تسجيل الدخول


أبو الطفيل عامر بن واثلة بن عبد الله بن عمرو بن جحش

عامر بن واثلة بن عبد الله اللّيثي المكّي الكناني، ويقال: جهيش بن جُدي بن سعد، وقيل: عمرو بن واثلة الليثي.
أخرجه ابن عبد البر، وابن منده، وأبو نعيم، وأَبو موسى. مشهور باسمه وبكنيته أَبي الطفيل. ولد عام أُحد، أَدرك من حياة النبي صَلَّى الله عليه وسلم ثمان سنين. قال سعيد الجُرَيري: كنْتُ أطوفُ بالبيت مع أبي الطّفيل فيحدثني وأُحدثه، فقال عامر: لا يحدثك اليوم أَحد على وجه الأَرض أَنه رأَى النبي صَلَّى الله عليه وسلم غيري، فقلت له: فهل تَنْعَتُ مِنْ رؤْيته؟ قال: نعم، مُقَصَّدًا، أَبيضَ مَلِيحًا. كان من أصحاب محمد بن الحنفية. وابنه الطفيل بن عامر، قُتِلَ مع عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث الكِندي يوم دَيْر الجماجم فقال أبوه:
خَلَّى طُفَيْلٌ عَلَيَّ الهمَّ فانْشَعَبَا فَهَدَّ ذلك رُكِني هَدّةً عَجَبَا
قال النَّضْر بن عربي: كنتُ بمكة، فرأيتُ الناسَ مجتمعين على رجل، فقلتُ من هذا؟ فقالوا: هذا صاحب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، هذا عامر بن واثلة، وعليه إزارٌ ورداء، فَمَسست جلده، فكان ألين شيء. قال فِطْر: رأيت أبا الطُّفيل يصبغ بالحِنَّاء. قال أبو عمر: كان أبو الطّفيل شاعرًا محسنًا وهو القائل:
أَيَدْعُونَني شَيْخًا وَقَدْ عِشْتُ حِقْبَـةً وَهُنَّ مِنَ الأَزْوَاجِ نَحْوِي نَوَازِعُ
وَمَا شَابَ رَأْسِي مِنْ سِنِينَ تَتَابَعَتْ
عَلَيَّ، وَلَكِنْ
شَيَّبَتْنِـي
الوَقَائِـعُ
وقد ذكره ابن أبي خيثمة في "شعراء الصّحابة".
كان ثقة مأْمونًا، فاضلًا عاقلًا، حاضرَ الجواب فصيحًا، وكان متشيعًا في علي ويفضله، ويثني على الشّيخين أبي بكر وعمر، ويترحّم على عثمان. قدم أبو الطّفيل يومًا على معاوية فقال له: كيف وَجْدك على خليلك أبي الحسن؟ قال: كوَجْد أمّ موسى على موسى، وأشكو إلى الله التّقصير، وقال له معاوية: كنتُ فيمن حصر عثمان؟ قال:‏ لا، ولكني كنت فيمن حضر، قال: فما منعك من نصره؟ قال: وأنْتَ فما منعك من نصره إذ تربصت به رَيْبَ المنون، وكنْتَ مع أهل الشّام وكلّهم تابع لك فيما تريد؟ فقال له معاوية‏: أو ما ترى طلبي لدمه نصْرَةً له؟ قال: بلى، ولكنك كما قال أخو جعفي‏:
لاَ أَلْفيَنكَ بَعْدَ الْمَوْتِ تَنْدُبُنِي
وَفِي حَيَاتِيَ مَا زَوّدْتَنِي زَادِي!
عن عامر، أنه سمع أبا الطفيل، يقول: رأيت رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم مِنَ الرجال مَنْ هو أطولُ منه، ومنهم مَنْ هو أقصر منه، وشعر له أسود، وهو أبيض، قال: قلنا: ما ثيابه؟ قال: لا أدري، وهو يمشي وهم حوله ـــ يعني الناس(*). أخبر الجُرَيْرِي، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، قال: ما بقي أحد رأى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم غيري، قال الجريري: ورأيتَه؟ قال عامر: نعم، قال الجريري: فكيف كانت صِفَتُه؟ قال عامر: كان أبيض مليحًا مُقَصّدًا(*). قال أبو الطفيل: رأيتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بالجعرانة يَقْسِم لحمًا، وكنت غلامًا أحمل عُضْوَ الجزور، قال: فأقبلت امرأة بدوية، حتى إذا دنت من النبي صَلَّى الله عليه وسلم، بَسَطَ لها رداءه فجلست عليه، فقلت: مَن هذه؟ فقالوا: هذه أمه التي أرضعته(*). قال أَبو الطُّفَيل: قلت لابن عباس: إِني قد رأَيت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، قال: فَصِفْه لي، قلت: رأَيته عند المروة على ناقة وقد كَثُر الناسُ عليه، فقال ابن عباس: ذاكَ رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم، إِنهم كانو لا يُدَعُّون عنه(*) أخرجه مسلم في كتاب الحج باب استحباب الرمل 2/922 (239 ـ 1265).. رأى النبيَّ صَلَّى الله عليه وسلم وهو شابٌّ، وحفظ عنه أحاديث. قال ابْنُ عَدِيٍّ: له صحبة.
ورَوى أيضًا عن أبي بكر، وعُمر، وعلي، ومعاذ، وحذيفة، وابن مسعود، وابن عباس، ونافع بن عبد الحارث، وزيد بن أرقم، وغيرهم. رَوَى عنه الزُّهَرِيُّ، وأبُو الزُّبَيْرِ، وَقَتَادَةُ، وَعَبْدُ العَزِيزِ بْنُ رُفَيعٍ، وعكرمة بن خالد. وعمرو بن دينار، ويزيد بن أبي حبيب، ومعروف بن خرّبُوذ، وآخرون. روى نحو أَربعة أَحاديث. قال ابْنُ السَّكَنِ: جاءت عنه رواياتٌ ثابتة أنه رأى النبيَّ صَلَّى الله عليه وسلم. وأما سماعه منه صَلَّى الله عليه وسلم فلم يثبت. قال أبو الطفيل: كنت أطلب النبي صَلَّى الله عليه وسلم فيمن يطلبه ليلة الغار، فقمت على باب الغار، فَبُلْتُ، وما أدري فيه أحد أم لا(*)، وهذا ضعيف؛ لأنهم لا يختلفون أن أبا الطفيل لم يكن وُلد في تلك الليلة. قال ابن حجر العسقلاني: وأظن أنّ هذا من رواية أبي الطفيل عن أبيه. قال أحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: أبو الطفيل مكي ثقة.
وكان أَبو الطفيل من أَصحاب علي المحبين له، وشهد معه مشاهده كلها، ونزل الكوفةَ، فلما قُتِل علي رضي الله عنه انصرف إلى مكّة فأقام بها حتى مات سنة مائة‏، ويقال‏: إنه أقام بالكوفة ومات بها، والأول أصحُّ، والله أعلم. وقال ابن البرقي: مات سنة اثنتين ومائة. وعن مبارك بن فضلة: مات سنة سبع ومائة. وقال جرير بن حازم: كنْتُ بمكة سنة عشر ومائة، فرأيتُ جنازة، فسألت عنها، فقيل لي: أبو الطفيل.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال