1 من 2
عتبة بن أسيد الثقفي:
عتبة بن أسيد بن جارية الثَّقَفي، أبو بصير، مشهور بكُنْيَته، مات على عهد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وسنذكره في الْكُنَى إن شاء الله تعالى.
(< جـ3/ص 145>)
2 من 2
أبو بصير:
أبو بَصِير. اختلف في اسمه ونسَبه؛ فقيل: عبيد بن أسيد بن جارية. وذكر خليفة، عن أبي معشر، قال: اسمه عتبة بن أسيد بن جارية بن أسيد بن عبد الله بن سلمة بن عبد الله بن غيرة بن عوف بن قسي، وهو ثقيف بن منبه بن بكر بن هوازن، حليف لبني زهرة. وقال ابن إسحاق: أبو بصير عتبة بن أسيد بن جارية. قال ابن شهاب: هو رجلٌ من قريش، وقال ابن هشام: هو ثقفيّ. وأظنُّ أنَّ ابْنَ شهاب نسبه إلى حلفه في بني زهرة، وله قصّةٌ في المغازي عجيبة ذكرها ابنُ إسحاق وغيره، وقد رواها معمر عن ابن شهاب؛ ذكر عبد الرّزاق، عن معمر، عن ابن شهاب في قصّة القضية عام الحديبية، قال: ثم رجع رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم إلى المدينة فجاءه أبو بصير ـــ رجل من قريش ـــ وهو مسلم، فأرسَلَت قريشٌ في طلبه رجلين، فقالا لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: العهْد الذي جعلْتَ لنا أن تردَّ إلينا كلَّ منْ جاءك مُسْلمًا. فدفعه النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم إلى الرّجلين؛ فخرجا حتى بلغَا به ذا الحُلَيْفَةَ، فنزلوا يأكلون من تمْر لهم، فقال أبو بَصِير لأحد الرّجلين: والله إني لأرى سفيك هذا جيِّدًا يا فلان؛ فاستلّه الآخر، وقال: أجل والله، إنه لجيد؛ لقد جربت به ثم جربت. فقال له أبو بَصِير: أرني أنظُرْ إليه، فأمكنه منه، فضربه به حتى برد، وفرَّ الآخر حتى أتى المدينة، فدخل المسجد يعْدُو، فقال له النْبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم حين رآه: "لَقَدْ رَأَى هَذا ذُعْرًا" أخرجه البخاري في الصحيح 3/257، وأبو داود في السنن كتاب الجهاد باب 167، وأحمد في المسند 4/331، والبيهقي في السنن 9/221، والبيهقي في الدلائل 4/107 وعبد الرزاق حديث 9720، وذكره السيوطي في الدر المنثور 6/78.. فلما انتهى إلى النّبي صَلَّى الله عليه وسلم قال: قُتل والله صاحبي، وإني لمقتول، فجاء أبو بصير، فقال: يا رسول الله، قد والله وفْت ذمتك، وقد رددتني إليهم، فأنجاني الله منهم فقال النبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم: "وَيَلُ أُمِّهِ مِسْعَرُ حَرْبٍ. لَوْ كَانَ مَعَهُ أحَدٌ" أخرجه البخاري في الصحيح 3/257، وأبو داود في السنن كتاب الجهاد باب 167، وأحمد في المسند 4/331، وعبد الرزاق حديث 9720، والبيهقي في السنن 9/221،222، 226، 228، والبيهقي في الدلائل 4/107، 673، وذكره السيوطي في الدر المنثور 6/ 78.. فلما سمع ذلك علم أنه سيردّه إليهم، فخرج حتى أتى سيف البَحْر. قال: وانفلت منهم أبو جندل بن سهيل، فلحق بأبي بصير، وجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم، إلا لحق بأبي بصير حتى اجتمعت منهم عصابةٌ. قال: فوالله ما يسمعون بعيرٍ خرجت لقريش إلا اعترضوا لهم، فقتلوهم، وأخذوا أموالهم، فأرسلت قريش إلى النّبي صَلَّى الله عليه وسلم تناشدُه الله والرّحم إلّا أرسل إليهم، فمن أتاك منهم فهو آمن.(*)
وذكر موسى بن عقبة هذا الخبر في أبي بصير بأتَمِّ أَلْفَاظ وَأكْمل سِيَاقِهِ؛ قَالَ: وَكَانَ أبو بصير يُصَلِّي لأصْحابِهِ، وكان يُكثِر من قولِ الله العليِّ الأكبرِ، مَنْ يَنْصُرُ الله فَسَوْفَ يَنْصُرُهْ. فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِمِ أبو جندلٍ كَانَ هُوَ يَؤمُّهم، واجتمع إلى أبي جندل حين سمع بقدومه ناسٌ من بني غفار وأسلم وجهينة وطوائف من العرب، حتى بلغوا ثلاثمائة وهم مسلمون، فأقاموا مع أبي جندل وأبي بصير لا يمرُّ بهم عِيْرٌ لقريش إلّا أخذوها وقتلوا أصحابها.
وذكر مرورَ أبي العاص بن الرّبيع بهم وقصَّتَه، قال: وكتب رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم إلى أبي جندل وأبي بصير ليقدما عليه ومَنْ معهما من المسلمين أن يلحقوا ببلادهم وأهليهم؛ فقدم كتابُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم على أبي جندل، وأبو بصير يموت، فمات وكتابُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بيده يقرأه، فدفنه أبو جندل مكانه، وصلَّى عليه، وبنى على قبره مسجدًا.
وذكر ابنُ إسحاق هذا الخبر بهذا المعنى؛ وبعضهم يزيد فيه على بَعْض، والمعنى متقارِبٌ إن شاء الله تعالى.
(< جـ4/ص 176>)