تسجيل الدخول


خنساء بنت عمرو بن الشريد بن ثعلبة بن عصية بن خفاف بن امرئ القيس بن...

خَنْساء بنتُ عَمْرو بن الشَّرِيد، وهي: تماضر بنت عمرو بن الثريد السَّلَمية، الشاعرة:
ذكر هشام بن الكلبي أن أخويها هما صخر، ومعاوية. وقال ابن حجر العسقلاني: ومن شعرها في أخيها:
أَلَا يَا صَخْرُ لَا أنَْسَاكَ حَتَّى أُفَارِقَ مُهْجَتِي وَيُشَقَّ رَمْسِي
يُذَكِّرُنِي طُلُوعُ الشَّمْسِ صَخْرًا وَأَبْكِيهِ لِكُلِّ غُرُوبِ شَـــمْسِ
وَلَوْلَا
كَثْرةُ
البَاكِينَ
حَوْلِي عَلَى إخوَانِهِمْ لَقَتَلْتُ نَفْسِـــي
ومن شعرها فيه:
أَلَا يَا صَخْرُ إِنْ أَبْكَيتَ عَيْنِي فَقَدْ أَضْْحَكتنِي دَهْرًا طَوِيلَا
ذَكَرْتُك
في
نِسَاء مُعْولَاتٍ وَكُنْتُ أَحَقَّ مَنْ أَبْدَى العَوِيلَا
دَفَعْتُ بِكَ الجَلِيلَ وَأَنْتَ حَيٌّ وَمَنْ ذَا يَدْفَعُ الخَطْبَ الجَلِيلَا
إِذَا قَبُحَ البُكَاءُ عَلَى قَتِيلٍ رَأَيْتُ بُكَاءَكَ الحسَنَ الجَمِيلَا
َيقال: إنها دخلت على عائشة وعليها صِدَار من شعر؛ فقالت لها: يا خنساء، هذا نهى رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم عنه، فقالت: ما علمت، ولكن هذا له قصة؛ زوّجني أبي رجلًا مبذّرًا فأذهب ماله، فأتيتُ إلى صخر فقسم ماله شطرين، فأعطاني شطرًا خيارًا، ثم فعل زَوْجي ذلك مرة أخرى، فقسم أخي ماله شطرين فأعطاني خيرهما؛ فقالت له امرأته: أما ترضى أن تعطيها النصف حتى تعطيها الخيار؛ فقال:
وَاللهِ
لَا
أَمْنَحُهَا شِرَارَهَا وَهِيَ الَّتِي أَرْحَضُ عني عارها
وَلَوْ هَلَكْتُ خَرَّقَتْ خِمَارَهَا وَاتَّخَذَتْ مِنْ شَعَرٍ صِدَارَهَا
قال دُرَيد بن الصمة حين رآها تَهْنَأ إبلًا لها، ثم تجردت واغتسلت؛ فأعجبته فخطبها، فأبت، فقال فيها:
حَيُّوا تُمَاضِرَ وارْبَعُوا صَحْبي وَقِفُوا فَإِنَّ وُقُوفَكُمْ حَسْبِي
مَا إِنْ رَأَيْتُ وَلَا سَــمِعْتُ بِهِ كَالْيَوْمِ طَالِي أَيْنقٍ جربِ
مُتَبذِّلًا
تَبْدُو
مَحَاسِنُـهُ يَضَعُ الهِنَاءَ مَوَاضِعَ النُّقْبِ
أَخُنَاسُ قَدْ هَامَ الفُؤَادُ بِكُمْ وَاعْتَادَهُ دَاءٌ مِنَ الحُبِّ
فبلغتها خطبته، فقالت: لا أدعُ بني عمي الطوال مثل عَوَالي الرماح، وأتزوّج شيخًا، فلما بلغه ذلك قال من أبيات:
وَقَاكِ اللهُ يَا ابْنَةََ آلِ عَمْرٍو مِنَ الفِتْيَانِ أَمْثَالِي وَنَفْسِي
وَقَالَتْ
إِنَّهُ
شَيْخٌ
كَبِيرٌ وَهَلْ خَبَّرْتُهَا أَنِّي ابْنُ أَمْسِ
وَقَدْ عَلِمَ المَرَاضِعُ فِي جُمَادَى إِذَا اسْتَعْجَلْنَ عَن حَزٍّ بِنَهْسٍ
إلى أن قال:
وَأَنِّي لَا أَبِيتُ بِغَيْرِ نَحْرٍ وَأَبْدَأُ بالأرَامِلِ حِينَ أُمْسِي
وَأَنِّي لَا يَهِرُّ الكلبُ ضَيْفِي وَلَا جَارِي يَبِيتُ خَبيثَ نَفْسِ
فأجابته بأبيات.
ذكر الزّبير بن بكّار: عن أبي وجزة، عن أبيه، قال:‏ حضرت الخنساء بنت عمرو بن الشَّريد السّلمية حَرْبَ القادسيّة ومعها بنوها أربعة رجال، فقالت لهم مِنْ أول اللّيل:‏ يا بَنِي؛ إنكم أسلمْتُمْ طائعين، وهاجرْتُمْ مختارين، ووالله الذي لا إله إلّا هو إنكم لبَنُوا رجلٍ واحد، كما أنكم بنو امرأة واحدة ما خُنْت أباكم، ولا فضحْتُ خالكم، ولا هجّنْتُ حسبَكم، ولا غَبَّرْتُ نسَبَكم، وقد تعلمون ما أعَدّ الله للمسلمين من الثّواب الجزيل في حَرْب الكافرين‏. واعلموا أنّ الدّار الباقية خَيْرٌ مِن الدّار الفانية، يقول الله تعالى‏: ‏{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}‏ [آل عمران 200].‏ فإذا أصبحْتُمْ غدًا إِن شاء الله سالمين؛ فاغْدُوا إلى قتالِ عدوّكم مستبصرين، وبالله على أعدائه مستَنْصِرين، فإذا رأيتُم الحرب قد شمَرَّتْ عن ساقها، واضطرمت لظى على سياقها، وجللت نارًا على أوراقها، فتيمَّمُوا وَطِيسها، وجالدُوا رئيسها عند احتدامِ خميسها؛ تظْفُروا بالغُنْم والكرامة في دار الخلد والمقامة. فخرج بنوها قابلين لنُصْحها، عازمين على قولها. فلما أضاء لهم الصّبْح باكَرُوا مراكزهم وأنشأ أولهم يقول:
يَا إِخْوَتِي إَنَّ العَجُوزَ النَّاصِحَهْ قَدْ نَصَحَتْنَا إِذْ دَعَتْنَا البَارِحَهْ
مَقَالةًً
ذَاتَ
بَيَانٍ
وَاضِحَهْ فَبَاكِرُوا الحَرْبَ الضّرُوسَ الكَالِحَهْ
وَإِنَّمَا
تَلْقَوْنَ عِنْدَ
الصَّائحَهْ مِنْ آلِ سَاسَانَ الكِلَابَ النَّابِحَهْ
قَدْ أَيْقََنُوا مِنْكُمْ بِوَقْعِ الجَائِحَهْ وَأَنْتُمُ
بَيْنَ
حَيَاةٍ
صَالِحَهْ
أَوْ مَيْتَةٍ
تُورِثُ غُنْمًا رَابِحَهْ
وتقدّم فقاتل حتى قتل رحمه الله، ثم حمل الثاني، وهو يقول:‏
إِنَّ العَجُوزَ ذَاتُ حزْمٍ وَجَلَدْ وَالنَّظَرِ
الأَوْفَقِ وَالرَّأْيِ
السَّدَدْ
وَقَدْ أَمَرَتْنَا بالسَّدَادِ وَالرَّشَدْ نَصِيحَةً
مِنْهَـا
وَبِرًّا
بِالوَلَدْ
فَبَاكِرُوا الحَرْبَ حُمَاةً فِي العَدَدْ إِمَّا
لِفَوْزٍ
بِارِدٍ
عَلَى الكَبدْ
أَوْ مَيْتَةً
تورِثُكُمْ
عِزَّ
اْلأَبَدُ فِي جَنَّةِ الفِرْدَوسِ وَالعيْشِ الرَّغِدْ
فقاتل حتى استشهد رحمه الله، ثم حمل الثالث، وهو يقول:
وَاللَّهِ لَا نَعْصِي العَجُوزَ حَرْفًا قَدْ
أَمَرَتْنَا
حَدَبًا
وَعَطْفَا
نُصْحًا وَبِرًّا صَادِقًا وَلُطْفَا فَبَادِرُوا الحَرْبَ الضّرُوسَ زَحْفَا
حَتَّى تَلُفُّوا آلَ كِسْرَى لَفَّا أَوْ تَكْشِفُوهُمْ عَنْ حِمَاكُمْ كَشْفَـا
إِنَّا نَرَى التَّقْصِيرَ مِنْكُمْ ضَعْفَ وَالقَتْلَ
فِيْكُـمْ
نَجْدَةً
وَزُلْفَى
فقاتل حتى استشهد رحمه الله‏، ثم حمل الرابع وهو يقول:‏
لَسْتُ
لِخنْسَاءَ
وَلَا
لِلأَخْرَمِ وَلَا لِعَمْرٍو ذِي السَّنَاءِ الأَقْدَمِ
إِنْ لَمْ أُرَدْ فِي الجَيْشِ جَيْشِ الأَعْجَمِ مَاضٍ عَلَى الهَوْلِ خِضِمٍّ خَضَرمِ
إِمَّا
لِفَوْزٍ عَاجِلٍ وَمَغْنَمِ أَوْ
لِوَفَاةٍ فِي
السَّبِيلِ الأَكْرَمِ
فقاتل حتى قُتل رضي الله عنه وعن إخوته، فبلغَها الخبر فقالت‏: الحمد لله الذي شَرَّفني بقتلهم، وأرجو من ربي أن يَجْمعِني بهم في مستقرِّ رحمته‏، وكان عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه يُعْطي الخنساء أرزاقَ أولادها الأربعة لكل واحد مائتي درهم حتى قُبِض رضي الله عنه.
قال أَبُو عُمَرَ: قَدِمَت على النبي صَلَّى الله عليه وسلم مع قومها من بني سليم، فأسلمت معهم، فذكروا أنَّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم كان يستنشدها ويُعجبه شعرُها، وكانت تنشده، وهو يقول: "هيه يا خُناس"، ويومئ بيده(*). قالوا: وكانت الخنساء تقول في أول أمرها البيتين أو الثلاثة حتى قُتِل أخوها شقيقُها معاوية بن عمرو، وقُتل أخوها لأبيها صخر، وكان أحبَّهما إليها؛ لأنه كان حليمًا جوَادًا محبوبًا في العشيرة؛ كان غزا بني أسد، فطعنه أبو ثَور الأسدي طعنةً مرض منها حولًا، ثم مات؛ فلما قُتِل أخواها أكثرت من الشعر؛ فمن قولها في صخر:
أعَينَيَّ جُوادَا وَلَا تَجْمُـــــدَا أَلَا تَبْكِيَانِ لِصَخْرِ النَّدَى
أَلَا تَبْكِيَانِ الجَرِيءَ، الجَمِيلَ أَلَّا تَبْكِيَانِ الفَتَى السَّيِّدَا
طَويلُ النِّجَادِ عَظِيــــــمُ الرَّمَا دِ سَادَ عَشِيرَتَهُ أَمْــردَا
ومن قولها فيه:
وَإِنَّ صَخْرًا لَمَوْلَانَا وَسَيِّدُنَا وَإِنَّ صَخْرًا إِذَا نَشْتُو لَنَحَّارُ
أَشَمُّ أَبْلَجُ يَأْتمُّ الهُدَاةُ بِهِ كَأَنَّهُ عَلَمٌ
فِي رَأْسِهِ نَارُ
قال: وأجمع أهلُ العلم بالشعر أنه لم تكن امرأة قبلها ولا بعدها أشعر منها.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال