تسجيل الدخول


تميم بن أوس بن حارثة

تَميم بن أوس بن حارثة، وقيل: خارجة، وقيل: سواد بن جذيمة بن ذراع الداريّ.
يكنى أبا رقية بابنته رقية، لم يولد له غيرها، وقال البُخَارِيُّ: أبو هند الدَّارِي أخوه. وقال ابن حبان: هو أخوه لأمه. وروى همام، عن قَتادَة أن ابن سِيرِين أخبره أن تَمِيمًا الدَّارِي اشترى رداءً بألف، فكان يصلي بأصحابه فيه، وقيل: إنَّ تَمِيمًا الداري كانت له حلّة قد ابتاعها بألف درهم، كان يلبسها في الليلة التي يُرْجَى فيها ليلة القدر، وقيل: إنه كان نصْرَانيًا، وكان إسلامه في سنة تسع من الهجرة، وصحب رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم، وغزا معه وروى عنه.
وروى العطاف بن خالد، عن خالد بن سعيد قال: قال تميم الداري: كنت بالشام حين بُعث رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فخرجت إلى بعض حاجتي فأدركني الليل فقلت: أنا في جوار عَظِيم هذا الوادي الليلة، فلما أخذتُ مَضْجَعي إذا مُنَادٍ ينادي لا أراه: عُذْ بالله فإن الجن لا تجير أحدًا على الله. فقلت: أيْمَ تقول؟ فقال: قد خَرج رسول الأُميين، رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وصلينا خلفه بالحَجُون، وأَسْلَمنا واتَّبَعْناه، وذهب كيد الجن، ورُمِيَتْ بالشُّهُب، فانطلِق إلى محمد فأَسْلِم. فلما أصبحتُ مضيتُ إلى دير أيوب، فسألتُ راهبًا به، وأخبرته الخبر، فقال: قد صَدَقوا، تجده يخرج من الحرم، ومهاجره الحرم، وهو خير الأنبياء فلا تُسْبق إليه. قال تميم: فتكلفتُ الشخوص حتى جئت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فأسلمت.
وجزم الذَّهَبِيُّ في "التَّجْرِيدِ" بأنّ صاحب الجام الذي نزل فيه وفي صاحبه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ....} [المائدة:106] الآية ـــ غير تميم الداريّ. قال ابن حجر العسقلاني: وليس بجيد؛ لأن في الترمذي وغيره عن ابن عباس في قصة الجام أنه تميم الدّاري. وعن يزيد بن مسروق قال: كان تميم الداري في البحر غازيًا، فكان يرسل إلى مُوسَى بن نُصَير أن يرسل إليه بالأسَارى من الرُّوم، فيتصدق عليهم. وروى البَغَوِيُّ في الصّحابة له قصة مع عُمر فيها كرامة واضحة لتميم، فعن معاوية بن حرمل؛ قال: قدمْتُ على عمر، فقلت: يا أمير المؤمنين، تائب من قبل أن يُقْدَر عليّ، فقال: مَنْ أنت؟ فقلت: معاوية بن حرمل، خَتَن مسيلمة، قال: اذهب فانزل على خير أهل المدينة، قال: فنزلت على تميم الدّاري، فبينا نحن نتحدث إذ خرجت نارُ بالحَرَّةِ، فجاء عمر إلى تميم، فقال: يا تميم، اخرج، فقال: وما أنا؟ وما تخشى أن يبلغ من أمري؟ فصغر نفسه، ثم قام فحاشها حتى أدخلها الباب الذي خرجَتْ منه، ثم اقتحم في أثرها، ثم خرج فلم تضرّه.
وكان تميم أول من قَصَّ؛ استأذن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في ذلك فأذن له، وهو أول من أسرج السراج في المسجد، وأقام بفلسطين، وعن محمد بن سِيرِين قال: كان تميم الداري يقرأ القرآن في ركعة. وعن أَبِي قِلاَبَةَ قال: كان تميم الداري يختم القرآن في سبع ليال. وعن مسروق قال: قال لي رجل من أهل مكة: هذا مُقَام أخيك تميم الداري، صلى ليلة حتى أصبح أو كَرَبَ أن يصبح، يقرأ آية ويرددها ويبكي: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [سورة الجاثية: 21]. وقال رجل لتميم الداري: ما صلاتك بالليل؟! فغضب غضبًا شديدًا ثم قال: والله لركعة أصليها في جوف الليل في بيتٍ سِرّ أحب إليّ من أن أصلي الليل كله ثم أقصه على الناس. فغضب الرجل فقال: الله أعلم بكم يا أصحاب رسول الله، إن سألناكم عنفتمونا وإن لم نسألكم جفيتمونا، فأقبل عليه تميم فقال: أرأيتك لو كنت مؤمنًا قويًا وأنا مؤمن ضعيف، أشاطي أنت على ما أعطاني الله فتقطعني؟ أرأيت لو كنت مؤمنًا قويًا وأنت مؤمن ضعيف أشاطُّك أنا على ما أعطاك الله وأقطعك؟! ولكن خذ من دينك لنفسك، ومن نفسك لدينك، حتى تستقيم على عبادة تطيقها.
وروى محمد بن أبي بكر، عن أبيه قال: زارتنا عمرة، فباتت عندنا، فقمت من الليل، فلم أرفع صوتي بالقراءة، فقالت: يابن أخي ما منعك أن ترفع صوتك بالقراءة؟ فما كان يوقظنا إلا صوت معاذ القارئ وتميم الداري. وعن إسماعيل بن عبد الله بن خالد، عن أبيه عن جده أن كتاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، لتميم بن أوس الداري: "إن عينون قريتها كلها، سَهْلها وجبلها وماءها وحرثها، وكرومها وأنباطها وثمرها، له وَلِعَقِبه من بعده، لاَ يُحَاقّة فيها أحد، ولا يدخله عليهم بظلم، فمن أراد ظُلمهم أو أخذَه منهم، فإن عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين"، وكَتَب عَلِيّ.(*) قال محمد بن عمر: وليس لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، بالشام قَطِيعة غير حَبْرَى وبيت عَيْنونُ أقطعهما رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، تميمًا ونُعَيمًا ابني أوس.
وعن عُبَيْد بن عَبد الله بن عُتْبة قال: قدم وفد الداريين على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، مُنْصَرَفه مِن تَبُوك سنة تسع، وهم عشرة: هانئ بن حبيب، والفاكه بن النعمان، وجبلة ابن مالك، وأبو هند بن بَرّ، وأخوه الطيب بن بر فسماه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، عبد الله، وتميم بن أوس، ونعيم بن أوس، ويزيد بن قيس، وعَزّة بن مالك سماه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، عبد الرحمن، وأخوه مرة بن مالك، وهو من لخم. وأهدى هانئ لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، رَاوِيَةً من خَمْر وأفراسًا وقَبَاءً مُخوَّصًا بالذهب ـ يعني منسوجًا به ـ فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "أما الخمر فإن الله حرَّم شربها". قال: أفأبيعها يا رسول الله؟ قال: "إن الذي حرَّم شُربها حَرَّم بيعها". فانطلق بها فأهراقها في بَقِيع الخَبْجَبة. وقَبِلَ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، الأفراس، وقَبِلَ القباء المخوص بالذهب، فأعطاه العباس بن عبد المطلب، فقال العباس: يا رسول الله، ما أصنع به وهو ديباج منسوج بالذهب؟ قال: "تَنْزِع الذهب فَتُحَلِّيه نساءك أو تستنفقه، وتبيع الديباج فتأخذ ثمنه"، فباعه العباس من رجل من يهود بثمانية آلاف درهم، وأقام الوفد حتى توفي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وأوصى لهم بجَادّ مِائَةِ وَسْق.(*)
وعن شرحبيل بن مسلم الخولاني أن رَوْح بن زِنْبَاع زار تميمًا الدَّاريَّ، فوجده ينقي شعيرًا لفرسه، وحوله أهله فقال له روح: أما كان في هؤلاء من يكفيك؟ قال: بلى، ولكني سمعت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول: "مَا مِنْ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يُنَقِّي لِفَرَسِهِ شَعِيرًا، ثُمَّ يُعَلِّقُهُ عَلَيْهِ إِلَّا كَتَبَ الله لَهُ بِكُلِّ حَبَّةٍ حَسَنَةً"،(*)
روى عن تميم عبد الله بن مَوْهَب، وسليم بن عامر، وشرحبيل بن مسلم، وقبيصة بن ذؤيب، وعطاء بن يزيد اللّيثي. وروى الشّعبي عن فاطمة بنت قيس أنها سمعَتْ النبيَّ صلّى الله عليه وآله وسلّم يذكر الدّجال في خُطْبته، وقال فيها: حدّثني تميم الدّاري، وذكر خبر الجساسة وقصّة الدّجال. وروى حديثه: موسى بن علي عن يزيد بن الحُصَيْن عن تميم، قال: سُئِل النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم عن سبَأ أرَجُلًا كان أو امرأة؟(*) الحديث. وقال أبو عمر: كان تميم يسكن المدينة، ثم انتقل إلى الشام بعد قتل عثمان، وقال ابْنُ حِبَّانَ: مات تميم بالشام، وقَبْرُهُ ببيت جِبْرين من بلاد فلسطين.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال