1 من 3
بُرَيْرُ بْنُ جُنْدَبٍ
بُرَيْر بن جُنْدَب. وقيل: ابن عِشْرِقَةَ أبو ذَر الغِفَارِيّ؛ قد اختلف في اسمه، وسيرد ذكره في جندب، وفي الكنى إن شاء الله تعالى.
برير: بضم الباء وفتح الراء، وبعد الياء تحتها نقطتان، راء ثانية،
(< جـ1/ص 370>)
2 من 3
جُنْدَبُ بْنُ جُنَادَةَ
(ب د ع) جُنْدَبُ بنُ جُنَادةَ بن سُفيان بن عُبيْد بن حرَام بن غِفار بن مُليل بن ضَمْرة ابن بكر بن عبد مناة بن كنانة بن خُزَيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر، وقيل غير ذلك، أبو ذر الغفاري، ويرد في الكنى إن شاء الله تعالى. أسلم والنبي صَلَّى الله عليه وسلم بمكة أول الإسلام، فكان رابع أربعة، وقيل: خامس خمسة، وقد اختلف في اسمه ونسبه اختلافًا كثيرًا، وهو أول من حيا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بتحية الإسلام، ولما أسلم رجع إلى بلاد قومه، فأقام بها حتى هاجر النبي صَلَّى الله عليه وسلم فأتاه بالمدينة، بعد ما ذهبت بدر وأُحد والخندق، وصحبه إلى أن مات، وكان يعبد الله قبل مبعث النبي صَلَّى الله عليه وسلم بثلاث سنين، وبايع النبي صَلَّى الله عليه وسلم على أن لا تأخذه في الله لومة لائم، وعلى أن يقول الحق، وَإِنْ كَانَ مرًّا.
أخبرنا إبراهيم بن محمد، وإسماعيل بن عبيد الله، وأبو جعفر بن السمين بإسنادهم إلى أبي عيسى الترمذي قال: حدثنا محمود بن غيلان، حدثنا ابن نمير، عن الأعمش، عن عثمان بن عمير هو أبو اليقظان، عن أبي حرب، عن أَبِي الأَسْوَدِ الدِّيلي، عن عبد الله بن عمرو، قال: سمعت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول: "مَا أَظَلَّتِ الخَضْرَاءُ، وَلَا أَقَلَّتِ الغَبْرَاءُ أَصْدَقَ مِنْ أَبِي ذَرٍّ"(*)أخرجه الترمذي في السنن 5 / 628 كتاب المناقب (50) باب مناقب أبي ذر رضي الله عنه (36) حديث رقم 3801 وقال حديث حسن..
وروي أن النبي صَلَّى الله عليه وسلم قال: "أَبُو ذَرٍّ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ فِي زُهْدِ عِيْسَى ابْنِ مَرْيَمَ".(*)
وروى عنه عمر بن الخطاب، وابنه عبد الله بن عمر، وابن عباس، وغيرهم من الصحابة، ثم هاجر إلى الشام بعد وفاة أبي بكر رضي الله عنه، فلم يزل بها حتى ولي عثمان، فاستقدمه لشكوى معاوية منه، فأسكنه الرَّبذَة حتى مات بها.
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الوهاب بن عبد الله بن علي الأنصاري، يعرف بابن الشيرجي، وغير واحد، قالوا: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن الحسن الشافعي، أخبرنا الشريف أبو القاسم علي بن إبراهيم بن العباس بن الحسن بن الحسين، وهو أبو الحسن، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي بن يحيى بن سلوان المازني، أخبرنا أبو القاسم الفضل بن جعفر التميمي، أخبرنا أبو بكر عبد الرحمن بن القاسم بن الفرج بن عبد الواحد الهاشمي، أخبرنا أبو مسهر، حدثنا سعيد بن عبد العزيز، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي ذر، عن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، عن جبريل عليه السلام، عن الله تبارك وتعالى أنه قال: "يَا عِبَادِي، إِنِّي قَدْ حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلَا تَظَّالَمُوا، يَا عِبَادِي، إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا الَّذِي أَغْفِرُ الذُّنُوبَ وَلَا أُبَالِي؛ فَاسْتَغْفِرونِي أَغْفِرْ لَكُمْ، يَا عِبَادِي، كُلُّكُمْ جَائِعُ إِلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ؛ فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يَا عِبَادِي، كُلُّكُمْ عَارٍ إِلَّا مَنْ كَسَوْتُهُ؛ فَاسْتَكْسُونِي أَكْسِكُمْ، يَا عِبَادِي، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ أخرجه الترمذي في السنن 4 / 566، كتاب صفة القيامة... (38) باب (48) حديث رقم 2495 وقال أبو عيسى هذا حديث حسن والبيهقي في السنن 6 / 93، وأبو نعيم في الحلية 5 / 125. رَجُلٍ مِنْكُمْ لَمْ يَنْقُصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتقَى قَلْبِ رَجُلٍ مِنْكُمْ لَمْ يَزِدْ فِي مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنّكُمْ كانُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَسَأَلُونِي، فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَا سَأَلَ، لَمْ يُنْقِصْ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا؛ إِلَّا كَمَا يُنْقِصُ البّحْرَ أَنْ يُغْمَسَ فِيهِ المِخْيَطُ غَمْسَةً وَاحِدَةً، يَا عِبَادِي، إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أَحْفَظُهَا عَلَيْكُمْ، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمِدِ اللَّهِ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ".(*)
أخبرنا أبو محمد الحسن بن أبي القاسم علي بن الحسن إجازة، أخبرنا أبي، أخبرنا أبو سهل محمد بن إبراهيم، أخبرنا أبو الفضل الرازي، أخبرنا جعفر بن عبد الله، أخبرنا محمد ابن هارون، أخبرنا محمد بن إسحاق، أخبرنا عفان بن مسلم، أخبرنا وهيب، أخبرنا عبد الله بن عثمان بن خُثَيم، عن مجاهد، عن إبراهيم بن الأشتر، عن أبيه، عن زوجة أبي ذر، أن أبا ذر حضره الموت، وهو بــ "الربذة"، فبكت امرأته، فقال: ما يبكيك؟ فقالت: أبكي أنه لا بد لي من تكفينك، وليس عندي ثوب يسع لك كفنًا، فقال: لا تبكي؛ فإني سمعت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ذات يوم وأنا عنده في نفر يقول: "لَيَمُوتَنَّ رَجُلُ مِنْكُمْ بِفَلَاةٍ مِنَ الأَرْضِ، تَشْهَدُهُ عِصَابَةُ مِنَ المُؤْمِنِينَ" أخرجه أحمد في المسند 56 / 155، والحاكم في المستدرك 3 / 345. وابن حبان في صحيحه حديث رقم 2260. والبيهقي في دلائل النبوة 6 / 401، 402. وأبو نعيم في الحلية 1 / 170. وأورده المنذري في الترغيب 4 / 220. والهندي في كنز العمال حديث رقم 36893.، فكل من كان معي في ذلك المجلس مات في جماعة وقرية، ولم يبق غيري، وقد أصبحت بالفلاة أموت، فراقبي الطريق، فإنك سوف ترين ما أقول لك، وإني والله ما كذبت ولا كُذِّبْتُ، قالت: وأنى ذلك وقد انقطع الحاج! قال: راقبي الطريق؛ فبينما هي كذلك إذ هي بقوم تَخِبّ بهم رواحلهم كأنهم الرَّخَم، فأقبل القوم حتى وقفوا عليها، فقالوا: ما لك؟ فقالت: امرؤ من المسلمين تكفنونه وتؤجرون فيه، قالوا: ومن هو؟ قالت: أبو ذر، قال: ففدوه بآبائهم وأمهاتهم، ثم وضعوا سياطهم في نحورها، يبتدرونه، فقال: أبشروا؛ فأنتم النفر الذين قال فيكم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم... ثم قال: أصبحت اليوم حيث ترون، ولو أن ثوبًا من ثيابي يسعني لم أكفن إلا فيه، فأنشدكم بالله لا يكفنني رجل كان أميرًا أو عريفًا أو بريدًا، فكل القوم كان نال من ذلك شيئًا إلا فتى من الأنصار كان مع القوم، قال: أنا صاحبه؛ الثوبان فيَّ عيْبَتِي من غزل أمي، وأحد ثوبيَّ هذين اللذين عليَّ، قال: أنت صاحبي فكفني".(*)
توفي أبو ذر سنة اثنتين وثلاثين بالربذة، وصلى عليه عبد الله بن مسعود؛ فإنه كان مع أولئك النفر الذين شهدوا موته، وحملوا عياله إلى عثمان بن عفان رضي الله عنهم بالمدينة، فضم ابنته إلى عياله، وقال: يرحم الله أبا ذر.
وكان آدم طويلًا أبيض الرأس واللِّحية، وسنذكر باقي أخباره في الكنى، إن شاء الله تعالى.
أخرجه الثلاثة.
(< جـ1/ص 562>)
3 من 3
أَبُو ذَرِّ اْلغِفَارِيُّ
(ب) أَبُو ذَرِّ الغِفَارِيّ. اختلف في اسمه اختلافًا كثيرًا، فقيل: جُندَب بن جُنَادة، وهو أَكثر وأَصح ما قيل فيه. وقيل: برير بن عبد الله، وبُرَير بن جنادة، وبريرة بن عِشْرِقة، وقيل: جُنْدَب بن عبد الله، وقيل: جندب بن سَكن. والمشهور جُندَب بن جنادة بن قيس بن عمرو بنُ مُليل بن صُعَير بن حَرَامٍ بن غِفَار. وقيل: جُندَب بن جُنَادة بن سفيان ابن عبيد بن حَرَامِ بن غفار بن مُلَيل بن ضَمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة بن مُدرِكَةَ الغفاري. وأُمّه رَمْلة بنت الوقيعة. من بني غِفَار أَيضًا.
وكان أَبو ذر من كبار الصحابة وفضلائهم، قديم الإِسلام. يقال: أَسلم بعد أَربعة وكان خامسًا، ثم انصرف إِلى بلاد قومه وأَقام بها، حتى قدم على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم المدينة.
أَخبرنا غير واحد بإِسنادهم إِلى محمد بن إِسماعيل: حدثنا عَمْرو بن عباس، أَنبأَنا عبد الرحمن بن مَهْدِيّ، حدثنا المثنى، عن أَبي جَمْرَة، عن ابن عباس قال: لما بَلَغَ أَبَا ذر مبعثُ النبي صَلَّى الله عليه وسلم قال لأَخيه: اركب إِلى هذا الوادي فَاعلم لي عِلْمَ هذا الرجل الذي يزعم أَنه نبي يأْتيه الخبر من السماء، واسمع من قوله ثم ائتني. فانطلق الأَخ حتى قدم وسمع من قوله، ثم رجع إِلى أَبي ذر فقال له: رأَيته يأْمر بمكارم الأَخلاق، وكلامًا ما هو بالشعْر. فقال: ما شَفَيتني مما أَردت. فتزوّد وحمل شَنَّةً له فيها ماء، حتى قدم مكة، فأَتى المسجد، فالتمس النبي صَلَّى الله عليه وسلم وهو لا يعرفه، وكره أَن يسأَل عنه حتى أَدركه بعضُ الليل، اضطجع فرآه عليّ، فعرف أَنه غريب، فلما رآه تبعه فلم يسأَل واحد منهما صاحبَه عن شيءٍ حتى أَصبح، ثم احتمل قِرْبَتَه وزاده إِلى المسجد، وظل ذلك اليوم ولا يراه النبي صَلَّى الله عليه وسلم حتى أَمسى، فعاد إِلى مضجعه فمر به عَلِيّ فقال: ما آن للرجل أَن يعلم منزله؟ فأَقامه فذهب به معه، لا يسأَل واحد منهما صاحبه عن شيءٍ، حتى إِذا كان اليوم الثالث فعلَ مثلَ ذلك فأَقامه عليُّ معه ثم قال: أَلا تحدثني ما الذي [[أقدمك]]؟ قال: إِن أَعطيتني عهدًا وميثاقًا لَتُرشِدَنِّي فعلت. ففعل، فأَخبره قال: إِنه حق، وإِنه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فإِذا أَصبحت فاتبعني، فإِني إِن رأَيت شيئًا أَخاف عليك قمت كأَني أَريق الماءَ، فإِن مضيت فاتبعني حتى تدخل مدخلي. ففعل، فانطلق يقفوه حتى دخل على النبي صَلَّى الله عليه وسلم ودخل معه، فسمع من قوله، وأَسلم مكانه. فقال له النبي صَلَّى الله عليه وسلم: "ارْجِعْ إِلَى قَوْمِكَ فَأَخْبِرْهُمْ حَتَّى يَأْتِيْكَ أَمْرِي". قال: والذي نفسي بيده لأَصرخن بها بين ظهرانيهم. فخرج حتى أَتى المسجد فنادى بأَعلى صوته.: أَشهد أَن لا إِله إِلا الله، وأَن محمدًا عبده ورسوله. فقام القوم إِليه فضربوه حتى أَضجعوه، وأَتى العباسُ فأَكبَّ عليه وقال: ويلكم! أَلستم تعلمون أَنه من غفار وأَنه طريق تجاركم إِلى الشام؟ فأَنقذه منهم ثم عاد من الغد لمثلها فضربوه وثاروا إِليه فأَكب العباس عليه.(*)
وروينا في إِسلامه الحديث الطويل المشهور، وتركناه خوف التطويل...
وتوفي أَبو ذر بالرَّبَذة سنة إِحدى وثلاثين، أَو اثنتين وثلاثين. وصلى عليه عبد الله بن مسعود، ثم مات بعده في ذلك العام.
وقال النبي صَلَّى الله عليه وسلم: "أَبُو ذَرٍّ فِي أَمَّتِي عَلَى زُهْدِ عِيْسَى ابْنِ مَرْيَمَ". (*) وقال علي: وعى أَبو ذر علمًا عجز الناس عنه، ثم أَوكىْ عليه فلم يُخرِج منه شيئًا.
أَخبرنا أَبو جعفر بإِسناده عن يونس، عن ابن إِسحاق قال: حدّثني بُرَيدة بن سفيان، عن محمد بن كعب القرظي، عن ابن مسعود قال: لما سار رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إِلى تبوك جعل لا يزال يتخلف الرجل، فيقولون: يا رسول الله، تخلف فلان. فيقول: "دعوه، إِن يكن فيه خير فسيلحقه الله بكم، وأَن يكن غير ذلك فقد أَراحكم الله منه". حتى قيل: يا رسول الله، تخلف أَبو ذر. فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ما كان يقوله، فتلوَّم أَبو ذر على بعيره، فلما أَبطأَ عليه أَخَذَ متاعه فجعله على ظهره، ثم خرج يَتْبَع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ماشيًا، ونظر ناظر من المسلمين فقال: إِن هذا الرجل يمشي على الطريق، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "كُنْ أَبَا ذَرٍّ". فلما تأمله القوم قالوا: يا رسول الله، وهو والله أَبو ذر. فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "يَرْحَمُ الله أَبَا ذَرِّ، يَمْشِي وَحْدَهُ، وَيَمُوتُ وَحْدَهُ، وَيُحْشَرُ وَحْدَهُ"(*) أخرجه الحاكم 3/51 والبيهقي في الدلائل 5/222، وذكره المتقي الهندي في الكنز (33232)..
فضرب الدهر من ضربه.
وسير أَبو ذر إِلى الرَّبَذة. وفي ذكر موته، وصلاة عبد الله بن مسعود عليه، ومن كان معه في موته، ومقامه بالرَبذة، أَحاديث لا نطول بذكرها. وكان أَبو ذر طويلًا عظيمًا.
أَخرجه أَبو عمر.
(< جـ6/ص 96>)