1 من 1
ذو الكلاع:
ذو الكلَاع، اسمه أيفع بن ناكور، من اليمن، أظنه من حِمْيَر، يقال: إنه ابن عم كعب الأحبار، يُكْنَى أبا شرحبيل.ويقال، أبو شراحيل، كان رئيسًا في قومه مُطاعًا مَتْبُوعًا، أسلم، فكتب النبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم في التعاون على الأَسْوَد، ومُسيلمة، وطليحة، وكان الرّسول إليه جرير بن عبد الله البجلّي، فأسلم، وخرج مع جرير إلى النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم.
حدّثنا خلف بن قاسم، قال: حدّثنا محمّد بن القاسم، قال: حدّثنا علي بن سعيد ابن بشير، قال: حدّثنا أبو كريب، قال: حدّثنا ابنُ إدريس، قال: سمعْتُ إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن جابر بن عبد الله، هكذا قال، وإنما هو جرير بن عبد الله، قال: كنْتُ باليمن فأقبلت ومعي ذو الكُلَاع وذو عمرو، فأقبلت أحْدُوهما إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقال ذو عمرو: يا جابر، إن كان الذي تذكر فقد أتى عليه أجلُه. قال: فقلت: نسأل، فرُفع لنا رَكْب، فسألتُهم فقالوا: قُبِض رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، واستخلف أبو بكر. فقال لي: أقْرِأ صاحبك السّلام، ولعلنا سنعودُ.
وقيل: اسم ذي الكلاع سُمَيْفِع أبو شرحبيل، وكان ذُو الكُلاع القائم بأمر معاوية في حَرْب صِفّين، وقُتِل قبل انقضاء الحرب ففرحَ معاويةُ بموته، وذلك أنه بلغه أنّ ذا الكُلَاع ثبت عنده أنّ عليًا بريء من دم عثمان، وأنّ معاوية لبس عليهم ذلك، فأراد التشتيت على معاوية؛ فعاجلته منيَّتُه بصِفّين سنة سبع وثلاثين.
ولا أعلم لذي الكلاع صحبة أكثر من إسلامه واتّباعه النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم في
حياته، وأظنه أحدَ الوَفود عليه والله أعلم، ولا أعلم له رواية إلّا عن عمرو بن عوف بن مالك. ولما قتل ذو الكلاع أرسل ابنهُ إلى الأشعث يرغب إليه في جثة أبيه ليأذن له في أخْذِها، وكان في الميسرة، فقال له الأشعث: إِني أخاف أَنْ يتَّهمني أميرُ المؤمنين، ولكن عليك بسعْد بن قيس، فإنه في الميمنة، وكانوا قد منعوا أهلَ الشّام تلك الأيّام أنْ يدخلوا عسكر عليّ لئلا يفسدوا عليهم، فأتى ابنُ ذي الكلاع معاوية فاستأذنه في دخول عسكرهم إلى سعد بن قيس، فأذِن له، فلما وَلّي قال معاوية: لأنا أفرَحُ بموت ذي الكلاع منّي بمصر لو فتحتُها، وذلك أنه كان يخالفه، وكان مُطَاعًا في قومه. فأتى ابنُ ذي الكلاع سَعْد بن قيس فأذن له في أبيه، فأتاه فوجده قد ربط برجله طنب فُسطاط، فأتى أصحابَ الفُسْطَاط فسلّم عليهم، وقال: أتأذنون في طُنب من أطناب فسطاطكم، قالوا: نعم، ومعذرة إليك، فلولا بَغْيُه علينا ما صَنَعْنَا به ما تَرَوْن. فنزل إليه وقد انتفخ، وكان عظيمًا جسيمًا، وكان مع ابن ذي الكُلاع أَسْوَد له فلم يستطيعا رَفْعه، فقال ابنه: هل من مُعاون؟ فخرج إليه رجل من أصحاب عليّ يدعى الخندف فقالوا: تنحّوا. فقال ابنُ ذي الكلاع: ومن يَرْفَعُه؟ قال: يرفعهُ الذي قتلَه. فاحتمله حتّى رمَى به على ظَهْر البغل، ثم شدّه بالحبل فانطلقا به إلى عسكرهم.
ويقال: إن الذي قَتل ذا الكلاع حُريث بن جابر. وقيل: قتله الأشتر.
حدّثنا خلف بن قاسم قال: حدّثنا عبد الله بن عمر، قال: حدّثنا أحمد بن محمد بن
الحجاج بن رشْدين، قال: حدّثنا يحيى بن سليمان. قال حدّثنا يحيى بن أَبان، قال: حدّثنا سفيان الثّوري، عن الأعمش، عن أَبي وائل، عن أَبي ميسرة عمرو بن شرحبيل
الهمداني، قال: رأَيتُ عمار بن ياسر في روضة وذا الكلاع في المنام في ثياب بيض في أَفنية الجنّة، فقلت: أَلَمَ يَقْتُل بعضُكم بعضًا؟ فقالوا: بلى، ولكن وجَدْنا الله واسعَ المغفرة.
حدّثنا خلف بن قاسم، قال: حدّثنا عبد الله بن عمر، قال: حدّثنا أَحمد بن محمد ابن الحجاج بن رشْدين، قال حدّثني يحيى بن سليمان. قال يزيد بن هارون، قال: حدّثنا العوّام بن حَوْشب، عن عمرو بن مُرّة، عن أَبي وائل، عن أَبي ميسرة عمرو بن شرحبيل، وكان من أَفضل أَصحاب عبد الله بن مسعود، قال: رأَيتُ في المنام كأني دخلّتُ الجنةَ، فإذا قِبابٌ مضروبة، فقلتُ: لِمَنْ هذه؟ فقالوا: لذِي الكُلاع، وحَوْشب ـــ قال: وكانا ممن قُتل مع معاوية بصِفّين.. قال: فقلت: فأين عمّار وأَصحابه؟ قالوا: أَمَامك. قلت: وقد قَتل بعضُهم بعضًا؟ فقيل: إنهم لقوا الله فوجدوه واسعَ المغفرة. قلت: فما فعل أَهل النّهروان ـــ يعني الخوارج؟ فقيل لي: لقوا برحًا.
(< جـ2/ص 53>)