1 من 2
النعمان بن عمرو:
النّعمان بن عمرو بن رفاعة بن سَواد. ويقال رفاعة بن الحارث بن سواد بن مالك بن غَنْم بن مالك بن النّجار. شهد بَدْرًا، يقال له نُعيمان، شهد العقَبة الآخرة، وهو من السبّعين فيها في قول ابن إسحاق، وشهد بَدْرًا والمشاهد كلّها مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم. قال الواقديّ: بقي نعيمان حتى تُوَفّي في خلافة معاوية. قال أبو عمر: أظنُّه صاحب أبي بكر وسويبط رضي الله عنهم، وأظنَّ أنه الذي جلد في الخمر أكْثَر من خمس مِرار.
(< جـ4/ص 66>)
2 من 2
نعيمان بن عمرو:
نُعيمان بن عمرو بن رفاعة بن الحارث بن سواد بن مالك بن غَنْم بن مالك بن النّجّار، شهد بَدرًا، وكان من قدماء الصّحابة وكبرائهم، وكانت فيه دعابة زائدة. وله أخبارٌ ظريفة في دعابته، منها خَبَرُه مع سُويبط بن حرملة.
أنبأنا عبد الله بن محمد، حدّثنا محمد جعفر، حدّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدّثنا روح، حدّثنا زمعة بن صالح، سمعْتُ ابن شهاب يحدثُ عن عبد الله بن وهب بن زمعة، عن أم سلمة أن أبا بكر خرج تاجرًا إلى بصرى، ومعه نعيمان وسويبط بن حرملة، وكلاهما بَدْرِيّ، وكان سويبط على الزّاد، فجاءه نعيمان، فقال: أطْعِمْني. فقال: لا، حتى يجيء أبو بكر ـــ وكان نعيمان رجلًا مِضْحاكًا مَزَّاحًا، فقال: لأغيظنَّك، فذهب إلى ناسٍ جلبوا ظهرًا، فقال: ابتاعُوا مني غلامًا عربيًّا فارهًا، وهو ذو لسان، ولعله يقول: أنا حُرٌّ؛ فإن كنتم تاركيه لذلك فدَعُوه، لا تُفْسِدوا عليَّ غلامي. فقالوا: بل نبتاعه منك بعشرة قلائص. فأَقْبل بها يسوقها، وأقبل بالقوم حتى عقلها، ثم قال: دونكم هو هذا. قال: فجاء القوم، فقالوا: قد اشتريناك. فقال سويبط: هو كاذب، أنا رجلُ حرٌّ. قالوا: قد أخبرنا خبرَك، فطرحوا الحبل في رقبته، فذهبوا به، وجاء أبو بكر. فأُخْبر، فذهب هو وأصحابٌ له فردُّوا القلائص، وأخذوه، فضحك النبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم وأصحابه من ذلك حَوْلا.(*)
وروي عنها قالت: خرج أبو بكر الصّدْيق قبل وفاة النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم بعامٍ في تجارةٍ إلى بصرى، ومعه نعيمان بن عمرو الأنصاريّ، وسليط بن حرملة، وهما ممَّنْ شهد بَدْرًا مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وكان سليط بن حرملة على الزْاد، وكان نعيمان بن عمرو مَزَّاحًا، فقال لسليط أطْعِمْني. فقال: لا أُطْعِمك حتى يأتي أبو بكر. فقال نعيمان لسويبط: لأغيظنّك. فمرُّوا بقوم. فقال نعيمان لهم: تشترون مني عَبْدًا؟ قالوا: نعم. قال: إنه عَبْدٌ له كلام، وهو قائل لكم: لسُتْ بِعَبْدٍ، وأنا ابنُ عمه. فإن كان إذا قال لكم هذا تركتموه فلا تشتروه، ولا تُفْسِدُوا عليَّ عبدي. قالوا: لا، بل نشتريه، ولا ننظر إلى قوله. فاشْتَرَوْه منه بعشر قلائص. ثم جاءُوا ليأخذوه، فامتنع منهم فوضعوا في عنقه عمامة، فقال لهم: إنه يتهزأُ، ولسْتُ بعبده. فقالوا: قد أخْبَرَنا خبرَك. ولم يسمعوا كلامه؛ فجاء أبو بكر فأُخْبرِ خَبره، فاتَّبَع القَوْم، فأخبرهم أنه يمزح وردَّ عليهم القلائص، وأخذ سليطًا منهم، فلما قدموا على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أخبره الخبر، فضحك من ذلك رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم حَوْلًا.(*) قال الزّبير: وأكثر.
قال أبو عمر: هكذا في خبر الزّبير هذا: سليط بن حرملة، وهذا خطأ؛ إنما هو سويبط بن حرملة من بني عبد الدّار، بَدْري، ثم قال بعد: سليط بن عمرو، فأخطأ أيضًا.
وبالإسناد عن الزّبير، قال: حدّثني مصعب، عن جَدّي عبد الله بن مصعب، عن ربيعة بن عثمان، قال: جاء أعرابيّ إلى النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فدخل المسجد، وأناخ ناقته بفنائه، فقال بعض أصحابِ النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم لنعيمان بن عمرو الأنصاريّ ـــ وكان يقال له النعيمان: لو نحرتها فأكلناها، فإنا قد قَرمْنا إلى اللّحم، ويغرم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ثمنها قال: فنحرها النّعيمان، ثم خرج الأعرابي، فرأى راحِلَتَه، فصاح واعقراه يا محمد! فخرج النبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: "مَنْ فَعَلَ هَذَا"؟ قالوا: النعيمان، فاتبعه يسألُ عنه، فوجده في دارِ ضباعة بنت الزّبير ابن عبد المطّلب، قد اختفى في خَنْدَق، وجعل عليه الجريد والسّعف، فأشار إليه رجل، ورفع صوته يقول: ما رأيته يا رسولَ الله، وأشار بإصبعه حيث هو، فأخرجه رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم، وقد تغيَّرَ وجهه بالسّعف الذي سقط عليه، فقال: "ما حملك على ما صنعت؟" قال: الذين دَلّوك عليَّ يا رسول الله هم الذين أمروني.(*) قال: فجعل رسول الله صَلَّى الله عليه يمسح عن وجهه ويضحك. قال: ثم غرمها رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم.
قال الزّبير: وحّدثني عمِّي مُصْعب بن عبد الله، عن جدي عبد الله بن مصعب، قال: كان مخرمة بن نوفل بن أهيب الزّهري شيخًا كبيرًا بالمدينة أعمى، وكان قد بلغ مائة وخمس عشرة سنة، فقام يومًا في المسجد يريد أَنْ يبول، فصاح به النّاس؛ فأتاه نعيمان بن عمرو بن رفاعة بن الحارث بن سواد النّجاري فتنحىّ به ناحية من المسجد، ثم قال: اجلس ها هنا، فأَجْلَسه يَبُول وتركه، فبال، وصاح به النّاسُ. فلما فرغ قال: مَنْ جاء بي ويحكم في هذا الموضع؟ قالوا له: النّعيمان بن عمرو. قال: فعل الله به وفعل، أما إِنَّ لله عليَّ إِنْ ظفرت به أَنْ أضْرِبه بعصاي هذه ضربة تبلغ منه ما بلغت. فمكث ما شاء اللَّهُ حتى نسي ذلك مخرمة، ثم أتاه يومًا وعثمانُ قائمٌ يصلِّي في ناحية المسجد، وكان عثمان إذا صَلّى لم يلتفت، فقال له: هل لك في نعيمان؟ قال: نعم. أين هو؟ دُلَّني عليه! فأَتى به حتى أوقفه على عثمان، فقال: دونك هذا هو، فجمع مخرمة يديه بعصاه فضرب عثمان فشجَّه، فقيل له: إنما ضربْتَ أميرَ المؤمنين عثمان؛ فسمِعَتْ بذلك بنو زهرة، فاجتمعوا في ذلك، فقال عثمان: دَعُوا نعيمان، لعن الله نعيمان، فقد شهد بَدرًا.
قال الزّبير: وحدّثني يحيى بن محمد، قال: حدْثني يعقوب بن جعفر بن أبي كثير، حدّثنا أبو طوالة الأنصاريّ، عن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، قال: كان بالمدينة رجل يقال له نعيمان يَصِيب الشّراب، فكان يُؤْتي به النّبي صَلَّى الله عليه وسلم فيضربه بنعله، ويأمر أصحابه فيضربونه بنعالهم، ويَحْثُون عليه التّراب، فلما كثر ذلك منه قال له رجل من أصحاب النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم: لعنك الله فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "لَا تَفْعَلْ، فَإِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ" (*) ذكره ابن حجر في فتح الباري 12/77، والزبيدي في اتحاف السادة المتقين 7/502.، قال: وكان لا يدخل في المدينة رسل ولا طرفة إلا اشترى منها، ثم جاء به إلى النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، هذا هديّة لك، فإِذا جاء صاحبه يطلب ثمنه من نعيمان جاء به إلى النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: "أَعْطِ هَذَا ثَمَنَ هَذَا"، فيقول رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "أَوَ لَمْ تُهْدِهِ لِي"؟ فيقول: يا رسول الله، لم يكن عندي ثمنه، وأحببت أن تأكله، فيضحك النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم ويأمر لصاحبه بثمنه.
قال أبو عمر: كان نعيمان رجلًا صالحًا على ما كان فيه من دعابة، وكان له ابنٌ قد انهمك في شُرْبِ الخمر، فجلده رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فيها أربع مرات، فلعنه رجُلٌ كان عند رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "لَا تَلْعَنْه، فَإِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ"(*) أخرجه عبد الرازق في المصنف حديث رقم 13552، 17082، وذكره ابن كثير في البداية والنهاية 8/70، والزبيدي في اتحاف السادة المتقين 9/620، والهندي في كنز العمال حديث رقم 13749.. وفي جَلْدِ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إياه في الخمر أربع مرات نَسْخٌ لقوله عليه السَّلام: "فَإِنْ شَرِبَهَا الرَّابِعَةَ فَاقْتُلُوهُ". يقال: إنه مات في زمن معاوية، ويقال: بل ابنه الذي مات في زمن معاوية.
(< جـ4/ص 87>)