب إسلامه أنه خرج في ركب من قومه إلى مكة، فلما جن عليه الليل، وهو في واد وَحْشٍ مخُوف قَعَد، فقال له أصحابه: قم ــ يا أبا كلاب ــ فخذ لنفسك ولأصحابك أمانًا؛ فقام الحجاج بن علاط يطوف حولهم يكلؤهم، ويقول:
أُعيِذُ نَفْسِي وَأُعِيذُ صَحْـبِي مِـنْ كـُلِّ جِنِـيٍّ بِهـذَا النَّقْـبِ

حَتَّـى أَؤُوبَ سَالِمًا وَرَكْبِي
فسمع قائلًا يقول: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ} [الرحمن/33]. فلما قدم مكة خَبَّر بذلك في نادي قريش؛ فقالوا له: صبأت والله يا أبا كلاب؛ إن هذا فيما يزعم محمد أنه نزل عليه، فقال: والله لقد سمعته وسمعه هؤلاء معي، ثم أسلم.
قال ابْنُ السَّكَنِ: نزل الحجاج حِمْص، واستعمل معاويةُ ابنَه عبد الله بن الحجاج على حِمْص، قال محمد بن حبيب: كتب عُمر بن الخطاب إلى أُمَراء الآفاق أَن يبعثوا إليه من كل عَمَلٍ رجلًا مِنْ صالحيها؛ فبعثوا إليه أربعةً من البصرة والكوفة والشام ومصر، فاتفق أنَّ الأربعةَ من بني سليم؛ وهم الحجاج بن عِلَاط، وزيد بن الأخنس، ومجاشع بن مسعود، وأبو الأعور.
وكان حجاج صاحب غَارَاتٍ في الجاهلية، فخرج يُغِيرُ في بعض غاراته فَذُكِر له أن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بخَيْبَرَ فأسلم وحَضَرَ مع رسول الله خَيْبَر، وكان مُكثرًا لهُ مالُ معادنِ الذهب التي بأرض بني سُليم، فقال: يا رسول الله، ائذن لي حتى أذهب فآخذ مالي عند امرأتي، فإنها إن علمت بإسلامي لم آخذ منه شيئًا، وكانت امرأته أُمُّ شَيْبَة بنت عمير بن هاشم أخت مصعب بن عمير العَبْدرِيّ. فأذن له رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فقال: لاَبُدَّ لي يا رسول الله مِنْ أن أقول، فأذن له رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أن يقول ما شاء، فَقَدِمَ الحجاج مكة وأهلها. يَتَحَسَّبُونَ الأخبارَ، وقد بلغهم أن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قد سار إلى خيبر، فقالوا: الخبر يا حجاج؟ فقال: عندي ما يسركم، لم يلق محمد وأصحابه قومًا يحسنون القتالَ غير أهل خَيابر، قد هُزم هزيمة لم يُسمع بمثلها قط وأُسِرَ محمدٌ أسرًا، فقالوا لَنْ نَقْتُلَه حتى نبعث به إلى أهل مكّة، قال: فصاحوا بمكّة وقالوا: قد جاءكم الخبر، فقلتُ أعينوني على جَمْعِ ما لي على غُرَمَائي فإنّي أريد أن أقدم فأصيبَ من غنائم محمد وأصحابه قبل أن يسبقني التجّار إلى ما هناك، فقاموا فجمعوا لي مالي كأحثّ جَمْع سمِعتُ به، وجئتُ صاحبتي، وكان لي عندها مال، فقلتُ لها: مالي لعلّي ألْحَقُ بخيبر فأُصيبَ من البيع قبل أن يسبقني التجّار. وسمع بذلك العبّاس بن عبد المطّلب فانخزل ظَهْرُه فلم يستطع القيامَ فدعا غلامًا له يُقال له أبو زبيبة، فقال: اذهب إلى الحجّاج فقُلْ يقول لك العبّاس الله أعلى وأجلّ من أن يكون الذي تُخْبُره حقًّا، فجاءه فقال الحجّاج: قل لأبي الفضل أخْلِني في بعض بيوتك حتى آتِيَك ظُهْرًا ببعض ما تحبّ واكتم عني، فأتاه ظهرًا فناشده الله ليكتمنّ عليه ثلاثة أيّام فواثقه العبّاس على ذلك، قال: فإنّي قد أسلمتُ ولي مال عند امرأتي ودَين على الناس ولو علموا بإسلامي لم يدفعوا إليّ شيئًا، تركتُ رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم قد فتح خيبر وجَرَتْ سِهام الله ورسوله فيها وتركتُه عروسًا بابنة حُيَيّ بن أخطب، وقُتل بني أبي الحُقيق، فلمّا أمسى الحجّاج من يومه ذلك خرج، وأقبل العبّاس بعدما مضى الأجلُ وعليه حُلّة وقد تخلّق بخلوق وأخذ في يده قضيبًا وأقبل يخطر حتى وقف على باب الحجّاج بن عِلاط فقرعه وقال: أين الحجّاج؟ فقالت امرأته: انطلق إلى غنائم محمد وأصحابه ليَشْتَريَ منها، فقال العبّاس: فإنّ الرجل ليس لك بزوج إلاّ أن تَتْبَعي دينَه، إنّه قد أسلم وحضر الفتح مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ثمّ انصرف العبّاس إلى المسجد وقريش يتحدّثون بحديث الحجّاج بن علاط فقال العبّاس: كلا والذي حلفتم به، لقد افتتح رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم خيبر وتُركَ عروسًا على ابنة ملكهم حُيَيّ بن أخطب، فضرب أعناق بني أبي الحُقَيق البيض الجِعاد الذين رأيتموهم سادة النضير من يثرب وخيبر، وهرب الحجّاج بماله الذي عند امرأته، قالوا: مَن أخبرك هذا؟ قال: الصادق في نفسي الثقة في صدري الحجّاج فابعثوا إلى أهله، فبعثوا فوجدوا الحجّاج قد انطلق بماله، ووجدوا كلّ ما قال لهم العبّاس حقًّا، فكُبِتَ المشركون، وفرح المسلمون، ولم تلبث قريش خمسة أيّام حتى جاءهم الخبر بذلك(*)، وعن سعيد بن عطاء بن أبي مروان، عن أبيه، عن جدّه، أنّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم لما أراد أن يغزو مكّة بعث إلى الحجاجَ بن عِلاَط، والعِرْباضَ بن سَارِيَة السُّلَمِيّ إلى بني سليم يأمرهما بقدوم المدينة.(*) قال محمد بن عمر: وهاجر الحجّاج بن عِلَاط، وسكن المدينة ببني أميّة بن زيد، وبَني بها دارًا، ومسجدًا يُعْرَفُ به، وله حديث، ومات حجاج في أول خلافة عمر، وقيل: بعد ذلك، وذكر ابن أبي حاتم أنّ الحجاجَ بن عِلاط مدفون بقاليقلا.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال