1 من 2
تماضر بنت عمرو بن الثريد السلمية. هي الخنساء الشاعرة. تأتي في حرف الخاء المعجمة.
(< جـ8/ص 57>)
2 من 2
خَنْساء بنت عَمْرو بن الشَّرِيد بن ثعلبة بن عُصَية بن خُفاف بن امرئ القيس بن بُهْثة بن سليم السلمية الشاعرة المشهورة، اسمها تماضر، بمثناة فوقانية أوله وضاد معجمة ـــ وفي ذلك يقول دُرَيد بن الصمة حين رآها تَهْنَأ إبلًا لها ثم تجردت واغتسلت فأعجبته فخطبها، فأبت فقال فيها:
حَيُّوا تُمَاضِرَ وارْبَعُوا صَحْبي وَقِفُوا فَإِنَّ وُقُوفَكُمْ حَسْبِي
مَا إِنْ رَأَيْتُ وَلَا سَــمِعْتُ بِهِ كَالْيَوْمِ طَالِي أَيْنقٍ جــــــربِ
مُتَبذِّلًا تَبْدُو مَحَاسِنُـــــــــــهُ يَضَعُ الهِنَاءَ مَوَاضِعَ النُّقْــبِ
أَخُنَاسُ قَدْ هَامَ الفُؤَادُ بِكُمْ
وَاعْتَادَهُ دَاءٌ مِنَ الحُـــــبِّ
[الكامل]
فبلغتها خطبته، فقالت: لا أدع بني عمي الطوال مثل عَوَالي الرماح، وأتزوّج شيخًا، فلما بلغه ذلك قال من أبيات:
وَقَاكِ اللهُ يَا ابْنَةََ آلِ عَمْـــــــــــرٍو مِنَ الفِتْيَانِ أَمْثَالِي وَنَفْسِــــي
وَقَالَتْ إِنَّهُ شَيْـــــــــــــــــــــخٌ كَبِيرٌ وَهَلْ خَبَّرْتُهَا أَنِّي ابْنُ أَمْـــسِ
وَقَدْ عَلِمَ المَرَاضِعُ فِي جُمَادَى إِذَا اسْتَعْجَلْنَ عَن حَزٍّ بِنَهْسٍ
[الوافر]
إلى أن قال:
وَأَنِّي لَا أَبِيتُ بِغَيْرِ نَحْـــــــرٍ وَأَبْدَأُ بالأرَامِلِ حِينَ أُمْسِـــــي
وَأَنِّي لَا يَهِرُّ الكلبُ ضَيْفِي وَلَا جَارِي يَبِيتُ خَبيثَ نَفْسِ
فأجابته بأبيات.
قال أَبُو عُمَرَ: قدمت على النبي صَلَّى الله عليه وسلم مع قومها من بني سليم، فأسلمت معهم، فذكروا أنَّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم كان يستنشدها ويُعجبه شعرُها، وكانت تنشده، وهو يقول: "هيه يا خُناس"، ويومئ بيده.(*)
قالوا: وكانت الخنساء تقول في أول أمرها البيتين أو الثلاثة حتى قُتل أخوها شقيقها معاوية بن عمرو، وقُتل أخوها لأبيها صخر، وكان أحبهما إليها؛ لأنه كان حليمًا جوَادًا محبوبًا في العشيرة؛ كان غزا بني أسد فطعنه أبو ثَور الأسدي طعنةً مرض منها حولًا، ثم مات؛ فلما قتل أخواها أكثرت من الشعر؛ فمن قولها في صخر:
أعَينَيَّ جُوادَا وَلَا تَجْمُـــــدَا أَلَا تَبْكِيَانِ لِصَخْرِ النَّدَى
أَلَا تَبْكِيَانِ الجَرِيءَ، الجَمِيلَ أَلَّا تَبْكِيَانِ الفَتَى السَّيِّدَا
طَويلُ النِّجَادِ عَظِيــــــمُ الرَّمَا دِ سَادَ عَشِيرَتَهُ أَمْــردَا
[المتقارب]
ومن قولها فيه:
وَإِنَّ صَخْرًا لَمَوْلَانَا وَسَيِّدُنَا وَإِنَّ صَخْرًا إِذَا نَشْتُو لَنَحَّارُ
أَشَمُّ أَبْلَجُ يَأْتمُّ الهُــــــدَاةُ بِهِ كَأَنَّهُ عَلَمٌ فِي رَأْسِــــــــــهِ نَارُ
[البسيط]
قال: وأجمع أهلُ العلم بالشعر أنه لم تكن امرأة قبلها ولا بعدها أشعر منها.
وذكر الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، عن محمد بن الحسن المخزومي، وهو المعروف بابن زَبَالة، أحد المتروكين، عن عبد الرحمن بن عبد الله، عن أبيه، عن أبي وَجْزَة، عن أبيه؛ قال: حضرت الخنساء بنت عمرو السلمية حَرْبَ القادسية ومعها بَنُوها أربعة رجال، فذكر موعظتها لهم وتحريضهم على القتالَ، وعدم الفرار؛ وفيها: إنكم أسلمتم طائعين، وهاجرتم مختارين، وإنكم لبنو أبٍ واحد وأم واحدة، ما هجنت أباءكم، ولا فضحت أخوالكم، فلما أصبحوا باشروا القتالَ واحدًا بعد واحد حتى قتلوا، وكل منهم أنشد قبل أن يستشهد رجزًا، فأنشد الأول:
يَا إِخْوَتِي إِنَّ العَجُوزَ النَّاصِحَهْ قَدْ نَصَحَتْنَا إِذْ دَعَتْنَا البَارِحَهْ
بِمَقَالَةٍ ذَاتِ بَيَانٍ وَاضِحَــــــــــهْ وَإِنَّمَا تَلْقَوْنَ عِنْــــــــدَ الصَّائِحَهْ
مِنْ آلِ سَاسَانِ كِلَابًا نَابحَهْ
[الرجز]
وأنشد الثاني:
إِنَّ العَجُوزَ ذَات حَزْمٍ وَجَلَدْ قَدْ أَمَرتنا بِالسدادِ وَالرَّشَدْ
نَصِيحَةً مِنْهَا وَبرًّا بِالوَلَدْ
فَبَاكِرُوا الحَرْبَ حُمَاةً في العَدَدْ
[الرجز]
وأنشد الثالث:
واللهِ لَا نعْصِي العَجُوزَ حَرْفــــــــا نُصْحًا وَبِرًّا صَادِقًا وَلُطْفَا
فَبَادِرُوا الحَرْبَ الضَّرُوسَ زَحْفًا حَتَّى تَلِفُّوا آلَ كِسْــــرَى لَفَّا
[الرجز]
وأنشد الرابع:
لَسْتُ لِخَنْسَاءَ وَلَا لِلَأخْـــــــــــــــــــــــرَمِ وَلَا لِعَمْرٍو ذِي السَّنَاءِ الأقْـــــــــــدَمِ
إِنْ لَمْ أُرَدْ فِي الجَيْشِ جَيْشِ الأعْجِِمِ مَاضٍ عَلَى الهَوْلِ خِضِمٍّ حَضْرَمِي
[الرجز]
وكل من الأسانيد أطول من هذا؛ قال: فبلغها الخبر، فقالت: الحمد لله الذي شرفني بقتلهم، وأرْجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقرّ رحمته.
قالوا: وكان عمر بن الخطاب يعطي الخنساء أرزاقَ أولادها الأربعة حتى قُبض.
قلت: ومن شعرها في أخيها:
أَلَا يَا صَخْرُ لَا أنَْسَاكَ حَتَّـــــــى أُفَارِقَ مُهْجَتِي وَيُشَقَّ رَمْسِي
يُذَكِّرُنِي طُلُوعُ الشَّمْسِ صَخْرًا وَأَبْكِيهِ لِكُلِّ غُرُوبِ شَـــمْسِ
وَلَوْلَا كَثْرةُ البَاكِينَ حَوْلِــــــــــــي عَلَى إخوَانِهِمْ لَقَتَلْتُ نَفْسِـــي
[الوافر]
ومن شعرها فيه:
أَلَا يَا صَخْرُ إِنْ أَبْكَيتَ عَيْنِي فَقَدْ أَضْْحَكتنِي دَهْرًا طَوِيلَا
ذَكَرْتُك فــــــــي نِسَاء مُعْولَاتٍ وَكُنْتُ أَحَقَّ مَنْ أَبْدَى العَوِيلَا
دَفَعْتُ بِكَ الجَلِيلَ وَأَنْتَ حَيٌّ وَمَنْ ذَا يَدْفَعُ الخَطْبَ الجَلِيلَا
إِذَا قَبُحَ البُكَاءُ عَلَـــــى قَتِيلٍ رَأَيْتُ بُكَاءَكَ الحسَنَ الجَمِيلَا
[الوافر]
وَيقال إنها دخلت على عائشة وعليها صِدَار من شعر؛ فقالت لها: يا خنساء، هذا نهى رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم عنه فقالت: ما علمت، ولكن هذا له قصة؛ زوّجني أبي رجلًا مبذّرًا فأذهب ماله، فأتيتُ إلى صخر فقسم ماله شطرين، فأعطاني شطرًا خيارًا، ثم فعل زَوْجي ذلك مرة أخرى، فقسم أخي ماله شطرين فأعطاني [[خيرهما]]؛ فقالت له امرأته: أما ترضى أن تعطيها النصف حتى تعطيها الخيار؛ فقال:
وَاللهِ لَا أَمْنَحُهَا شِـــــــــــرَارَهَا وَهِيَ الَّتِي أَرْحَضُ عني عارها
وَلَوْ هَلَكْتُ خَرَّقَتْ خِمَارَهَا وَاتَّخَذَتْ مِنْ شَعَــــرٍ صِدَارَهَا
[الرجز]
(< جـ8/ص 109>)