1 من 2
عبد الله بن سهيل العامري:
عبد الله بن سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد وُدّ بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤيّ القرشيّ العامريّ، يُكْنى أبا سهيل، هاجر إلى أرض الحبشة الهِجْرَةَ الثانية في قول ابن إسحاق، ومحمد بن عمر، ثم رجع إلى مكّة، فأخذه أبوه وأوثقه عنده، وفتنه في دينه، ثم خرج مع أبيه سهيل بن عمرو يوم بَدْرٍ، وكان يكتم أباه إسلامه، فلما نزل رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بَدْرًا انحاز من المشركين وهرب إلى رسول الله مسلمًا، وشهد معه بَدْرًا والمشاهد كلّها، وكان من فضلاء الصّحابة، وهو أَحَدُ الشهود في صلح الحديبية، وهو أسنُّ من أخيه أبي جندل، وهو الذي أَخذ الأمانَ لأبيه يوم الفتح، أتى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، أبي تُؤَمِّنه؟ فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "نَعَمْ، هُوَ آمِنٌ بِأَمَانِ اللَّهِ، فَلْيَظْهَر" ثم قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم لمن حوله: "مَنْ رَأَى سُهَيْل بْنَ عَمْرٍو فَلا يَشُدّ إِلَيْهِ النَّظَرَ. فَلَعْمِري إِنَّ سُهَيْلًا لَهُ عَقْلٌ وَشَرَفٌ، وَمَامِثْلُ سُهَيْلٍ جَهَلَ الإِسْلاَمَ، وَلَقَدْ رَأَى مَا كَانَ يُوضَعُ فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنِ بِنَافِعِهِ"، أخرجه الحاكم في المستدرك 3/ 281، والهندي في كنز العمال حديث رقم 30168.. فخرج عبد الله إلى أبيه فأخبره مقالَةَ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم؛ فقال سهيل: كان والله برًّا صغيرًا وكبيرًا.(*) واستُشهد عبد الله بن سهيل بن عمرو يوم اليمامة سنة اثنتي عشرة، وهو ابن ثمان وثلاثين سنة. قال الواقديّ في تسمية مَنْ شهد بَدْرًا مع النّبي صَلَّى الله عليه وسلم. من بني مالك بن حسل بن عامر بن لؤيّ: عبد الله بن سهيل بن عمرو، وقال في موضع آخر: يُكْنَى أبا سهيل.
(< جـ3/ص 57>)
2 من 2
أبو جندل بن سهيل العامري:
أبو جَنْدَل بن سهيل بن عمرو القرشيّ العامريّ. قد تقدّم ذكر نسبه إلى عامر بن لؤيّ ابن غالب بن فهر في باب أبيه سهيل، وفي باب أخيه عبد الله بن سهيل بن عمرو. وقال الزبير: اسم أبي جندل بن سهيل بن عمرو بن العاص بن سهيل بن عمرو، أسلم بمكّة فطرحه أبوه في حديد، فلما كان يوم الحديبية جاء يرسف في الحديد إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وكان أبوه سهيل قد كتب في كتاب الصّلح: إنّ مَنْ جاءك منا تردُّه علينا، فخلّاه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم لذلك، وذكر كلام عمر، قال: ثم إنه أفلت بعد ذلك أبو جندل فلحق بأبي بصير الثّقفي، وكان معه في سبعين رجلًا من المسلمين يقطعون على مَنْ مَرّ بهم من عير قريش وتجارهم، فكتبوا فيهم إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أنْ يضمَّهم إليه، فضممهم إليه، قال: وقال أبو جندل ــ وهو وهو مع أَبي بصير: [السريع]
أَبْلِغْ قُرَيشًا مِنْ أَبِي جَنْدَلِ أَنِّي بِذي المَرْوَةِ بِالسَّاحِلِ
فِي مَعْشَرٍ تَخْفِقُ أَيْمَـانُهُم بِالبِيْضِ فِيهَا وَالقَنَى الذَّابِلِ
يَأْبَوْنَ أَنْ تَبْقَى لَهُمْ رُفْقَةٌ مِنْ بَعْدِ إِسْلَامِهِمِ الوَاصِلِ
أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُمْ مخْرَجًا وَالحَقّ لا يُغْلَبُ
بِالبَاطِلِ
فَيَسْلَمُ
المَـرْءُ
بِإِسْلَامِهِ أَوْ يُقْتَلُ المَرْءُ وَلَمْ يَأْتَـلِ
وقد غلطت طائفةٌ ألفَتْ في الصّحابة في أبي جندل هذا، فقالوا: اسمه عبد الله بن سهيل، وإنه الذي أتى مع أبيه سهيل إلى بَدْر، فانحاز من المشركين إلى المسلمين، وأسلم وشهد بَدْرًا مع رسولِ الله صَلَّى الله عليه وسلم، وهذا غلط فاحش. وعبد الله بن سهيل ليس بأبي جندل، ولكنه أخوه؛ كان قد أسلم بمكّة قبل بدر، ثم شهد بَدْرًا مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ما ذكرنا من خبره في بابه. واستشهد باليمامة في خلافة أبي بكر. وأبو جندل لم يشهد بَدْرًا ولا شيئًا من المشاهد قبل الفَتْح. قال موسى بن عقبة. لم يزل أبو جندل وأبوه مجاهدْين بالشّام حتى ماتَا ــ يعني في خلافة عمر.
وذكر عبد الرّزاق، عن ابن جريج، قال: أُخبرت أن أبا عبيدة بالشّام وجد أبا جندل ابن سهيل بن عمرو، وضرار بن الخطّاب، وأبا الأزور، وهم من أصحاب النّبي صَلَّى الله عليه وسلم قد شربوا الخمر، فقال أبو جندل: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [المائدة 93] الآية. فكتب أبو عبيدة إلى عمر: إن أبا جندل خصمني بهذه الآية. فكتب عمر: إن الّذي زَيَّن لأبي جندل الخطيئة زَيَّن لَه الخصومة، فاحددهم. فقال أبو الأزور: أتحدّوننا؟ قال أبو عبيدة: نعم. قال: فدعونا نلقى العدّو غدًا فإنْ قُتِلْنَا فذاك، وإن رجعنا إليكم فحدّونا، فلقي أبو جندل وضرار وأبو الأزور العدوَّ، فاستشهد أبو الأزور، وحُدّ الآخران. فقال أبو جندل: هلكت. فكتب بذلك أبو عبيدة إلى عمر، فكتب عمر إلى أبي جندل ــ وترك أبا عبيدة: إن الذي زَيَّنَ لك الخطيئةِ حظر عليك التّوبة: {حم (1) تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (2) غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ...} [غافر 3] الآية.
(< جـ4/ص 187>)