تسجيل الدخول


عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام بن كعب بن غنم بن سلمة الأنصاري السلمي

1 من 1
عَمرُو بنُ الجَمُوحِ

ابن زَيْد بن حَرَام بن كَعْب بن غَنْم بن كَعْب بن سَلِمَةَ. وأمه رُهْمُ بنت القين بن كعب ابن سَواد من بني سَلِمَةَ.

فَولد عَمْرُو بن الجَمُوح: مُعَاذًا حضر العقَبَة وشهِدَ بدرًا. ومُعَوَّذًا وخَلّادًا [[شهدا]] بَدْرًا، وقُتل خلّادٌ يوم أُحُدٍ شهيدًا. وهندَ بنت عمرو. وأمهُم هند بنت عمرو بن حرَام بن ثعلبة بن حرام من بني سَلِمة. وهي أخت عبد الله بن عمرو بن حرام أبي جابر بن عبد الله. وعبدَ الرحمن بن عَمرو بن الجَمُوح.

وأمُّهُ بَشَاشَةُ بنتُ هلال بن عَمرو بن سعد من بني سُلَيم بن منصور.

أخبرنا عفان بن مسلم، قال: حدثنا حَمّاد بن سَلَمة، قال: أخبرنا ثابتُ البُنانيُّ، عن عِكْرِمَة، أنّ عَمْرو بن الجَمُوح كان مَنَافٌ في بيته، فلما قَدِم مُصْعَب بن عُمَيْر المدينَة يُعلّم الناسَ القرآن والإسلام، بعث إليهم عمرو بن الجموح: ما هذا الذي جئتمونا به؟ فقالوا: إن شئت جئناك فأسمعناك القرآن، فقال: نعم. فواعدهم يومًا فجاءوا، فقرأ عليهم مُصْعَب القرآن: {الر تِلْكَ ءَايَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1) إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْءَانًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [سورة يوسف: 1، 2] فقرأ ما شاء الله أن يقرأ.

فقال إن لنا مُؤَامَرة في قومِنَا ـــ وكان سيدَ بني سَلمة ـــ قال: فخرجوا، فدخل عَلَى مَنافٍ فقال: يا منافُ، تعلم والله ما يريدُ القومُ غيرَك، فهل عندك من نكير؟ قال: فقلدهُ السيفَ وخرجَ لحاجتهِ، فقام أهلُهُ فأخذوا السيفَ، فلما رجع دَخَل عليه. فلم ير السيفَ فقال: يا منافُ، أين السيفُ ويحك؟ والله إن العَنْزَ لتمنع اسْتَها، والله ما أرى في أبي جعار غدًا من خير. ثم قال لهم: إني ذاهبٌ إلى مالي بعليَاء المدينة، فاستوصوا بمنافٍ خيًرا. فإني أكره أن أرى لمنافٍ يوم سوءٍ. قال: فذهب فأخذوهُ وكسرُوه وربطُوه إلى جنب كلبٍ ميّتٍ، وألقوه في بئرٍ، فلما جاء قال: كيف أنتم؟ قالوا: بخير يا سيدنا، وسّعَ الله لنا في منازلنا، وطهّر بيوتنا من الرجسِ قال: والله إني أراكم قد أسأتم خلافتي في منافٍ! قالوا: هو ذاك يا سيِّدنَا، انظُر إليه في تلك البئر قال: فأشرف فإذا هم قد ربطوه إلى جنب كلبٍ، قال: فبعث إلى قومه فجاءوا فقال: ألستم على ما أنا عليه؟ قالوا: بلى، أنت سيدُنا، قال: فإني أشهدُكم أني قد آمنت بما أنزل على محمد.

قال: فلما كان يومُ أحُدٍ قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "قوموا إلى جَنّةٍ عرضها السماواتُ والأرض أُعِدَّتْ للمتقين". فقام وهو أعرجُ، فقال: والله لأحفزن عليها في الجنة. قال: فحَمَل فقاتَل حتى قُتل(*).

أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني عبد الرحمن بن عبد العزيز، عن عاصم بن عمر بن قَتَادَةَ، قال: لما قدم السبعونَ أهلُ العقبةِ المدينةَ أظهروا الإسلام وفي قومهم بقايا من الأوس والخزرج على شركهم مقيمين على أصنامهم، وكان عَمْرو بن الجَمُوح منهم، وكان من أشرافهم وكان له صنم يُقال له مناف يعظّمهُ ويطهُره، وكانت بنو سَلمة تذبح ذبائحها على صنمِ عَمْرو لشرف عَمْرو فيهم، وكان فتيان من بني سلمةَ قد أسلموا، منهم: مُعاذُ بن جبل، وعبد الله بن أنيس، وقطبةُ بن عامر بن حديدة وثعلبةُ بن عَنَمَةَ، فكانوا يُمهلون حتى إذا ذهب الليل دخلوا بيتَ صَنَمِ عَمْرو بن الجَمُوح، فيخرجونه فيطرحونه في أنتن حُفَرِ بني سلمة وينكسونَهُ على رأسه، فإذا أصبح عَمْرو فرآه غمَّهُ ذلك، فيأخذه فيغسله ويُطَهّرهُ ويُطيّبهُ، ثم يعودون لمثل فعلهم، فلما كثر ذلك على عَمْرو، وَجدَهُ يومًا منكسًا في بئر مقرونًا بكلب، فأبصر شأنه وما هو فيه، وأتاه قطبة بن عامر بن حديدة، فقال: مثلك وأنت سيدُنا وشريفُنا تصنعُ ما تصنع! تظن أن هذه الخَشَبَة تعقلُ شيئًا أو تمنعُ من شيء! أيها الرجل، إنَّهُ لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله.

ولقيه عبد الله بن عمرو بن حرام فقال: أيها الشيخُ أما أنى لك أن تبصر ما ترى وما اتِّباعُكَ خشبةً أنت عملتها بيديك؟! تعلمنّ أني أُذكِرك الله في نفسك أن تموت على ما مات عليه قومُك. قال فما رام أبو جابر يُكلّمهُ حتى أسلم. فكان إسلام عَمْرو بركة على قومِه، ما يُغدُر وَاحِدٌ مِن بني سلمةَ إلا أسلم، ثم أنشأ يقول شكرًا لله الذي هداه مما كان فيه ـــ من العمى والضلالةِ، وحين عرف من الله ما عَرفَ وأبصر من شأنه.

الحمدُ لله العَلِيِّ ذي المِنَنْ الوَاهِبِ الرزَّاقِ دَيّانِ الدِّيَنْ

هو الذي أَنْقَذَنِي مِنْ قبْلِ أن أَكُونَ في ظُلمَةِ قَبْرٍ مُرْتَهَنْ

والله لو كُنْتَ إلهًا لم تكُنْ أنتَ وَكَلْبٌ وَسْطَ بئرٍ في قَرَنْ

أُفٍّ لمثواك إلهًا
مُسْتَدن فالآن فَتَّشْنَاكَ عن شر الغَبَنْ

وقال عَمْرو بن الجَمُوح أيضًا:

أَتُوبُ
إلى
الله مما مَضَى وأستنقذُ الله من نارِهِ

وأحمد
ربي بآلائِه إله
الحرامِ
وأحجارِهِ

فسبحانه
عدد الخاطئين وقَطْر السماء ومِدرَارِهِ

هَدَاني وقد كنتُ في ظُلمةٍ حَليفَ مَنَافٍ وأحجارِهِ

أخبرنا مَعْن بن عيسى، قال: حدثنا محمد بن مسلم، عن عَمْرو بن دينار. وأخبرنا الفضلُ بن دُكين، قال حدثني فِطْرُ بنُ خليفةَ والمسعودي، عن حبيب بن أبي ثابت. وأخبرنا الفضل بن دُكين، قال: حدثنا سفيان بن عُيينةَ، عن محمد بن المنكدر، قال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "يا بني سَلَمَة مَنْ سَيِّدُكم"؟ قالوا: سيدُنا الجدُّ بن قيس، وإِنّا لنُبَخِّلُهُ. قال: "وأي داءٍ أدوى من البُخلِ؟ بل سيدكم الجَعْدُ الأبيض عَمْرو بن الجَمُوح"(*).

أخبرنا محمد بن عمر، قال: كان عَمْرو بن الجَمُوح لم يشهد بدرًا، وكان رجلًا أعرجَ، فلما أراد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم الخروج إلى أحدٍ منعهُ بَنُوهُ من الخروج، وقالوا: قد عذرك الله وبك من الزَّمانَةِ مابك، فأتى عَمْرو رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إنّ بَنِيَّ يريدونَ أن يحبسوني عن الخروج معكَ إلى هذا الوجه، والله إني لأرجو أَنْ أَطَأَ بِعَرْجَتي هذه في الجنة! فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "أما أنت فقد عَذَرَكَ الله وَلَا جِهَادَ عليك"، ثم قال لبنيهِ: "لا عليكم أن لا تمنعوه لعل الله يرزقهُ الشهادةَ". فخلَّوا عنهُ. قالت امرأته هندُ بنت عَمرو بن حَرام: كأني أنظر إليه مُولّيًا قد أخذ دَرْقَتَهُ، وهو يقول: اللهم لا تردّني إلى أهل خُرْبَى وهي منازِلُ بني سلمة.

قال أبو طلحة: فنظرت إلى عَمْرو بن الجَمُوح حين انكشف المسلمون ثم ثابوا وهو في الرّعيل الأوّل لكأني أنظر إلى ظَلَعٍ في رجلِه يقول: أنا والله مشتاق إلى الجنة، ثم أنظُرُ إلى ابنهِ خَلاّدٍ يعدو في أثره حتى قتلا جميعًا(*).

أخبرنا عُبَيدُ الله بن موسى، قال: أخبرنا إسرائيل، عن سعيد بن مسروق، من مسلم بن صبيح، أن عمرو بن الجموح قال لبنيه: أنتم منعتموني الجنةَ يوم بَدْرٍ، والله لئن لَقيتُ لَأَدْخُلَنَّ الجنة، فبلغ ذلك عُمَر فَلَقِيهُ فقال: أنت القائلُ كذا وكذا قال: فلما لَقِيَ يومَ أُحُدٍ، قال عمر: فلم يكن ليَ هَمٌّ غيرَهُ، وطلبتُه فإذا هو في الرعيل الأولِ.

أخبرنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثني عبدُ العزيز بن محمد الدراوردي، عن سهيل ابن أبي صالحٍ، عن أبيهِ عن أبي هريرة، عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم، قال: "نعمَ الرجلُ عمرو بن الجموح"(*).

أخبرنا عبد الله بن مَسْلَمَةَ بن قَعْنَب، قال: حدثنا مالك بن أنس، أن عبد الله بن عَمْرو بن حَرَام وعَمْرو بن الجموح كُفِّنا في كفنٍ واحدٍ، وقُبرا في قَبرٍ واحدٍ.

أخبرنا معن بن عيسى، قال: حدثنا مالك بن أنس، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أَبِي صَعْصَعَة المازني، أنه بلغه أن عَمْرو بن الجَمُوح وعبد الله بن عَمْرو بن حَرام الأَنْصَارِيَّيْنِ ثم السَّلِمِيَّيْنِ، كان السيل قد خَرَّب قبرَهما، وكانا في قبر واحدٍ، وهما ممن استشهدَ يومَ أحدٍ، وكان قبرهما مما يلي السَّيل، فَحُفِرَ عنهما ليغيرَا من مكانِهَما فَوُجِدَا لَمْ يتغيَّرا، كأنما ماتا بالأمس، وكان أحدهما قد جُرِحَ فوضع يَدَهُ على جرحه فدُفِنَ وهو كذلك، فَأُمِيطَتْ يدُهُ عن جُرحِهِ، ثم أُرْسلَتْ، فرجعتْ كما كانت. وكان بين يوم أُحُدٍ ويوم حُفِرَ عنهما سِتٌّ وأربعون سنة.
(< جـ4/ص 373>)
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال