1 من 2
نفيع أبو بكرة:
نُفَيع، أبو بكرة، ويقال: نفيع بن مسروح ويقال: نفيع بن الحارث بن كلدة. وكان أبو بكرة من عَبِيد الحارث بن كلدة بن عمرو الثّقفي فاستلحقه، وهو ممَّنْ غلبَتْ عليه كُنيَتُه. وأمه سميَّة أمة للحارث بن كلدة، وهي أم زياد بن أبي سفيان.
قال أحمد بن زهير: سمعْتُ أبي يقول: أبو بكرة نفيع بن مسروح قال: وحدّثنا أبي: قال حدّثنا حميد بن عبد الرّحمن الرّواسي، عن الحسن بن صالح، عن أبيه عن الشّعبي، قال: أرادوا أبا بكرة على الدّعوة فأبى، وقال لبنيه عند الموت: أبي مسروح الحبشيّ قال: وسمعت أحمد بن حنبل يقول: أبو بكرة نفيع بن الحارث. والأكثر يقولون نفيع بن الحارث، كما قال أحمد. وقال أحمد بن زهير: سمعْتُ يحيى بن معين يقول: أملى علي هوذة بن خليفة نسبَه، فلما بلغ إلى أبي بكرة قلت: ابْنُ مَنْ؟ قال: لا تزِدْ دَعْه.
وذكره أحمد بن زهير في موالي النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، قال: أخبرنا الحسن بن حماد، قال: حدّثنا عبد الرّحيم بن سليمان، عن حجاج، عن الحكم، عن مقاسم، عن ابن عبّاس، قال: خرج غلامان يوم الطّائف إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فأعتقهما، أحدهما أبو بكرة، فكانا من مواليه.
قال: وأخبرنا عثمان، قال: حدّثنا حماد بن سلمة، قال: حدّثنا علي بن زيد عن عبد الرّحمن بن أبي بكرة، قال: أتيْتُ عبد الله بن عمرو في فئة فقال لي: مَنْ أنْتَ؟ فقلْتُ: عبد الرّحمن بن أبي بكرة. قلنا: أما تذكر الرّجل الذي وثب إلى النَبيَ صَلَّى الله عليه وسلم من سور الطّائف، فرحَّبَ بي. ويقال: إن أبا بكرة تدلّى من حصن الطّائف ببكرة، ونزل إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فكناه رسول الله أبا بكرة.
سكن أبو بكرة البصرة، ومات بها في سنة إحدى وخمسين، وكان ممن اعتزل يوم الجمل، لم يُقَاتِلْ مع وَاحدٍ من الفريقين، وكان أحَدَ فضلاء الصّحابة، قال الحسن: لم يسكن البصرة أحدٌ من أصحابِ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أفضل من عمران بن حصين، وأبي بكرة. وله عقبٌ كثير، ولهم وجاهة وسُؤدُد بالبصرة، وكان ممن شهد على المغيرة ابن شعبة فلم يتمْ تلك الشّهادة، فجلده عمر، ثم سأله الانصرافَ عن ذلك، فلم يفعل، وأبى فلم يقبل له شهادة، وقد ذكرناه في باب الْكُنَى بأكثر من هذا.
(< جـ4/ص 90>)
2 من 2
أبو بكرة الثقفي:
أبو بَكْرَة الثّقفيّ اسمه نُفَيع بن مسروح. وقيل: نفيع بن الحارث بن كلدة بن عمرو بن علاج بن أبي سلمة بن عبد العزّى بن عبدة بن عوف بن قَسِيّ، وهو ثقيف. وأمّ أبي بكرة سمية جارية الحارث بن كلدة، وقد ذكرنا خبرها في باب زياد لأنها أمهما، وكان أبو بكرة يقول: أنا مولى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ويأبى أن ينتسب، وكان قد نزل يوم الطّائف إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم من حِصْن الطّائف، فأسلم في غِلْمان من غلمان أهلِ الطّائف، فأعتقهم رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم، فكان يقول: أنا مولى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وقد عُدّ في مواليه.
قال أحمد بن زهير: سمعْتُ يحيى بن معين يقول: أملى عليّ هَوْذة بن خليفة البْكْراوي، نسبه إلى أبي بكرة، فلما بلغ إلى أبي بكرة قلت: ابن مَنْ؟ قال: دع لا تزده. وكان أبو بَكْرَة يقول: أنا من إخوانكم في الدّين، وأنا مَوْلَى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فإنْ أَبَى النّاس إلّا أن ينتسبوني، فأنا نُفيع بن مسروح. وكان مِنْ فضلاء الصّحابة، وهو الذي شهد على المغيرة بن شعبة، فبتّ الشّهادة، وجلده عمر حَدّ القذف إذ لم تتم الشّهادة، ثم قال له عمر: تُبْ تقبل شهادتك. فقال له: إِنما تستتيبني لتقْبلَ شهادتي. قال: أجل. قال: لا جرم، إني لا أشهد بين اثنين أبدًا ما بقيِتُ في الدّنيا.
روى ابن عيينة ومحمد بن مسلم الطّائفي، عن إبراهيم بن ميسرة، عن سعيد بن المسيّب، قال: شهد على المغيرةِ ثلاثة، ونكل زياد، فجلد عمر الثّلاثة، ثم استتابهم، فتاب اثنان، فجازت شهادتهما، وأَبَى أبو بكرة أنْ يتوبَ. وكان مثل النّصل من العبادة، حتى مات. قيل: إنَّ رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم كناه بأبي بكرة، لأنه تعلّق ببكرة مِنْ حِصْن الطّائف، فنزل إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وكان أولاده أشرافًا بالبصرة بالولايات والعلم، وله عَقِبٌ كثير.
وتُوفِّي أبو بكرة بالبصرة سنة إحدى، وقيل: سنة اثنين وخمسين، وأوصى أن يصلّي عليه أبو برْزَة الأسلميّ، فصلّى عليه. قال الحسن البصري: لم ينزل البصرة من الصّحابة مِمَّن سكنها أفضل من عمران بن حصين وأبي بكرة.
(< جـ4/ص 178>)