تسجيل الدخول


العلاء بن الحضرمي

واسم الحضرمي: عبد اللّه بن عباد، وقيل: ابن ضِمار، مِنْ حَضْرمَوْت من اليمن. وكان أبوه عبد الله الحضرمي قد سكن مكةَ، وحالف حَرْب بن أمية، والد أبي سفيان، وكان للعلاء عدةُ إخوةٍ منهم: عَمْرو، وقيل: عمر بن الحضرمي، وهو أَول قَتيلٍ من المشركين، ومالُه أوَّل مالٍ خمس في الإِسلام، قُتِل يوم نَخْلة، وبسببه كانت وَقْعَة بدر، وعامر بن الحضرمي الذي قتل يوم بدر كافرًا، وميمون بن الحضرمي صاحب البئر التي بأعلى مكّة بالأبطح، يقال لها: بئر ميمون مشهورة على طريق أهل العراق، وكان حفرها في الجاهليّة، وأسلم العلاء بن الحضرمي قديمًا. وكان العلاء مجاب الدعوة، وأَنه خاض البحر بكلمات قالها، ودعا بها، ولما قاتل أَهل الردة بالبحرين كان له في قتالهم أَثر كبير، وروى عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم، وروى عنه من الصحابة: السائبُ بن يزيد، وأبو هُريرة. ولّاه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم البَحْرَين، وتُوِّفي صَلَّى الله عليه وسلم وهو عليها، فأقرَّه أبو بكر رضي الله عنه في خلافَتِهِ كلها عليها، ثم أقرَّه عُمر، وقيل: ولّاه عمر البصرة، فمات قبل أَن يصل إليها. وروى العَلاَء بن الحَضْرَمِيّ، أنّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بعثه مُنْصَرَفَه من الجِعِرّانة إلى المُنْذِر بن سَاوَى العبدي بالبحرين، وكتب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إلى المنذر بن ساوى معه كتابًا يدعوه فيه إلى الإسلام، وخلّى بين العلاء بن الحضرمي، وبين الصدقة يجتبيها، وكتب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، للعلاء كتابًا فيه فرائض الصدقة في الإبل، والبقر، والغنم، والثمار، والأموال، يُصَدّقهم على ذلك، وأمره أن يأخذ الصدقة من أغنيائهم، فيردّها على فقرائهم، وبعث رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، معه نفرًا فيهم أبو هريرة، وقال له: "اسْتَوْصِ به خيرًا"، فلمّا فَصَلنا، قال لي: إنّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قد أوصاني بك خيرًا، فانظر ماذا تحبّ، قال قلتُ: تجعلني أؤذّن لك، ولا تَسْبِقْنِي بآمين، فأعطاه ذلك. وكان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قد كتب إلى العلاء بن الحضرمي أن يقدم عليه بعشرين رجلًا من عبد القيس، فقدم عليه منهم بعشرين رجلًا رأسهم عبد الله بن عوف الأشجّ، واستخلف العلاء على البحرين المُنْذِر بن سَاوَى، فشكا الوفدُ العلاءَ بن الحضرمي؛ فعزله رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وولّى أَبَان بن سعيد بن العاص، وقال له: "اسْتَوْصِ بعبد القيس خيرًا وأكْرِمْ سَراتهم" قال: فلم يزل أبان بن سعيد عاملًا على البحرين حتى قُبض رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وارتدت ربيعة بالبحرين، فأقبل أبان بن سعيد إلى المدينة، وَتَرَكَ عَمَلَه، فأراد أبو بكر الصديق أن يردّه إلى البحرين فأبَى، وقال: لا أعمل لأحدٍ بعد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فأجمع أبو بكر بَعْثَةَ العلاءِ بن الحضرمي، فدعاه، فقال: إني وجدتُك من عُمّال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، الذين ولّى، فرأيتُ أنْ أُوَلّيَك ما كان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ولاّك، فعليك بتَقْوى الله، فخرج العلاءُ بن الحضرمي من المدينة في ستّة عَشَرَ راكبًا، معه فُرَات بن حَيَّان العِجلي دليلًا، وكتب أبو بكر كتابًا للعلاء بن الحضرمي أن ينفر معه كلّ مَن مرّ به من المسلمين إلى عدوّهم، فسار العلاء فيمن تبعه منهم حتى نزل بحصن جُوَاثا، فقاتلهم، فلم يفلت منهم أحد، ثمّ أتَى القَطِيف، وبها جمع من العجم، فقاتلهم، فأصاب منهم طرفًا، وانهزموا، فانضمّت الأعاجم إلى الزَّارَةَ، فأتاهم العلاء، فنزل الخطّ على ساحل البحر، فقاتلهم، وحاصرهم إلى أن توفّي أبو بكر رحمه الله، وَوَليَ عمر بن الخطّاب، وطلب أهلُ الزَّارَة الصّلْحَ، فصالحهم العلاء، ثمّ عبر العلاء إلى أهل دَارِين، فقاتلهم، فقَتل المقاتلة، وحوى الذّراريّ، وبعث العلاء عَرْفَجَةَ بن هَرْثَمة إلى أسياف فارس، فقطع في السفن، فكان أوّل من فتح جزيرةٍ بأرض فارس، واتخذ فيها مسجدًا، وأغار على بَارِنْجَان، والأسياف، وذلك في سنة أربع عشرة. وكتب عمر بن الخطّاب إلى العلاء بن الحضرمي، وهو بالبحرين، أنْ سِرْ إلى عُتْبَة بن غَزْوَان، فقد وليّتُك عمله، واعلم أنّك تقدم على رجلٍ من المهاجرين الأوّلين الذين سبقت لهم من الله الحُسْنى، لم أعْزلْه إلاّ يكون عفيفًا، صليبًا، شديد البأس، ولكني ظننتُ أنّك أغنى عن المسلمين في تلك الناحية منه، فاعرف له حقّه، وقد وليّتُ قبلك رجلًا، فمات قبل أن يصل، فإن يُرِدِ الله أن تَليَ وَليتَ، وإن يُرِدِ الله أن يَليَ عتبة، فالخلق والأمر لله ربّ العالمين، واعلم أنّ أمر الله محفوظ بحفظه الذي أنزله، فانظر الذي خُلِقْتَ له، فاكْدَحْ له، ودَع ما سِواه، فإنّ الدنيا أمَدٌ، والآخرة أبَدٌ، فلا يُشْغِلَنّك شيءٌ مُدْبِرٌ خَيْرُه عن شيءٍ باقٍ شرّه، واهرب إلى الله من سَخَطِه، فإنّ الله يجمع لمَن شاء الفضيلة في حُكْمه، وعلمه، نسأل الله لنا، ولك العون على طاعته، والنجاة من عذابه. فخرج العلاء بن الحضرمي من البَحرين في رهط منهم: أبو هريرة، وأبو بَكْرَة، وكان يقال لأبي بكرة حين قدم البصرة: البَحْراني، فلمّا كانوا بِتِيَاس قريبًا من الصّعاب، والصّعاب من أرض بني تميم، مات العلاء بن الحضرميّ، فرجع أبو هريرة إلى البحرين، وقدم أبو بكرة إلى البصرة، فكان أبو هريرة يقول: رأيتُ من العلاء بن الحضرمي ثلاثة أشياء لا أزال أحبّه أبدًا: رأيتُه قطع البحر على فرسه يوم دَارِينَ، وقدم من المدينة يريد البحرين، فلمّا كان بالدّهْناء نَفِدَ ماؤُهم، فدعا الله، فنبع لهم من تحت رَمْلَةٍ، فارتووا، وارتحلوا، وأُنْسِىَ رجلٌ منهم بعضَ مَتَاعِه، فرجع، فأخذه، ولم يجد الماء، وخرجتُ معه من البحرين إلى صفّ البصرة، فلمّا كنّا بِتِيَاس مات، ونحن على غير ماءٍ فأبدى الله لنا سحابة، فمُطِرْنا، فغسّلناه، وحفرنا له بسيوفنا، ولم نُلْحِد له، ودفنّاه، ومضينا، فقال رجل من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: دفنّاه، ولم نُلْحِدْ له، فرجعنا لنُلْحِدَ له، فلم نجد موضع قبره. وقدم أبو بكرة البصرة بوفاة العلاء بن الحضرمي. وتوفي في خلافة عمر سنة أَربع عشرة، وقال الحسن بن عثمان‏:‏ توفي العلاء بن الحضرميّ سنة إحدى وعشرين واليًا على البحرين، فاستعمل عمر رضي الله عنه مكانه أبا هُريرة‏.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال