تسجيل الدخول


أبو اليقظان عمار بن ياسر العبسي

((عمّار بن ياسر بن عامر بن مالك بن كنانة بن قيس بن الحُصين بن الوَذِيم بن ثعلبة بن عوف بن حارثة ابن عامر الأكبر بن يام بن عَنْس، وهو زَيد بن مالك بن أُدَد بن زَيد بن يَشْجب بن عَريب ابن زَيد بن كَهْلان بن سبإ بن يَشجب بن يعرب بن قَحطان. وبنو مالك بن أُدَد من مَذْحِج.)) الطبقات الكبير. ((عَمّار بن [[ياسر]] بن مالك بن كنانة بن قيس بن حصين العنسيّ، ثم المذحجيّ، قد رَفعناه في نسبه إلى عنس بن مالك بن أدَد بن زيد في باب أبيه ياسر في هذا الكتاب [[ياسر بن عامر بن مالك بن كنانة بن قيس بن الحصين بن الوذين، ويقال ابن الوذيم بن ثعلبة بن عوف بن حارثة بن عامر بن يام بن عنس بن مالك بن أدد بن زيد العنسي المذحجيّ، حليف لبني مخزوم‏.‏ ومنهم من يقول: ياسر بن مالك فيسقط عامرًا. ويقول أيضًا:‏ عامر بن عنس فيُسقط يامًا‏.‏ والصّحيح ما ذكرناه إن شاء الله تعالى‏.‏]] <<من ترجمة ياسر بن عامر "الاستيعاب في معرفة الأصحاب".>>، يُكْنَى أبا اليقظان حليف لبني مخزوم، كذا قال ابن شهاب وغيره‏.)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((عَمّار بن ياسر: بن عامر بن مالك بن كنانة بن قَيْس بن الحصين بن الوَذيم بن ثعلبة بن عَوْف بن حارثة بن عامر بن بام)) ((عمار بن ياسر العبسي. مشهور باسمه.)) الإصابة في تمييز الصحابة.
((قال الواقديّ،‏ وطائفة من أهل العلم بالنّسب والخبر‏: إِنّ ياسرًا والد عَمَّار عُرَني قحطاني مذحجي، من عنس في مذحج، إلا أن ابنه عمارًا ولي لبني مخزوم، لأن أباه ياسرًا تزوّج أمَةً لبعض بني مخزوم، فولدت له عمارًا، وذلك أنّ ياسرًا والد عمار قدم مكّة مع أخوين له ـــ أحدهما يقال له الحارث، والثَّاني مالك، في طلب أخٍ لهم رابع، فرجع الحارث ومالك إِلى اليمن، وأقام ياسر بمكّة، فحالف أبا حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، فزوّجه أبو حذيفة أمَةً له يقال لها سميَّة بنت خياطٍ، فولدت له عمارًا، فأعتقه أبو حذيفة، فمِنْ هذا هو عمار مولى لبني مخزوم، وأبوه عُرَني كما ذكرنا لا يختلفون في ذلك، وللحلف والولاء اللذَيْن بين بني مخزوم وبين عمار وأبيه ياسر كان اجتماع بني مخزوم إلى عثمان حين نال من عمّار غلمانُ عثمان ما نالوا من الضَّرب، حتى انفتق له فَتْق في بطنه، ورغموا وكسروا ضلعًا من أضلاعه، فاجتمعت بنو مخزوم وقالوا‏: والله لئن مات لا قَتَلْنا به أحدًا غير عثمان‏. وقد ذكرنا في باب ياسر وفي باب سميَّة ما يكمل به عِلْمُ ولَاءِ عمار ونسبه [[سمية أُم عمار بن ياسر. كانت أمَةً لأبي حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عُمر بن مخزوم فزوَّجها من حَلِيفه ياسر بن عامر بن مالك العنسيّ، والد عمار بن ياسر، فولدت له عمارًا فأعتقه أبو حذيفة؛ وأبوه من عَنْس. وقد ذكرنا عمارًا في بابه. وكانت سميّة ممن عُذِّبَت في الله وصَبرت على الأذى في ذات الله، وكانت من المبايعات الخيّرات الفاضلات رحمها الله. قال ابنُ قتيبة: خلف عليها بَعْدَ ياسر الأزرق ـــ وكان غلامًا رُومِيًّا للحارث ابن كلدة، فولدت له سلمة بن الأزرق، فهو أخو عَمّار لأمه. وهذا غَلطٌ من ابن قتيبة فاحش، وإنما خلف الأزرق على سُميّة أُم زياد زوجة مولاه الحارث بن كلدة منها، لأنه كان مولَى لهما؛ فسلمة بن الأزرق أخو زياد لأمه، لا أخو عمّار، وليس بين سميّة أُم عمار، وسميَّة أُم زياد نَسَبٌ ولا سبب؛ وسمية أُم عمّار أول شهيدة في الإسلام، وجأها أبو جهل بَحْرَبةٍ في قُبُلها فقتلها، وماتت قبل الهجرة رضي الله عنها.]] <<من ترجمة سُمَيَّة بنت خُباط "الاستيعاب في معرفة الأصحاب".>>. قال أبو عمر رحمه الله: كان عمار وأمّه سميَّة ممن عُذّب في اللَّهِ)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((لم يزل ياسر وعمّار مع أبي حُذيفة إلى أن مات وجاء الله بالإسلام فأسلم ياسر وسمّية وعمّار وأخوه عبد الله بن ياسر، وكان لياسر ابنٌ آخر أكبر من عمّار وعبد الله يقال له حُريث، قتلته بنو الدّيل في الجاهلية. وخَلَفَ على سميّة بعد ياسر الأزرق، وكان روميًّا غلامًا للحارث بن كَلَدَة الثقفي، وهو ممّن خرج يوم الطائف إلى النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، مع عُبيد أهل الطائف وفيهم أبو بَكْرَة فأعْتَقَهم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فولدت سميّة للأزرق سَلَمَةَ بن الأزرق فهو أخو عمّار لأمّه، ثمّ ادّعى ولُد سلمة وعمر وعقبة بني الأزرق أنّ الأزرق بن عمرو بن الحارث بن أبي شَمِر من غسّان، وأنّه حليف لبني أميّة، وشَرُفوا بمكّة، وتزوّج الأزرق وولده في بني أميّة، وكان لهم منهم أولاد، وكان عمّار يكنى أبا اليقظان. وكان بنو الأزرق في أوّل أمرهم يدّعون أنّهم من بني تغلب، ثمّ من بني عِكَبٍّ، وتصحيح هذا أنّ جُبير بن مُطعم تزوّج إليهم امرأةً وهي بنت الأزرق فولدت له بُنَيّةً تزوّجها سعيد بن العاص فولدت له عبد الله بن سعيد، فمدح الأخطل عبد الله بن سعيد بكلمة له طويلة فقال فيها‏:‏

وَيَجْـمَعُ نَوْفَـلًا وبَني عِكَـبٍّ كـلا الحَيّينِ أفْلَـحَ مَن أصابـا
ثمّ أفْسَدَتْهم خزاعةُ ودعوهم إلى اليمن وزيّنوا لهم ذلك وقالوا: أنْتُم لا يُغْسَلُ عنكم ذكرُ الروم إلاّ أن تدّعوا أنكّم من غسان. فانتموا إلى غسّان بعدُ.)) الطبقات الكبير. ((أُمّه سمية، وهي أَوّل من استشهد في سبيل الله، عز وجل، وهو وأَبوه وأُمّه من السابقين.)) ((أَخبرنا أَبو جعفر عبيد اللّه بن أَحمد بإِسناده إِلى يونس بن بُكَير، عن ابن إِسحاق قال: حدثني رجال من آل عمار بن ياسر: أَن سمية أُم عمار عذبها هذا الحيّ من بني المغيرة بن عبد اللّه بن عمر بن مخزوم على الإِسلام، وهي تأْبى غيره، حتى قتلوها. وكان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم مَرَّ بعمار وأُمه وأَبيه وهم يعذبون بالأَبطح في رَمْضاءِ مكة، فيقول: "صَبْرًا آلَ يَاسِرٍ، مَوْعِدُكُمُ الْجَنَّةُ".(*))) أسد الغابة.
((قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: أخبرنا عبد الله بن أبي عُبيدة بن محمّد بن عمّار عن أبيه عن لؤلؤة مولاة أم الحكم بنت عمّار أنّها وصفت لهم عمّارًا فقالت: كان رجُلًا آدَمَ طُوالًا، مضطربًا، أشْهَلَ العينين، بعيدَ ما بين المنكبين، وكان لا يُغيّرُ شيبه.)) الطبقات الكبير. ((وقيل: كان أَصلع في مقدم رأْسه شعرات.))
((أَسلم عمارٌ ورسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم في دار الأَرقم هو وصُهَيب بن سِنان في وقت واحد: قال عمار: لقيت صُهَيب بن سِنَان على باب دار الأَرقم، ورسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فيها، فقلت: ما تريد؟ فقال: وما تريد أَنت؟ فقلت: أَردت أَن أَدخل على محمد وأَسمع كلامه. فقال: وأَنا أَريد ذلك. فدخلنا عليه، فعَرَض علينا الإِسلام، فأَسلمنا. وكان إِسلامهم بعد بضعة وثلاثين رجلًا. وروى يحيى بن معين، عن إِسماعيل بن مجالد، عن مجالد، عن بَيَان، عن وَبْرة عن هَمَّام قال: سمعت عمارًا يقول: رأَيت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وما معه إِلا خمسة أَعبُد وامرأَتان وأَبو بكر.(*) وقال مجاهد: أَوّل من أَظهر إِسلامه سبعة: رسول الله، وأَبو بكر، وبلال، وخَبّاب وصهيب، وعَمَّار، وأُمّه سمية.(*))) أسد الغابة.
((هو من المهاجرين الأولين)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((اختلف في هجرته إِلى الحبشة.)) أسد الغابة.((قالوا: هاجر عمّار بن ياسر إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية. قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: أخبرنا عمر بن عثمان عن أبيه قال: لمّا هاجر عمّار ابن ياسر من مكّة إلى المدينة نزل على مُبَشّر بن عبد المنذر. قال: أخبرنا محمّد بن عمر عن عبد الله بن جعفر قال: آخى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بين عمّار بن ياسر وحُذيفة بن اليَمان.(*) قال عبد الله بن جعفر: إنْ لم يَكُنْ حُذيفة شَهِدَ بدرًا فإنّ إسلامه كان قديمًا. قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: أخبرنا محمّد بن عبد الله عن الزّهيّري عن عُبيد الله ابن عبد الله بن عُتبة قال: أقْطَعَ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، عمّار بن ياسر موضع داره.(*)))
((قالوا: وشهد عمّار بن ياسر بدرًا وأُحُدًا والخندق والمشاهد كلّها مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم. قال: أخبرنا وهب بن جرير بن حازم وموسى بن إسماعيل قالا: أخبرنا جرير بن حازم قال: سمعتُ الحسن قال: قال عمّار بن ياسر: قد قاتلتُ مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، الإنسَ والجِنّ، فقيل له: هذا قاتلتَ الإنسَ فكيف قاتلتَ الجنّ؟ قال: نزلنا مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، منزلًا فأخذتُ قِرْبتي ودَلْوي لأستَقي فقال لي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "أما إنّه سيَأتيك آتٍ يَمْنَعُك من الماء". فلمّا كنتُ على رأس البئر إذا رجلٌ أسود كأنّه مَرِسٌ فقال: لا والله لا تَستَقي اليومَ منها ذَنوبًا واحدًا. فأخذته وأخذني فصَرَعْتُه، ثمّ أخذتُ حجرًا فكسرتُ به أنفه ووجهه، ثمّ مَلأتُ قِرْبَتي فأتَيْتُ بها رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: "هل أتاك على الماء من أحد؟" فقلت: عَبدٌ أسود، فقال: "ما صنعتَ به؟" فأخبرته، قال: "أتدري مَن هو؟" قلتُ: لا، قال: "ذاك الشّيطان، جاءَ يمنعك من الماءِ".(*))) الطبقات الكبير. ((قال موسى بن عقبة، عن ابن شهاب:‏‏ وممن شهد بَدْرًا عمار بن ياسر)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني عبد الله بن نافع عن أبيه عن ابن عمر قال: رأيتُ عمّار بن ياسر يوم اليَمامة على صَخْرة وقد أشرف يَصيح: يا معشرَ المسلمين، أمِنَ الجنّة تَفِرّونَ؟ أنا عمّار بن ياسر، هلُمّوا إليّ! وأنا أنْظُرُ إلى أُذنِه قد قُطَعتْ فهي تَذَبْذَبُ وهو يقاتل أشدّ القتال. قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا شعبة عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال: قال رجل من بني تميم لعمّار: أيّها الأجدع. فقال عمّار: خيرَ أُذنيّ سببتَ. قال شُعبة: إنها أُصيبت مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم. قال: أخبرنا سليمان أبو داود الطيالسيّ ويحيَى بن عبّاد قالا: أخبرنا شعبة عن قيس ابن مسلم عن طارق بن شهاب قال: غزا أهل البصرة ماه، وعليهم رجل من عُطارد التميمي فأمَدّه أهل الكوفة وعليهم عمّار بن ياسر فقال الذي من آل عُطارد لعمّار بن ياسر: يا أجْدَعُ أتريد أن تشاركنا في غنائمنا؟ فقال عمّار: خيرَ أُذنيّ سببتَ. قال شعبة: ويعني أنّها أصيبت مع النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم: قال فكُتب في ذلك إلى عمر فكتب عمر: إنّما الغنيمة لِمنْ شهِدَ الوقعة. قال ابن سعد: قال شعبة: لم ندْرِ أنّها أُصيبت باليمامة.)) الطبقات الكبير. ((روى شعبة أَن رجلًا قال لعمار: أَيها العبد الأَجدع! قال عمار: سَيِّبْ خَبَرَ أُذني ـــ قال شعبة. وكانت أُصيبت مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم. وهذا وهم من شعبة، والصواب أَنها أُصيبت يوم اليمامة.)) أسد الغابة.
((قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: أخبرنا معاوية بن عبد الرّحمن بن أبي مزرّد عن يزيد ابن رومان عن عروة بن الزُّبير قال: كان عمّار بن ياسر من المستضعفين الذين يعذَّبون بمكّة ليرجع عن دينه. قال محمّد بن عمر: والمستضعفون قوم لا عشائر لهم بمكّة وليست لهم مِنعة ولا قوّة، فكانت قريش تعذّبهم في الرَّمْضَاءِ بأنْصاف النّهار ليرجعوا عن دينهم. قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني عثمان بن محمّد عن عبد الحكيم بن صُهيب عن عمر بن الحكم قال: كان عمّار بن ياسر يعذَّب حتّى لا يدري ما يقول، وكان صّهيب يعذَّب حتى لا يدري ما يقول، وكان أبو فكيهة يعذَّب حتى لا يدري ما يقول، وبلال وعامر بن فُهيرة وقوم من المسلمين، وفيهم نزلت هذه الآية: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا} [سورة النحل:41]. قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني عثمان بن محمّد عن الحارث بن الفضل عن محمّد بن كعب القُرَظيّ قال: أخبرني من رأى عمّار بن ياسر متجرّدًا في سراويل قال: فنظرتُ إلى ظهره فيه حَبَطٌ كثير، فقلت: ما هذا؟ قال: هذا ممّا كانت تعذّبني به قريش في رمضاء مكّة. قال: أخبرنا يحيَى بن حمّاد قال: أخبرنا أبو عَوَانَة عن أبي بَلْج عن عمرو بن ميمون قال: أحرق المشركون عمّار بن ياسر بالنّار قال: فكان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يَمُرّ به ويُمِرّ يده على رأسه فيقول:"يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا على عمار كما كنت على إبراهيم، تَقْتُلُكَ الفِئَةُ الباغيَة".(*) قال: أخبرنا مسلم بن إبراهيم وعمرو بن الهيثمّ أبو قطن قالا: أخبرنا القاسم بن الفضل قال: أخبرنا عمرو بن مرّة الجَمَلي عن سالم بن أبي الجعد عن عثمان بن عفّان قال: أقبلتُ أنا ورسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، آخذٌ بيدي نَتَماشى في البطحاء حتّى أتينا على أبي عمّار وعمّار وأمّه وهم يُعَذَّبون، فقال ياسر: الدّهْرُ هَكَذا، فقال له النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم: "اصْبِرْ، اللّهّم اغْفِرْ لآلِ ياسر وقد فَعَلْتَ".(*) قال: أخبرنا مسلم بن إبراهيم قال: أخبرنا هشام الدّسْتُوائيّ قال: أخبرنا أبو الزّبير أنّ النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، مرّ بآل عمّار وهم يعذَّبون فقال لهم: "أبْشِروا آلَ عمّار فإنّ مَوْعِدَكم الجنّة".(*) قال: أخبرنا الفضل بن عَنْبَسَة قال: أخبرنا شعبة عن أبي بشر عن يوسف المكيّ أنّ النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، مرّ بعمّار وأبي عمّار وأمّه وهم يُعَذَّبون في البطحاء فقال: "أبْشِروا يا آل عمّار فإنّ موعدكم الجَنّة".(*) قال: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم عن ابن عون عن محمّد أنّ النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، لقي عمّارًا وهو يبكي فجعل يمسح عن عينيه وهو يقول: "أخَذَكَ الكُفّارُ فَغَطّوك في الماء فقلت كذا وكذا، فإن عادوا فقل ذاك لهم".(*) قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر الرقّي قال: أخبرنا عُبيد الله بن عمرو عن عبد الكريم عن أبي عُبيدة بن محمّد بن عمّار بن ياسر قال: أخذ المشركون عمّار بن ياسر فلم يتركوه حتّى نال من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وذَكَرَ آلهتهم بخير، فلمّا أتَى النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، قال: "ما وَراءَكَ؟" قال: شَرّ يا رسول الله، والله ما تُركْتُ حتّى نلْتُ منك وذكرتُ آلهتَهم بخير، قال: "فكيف تجِدُ قلبَك؟" قال: مُطْمَئِنّ بالإيمان، قال: "فإنْ عادوا فعُد".(*) قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر الرقّي قال: أخبرنا عُبيد الله بن عمرو عن عبد الكريم عن أبي عُبيدة بن محمّد بن عمّار بن ياسر في قوله: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ} [سورة النحل:106]، قال: ذلك عمّار بن ياسر. وفي قوله: {وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًًا} [سورة النحل:106]، قال: ذلك عبدُ الله بن أبي سَرْح. قال: أخبرنا وكيع بن الجرّاح عن إسرائيل عن جابر عن الحكم: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ} [سورة النحل:106]، نزلت في عمّار بن ياسر. قال: أخبرنا حجّاج بن محمّد قال: قال ابن جُريج سمعتُ عبد الله بن عُبيد بن عُمير يقول: نزل في عمّار بن ياسر إذ كان يعذَّب في الله قوله: {وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ} [سورة العنكبوت:2]. قال: أخبرنا محمّد بن كُناسة عن الكلبّي عن أبي صالح عن ابن عبّاس في قوله:{أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ} [سورة الزمر:9]، قال: نزلت في عمّار بن ياسر. قال: أخبرنا محمّد بن عُبيد الطنافسيّ والفضل بن دُكين قالا: أخبرنا المسعوديّ عن القاسم بن عبد الرّحمن قال: أوّلُ من بنى مسجدًا يُصَلَّي فيه عمّار بن ياسر. قال: أخبرنا قَبيصة بن عقبة قال: أخبرنا سفيان عن أبيه قال: أوّلُ من اتّخذ في بيته مسجدًا يُصَلّى فيه عمّار.)) الطبقات الكبير. ((أَنبأَنا أَبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن الدمشقي بها، أَنبأَنا أَبو العشائر محمد بن خليل بن فارس، أَنبأَنا الفقيه أَبو القاسم علي بن محمد بن علي المِصيصي، أَنبأَنا أَبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن أَبي نصر، أَنبأَنا أَبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حَيدرة الأَطرابلسي، حدّثنا إِبراهيم بن أَبي سفيان القيسراني، حدّثنا محمد بن يوسف الفِرْيَابِي، حدّثنا الثوري، عن عبد الملك بن عمير، عن مولى لربعي بن حِرَاش، عن حذيفة ابن اليمان قال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "اقْتَدُوا بِالْلَّذِينَ مِنْ بَعْدِي: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَاهْتَدُوا بِهُدَى عَمَّارٍ، وَتَمَسَّكُوا بِعَهْدِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ" أخرجه الترمذي في السنن 5 / 569 كتاب المناقب (50) باب في مناقب أبي بكر وعمر رضي الله عنهما كليهما حديث رقم 3662 وابن ماجة في السنن 1 / 37 في المقدمة باب (11) في فضائل أصحاب النبي فضل أبي بكر الصديق حديث رقم 97، و أحمد في المسند 5 / 382، 385 وابن حبان في صحيحه حديث رقم 2193، و البيهقي في السنن 5 / 12، 8 / 153 والحاكم في المستدرك 3 / 75.. أَنبأَنا أَبو ياسر بن أَبي حبة بإِسناده عن عبد اللّه بن أَحمد بن حنبل: حدّثني أَبي، حدّثنا يزيد بن هارون، حدّثنا العوّام ـــ يعني بن حوشب ـــ عن سلمة بن كُهَيل، عن علقمة، عن خالد بن الوليد قال: كان بيني وبين عمار كلام، فأَغلظت له في القول، فانطلق عمار يشكوني إِلى النبي صَلَّى الله عليه وسلم، فَجَاءَ خَالِدٌ وَهُوَ يَشْكُوهُ إِلَى الْنَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم، قَالَ: فَجَعَلَ يُغْلِظُ لَهُ، وَلاَ يَزِيدُهُ إِلاَّ غِلْظَةً، وَالْنَّبِيُّ صَلَّى الله عليه وسلم سَاكِتٌ لاَ يَتَكَلَّمُ، فَبَكَى عَمَّارٌ وَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، أَلاَ تَرَاهُ! فَرَفَعَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم رَأْسَهُ وَقَالَ: "مَنْ عَادَى عَمَّارًا عَادَاهُ الله، وَمَنْ أَبْغَضَ عَمَّارًا أَبْغَضَهُ الله". قال خَالِدٌ: فَخَرَجْتُ فَمَا كَانَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ رِضَا عَمَّاٍر، فَلَقِيْتُهُ فَرَضِيَ أخرجه أحمد في المسند 4 / 89 والحاكم في المستدرك 3 / 390، 391 والهيثمي في الزوائد 9 / 296 والمتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم 33534، 37387.. وأَنبأَنا عبد اللّه بن أَحمد، حدّثني أَبي، حدّثنا وكيع حدّثنا سفيان، عن أَبي إِسحاق عن هانئ بن هانئ، عن علي قال: جاءَ عمار يستأذن على النبي صَلَّى الله عليه وسلم، فَقَالَ: "ائْذَنُوا لَهُ، مَرْحَبُا بِالْطَيِّبِ الْمُطَيَّبِ" أخرجه أحمد في المسند 1 / 130 وابن ماجة في السنن 1 / 52 في المقدمة باب فضل عمار بن ياسر حديث رقم 146، والترمذي في السنن 5 / 626 كتاب المناقب باب مناقب عمار بن ياسر حديث رقم 3798.. أَنبأَنا إِبراهيم بن محمد وغير واحد بإِسنادهم عن أَبي عيسى الترمذي قال: حدثنا القاسم بن دينار الكوفي، حدثنا عُبَيد اللّه بن موسى، عن عبد العزيز بن سِياه، عن حبيب بن أَبي ثابت، عن عطاءَ بن يسار، عن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "مَا خُيِّرَ عَمّارٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلاَّ اخْتَارَ أَرْشَدَهُمَا"أخرجه الترمذي في السنن 5 / 627 كتاب المناقب (50) باب مناقب عمار بن ياسر (35) حديث رقم 3799 وابن ماجة 1 / 52 المقدمة باب فضل عمار بن ياسر حديث رقم 148..)) أسد الغابة. ((أنبأنا عبد الله، أنبأنا أحمد، حدّثنا يحيى بن سليمان، حدّثنا معلى، عن الأعمش، عن مسلم بن صبيح، عن مسروق، عن عائشة، قالت: ما مِنْ أصحاب محمد صَلَّى الله عليه وسلم أشاءُ أن أقول فيه إِلا قلت إلا عمار بن ياسر، فإني سمعْتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول: "‏إِنَّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ حُشِيَ مَا بَيْن أَخْمُصِ قَدَميْهِ إِلَى شَحْمَة أُذُنَيْهِ إِيَمَانًا"‏‏(*) ذكره بلفظ مقارب أبو نعيم في الحلية 1/ 139، وذكره الهندي في كنز العمال حديث رقم 33540، 33541.. ومن حديث خالد بن الوليد أن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قال: ‏"‏مَنْ أَبْغَضَ عَمَّارًا أبْغَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى‏" ‏‏أخرجه أحمد في المسند 4/ 89، وذكره الهيثمي في الزوائد 9/ 296، والسيوطي في الدر المنثور 5/ 176.. قال خالد: فما زلْتُ أحِبُّه من يومئذ.(*) وروي من حديث أنس عن النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم أنه قال: "‏اشْتَاقَتِ الْجَنَّةُ إِلَى عَليًّ، وَعَمَّارٍ، وَسَلْمَانَ، وَبِلَالٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ‏"‏‏(*) أخرجه الحاكم 3 / 137، وأبو نعيم في الحلية 1/ 190، وذكره الهندي في كنز العمال حديث رقم 33672..)) ((قال إبراهيم بن سعد: بلغنا أنَّ عمار بن ياسر قال:‏ كنت تِرْبًا لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم في سنّه لم يكن أحد أقرب به سنًّا مني. روى سفيان، عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن ابن عبّاس في قول الله عزّ وجل: {أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ} [‏الأنعام 122]، قال عمار بن ياسر: ‏{‏كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا}‏ [الأنعام 122‏]‏ قال أبو جهل بن هشام‏. وقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: ‏"‏إِن عَمَّارًا مُلِئَ إِيَمانًا إِلى مُشاشهِ‏" أخرجه النسائي في السنن 8/ 111، وابن ماجة في السنن حديث رقم 147، والحاكم في المستدرك 3/ 392، وذكره الهندي في كنز العمال حديث رقم 33529، 33542.، ويروى: "‏إِلَى أَخمصِ قَدَمَيْه‏".(*) وحدّثنا خلف بن قاسم، حدّثنا عبد الله بن عامر، حدّثنا أحمد بن محمد، حدّثنا يحيى بن سليمان، حدّثنا يحيى بن أبان، حدّثنا سفيان الثّوري، عن سلمة بن كُهَيل، عن سعيد بن عبد الرّحمن بن أَبْزَى، عن أبيه، ولم يقل فيه يحيى بن سليمان عن أبيه، عن عائشة، قالت: ما مِنْ أحد من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أشاءُ أنْ أقول فيه إلّا قلت إلّا عمار بن ياسر، فإني سمعت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول: "مُلِئَ عَمَّارٌ إِيمَانًا إِلَى أَخمصِ قَدَمَيْهِ".(*))) ((صَلّى القبلتين)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((قال: أخبرنا مسلم بن إبراهيم قال: أخبرنا غسّان بن مضر قال: أخبرنا سعيد بن يزيد عن أبي نضرة عن مُطَرّف قال: دخلتُ على رجلٍ بالكوفة وإذا رَجلٌ قاعد إلى جنبه وخيّاطٌ يخيط إمّا قطيفة سَمّور أو ثعالب، قال قلت: ألَم تَرَ ما صَنَعَ عليّ؟ صَنَعَ كذا وصنع كذا، قال فقال: يا فاسق، ألا أراك تذكر أمير المؤمنين! قال فقال صاحبي: مَهْلًا يا أبا اليَقْظان فإنّه ضيفي. قال: فعرفتُ أنّه عمّار. قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا جرير بن حازم عن سعيد بن أبي مسلمة عن أبي نصرة عن مطرّف قال: رأيتُ عمّار بن ياسر يقطع على لحاف ثعالب ثوبًا. قال: أخبرنا موسى بن إسماعيل قال: أخبرنا وُهيب عن داود عن عامر قال: سئل عمّار عن مسألة فقال: هَلْ كان هذا بعدُ؟ قالوا: لا، قال: فدَعونا حتّى يكون فإذا كان تجشّمناها لكم.)) ((قال: أخبرنا الفضل بن دُكين ومحمّد بن عبد الله الأسديّ قالا: أخبرنا سفيان عن مغيرة عن إبراهيم أنّ عمّارًا كان يَقْرَأ كلّ يوم جمعة على المنبر بياسين.)) الطبقات الكبير. ((من مناقبه أَنه أَوّل من بنى مسجدًا في الإِسلام: أَنبأَنا عبيد اللّه بن أَحمد بن علي بإِسناده إِلى يونس بن بُكَير عن عبد الرحمن بن عبد اللّه عن الحكم بن عتيبة قال: قدم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم المدينة أَوّل ما قدمها ضُحّى، فقال عمار: ما لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بُدٌّ من أَن نجعل له مكانًا إِذا استظل من قائلته ليستظل فيه، ويصلي فيه. فجمع حجارة، فبنى مسجد قُبَاء، فهو أَوّل مسجد بُني وعَمَّار بناه.)) ((قال: وحدثنا يونس، عن ابن إِسحاق قال: حدثني حَكِيم بن جُبير، عن سعيد بن جبير قال قلت لابن عباس: أَكان المشركون يبلغون من المسلمين في العذاب ما يُعذَرون به في ترك دينهم فقال؟ نعم، والله إِن كانوا لَيَضْرِبون أَحدهم ويُجيعونه ويُعطِّشونه حتى ما يقدر على أَن يستوي جالسًا، من شدة الضر الذي به حتى إِنه ليعطيهم ما سأَلوه من الفتنة، وحتى يقولوا له: اللات والعُزَّى إِلهك من دون الله؟ فيقول: نعم. وحتى إِن الجمل ليمر بهم، فيقولون له: هذا الجمل إِلهك من دون الله فيقول: نعم. اقتداءً لما يبلغون من جَهْده.)) أسد الغابة.
((روى عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم عدة أحاديث. وروى عنه من الصحابة أبو موسى، وابن عباس، وعبد الله بن جعفر، وأبو لاس الخُزَاعي)) الإصابة في تمييز الصحابة. ((روى عنه علي بن طالب، وابن عباس، وأَبو موسى، وجابر، وأَبو أمامة، وأَبو الطفيل، وغيرهم من الصحابة. وروى عنه من التابعين: ابنه محمد بن عمار، وابن المسيب، وأَبو بكر بن عبد الرحمن، ومحمد بن الحنفية، وأَبو وائل، وعلقمة، وزِرّ بن حُبَيش، وغيرهم.)) ((أَنبأَنا إِسماعيل بن علي وغيره بإِسنادهم عن محمد بن عيسى: أَنبأَنا عمرو بن علي، حدثنا يزيد بن زُرَيع، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن عَزْرة، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أَبزى، عن أَبيه، عن عمار بن ياسر: أَنَّ الْنَّبِيَّ صَلَّى الله عليه وسلم أَمَرَهُ بِالْتَّيَمُّمِ، لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ(*) أخرجه الترمذي في السنن 1 / 268 كتاب الطهارة باب ما جاء في التيمم حديث رقم 144 وأبو داود في السنن 1 / 141 كتاب الطهارة باب التيمم حديث رقم 323، 324، و الدارمي في السنن 1 / 190 وأحمد في المسند 4 / 263 والبيهقي في السنن 1 / 210..)) أسد الغابة. ((عن وَبْرَةَ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ عَمَّارٍ، قال: رأيْتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وما معه إلا خمسة أَعْبُد وامرأتان وأبو بكر.(*) أخرجه البخاري.)) الإصابة في تمييز الصحابة. ((قال أَبو البَخْتِري: قال عمار بن ياسر يوم صفين: ائتوني بشربة. فأُتي بشربة لبن، فقال: إِن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قال: "آخِرُ شَرْبَةٍ تَشْرَبُهَا مِنَ الْدُّنْيَا شَرْبَةُ لَبَنٍ"(*) أخرجه البيهقي في دلائل النبوة 6 / 421.، وشربها ثم قاتل حتى قتل.)) أسد الغابة.
((قال: أخبرنا عفّان بن مسلم ومسلم بن إبراهيم قالا: أخبرنا الأسود بن شيبان قال: أخبرنا أبو نوفل بن أبي عقرب قال: كان عمّار بن ياسر من أطول الناس سكوتًا وأقلّه كلامًا، وكان يقول: عائذٌ بالله من فِتْنَةٍ، عائذ بالله من فتنة، قال: ثمّ عرضت له بعدُ فِتْنَةٌ عظيمة. قال: أخبرنا أبو داود الطيالسيّ قال: أخبرنا شُعبة قال: أنبأنا عمرو بن مُرّة قال: سمعتُ عبد الله بن سلمة يقول: رأيتُ عمّار بن ياسر يوم صفّين شيخًا آدم في يده الحَرْبَةُ، وإنّها لَتَرْعَدُ، فنظر إلى عمرو بن العاص ومعه الرّاية فقال: إنّ هذه راية قد قاتلتُ بها مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ثلاثَ مَرّاتٍ وهذه الرابعة، والله لو ضربونا حتّى يُبَلّغونا سَعَفَاتِ هَجَرَ لَعَرَفْتُ أنّ مَصْلَحَتَنَا على الحقِّ وأنّهم على الضّلالة. قال: أخبرنا يحيَى بن عبّاد قال: أخبرنا شعبة قال: حدّثني عمرو بن مُرّة قال: سمعتُ عبد الله بن سلمة قال: رأيتُ عمّار بن ياسر يوم صفّين شيخًا آدم طُوالًا والحربة بيده، وإنّ يده لَتَرْعَشُ وهو يقول: والذي نفسي بيده لو ضربونا حتّى يُبلّغونا سَعَفَاتِ هجر لعرفتُ أنّ مصلحتنا على الحقّ وأنّهم على الباطل. قال، وبيده الرّاية، فقال: إنّ هذه الرّاية قد قاتلتُ بها بين يدي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، مرّتين وإنّ هذه لَلثَّالِثَة.)) الطبقات الكبير. ((صحب عليًا؛ رضي الله عنهما، وشهد معه الجمل وصفين، فأَبلى فيهما))
((استعمله عمر بن الخطاب على الكوفة)) أسد الغابة. ((قال: أخبرنا وكيع بن الجرّاح عن سفيان عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرّب قال: قُرِىءَ علينا كتاب عمر بن الخطّاب: أمّا بعد فإني بعثتُ إليكم عمّار بن ياسر أميرًا وابن مسعود معلّمًا ووزيرًا، وقد جعلتُ ابن مسعود على بيت مالكم، وإنّهما لمن النّجباء من أصحاب محمّد من أهل بَدْرٍ، فاسمعوا لهما وأطيعوا واقْتدوا بهما، وقد آثرتُكم بابن أمّ عبدٍ على نفسي وبعثْتُ عُثمان بن حُنيف على السواد ورزقتهم كلّ يوم شاةً فأجعَلُ شطرَها وبطنَها لعمّار والشطر الباقي بين هؤلاء الثلاثة. قال: أخبرنا قَبيصة بن عُقبة قال: أخبرنا سفيان عن أبي سنان عن عبد الله بن أبي الهُذيل أنّ عمر رَزَقَ عمّارًا وابن مسعود وعثمان بن حنيف شاةً، لعمّار شطرُها وبطنها ولعبد الله ربعها ولعثمان ربعها كلّ يومٍ.)) الطبقات الكبير. ((قال أبو عمر رحمه الله‏: إِنما قال عمر في عمّار وابن مسعود، وهما من النّجباء من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم لحديثِ علي بن أبي طالب رضي الله عنه ـــ والله أعلم ـــ من رواية فطر بن خليفة وغيره، عن كثير أبي إسماعيل، من عبد الله بن مُلَيل، عن عليّ رضي الله عنه، قال قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم:‏ ‏"‏إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ إِلَّا أُعْطِيَ سَبْعَةُ نُجَبَاءٍ وُزراء ورُفَقَاء، وَإِنِّي أُعْطِيْتُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ:‏‏ حَمْزَةٌ، وَجَعْفَرٌ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعمَرُ، وَعَلِيٌّ، والْحَسَنُ، والْحُسَيْنُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَسَلْمَانُ، وَعَمَّارٌ، وَأَبُو ذَرٍّ، وَحُذَيْفَةُ، والْمِقْدَادُ، وَبِلَالٌ"(*) أخرجه الطبراني في الكبير 6/ 265، وذكره الهيثمي في الزوائد 9/ 156، والهندي في كنز العمال حديث رقم (33691)..)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((قال: أخبرنا الفضل بن دُكين ومحمّد بن عبد الله الأسديّ قالا: أخبرنا سفيان عن الأعمش عن إبراهيم التيميّ عن الحارث بن سُويد قال: وشى رجلٌ بعمّار إلى عمر فبلغ ذلك عمّارًا فرفع يديه فقال: اللّهُمّ إنْ كان كَذَبَ عليّ فابْسُطْ له في الدّنْيا واجْعَلْهُ مُوَطّأ العَقبِ. قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: أخبرنا خالد بن عبد الله قال: أخبرنا داود عن عامر قال: قال عمر لعمّار: أساءَك عَزْلُنا إيّاك؟ قال: لَئِنْ قلتَ ذاك لقد ساءَني حين استعملتني وساءني حين عَزَلتني.)) ((قال: أخبرنا قَبيصة بن عُقبة قال: أخبرنا سفيان عن أبي سنان عن عبد الله بن أبي الهُذيل قال: وأخبرنا الفضل بن دُكين قال: أخبرنا سفيان عن الأجلح عن ابن أبي الهُذيل قال: رأيت عمّار بن ياسر اشترى قتًّا بدرهم فاسْتَزَاد حَبْلًا فأبَى فجابذه حتّى قاسمه نصفين وحمله على ظهره وهو أمير الكوفة.)) الطبقات الكبير.
((قال: أخبرنا عبد الله بن نُمير عن الأجلح عن عبد الله بن أبي الهُذيل قال: لمّا بنى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، مسجده جَعَلَ القومُ يحملون وجعل النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، يحمل هو وعمّار، فجعل عمّار يرتجز ويقول‏:‏

نَحْنُ المُسْلمونَ نَبْتَني المَساجِدا
وجعل رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يقول: "المساجدا". وقد كان عمّار اشتكى قبل ذلك فقال بعضُ القوم: لَيَموتَنّ عَمّارٌ اليومَ، فسمعهم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فنفضَ لَبِنَتَه وقال:"وَيْحَكَ"، ولم يَقُلْ وَيْلَكَ،"يا ابنَ سُمَيّة تَقْتُلُكَ الفِئَةُ الباغية".(*) قال: أخبرنا إسحاق بن الأزرق قال: أخبرنا عوف الأعرابي عن الحسن عن أمّه عن أمّ سلمى قالت: سمعتُ النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، يقول: "تَقْتُلُ عمّارًا الفِئَةُ الباغية". قال عوف: ولا أحْسَبُهُ إلاّ قال: "وقاتِلُهُ في النّار".(*) قال: أخبرنا محمّد بن عبد الله الأنصاريّ قال: أخبرنا ابن عون عن الحسن عن أمّه عن أمّ سلمة قالت: إنّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، لَيُعاطيهم يومَ الخندق حتّى اغْبَرّ صَدْرُه وهو يقول‏:

"اللّهمّ إنّ العَيـشَ عيشُ الآخِـرَهْ فَاغْفِـرْ لِلأنْصَـارِ وَالمُهـاجِـرَهْ"
وجاءَ عمّار، فقال: "ويْحك يا ابن سُميّة تقتلك الفئة الباغية".(*) قال: أخبرنا سليمان أبو داود الطيالسيّ قال: أخبرنا شُعبة قال: أخبرني أيّوب وخالد الحَذّاءُ عن الحسن عن أمّه عن أمّ سلمة أنّ النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، قال لعمّار: "تقتلك الفئة الباغية".(*) قال: أخبرنا سليمان أبو داود الطيالسيّ قال: أخبرنا شُعبة قال: إخبرني عمرو بن دينار قال: سمعتُ أبا هشامٍ يحدّث عن أبي سعيد الخُدْري أنّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، قال في عمّار: "تقتلك الفئة الباغية".(*) قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: أخبرنا وُهيب قال: أخبرنا داود عن أبي نَضْرَة عن أبي سعيد الخُدْري قال: لمّا أخَذَ النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، في بناءِ المسجد جَعَلْنا نحمل لَبِنَةً لبنة وجعل عمّار يحمل لبنتَيْن لبنتين، فجئتُ فحدّثني أصحابي أنّ النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، جعل يَنفُضُ الترابَ عن رأسه ويقول: "ويحك ابن سُميّة تقتلك الفئة الباغية".(*) قال: أخبرنا إسحاق بن أبي إسرائيل قال: أخبرنا النّضْر بن شُميل قال: أخبرنا شعبة عن أبي مسلمة عن أبي نَضْرة عن أبي سعيد الخُدْريّ قال: حدّثني من هو خيرٌ منّي أبو قتادة قال: قال النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، لعَمّار وهو يَمْسَحُ الترابَ عن رأسه: "بُؤسًا لكَ ابنَ سُميّة، تقتلك فِئةٌ باغية".(*) قال: أخبرنا أبو معاوية الضّرير عن الأعمش عن عبد الرّحمن بن زياد عن عبد الله بن الحارث قال: إنّني لأسيرُ مع معاوية في مُنْصَرَفه عن صِفّين بينه وبين عمرو بن العاص قال: فقال عبد الله بن عمرو: يا أبَت سمعتَ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يقول لعَمّار: "ويحك يا ابن سميّة تقتلك الفئة الباغية؟" قال: فقال عمرو لمعاوية: ألا تَسْمَعُ ما يقول هذا؟ قال فقال معاوية: ما تَزالُ تأتينا بهَنَةٍ تَدْحَضُ بها في بَوْلِك، أنَحْنُ قتلناه؟ إنّما قتله الذين جاءوا به.(*) قال: أخبرنا يزيد بن هارون عن العوّام بن حَوْشَب قال: حدّثني أسود بن مسعود عن حَنْظلة بن خُويلد العَنَزيّ قال: بينا نحن عند معاوية إذ جاءه رجلان يختصمان في رأس عمّار، يقول كلّ واحد منهما أنا قتلتُه، فقال عبد الله بن عمرو: ليَطبْ به أحدُكما نفسًا لصاحبه، فإنّي سمعتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يقول: "تقتله الفئة الباغية". قال فقال معاوية: ألا تُغْني عنّا مَجْنُونَك يا عَمرو فما بالك مَعَنا؟ قال: إنّ أبي شكاني إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: "أطِعْ أباكَ حَيًّا ولا تعصه"، فأنا معكم ولستُ أقاتلُ.(*) قال: أخبرنا خالد بن مَخْلَدٍ قال: حدّثني سليمان بن بلال قال: حدّثني جعفر بن محمّد قال: سمعتُ رجلًا من الأنصار يحدّث أبي عن هُنيّ مولى عمر بن الخطّاب، قال: كنتُ أول شيءٍ مع معاوية على عليّ فكان أصحاب معاوية يقولون: لا والله لا نقتل عمّارًا أبدًا، إنْ قتلناه فنحن كما يقولون. فلمّا كان يوم صفّين ذهبتُ أنْظُرُ في القتلى فإذا عمّار بن ياسر مقتول فقال هُنيّ فجئتُ إلى عمرو بن العاص وهو على سريره فقلت: أبا عبد الله، قال: ما تشاء؟ قلتُ: انْظُرْ أكلّمْكَ، فقامَ إليّ فقلت: عمّار بن ياسر ما سمعتَ فيه؟ فقال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، "تقتله الفئة الباغية"، فقلت: هو ذا والله مقتولٌ، فقال: هذا باطل، فقلت: بَصُرَ به عيني مقتولٌ، قال: فانْطَلِقْ فَأرِنِيه. فذهبتُ بن عبد الله الأسديّ عن سفيان عن أبي قيس الأوْدّي عن هُزَيْل قال به فأوقفته عليه فساعةَ رآه انتُقع لونه، ثمّ أعرض في شقّ وقال: إنّما قَتَلَه الذي خَرَجَ به.(*) قال: أخبرنا وكيع بن الجرّاح ومحمّد: أتى النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فقيل له إنّ عمّارًا وقع عليه حائطٌ فمات، قال: "ما مات عمّارٌ".(*))) ((قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: أخبرنا موسى بن قيس الحضرمي عن سلمة بن كُهَيل قال: قال عمّار بن ياسر يومَ صفّين: الجَنّة تحتَ البارقة، الظّمْآنُ قد يَرِدُ الماءَ الماءُ مَوْرُودٌ، اليومَ ألْقَى الأحِبّةَ محمّدًا وحِزْبه، ولله لو ضربونا حتى يُبلّغونا سعفات هَجَرَ لعلمتُ أنّا على حقّ وأنّهم على باطل، واللهِ لقد قاتلتُ بهذه الرّاية ثلاث مرّات مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وما هذه المرّة بأبَرّهنّ ولا أتْقَاهُنّ قال: أخبرنا وكيع بن الجرّاح قال: أخبرنا سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي البَخْتري قال: قال عمّار يومَ صفّين: ائتُوني بشرْبة لَبَنٍ فإنّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، قال لي: "إنّ آخرَ شَرْبَة تَشْرَبها من الدنيا شربةُ لَبَنٍ". فأُتىَ بلبن فشربه ثمّ تقدّم فقُتل.(*) قال: أخبرنا الفضل بن دُكين أخبرنا سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي البَخْتريّ قال: أُتى عمّار يومئذ بلَبَنٍ فضحك وقال: قال لي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "إنّ آخِرَ شَرابٍ تشربُه لَبَنٌ حتّى تموت".(*) قال: أخبرنا محمّد بن عمر، حدّثني يعقوب بن عبد الله القُمّيّ عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن عبد الرّحمن بن أبْزى عن أبيه عن عمّار بن ياسر أنّه قال وهو يسير إلى صفّين على شطّ الفرات: اللّهمّ إنّهُ لَوْ أعْلَمُ أنّه أرضى لك عني أنْ أرمي بنفسي من هذا الجبل فأتَرَدّى فأسْقُطَ فعلتُ، ولو أعلمُ أنّه أرضى لك عني أنْ أوقد نارًا عظيمة فأقعَ فيها فعلتُ، اللّهُمّ لو أعلم أنّه أرضى لك عنّي أنْ ألقيَ نفسي في الماء فأُغْرِقَ نفسي فعلتُ، فإني لا أُقاتل إلاّ أريد وَجهك، وأنا أرجو أنْ لا تُخَيّبَني، وأنا أريدُ وَجْهَكَ. قال: أخبرنا محمّد بن عمر، حدّثني من سمع سلمة بن كُهيل يُخبُر عن أبي صادق عن ربيعة بن ناجد قال: سمعتُ عمّار بن ياسر وهو بصفّين يقول: الجنّةُ تحت البارقة، والظّمْآنُ يَرِدُ الماءَ، والماءُ مورود، اليوم ألْقَى الأحِبّةَ محمّدًا وحِزْبَه، لقد قاتلتُ صاحبَ هذه الراية ثلاثًا مع رسول الله وهذه الرابعة كإحداهنّ. قال: أخبرنا محمّد بن عمر، حدّثني هاشم بن عاصم عن المنذر بن جَهْم قال: حدّثني أبو مروان الأسلميّ قال: شهدتُ صفّين مع النَاس، فبينا نحن وقوف إذ خرج عمّار بن ياسر وقد كادت الشمس أن تغرب وهو يقول: من رائحٌ إلى الله، الظّمآنُ يرِدُ الماءَ، الجَنّةُ تحت أطراف العوالي، اليوم ألْقى الأحِبّة: اليومَ ألْقى محمّدًا وحزْبَه. قالَ: أخبرنا محمّد بن عمر، حدّثني عبد الله بن أبي عُبيدة عن أبيه عن لؤلؤة مولاة أمّ الحَكَم بنت عمّار بن ياسر قالت: لمّا كان اليوم الذي قُتل فيه عمّار، والرّاية يَحْملها هاشم ابن عُتبة، وقد قُتل أصحابُ عليّ ذلك اليوم حتّى كانت العصر، ثمّ تَقَرّبَ عَمّارٌ من وراء هاشم يُقدّمه وقد جَنَحَت الشمس للغروب، ومع عَمّار ضَيْحٌ من لَبَنٍ، فكان وجوبُ الشمس أن يُفْطِرَ، فقال حين وَجَبَت الشمس وشَرِبَ الضّيْحَ: سمعتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يقول: "آخر زادك من الدّنيا ضَيْحٌ من لَبَنٍ"، قال: ثمّ اقتربَ فقاتل حتّى قُتل، وهو يومئذٍ ابن أربع وتسعين سنة.(*) قال: أخبرنا محمّد بن عمر، حدّثني عبد الله بن الحارث بن الفُضيل عن أبيه عن عُمارة ابن خزيمة بن ثابت قال: شهِدَ خُزيمة بن ثابت الجمل وهو لا يسُلّ سيفًا، وشَهِدَ صفّين وقال: أنا لا أصلُ أبدًا حتّى يُقتَل عمّارٌ فأنْظُرَ مَن يَقْتلُه، فإنّي سمعتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يقول: "تقتُلُهُ الفئَةُ الباغية". قال فلمّا قُتل عمّار بن ياسر قال خُزيمة: قد بانت لي الضّلالة. واقترب فقاتل حتّى قُتل. وكان الّذي قتل عمّار ابن ياسر أبو غادية المُزَني، طعنه برمح فسقط وكان يومئذ يقاتل في محَفَّة، فقُتل يومئذٍ وهو ابن أربع وتسعين سنة. فلمّا وقع أكبّ عليه رجلٌ آخر فاحتزّ رأسه، فأقبلا يختصمان فيه، كلاهما يقول أنا قتلتُه. فقال عمرو بن العاص: والله إنْ يختصمان إلاّ في النّار. فسمعها منه معاوية، فلمّا انصرف الرجلان قال معاوية لعمرو بن العاص: ما رأيتُ مثلَ ما صنعتَ، قومٌ بَذَلوا أنْفُسَهم دونَنَا تَقولُ لهما إنّكما تختصمان في النّار، فقال عمرو: هو والله ذاك، والله إنّك لَتَعْلَمُه وَلَوَدِدْتُ أنّي مِتّ قبل هذه بعشرين سنة.(*) قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر عن ابن أبي عون قال: قُتل عمّارٌ، رحمه الله، وهو ابن إحدى وتسعين سنة، وكان أقدَمَ في الميلاد من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وكان أقْبَلَ إليه ثلاثَةُ نفر: عُقبة بن عامر الجُهَنيّ وعمر بن الحارث الخولانيّ وشَريك بن سَلَمَة المراديّ، فانْتَهَوْا إليه جميعًا وهو يقول: والله لو ضربتمونا حتّى تَبْلُغوا بنا سَعَفَاتِ هَجَرَ لعلمتُ أنّا على حَقّ وأنْتُم على باطل. فحَمَلوا عليه جميعًا فقتلوه. وزعم بعض النّاس أنّ عقبة بن عامر هو الذي قتل عمّارًا، وهو الّذي كان ضَرَبه حين أمَرَه عثمان بن عفّان. ويقال بل الّذي قتله عمر بن الحارث الخولانيّ. قال: أخبرنا عفّان بن مسلم ومسلم بن براهيم وموسى بن إسماعيل قالوا: أخبرنا ربيعة بن كلثوم بن جَبْر قال: حدّثني أبي قال: كنْتُ بواسِطِ القَصَبِ عند عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر فقلتُ: الإذْنَ، هذا أبو غادية الجُهني. فقال عبد الأعلى: أدْخِلوه، فَدَخَلَ عليه مُقَطّعاتٌ لَهُ فإذا رجلٌ طُوال ضَرْبٌ من الرجال كأَنّه ليس من هذه الأمّة، فلمّا أن قعد قال: بايعتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، قلتُ: بيَمينك؟ قال: نعم، وخَطَبَنا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يوم العَقَبَة فقال: "يا أيها النّاس ألا إنّ دماءكم وأموالكم حرامٌ عليكم إلى أن تَلْقَوْا ربّكم كحُرْمَةِ يَوْمكم هذا في شهركم هذا في بَلَدِكم هذا، ألا هَلْ بَلّغْتُ؟" فقلنا: نعم، فقال: "اللّهُمّ اشْهَدْ"، ثمّ قال: "ألا لا تَرْجعوا بعدي كُفّارًا يَضْرِبُ بعضكم رِقابَ بعض"، قال ثمّ أتْبَعَ ذا فقال: إنّا كُنّا نَعُدّ عمّار بن ياسر فينا حَنانًا، فبينا أنا في مسجد قُباءَ إذ هو يقول: ألا إنّ نَعْثَلًا هذا لعثمان، فألْتَفِتُ فلو أجِدُ عليه أعْوانًا لَوَطِئْتُه حتّى أقْتُله، قال قلت اللّهُمّ إنّك إنْ تَشأ تُمَكّنّي من عمّار، فلمّا كان يوم صفّين أقبل يستنّ أوّلَ الكتيبة رجلًا حتّى إذا كان بين الصفّين فأبْصَرَ رجلٌ عَوْرَةً فطعنه في ركبته بالرمح فعثر فانكشف المِغْفَرُ عنْه، فضربتُه فإذا رأس عمّار. قال: فلم أرَ رجلًا أبْيَنَ ضَلالَةً عندي منه، إنّه سمع من النّبيّ، عليه السلام، ما سمع ثمّ قَتَلَ عَمّارًا.(*) قال واستسقى أبو غادية فأُتي بماء في زُجاجٍ فأبَى أن يشرب فيها، فأُتيَ بماءٍ في قَدَحٍ فَشَرب، فقال رجلٌ على رأس الأمير قائمٌ بالنّبطيّة: أوى يد كفتا يَتَوَرّعُ عن الشراب في زجاج ولم يتورّع عن قتل عمّار.)) ((أُخبر عمرو بن العاص فقال: سمعتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يقول: "إنّ قاتله وسالبه في النّار"، فقيل لعمرو بن العاص: هو ذا أنت تُقاتله، فقال: إنّما قال:" قاتله وسالبه".(*) قال: أخبرنا محمّد بن عمر وغيره قالوا: لمّا استلحم القتالُ بصفّين وكادوا يتفانَوْنَ قال معاوية: هذا يومٌ تفانى فيه العرب إلا أنْ تُدركهم فيه خِفّةُ العَبْدِ، يعني عمّار بن ياسر، قال وكان القتال الشديد ثلاثةَ أيّام ولياليَهنّ، آخرُهن ليلةُ الهَرير، فلمّا كان اليومُ الثالث قال عمّار لهاشم بن عتبة بن أبي وقّاص ومعه اللّواءُ يومئذٍ: احْمِلْ فِدَاكَ أبي وأمّي! فقال هاشم: يا عمّار رحمك الله إنّك رجلٌ تَسْتَخِفّكَ الحَرْبُ وإني إنّما أزحفُ باللّواء زَحفًا رَجاءَ أن أبلغَ بذلك ما أريد، وإني إن خَفَفْتُ لم آمَنِ الهَلَكَةَ. فَلَمْ يَزَلْ به حتّى حَمَلَ فَنَهَضَ عمّار في كتيبته فنهض إليه ذو الكلاع في كتيبته فاقتتلوا فقُتلا جميعًا واستُؤصِلت الكتيبتان، وَحَمَلَ على عمّار حُوَيّ السّكْسَكِيّ وأبو الغادية المُزَنيّ وقَتَلاه، فقيل لأبي الغادية: كيْفَ قَتَلْتَه؟ قال: لمّا دَلَفَ إلينا في كتيبته ودلفنا إليه، نادى هل من مُبارزٍ، فَبَرَزَ إليه رجلٌ من السكاسك فاضطربا بسيفيهما فقَتَلَ عمّارٌ السّكسكيَّ، ثمّ نادى مَنْ يُبارِز، فَبَرَزَ إليه رجُل من حِمْيَرَ فاضطربا بسيفيهما فقتل عمّار الحميريَّ وأثْخَنَه الحميريّ، ونادى مَنْ يُبارِزُ، فبرزتُ إليه فاختلفنا ضَرْبَتَيْن، وقد كانت يده ضَعُفَتْ فأنْتَحى عليه بضربة أُخرى فسقط فضربتُه بسيفي حتّى بَرَدَ. قال ونادى النّاسُ: قتلتَ أبا اليَقْظان قَتَلَك الله! فقلت اذْهَبْ إليكَ فوالله ما أُبالي من كنتَ، وبالله ما أعرفُه يومئذٍ. فقال له محمّد بن المنْتَشِر: يا أبا الغادية خَصْمُك يوم القيامة مازُنْدَرُ، يعني ضخمًا، قال فضحك، وكان أبو الغادية شيخًا كبيرًا جسيمًا أدْلَمَ، قال: وقال عليّ حين قُتل عمّار: إنّ امْرأ من المسلمين لم يَعْظَمْ عليه قَتُل ابن ياسر وتَدْخُل به عليه المصيبةُ الموجعةُ لَغيرُ رَشيدٍ، رَحِمَ اللهُ عمّارًا يومَ أسْلَمَ، ورحم الله عمّارًا يومَ قُتِلَ، ورحم الله عمّارًا يومَ يُبْعَثُ حيًّا، لقد رأيتُ عمّارًا وما يُُذْكَرُ من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، أربعةٌ إلاّ كان رابعًا ولا خمسةٌ إلاّ كان خامسًا، وما كان أحدٌ من قدماء أصحاب رسول الله يشكّ أنّ عمّارًا قد وَجَبَتْ له الجنّة في غير موطن ولا اثنين، فهَنيئًا لعمّار بالجنّة، ولقد قيل إنّ عمّارًا مع الحقّ والحقّ معه، يَدورُ عمّار مع الحقّ أينما دار، وقاتلُ عمّار في النّار. قال: أخبرنا وكيع بن الجرّاح عن إسماعيل بن أبي خالد عن يحيَى بن عابس قال: قال عمّار ادْفنوني في ثيابي فإني مخاصم. قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: أخبرنا شريك عن أبي إسحاق الشيبانيّ عن مُثْنىّ العَبْديّ عن أشياخٍ لهم شهدوا عمّارًا قال: لا تَغْسِلوا عني دمًا ولا تَحْثوا عليّ تُرابًا فإني مخاصم. قال: أخبرنا عبد الله بن نُمير عن أشعث بن سَوّار عن أبي إسحاق أنّ عليًّا صلّى على عمّار بن ياسر وهاشم بن عتبة، رضي الله عنهما، فجعل عمّار ممّا يليه وهاشمًا أمام ذلك، وكبّر عليهما تكبيرًا واحدًا خمسًا أو ستًّا أو سبعًا، والشكّ في ذلك من أشعث. قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: أخبرنا الحسن بن عُمارة عن أبي إسحاق عن عاصم ابن ضَمْرَة أنّ عليًّا صلّى على عمّار ولم يَغْسِلْه. قال: أخبرنا عُبيد الله بن موسى قال: أخبرنا عبد العزيز بن سِياه عن حبيب بن أبي ثابت قال: قُتل عمّار يومَ قتل وهو مُجْتَمعُ العَقْلِ. قال: أخبرنا عُبيد الله بن موسى والفضل بن دُكين قالا: أخبرنا سعيد بن أوس العبسيّ عن بلال بن يحيَى العبسيّ قال: لمّا حضر حُذيفَةَ الموت، وإنّما عاش بعد قتل عثمان أربعين ليلة، فقيل له يا أبا عبد الله إنّ هذا الرجل قد قُتل، يعني عثمان، فما ترى؟ قال: أمّا إذْ أبَيْتُم فأجْلسوني، فأسْنَدوه إلى صدر رَجُلٍ ثمّ قال: سمعتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يقول: "أبو اليَقْظان على الفِطْرة، أبو اليقظان على الفطرة لن يَدَعَها حتّى يموتَ أو يُنْسِيَه الهَرَمُ".(*) قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: أخبرنا عبد الجبّار بن عبّاس عن أبي إسحاق قال: لمّا قُتل عمّار دخل خُزيمة بن ثابت فسطاطه وطرح عليه سلاحه وشَنّ عليه من الماء فاغتسل ثمّ قاتل حتّى قُتل، رحمه الله. قال: أخبرنا مُعاذ بن مُعاذ قال: أخبرنا ابن عون عن الحسن قال: قال عمرو بن العاص: إني لأرجو ألا يكونَ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ماتَ يومَ ماتَ وهو يُحِبّ رجلًا فيُدْخلَه اللهُ النّارَ، قال: فقالوا قد كنّا نَراهُ يُحِبّك وكان يستعملك، قال فقال الله أعلمُ أحَبّني أم تألّفَني، ولكنّا كنّا نراه يحبّ رجلًا، قالوا: فمن ذلك الرجلُ؟ قال: عمّار بن ياسر، قالوا: فذاك قتيلُكم يومَ صفّين، قال: قد والله قتلناه.(*) قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا العوّام بن حَوْشَب عن عمرو بن مُرّة عن أبي وائل قال: رأى عمرو بن شُرَحْبيل أبو مَيْسَرَة، وكان من أفاضل أصحاب عبد الله، في المنام قال: رأيتُ كأنّي أُدْخِلتُ الجنّة فإذا قِبابٌ مضروبة، فقلت: لمن هذه؟ قالوا: لذي الكَلاع وحوشَب، وكانا ممّن قُتل مع معاوية، قال قلت: فأين عمّار وأصحابه؟ قالوا: أمامك، قال قلت: وقد قَتَلَ بعضهم بعضًا، قيل إنّهم لَقوا الله فوجدوه واسع المَغْفِرَة، قلت: فما فعلَ أهلُ النّهر؟ قيل: لَقُوا برْحا. قال: أخبرنا قبيصة بن عُقبة قال: أخبرنا سفيان عن الأعمش عن أبي الضّحى قال: رأى أبو ميسرة في المنام روضة خضراء فيها قِبابٌ مضروبة فيها عمّار وقباب مضروبة فيها ذو الكلاع، قال قلتُ: كيف هذا وقد اقتتلوا؟ قال: فقيل لي وجدوا ربًّا واسع المغفرة.)) الطبقات الكبير. ((كان قتله في ربيع الأَوّل أَو: الآخر ـــ من سنة سبع وثلاثين)) أسد الغابة. ((تواترت الآثار عن النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم أنه قال: ‏"‏تَقْتُلُ عَمَّارَ الفِئَةُ الْبَاغِيَةُ‏".(*) وهذا من أصحّ الأحاديث. وكانت صِفّين في ربيع الآخر سنة سبع وثلاثين، ودفنه علي رضي الله عنه في ثيابه ولم يغسله‏. وروى أهلُ الكوفة أنه صلّى عليه، وهو مذهبهم في الشّهداء أنهم لا يغسلون، ولكنهم يصلّى عليهم. وكانت سِنُّ عمّار يوم قتل نيفًا على تسعين، وقيل:‏ ثلاثًا وتسعين‏. وقيل‏ إحدى وتسعين. وقيل اثنتين وتسعين سنة‏.)) ((روى الأعمش، عن أبي عبد الرّحمن السّلميّ، قال‏: شهدنا مع عليّ رضي الله عنه صِفْين، فرأيت عمار بن ياسر لا يأخذ في ناحيةٍ ولا وادٍ من أوديةِ صفّين إلا رأيت أصحابَ محمد صَلَّى الله عليه وسلم يتبعونه، كأَنه عَلمٌ لهم، وسمعْتُ عمارًا يقول يومئذ لهاشم بن عقبة‏: يا هاشم، تقدّم، الجنّة تحت الأبارقة، اليوم ألقى الأحبّة‏: محمدًا وحزبه.‏ والله لو هزمونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر لعلمنا انا على الحق وأنهم على الباطل، ثم قال: [الرجز]

نَحْنُ ضَرَبْنَاكُمْ عَلَى تَنْزِيلِِهِ فَاليَوْمَ نَضْرِبْكُمْ عَلَى تَأْوِيلِهِ

ضَرْبًا يُزِيلُ الهَامَ عَنْ مَقِيلِهِ وَيُذْهِلُ الخَلِيلَ عَـنْ خَلِيلِـهِ

أَو يَرْجِعُ الحَقُّ إِلَى سَبِيلِهِ
قال: فلم أر أصحاب محمّد صَلَّى الله عليه وسلم قُتِلوا في موطن ما قتِلوا يومئذ. وقال أبو مسعود وطائفة لحذيفة حين احتضر وأعيد ذكر الفتنة: إذا اختلف النّاس بمن تأَمرنا؟ قال: عليكم بابن سُمَية، فإنه لن يفارق الحقَّ حتى يموت، أو قال: فإنه يدور مع الحقِّ حيث دار. وبعضهم يرفع هذا الحديث عن حذيفة. وروى الشّعبي، عن الأحنف بن قيس في خبرِ صفّين قال: ثم حمَل عمّار فحمل عليه ابن جزء السَّكْسَكي، وأبو الغادية الفزاريّ، فأما أبو الغادية فطعنه، وأما ابن جزء فاحتزّ رأسه... وذكر تمام الحديث، وقد ذكرته فيما خرجْتُ من طرق حديث عمّار: "‏تَقْتُلُكَ الفِئَةُ البَاغِيَةُ"‏‏(*)أخرجه مسلم في الصحيح كتاب الفتن حديث رقم 70، 72، وأحمد في المسند 2 / 161، 5/ 306، 307، 6/ 300، 311، والبيهقي في السنن 8/ 189، والطبراني في الكبير 1/ 300، 5/ 308، وأبو نعيم في الحلية 4/ 172، 361، 7/ 897، وذكره الهندي في كنز العمال حديث رقم 23736، 33549، 33551، 37370، 3739، 37394، 373399..)) ((قال عبد الرّحمن بن أَبْزَى‏: شهدنا مع عليّ رضي الله عنه صِفّين في ثمانمائة ـــ مَنْ بايع بيعة الرّضوان، قُتل منهم ثلاثة وستون، منهم عمار بن ياسر.)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((قال محمّد بن عمر: والذي أُجْمِعَ عليه في قتل عمّار أنّه قُتل، رحمه الله، مع عليّ بن أبي طالب بصفّين في صفر سنة سبع وثلاثين، وهو ابن ثلاث وتسعين سنة، ودُفن هناك بصفّين، رحمه الله ورضي عنه.)) الطبقات الكبير.
الاسم :
البريد الالكتروني :  
عنوان الرسالة :  
نص الرسالة :  
ارسال