تسجيل الدخول


خنساء بنت عمرو بن الشريد بن ثعلبة بن عصية بن خفاف بن امرئ القيس بن...

1 من 2
خنساء بنت عمرو السلمية:

خَنساء بنت عَمْرو بن الشَّريد الشّاعرة السّلمية.‏ وهو الشّريد بن رباح بن ثعلبة بن عُصَّة بن خُفَاف بن امرئ القيس بن بُهْثَة بن سُليم.‏ قدمت على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم مع قومها من بني سليم فأسلمت معهم، فذكروا أنّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم كان يستنشدها فيُعْجِبُه شِعْرُها، وكانت تُنْشِده، وهو يقول:‏ ‏"‏هيه يا خُنَاس‏"‏‏، أو يُومي بيده‏.(*) قالوا‏: وكانت الخنساءُ في أول أمرها تقول البيتين والثّلاثة، حتى قُتِل أخوها لأبيها وأُمها معاوية بن عمرو، قتله هاشم وزيد المرّيان؛ وصخر أخوها لأبيها، وكان أحبّهما إليها، لأنه كان حَليمًا جَوَادًا محبوبًا في العشيرة، وكان غَزَا بني أسَد فطعنه أبو ثور الأسديّ، فمرض منها قريبًا من حَوْل ثم مات؛ فلما قُتل أخواها أكثرت من الشّعر، وأجادت؛ فمن قولها في صخر أخيها:‏ [المتقارب]:

أَعَينَيَّ جُودَا وَلَا تَجْمُدَا أَلَا تَبْكِيَانِ لِصَخْرِ النَّدَى

أَلَا تَبْكِيَانِ الجَرِيءَ الجَمِيلَ أَلَا تَبْكِيَانِ الفَتَى السَّيِّدَا

طَوِيلَ العِمَادِ عَظِيمَ الرَّمَا دِ سَادَ عَشِيرَتَهُ أَمْرَدَا

ومن قولها أيضًا في صخر أخيها: [البسيط]:‏‏

أَشَمُّ أَبْلَجُ يَأْتَمُّ الهُدَاةُ بِهِ كَأَنَّهُ عَلَمٌ فِي رَأْسِهِ نَارُ

وأجمع أهلُ العلم بالشّعر أنه لم يكن امرأة قطّ قبلها ولا بعدها أشْعر منها، وقالوا: اسم الخنساء تُمَاضِر.

ذكر الزّبير بن بكّار، عن محمد بن الحسن المخزوميّ، عن عبد الرّحمن بن عبد الله، عن أبيه، عن أبي وجزة، عن أبيه، قال:‏ حضرت الخنساء بنت عمرو بن الشَّريد السّلمية حَرْبَ القادسيّة ومعها بنوها أربعة رجال، فقالت لهم مِنْ أول اللّيل:‏ يا بني؛ إنكم أسلمْتُمْ طائعين، وهاجرْتُمْ مختارين، ووالله الذي لا إله إلّا هو إنك لبَنُوا رجلٍ واحد، كما أنكم بنو امرأة واحدة ما خُنْت أباكم، ولا فضحْتُ خالكم، ولا هجّنْتُ حسبَكم، ولا غَبَّرْتُ نسَبَكم، وقد تعلمون ما أعَدّ الله للمسلمين من الثّواب الجزيل في حَرْب الكافرين‏. واعلموا أنّ الدّار الباقية خَيْرٌ مِن الدّار الفانية، يقول الله تعالى‏: ‏{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}‏ [آل عمران 200].‏ فإذا أصبحْتُمْ غدًا إِن شاء الله سالمين فاغْدُوا إلى قتالِ عدوّكم مستبصرين، وبالله على أعدائه مستَنْصِرين، فإذا رأيتُم الحرب قد شمَرَّتْ عن ساقها، واضطرمت لظى على سياقها، وجللت نارًا على أوراقها، فتيمَّمُوا وَطِيسها، وجالدُوا رئيسها عند احتدامِ خميسها تظْفُروا بالغُنْم والكرامة في دار الخلد والمقامة. فخرج بنوها قابلين لنُصْحها، عازمين على قولها. فلما أضاء لهم الصّبْح باكَرُوا مراكزهم وأنشأ أولهم يقول: [الرجز]‏‏

يَا إِخْوَتِي أَنَّ العَجُوزَ النَّاصِحَهْ قَدْ نَصَحَتْنَا إِذْ دَعَتْنَا البَارِحَهْ

مَقَالةًً
ذَاتَ
بَيَانٍ
وَاضِحَهْ فَبَاكِرُوا الحَرْبَ الضّرُوسَ الكَالِحَهْ

وَإِنَّمَا
تَلْقَوْنَ عِنْدَ
الصَّائحَهْ مِنْ آلِ سَاسَانَ الكِلَابَ النَّابِحَهْ

قَدْ أَيْقََنُوا مِنْكُمْ بِوَقْعِ الجَائِحَهْ وَأَنْتُمُ
بَيْنَ
حَيَاةٍ
صَالِحَهْ

أَوْ مَيْتَةٍ
تُورِثُ غُنْمًا رَابِحَهْ

وتقدّم فقاتل حتى قتل رحمه الله. ثم حمل الثاني، وهو يقول:‏ [الرجز]‏

إِنَّ العَجُوزَ ذَاتُ حزْمٍ وَجَلَدْ وَالنَّظَرِ
الأَوْفَقِ وَالـرَّأْيِ
السَّدَدْ

وَقَدْ أَمَرَتْنَا بالسَّدَادِ وَالرَّشَدْ نَصِيحَةً
مِنْهَـا
وَبِرًّا
بِالوَلَدْ

فَبَاكِرُوا الحَرْبَ حُمَاةً فِي العَدَدْ إِمَّا
لِفَوْزٍ
بِارِدٍ
عَلَى الكَبدْ

أَوْ مَيْتَةً
تورِثُكُمْ
عِزَّ
اْلأَبَدُ فِي جَنَّةِ الفِرْدَوسِ وَالعيْشِ الرَّغِدْ

فقاتل حتى استشهد رحمه الله، ثم حمل الثالث، وهو يقول: [الرجز]

وَاللَّهِ لَا نَعْصِي العَجُوزَ حَرْفًا قَدْ
أَمَرَتْنَا
حَدَبًا
وَعَطْفَا

نُصْحًا وَبِرًّا صَادِقًا وَلُطْفَا فَبَادِرُوا الحَرْبَ الضّرُوسَ زَحْفَا

حَتَّى تَلُفُّوا آلَ كِسْرَى لَفَّا أَوْ تَكْشِفُوهُمْ عَنْ حِمَاكُمْ كَشْفَـا

إِنَّا نَرَى التَّقْصِيرَ مِنْكُمْ ضَعْفَا وَالقَتْلَ
فِيْكُـمْ
نَجْدَةً
وَزُلْفَى

فقاتل حتى استشهد رحمه الله‏. ثم حمل الرابع وهو يقول:‏ [الرجز]‏

لَسْتُ
لِخنْسَاءَ
وَلَا
لِلأَخْرَمِ وَلَا لِعَمْرٍو ذِي السَّنَاءِ الأَقْدَمِ

إِنْ لَمْ أُرَدْ فِي الجَيْشِ جَيْشِ الأَعْجَمِ مَاضٍ عَلَى الهَوْلِ خِضِمٍّ خَضَرمِ

إِمَّا
لِفَوْزٍ عَاجِلٍ وَمَغْنَمِ أَوْ
لِوَفَاةٍ فِي
السَّبِيلِ الأَكْرَمِ

فقاتل حتى قُتل رضي الله عنه وعن إخوته‏.

فبلغَها الخبر فقالت‏: الحمد لله الذي شَرَّفني بقتلهم، وأرجو من ربي أن يَجْمعِني بهم في مستقرِّ رحمته‏. وكان عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه يُعْطي الخنساء أرزاقَ أولادها الأربعة لكل واحد مائتي درهم حتى قُبِض رضي الله عنه.
(< جـ4/ص 387>)‏
2 من 2
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال