تسجيل الدخول


شيبة بن أبي طلحة المكي

شَيْبَة الحَاجِب، واسمه عبد الله بن عثمان بن أَبِي طَلْحَة القرشيّ العَبْدريّ الحجبيّ المكيّ.
يُكْنَى أبا عثمان، وقيل: أبا صفية، وأمُّه أم جميل هند بنت عُمير بن هاشم ــ أخت مصعب بن عُمير، وأَبوه عثمان يعرف بالأَوقص؛ قتله علي يوم أُحد كافرًا. ووَلَدَ شيبةُ بن عثمان: عبدَ الله الأكبر، وجُبَيرًا، وعبدَ الرحمن الأكبر، وأُمَّ حُجَير وهي صفية لها بنو عبد الله بن خالد بن أَسيد؛ وأمهم أم عثمان وهي: بَرَّة بنت سفيان بن سعيد بن قايف السُّلَمِيّ، وعبدَ الله الأصغر ـــ وهو الأعجم ـــ وهو الذي ضُرب في سببه خالد بنِ عبد الله، وعبدَ الملك بن شيبة؛ وأمهما لُبْنَى بنت شَدّاد بن قيس بن الأوْبَر، وعصمان وعبد الله ـــ وهو العَنْقَزِيّ؛ وأمهما ابنة السائب بن أبي السائب بن عائذ، وعبدَ الكريم، والوليدَ لأم وِلد، وعبدَ رَبِّه، وعبدَ الرحمن الأصغر؛ وأمهما ابنة أبي فروة بن الحجن الأَزْدِي مِن غَامِد، ومُصْعَب بن شَيبة؛ ولم تُسَمّ أمه، ويقال: بل أم صفية بنت شيبة رَيْطَة بنت عَرْفَجة بن عَمرو، ولإبنته صفية بنت شَيْبة صحبة.
وذكره بعضهم في المؤلفة، وحسن إِسلامه، وكان شيبة ممن ثبت يوم حنين، وروى منصور بن عبد الرحمن الحَجَبِيّ عن أمه وغيرها: كان شيبة بن عثمان رجلًا صالحًا له فضل، وكان يحدث عن إسلامه وما أراد الله به من الخير ويقول: ما رأيتُ أعجب مما كنا فيه من لزوم ما مضى عليه آباؤنا من الضلالات، ثم يقول: لما كان عام الفتح ودخل رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم مكة عَنْوَةً، قلتُ أَسير مع قريش إلى هَوَازِن بحُنَيْن فعسى إن اختلطوا أن أصيب من محمد غِرّة، فأثأر منه، فأكون أنا الذي قمتُ بثأر قريش كلها، وأقول: لو لم يبق من العرب والعجم أحد إِلاّ اتَّبَعَ محمدًا مَا تَبعته، فكنتُ مرصدًا لما خرجتُ له، لا يزداد الأمر في نفسي إلا قوة، فلما اختلط الناس اقتحم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم عن بَغلته، وأصلتُّ السيف فدنوتُ أريد ما أريد منه، ورفعت سيفي حتى كدت أُسَوِّرُه، فرفعَ لي شُوَظ من نار كالبرق كاد يَمْحَشُنِي فوضعتُ يدي على بَصَري خوفًا عليه، والتفتَ إِلَيَّ رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم فنادى: "يا شَيْبَ ادنُ منِّي"، فدنوتُ فمسح صدري، ثم قال: "اللهم أعذه من الشيطان!" قال: فوالله لَهو كان ساعتئذ أحب إليَّ مِنْ سمعي وبَصري ونفسي، وأذهبَ الله ما كان بي. ثم قال: "ادنُ فقاتل". فتقدمتُ أمامه أضرب بسيفي، الله يعلم أني أحب أن أقيه بنفسي كل شيء، ولو لقيت تلك الساعة أبي لو كان حيًا لأوقعت به السيف، فجعلت ألزمه فيمن لزمه حتى تراجع المسلمون فكرّوا كَرّة رجل واحد، وقربت بغلة رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فاستوى عليها، فخرَج في أثرهم حتى تفرّقوا في كل وجه، ورجع إلى معسكره فدخل خباءه فدخلتُ عليه، ما دخل عليه غيري، حُبًا لرؤية وجهه وسرورًا به فقال: "يا شَيْب الذي أراد بك الله خيرًا مما أردتَ بنفسك"، ثم حدّثنى بكل ما أضمرتُ في نفسي مما لم أكن أذكره لأحد قط. قال: فقلتُ فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ثم قلتُ: استغفر لي يا رسول الله فقال: "غَفَرَ الله لك".(*). ودفع له رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة، وإِلى ابن عمه عثمان بن طلحة بن أَبي طلحة، وقال: "خُذُوهَا خَالِدَةً مُخَلَّدَةً تَالِدَةً إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، يَا بَنِي أَبِي طَلْحَةَ، لَا يَأْخُذْهَا مِنْكُمْ إِلَّا ظَالِمٌ".(*) قال ابن الأثير: وهو جد هؤلاء بني شيبة، الذين يلون حجابة البيت، الذين بأَيديهم مفتاح الكعبة إِلى يومنا هذا. وروى عَوْف عن رجل من أهل المدينة قال: دعا النبي صَلَّى الله عليه وسلم عام الفتح شَيْبَة بن عثمان فأعطاه المفتاح وقال له: "دونك هذا فأنت أمين الله على بيته".(*). قال محمد بن سعد: فذكرتُ هذا الحديث لمحمد بن عمر فقال: هذا وَهلٌ إنّما أعطَى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم المفتاح عثمان بن طَلحة يوم الفتح، وشَيْبة بن عثمان يومئذ لم يُسْلِم، وإنما أسلم بعد ذلك بحُنين، ولم يزل عثمان يلي فتح البيت إلى أن توفي، فدفع ذلك إلى شيبة بن عثمان بن أبي طلحة وهو ابن عمه، فبقيت الحِجَابة في ولد شيبة، وخرج شيبة مع قريش إلى هَوَازِن بحُنَيْن فأسلم هناك، وهو أبو صَفِيّة بنت شَيْبَة، وَبقِيَ شَيْبَةُ حتى أدرك يزيد بن معاوية.
وذكر ابن إِسحاق أنه لما انهزم المسلمون في يوم حنين صرخ كَلَدة بن الحَنْبل: ألا بَطَلَ السِّحْر! فقال صفوان بن أُمية، وهو يومئذ مشرك: اسكت فَضَّ الله فاك، فوالله لأنْ يَرُبَّني رجل من قريش أَحب إِلي من أَن يَرُبَّني رجل من هوازن، وكان شيبة من خيار المسلمين.
وقال أَبو وائل: جلست إِلى شيبة بن عثمان، فقال: جلس عمر في مجلسك هذا، فقال: لقد هَمَمْت أَن لا أَدع في الكعبة صفراءَ ولا بيضاءَ إِلا قسمتها بين الناس، قال: قلت: ليس ذلك إِليك، قد سبقك صاحباك، فلم يفعلا ذلك، قال: هما المرءَان يقتدى بهما. وقد روى شَيْبَة عن النّبي صَلَّى الله عليه وسلم وعن أبي بكر وعمر، وروى عنه أَبُو وَائِلٍ، وابنه مصعب بن شيبة، وحفيده مسافع بن عبد الله بن شيبة، وعبد الرَّحمن بن الزّجاج، وآخرون. وروى مصعب بن شيبة، عن أَبيه، قال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "إِذَا انْتَهَى أَحَدُكُمْ إِلَى المَجْلِسِ فَإِنْ وُسِّعَ لَهُ فَلْيَجْلِسْ، وَإِلَّا فَلْيَنْظُرْ أَوْسَعَ مَكَانٍ يَرَاهُ فَلْيَجْلِسْ فِيهِ"(*) أخرجه أحمد في المسند 2/ 439 والطبراني في الكبير 7/ 360 وذكره الهيثمي في الزوائد 8/ 62 والهندي في الكنز حديث رقم 25393.. وقال يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ: أقام شيبة للناس الحجَّ سنة تسع وثلاثين. قال خليفة: وكان السّبب في ذلك أنَّ عليًا بعث قُثَم بن العباس ليقيم للناس الحجّ، وبعث معاوية يزيد بن شَجَرة فتنازعا، فسعى بينهما أبو سعيد الخُدْريّ وغيره، فاصطلحا على أَنْ يقيم الحج شيبة بن عثمان، ويصلّي بالنّاس.
وتوفي سنة سبع وخمسين، وقيل: سنة تسع وخمسين، وقال ابن حجر العسقلاني: "وقع عند ابن منده أنه مات سنة ثمان وخمسين، وهو ابنُ ثمان وخمسين؛ وهو غلط. وكذا وقع له في سياق نسبه غلَطٌ فاحش". وقيل: بل توفي أَيام يزيد بن معاوية وأوصى إلى عبد الله بن الزبير.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال