تسجيل الدخول


برير مثله

1 من 2
روى عبد الله بن سيدان عن أبي ذر أنه قال: في المال ثلاثة شركاء القدر لا يستأمرك أن يذهب بخيرها أو شرها من هلاك أو موت، والوارث ينتظر أن تضع رأسك ثم يستاقها وأنت ذميم، وأنت الثالث فإن استطعت أن لا تكون أعجز الثلاثة فلا تكونن، إن الله عز وجل يقول {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا ِممَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92]، وإن هذا الجمل مما كنت أحب من مالي فأحببت أن أقدمه لنفسي.
روى سفيان الثوري قال: قام أبو ذر الغفاري عند الكعبة فقال: يا أيها الناس أنا جندب الغفاري هلموا إلى الأخ الناصح الشفيق فاكتنفه الناس، فقال: أرأيتم لو أن أحدكم أراد سفرا أليس يتخذ من الزاد ما يصلحه ويبلغه، قالوا: بلى قال: فإن سفر طريق القيامة أبعد ما تريدون فخذوا ما يصلحكم قالوا وما يصلحنا، قال: حجوا حجة لعظائم الأمور، وصوموا يوما شديدا حره لطول النشور، وصلوا ركعتين في سواد الليل لوحشة القبور، كلمة خير تقولها، أو كلمة شر تسكت عنها لوقوف يوم عظيم، تصدق بمالك لعلك تنجو من عسيرها، اجعل الدنيا مجلسين: مجلسا في طلب الحلال ومجلسا في طلب الآخرة، الثالث: يضرك ولا ينفعك لا ترده، اجعل المال درهمين: درهما تنفقه على عيالك من حله، ودرهما تقدمه لآخرتك، الثالث: يضرك ولا ينفعك لا ترده. ثم نادى بأعلى صوته يا أيها الناس: قد قتلكم حرص لا تدركونه أبدا.
قال إبراهيم التيمي: قال أبي خرجنا حجاجا فوجدنا أبا ذر بالربذة قائما يصلي فانتظرناه حتى فرغ من صلاته، ثم أقبل علينا بوجهه فقال هلم إلى الأخ الناصح الشفيق،
ثم بكى فاشتد بكاؤه وقال قتلني حب يوم لا أدركه قيل وما يوم لا تدركه قال طول الأمل.
روى بكر بن عبد الله عن أبي ذر قال: يكفي من الدعاء مع البر ما يكفي الطعام من الملح، وعن عراك بن مالك قال: قال أبو ذر إني لأقربكم مجلسا من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يوم القيامة وذلك أني سمعت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول: "إن أقربكم مني مجلسا يوم القيامة من خرج من الدنيا كهيئة ما تركته فيها"، وإنه والله ما منكم من أحد إلا وقد تشبث بشيء منها غيري.
روى نافع الطاحي قال مررت بأبي ذر فقال لي: ممن أنت؟ قلت من أهل العراق. قال أتعرف عبد الله بن عامر؟ قلت: نعم. قال: فإنه كان يتقرأ معي ويلزمني، ثم طلب الإمارة فإذا قدمت البصرة فترايا له فإنه سيقول لك حاجة فقل له: أخلني فقل له أنا رسول أبي ذر إليك وهو يقرئك السلام ويقول لك: إنا نأكل من التمر ونشرب من الماء ونعيش كما تعيش.
فلما قدمت تراءيت له فقال: ألك حاجة؟ فقلت: أخلني أصلحك الله، فقلت: أنا رسول أبي ذر إليك، فلما قلتها خشع لها قلبه، وهو يقرأ عليك السلام ويقول لك: إنا نأكل من التمر ونشرب من الماء ونعيش كما تعيش قال: فحلل إزاره، ثم أدخل رأسه في جيبه ثم بكى حتى ملأ جيبه بالبكاء.
روى أبو بكر بن المنكدر قال: بعث حبيب بن مسلمة وهو أمير بالشام إلى أبي ذر بثلاث مائة دينار وقال: استعن بها على حاجتك فقال أبو ذر: ارجع بها إليه أو ما وجد أحدا أغر بالله عز وجل منا ما لنا إلا ظل نتوارى به وثلة من غنم تروح علينا ومولاة لنا تصدقت علينا بخدمتها ثم إني لأتخوف الفضل.
روى جعفر بن سليمان قال: دخل رجل على أبي ذر فجعل يقلب بصره في بيته فقال: يا أبا ذر أين متاعكم؟ قال لنا بيت نوجه إليه صالح متاعنا قال: إنه لا بد لك من متاع ما دمت هاهنا قال إن صاحب المنزل لا يدعنا فيه.
روى عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي ذر قال: والله لو تعلمون ما أعلم ما انبسطتم إلى نسائكم، ولا تقاررتم على فرشكم، والله لوددت أن الله عز وجل خلقني يوم خلقني شجرة تعضد ويؤكل ثمرها.
روى ابن عمر بن الخطاب عن أبيه قال: قال أبو ذر الصاحب الصالح خير من الوحدة، والوحدة خير من صاحب السوء، ومملي الخير خير من الصامت، والصامت خير من مملي الشر، والأمانة خير من الخاتم، والخاتم خير من ظن السوء.
روى البخاري في أفراده من حديث زيد بن وهب قال: مررت بالربذة فقلت: لأبي ذر ما أنزلك هنا؟ قال: كنت بالشام فاختلفت أنا ومعاوية في هذه الآية {وَالَّذِينَ يَكْنِِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} [التوبة: 34] فقال: نزلت في أهل الكتاب، فقلت: فينا وفيهم، فكتب يشكوني إلى عثمان، فكتب عثمان أقدم المدينة، فقدمت فكثر الناس علي كأنهم لم يروني قبل ذلك فذكر ذلك لعثمان فقال: إن شئت تنحيت فكنت قريبا فذلك الذي أنزلني هذا المنزل.
وروى ابن سيرين قال: قدم أبو ذر المدينة فقال: عثمان كن عندي تغدو عليك وتروح اللقاح، قال: لا حاجة لي في دنياكم، ثم قال: ائذن لي حتى أخرج إلى الربذة فأذن له فخرج.
وقال أبو ذر لسلمة: يا سلمة، لا تغش أبواب السلاطين، فإنك لا تصب من دنياهم شيئا، إلا أصابوا من دينك أفضل منه.
قال العوّام بن حَوْشَب: حدّثني رجل من أصحاب الأجُرّ عن شيخين من بني ثَعْلَبَة رجل وامرأته قالا: نَزَلْنا الرّبذة فمرّ بنا شيخ أشعث أبيض الرأس واللحية فقالوا: هذا من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فاستأذنّاه أن نغسل رأسه فأذن لنا واستأنس بنا، فبينا نحن كذلك إذ أتاه نفر من أهل العراق، حَسِبْتُه قال من أهل الكوفة، فقالوا: يا أبا ذرّ فعل بك هذا الرجل وفعل فهل أنت ناصبٌ لنا رايةً؟ فَنُكْمِلُكَ برجال ما شئتَ؟ فقال: يا أهل الإسلام لا تَعْرِضوا عليّ ذاكم ولا تُذِلّوا السلطان فإنّه مَن أذلّ السلطان فلا توبة له، والله لو أنّ عثمان صلبني على أطول خشبةٍ أو أطول جبل لَسمعتُ وأطعتُ وصبرتُ واحتسبتُ ورُئيتُ أنّ ذاك خير لي، ولو سيّرني ما بين الأفق إلى الأفق، أو قال ما بين المشرق والمغرب، لسمعتُ وأطَعْتُ وصبرتُ واحتسبتُ ورُئيتُ أنّ ذاك خير لي،. ولو ردّني إلى منزلي لسمعتُ وأطعتُ وصبرتُ واحتسبتُ ورُئيتُ أنّ ذاك خير لي.
قال سعيد بن أبي الحسن: أنّ أبا ذرّ كان عطاؤه أربعة آلاف فكان إذا أخذ عطاءه دعا خادمه فسأله عمّا يكفيه لسنةٍ فاشتراه له، ثمّ اشترى فلوسًا بما بقي وقال: إنّه ليس من وعى ذهبًا أو فضّة يُوكي عليه إلا وهو يتلظّى على صاحبه.
روى إبراهيم الأشتر عن أبيه عن أم ذر قالت: لما حضر أبو ذر الوفاة بكيت فقال: ما يبكيك؟ فقلت: ما لي لا أبكي وأنت تموت بفلاة من الأرض ولا يدان لي بنعشك، وليس معنا ثوب يسعك كفنا، ولا لك، فقال: لا تبكي وأبشري فإني سمعت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول: "لا يموت بين امرأين مسلمين ولدان أو ثلاثة فيصبران ويحتسبان فيريان النار أبدا" وإني سمعت رسول الله يقول لنفر أنا فيهم: "ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض تشهده عصابة من المؤمنين" وليس من أولئك النفر أحد إلا وقد مات في قرية أو جماعة وإني أنا الذي أموت بالفلاة
والله ما كذبت ولا كذبت فأبصري الطريق. قالت: فقلت أنى وقد ذهب الحاج،وتقطعت الطرق فقال: انظري فكنت أشتد إلى الكثيب فأقوم عليه ثم أرجع إليه فأمرضه، قالت: فبينما أنا كذلك إذ أنا برجال على رواحلهم كأنهم الرخم فألحت بهم فأسرعوا إلي، ووضعوا السياط في نحورها يستبقون إلي، فقالوا: ما لك يا أمة الله؟ فقلت: امرؤ من المسلمين تكفنونه يموت قالوا: ومن هو؟ قلت: أبو ذر. قالوا: صاحب رسول الله صلى الله وعليه وسلم. قلت: نعم. قالت: ففدوه بآبائهم وأمهاتهم وأسرعوا إليه حتى دخلوا عليه، فسلموا عليه فرحب بهم، وقال: أبشروا فإني سمعت رسول الله صلى الله وعليه وسلم يقول: "لا يموت بين امرأين من المسلمين ولدان أو ثلاثة فيصبران ويحتسبان فيريان النار أبدا" وسمعته يقول لنفر أنا فيهم: "ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض تشهده عصابة من المؤمنين"، وليس من أولئك النفر أحد إلا وقد هلك في قرية أو جماعة وأنا الذي أموت بفلاة من الأرض والله ما كذبت ولا كذبت وإنه لو كان عندي ثوب يسعني كفنا أو لامرأتي ثوب يسعني كفنا لم أكفن إلا في ثوب هو لي أو لها، وإني أنشدكم الله لا يكفني رجل منكم كان أميرا أو عريفا أو بريدا أو نقيبا، قال: فليس من القوم أحد إلا وقد قارف من ذلك شيئا إلا فتى من الأنصار فقال: أنا أكفنك في ردائي هذا، وفي ثوبين في عيبتي من غزل أمي قال: أنت فكفني، فكفنه الأنصاري، ودفنه في النفر الذين معه منهم حجر بن عدي بن الأدبر ومالك بن الأشتر في نفر كلهم يمان.
2 من 2
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال