أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط الأموية
روى ربيعة بن عثمان، وقدامة قالا: لا نعلم قرشية خرجت من بين أبويها مسلمةً مهاجرةً إلا أم كلثوم، قالت: كنت أخرج إلى بادية لنا فيها أهلي فأقيم بها الثلاث والأربع ــ وهي ناحية التنعيم ــ ثم أرجع إلى أهلي فلا ينكرون ذهابي البادية، حتى أجمعتُ المسير، فخرجت يومًا من مكة كأني أريد البادية، فلما رجع من تَبِعَنِي إذا رجلٌ من خزاعة قال: أين تريدين؟ قلت: ما مسألتك؟ ومن أنت؟ قال: رجل من خزاعة، فلما ذكر خزاعة اطمأننت إليه لدخول خزاعة في عهد رسول الله وعقده، فقلت: إني امرأة من قريش، وإني أريد اللحوق برسول الله، ولا علم لي بالطريق، فقال: أنا صاحبك حتى أوردك المدينة، ثم جاءني ببعير فركبته، فكان يقود بي البعير، ولا والله ما يكلمني بكلمة، حتى إذا أناخ البعير تنحى عني، فإذا نزلت جاء إلى البعير فقيده بالشجرة، وتنحى إلى فىء شجرة، حتى إذا كان الرواح حدج البعير فقربه، وولى عني، فإذا ركبت أخذ برأسه فلم يلتفت وراءه حتى أنزل، فلم يزل كذلك حتى قدمنا المدينة فجزاه الله من صاحب خيرًا، فدخلت على أم سلمة وأنا متنقبة فما عرفتني حتى انتسبت، وكشفت النقاب فالتزمتني وقالت: هاجرتِ إلى الله عز وجل وإلى رسول الله؟، قلت: نعم، وأنا أخاف أن يردني كما رد أبا جندل، وأبا بصير، وحال الرجال ليس كحال النساء، والقوم مصبحي قد طالت غيبتي اليوم عنهم خمسة أيام منذ فارقتهم وهم يتحينون قدر ما كنت أغيب ثم يطلبوني فإن لم يجدوني رحلوا، فدخل رسول الله على أم سلمة، فأخبرته خبر أم كثلوم، فرحب بها وسهل، فقلت: إني فررت إليك بديني؛ فامنعني ولا تردني إليهم يفتنوني ويعذبوني ولا صبر لي على العذاب؛ إنما أنا امرأةٌ وضَعْفُ النساء إلى ما تعرف، وقد رأيتك رددت رجلين حتى امتنع أحدهما، فقال: إن الله عز وجل قد نقض العهد في النساء، وحكم في ذلك بحكم رضوه كلهم وكان يرد النساء، فقدم أخواها الوليد، وعمارة من الغد فقالا: أوفِ لنا بشرطنا وما عاهدتنا عليه، فقال: قد نقص الله العهد، فانصرفا، قلت: وأعلم أن نقض العهد في النساء معناه نزول الامتحان في حقوقهن، فامتحنها رسول الله، وامتحن النساء بعدها؛ وذلك أنه كان يقول لهن: والله ما أخرجكن إلا حب الله، ورسوله، والإسلام وما خرجتن لزوجٍ ولا مالٍ، فإذا قلنا ذلك تركهن ولم يرددن إلى أهليهن.