ذو البجادين المزني اسمه عبد الله بن عبد نهم
كان عبد الله بن عبد نهم يتيمًا لا مالَ له، ماتَ أبوه ولم يُورّثه، وكان عمُّه مَيِّلًا، فأخذه وكفلَهُ حتى أَيْسَر، فكانت له إِبلٌ، وغنم،ٌ ورقيقٌ، فلما قَدِم رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم المدينةَ جعلت نَفْسُه تَتوق إلى الإسلام، ولا يقدر عليه مِنْ عَمِّه، حتى مضت السنُون والمشَاهِدُ، فقال عبد الله لعمّه: يَا عَمِّ إِني قد انتظرتُ إسْلاَمَك فلا أراك تُرِيدُ محمدًا، فَأْذَنْ لِي في الإسلام! فقال: واللهِ لئن اتبعتَ محمدًا لاَ أَتركُ بيدك شيئًا كنتُ أعطيتكه هو إلاَّ نَزَعتهُ منك حتى ثَوْبيك، فقال عَبدُ العُزَّى ــ وهو يومئذ اسمه ــ: فَأَنَا والله مُتّبعٌ محمدًا، ومُسلِم،ٌ وتارِكٌ عبادةَ الحَجَر والوَثَن، وهذا ما بِيَدِي فَخُذْه! فأخذ كُلَّ ما أعطاه، حتى جَرَّدة من إزاره، فأتى أُمَّهُ فقطعت بجادًا لها باثنين، فَأْتَزَر بواحدٍ، وارتَدَى الآخَر، ثم أقبل إلى المدينة وكان بِوَرِقَان، فاضطجع في المسجد في السَّحَر، ثم صلّى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم الصبح، وكان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يَتَصَفَّح الناسَ إذا انصرفَ من الصبح، فنظر إليه فأنكره، فقال: "مَنْ أنت؟" فانتسب له، وكان اسمه عبد العُزّى، فقال: "أنت عَبْدُ الله ذو البِجَادَيْن!"، ثم قال: انزل منِّي قريبًا، فكان يكون في أَضيافه ويعلِّمهُ القرآن، حتى قرأ قرآنًا كثيرًا.