تسجيل الدخول


فسيلة عن أبيها

واثلة بن الأسْقَع بن كعب، وقيل: ابن الأسقع بن عبد الله، وقيل: ابن الأسقع بن عبد العزّى اللَّيثي، أَبُو فَسِيلَةَ.
أَخرجه أَبو موسى وأَبو نُعَيم، وقال الْوَاقِدِيُّ: يكنى أبا قِرْصافة. وقال غيره: يكنى أبا الأسقع، ويقال أبو محمد، ويقال أبو الخطاب، ويقال أبو شداد.كان قد عَمي، وكان يُصَفِّر لحيته، وكان ينزل ناحية المدينة، فأَتَى رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم، فصلَّى معه الصُبح، وكان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، إذا صلّى الصبح وانْْصَرَفَ تَصَفَّح وجوه أصحابِه ينظر إليهم، فلمّا دنا مِنْ وَاثِلَة أَنْكَرَهُ، فقال: "مَنْ أنت؟" فأخبره فقال: "ما جاء بك؟" فقال: جئت أبايع. فقال رسول صَلَّى الله عليه وسلم: "على ما أحببت وكرهت؟" فقال واثلةُ: نعم. فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "فيما أَطَقْتَ؟" فقال واثلةُ: نعم. فأسلم وبايعه. وكان النبي صَلَّى الله عليه وسلم، يتجهز يومئذٍ إلى تَبُوك، فخرج واثلةُ إلى أهله، فلقي أباه الأَسقع فلما رأى حاله قال: قد فعلتَها! قال واثلة: قال أبوه: والله لا أُكَلمِّك أبدًا. فَأَتَى عمَّهُ، وهو مُولِّي ظَهْرَه إلى الشمس، فسلم عليه فقال: قد فعلتَها! قال: نعم. فَلَامَهُ لاَئمةً أيسر من لاَئِمةِ أبيه وقال: لم يكن ينبغي لك أن تسبقنا بأمرٍ. فسمعت أختُ واثلة كلامَهُ فخرجت إليه فسلّمت عليه بتحية الإسلام، فقال: أَنَّى لكِ هذا يا أُخَيّه؟ قالت: سمعتُ كلامكَ وكلامَ عَمِّكَ. وكان واثلة ذكر الإسلام وَوَصَفَهُ لعمّه، فأعجب أُخْتَهُ الإسلامُ فأسلمت، فقال واثلةُ: لقد أراد الله بكِ خيرًا يَا أُخَيَّة جهّزي أخاكِ جهازَ غازٍ، فإن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، على جناحِ سَفَرٍ، فأعطتهُ مُدًّا من دقيقٍ فعجن الدقيق في الدلوِ، وأعطتهُ تمرًا فأخذهُ. وأقبلَ إلى المدينة فوجد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، قد تحمّل إلى تَبُوك، وبقي غُبَّرَاتٌ من الناس وهم على الشخوص، فجعل يُنادي بِسُوق بَنِي قَيْنُقَاع: مَنْ يحملني وله سَهْمي! قال: وكنت رجلًا لا رِجْلَةَ بي، قال فدعاني كعب بن عُجْرَة. فقال: أنا أحملك عُقْبةً بالليل وعُقْبَةً بالنهار، ويدك أُسوة يدي وسهمك لي! قال واثلةُ: نعم. فقال واثلة بعد ذلك: جزاهُ الله خيرًا! لقد كان يحملني عُقْبَتي، ويَزيدني وآكلُ معه ويرفع لي، حتى إذا بعث رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، خالد بن الوليد إلى أُكَيْدِر بن عبد الملك الكِنْديّ بدُومة الجَنْدَل خرج كعب بن عُجْرَةَ في جيش خالدٍ، وخرجت معه فأصبنا فَيْئًا كثيرا، فقسمه خالد بيننا، فأصابني سِتُّ قَلاَئص، وأقبلت أسُوقها حتى جئت بها خيمةَ كعب بن عُجْرَة فقلت: اخرجْ رحمك الله فانظرْ إلى قلائصك فاقبضها! فخرج إليّ وهو يتبسّم ويقول: بارك الله لك فيها! ما حملتك وأنا أريد أن آخذ منك شيئًا(*).
ويقال: إنه خدم النّبي صَلَّى الله عليه وسلم ثلاث سنين، ويقال‏:‏ إنه نزل البصرة وله بها دارٌ، ثم سكن الشّام، وكان منزله على ثلاثة فراسخ من دمشق بقريةٍ يقال لها: البَلَاط، وشهد المغازي بدمشق وحمص، ثم تحوّل إلى بيت المقدس، وكان من أهل الصفّة، قال: كنتُ في عشرين رجلًا من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، من أهل الصفّة أنا أصغرهم، وسمع من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فلمّا قُبض رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، خرج إلى الشأم، وقال الوليد بن مسلم، عن أبي المصعب مولى بني يزيد؛ قال: رأيتُ واثلة بن الأسقع يتغدّى أو يتعشّى بفناء منزله ويدعو النّاس إلى طعامه. وروَى عن النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، وعن أبي مَرْثد، وأبي هريرة، وأم سلمة، وروى عنه ابنته فسيلة، ويقال خصيلة؛ وأبو إدريس الخولانيّ، وشداد أبو عمار، وبشر بن عبيد الله، ومكحول، ومعروف أبو الخطاب، وآخرون، وروى عنه أبو المليح بن أسامة الهذلي، وروى عباد بن كثير الفلسطيني، عن امرأة منهم يقال لها: فَسِيلة: سمعتُ أبي يقول: سألتُ النبي صَلَّى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، أمن العصبية أن يحبَّ الرجلُ قومَه؟ قال: "لَا، وَلَكِنْ مِنَ العَصَبِيَّة أنْ يُعينَ الرَّجُلُ قَوْمَهُ عَلَى الظُّلْمِ"(*). وأخرجه أبُو دَاوُدَ، من طريق سلمة بنت بسر، عن بنت واثلة بن الأسقع، عن أبيها؛ قلت: يا رسول الله، ما العصبية؟ قال: "أن تُعِينَ قَوْمَكَ عَلَى الظُّلْمِ"(*)(*) فجزم ابن عساكر ومن تبعه بأن فسيلة هي بنت واثلة المبهمة في هذه الرواية. وروى معاوية بن صالح، عن أبي الزاهريّة قال: مات واثلة بن الأسقع بالشأم سنة خمس وثمانين وهو ابن ثمان وتسعين سنة، وقيل: توفّي واثلة بن الأسقع سنة ثلاث وثمانين وهو ابن مائة وخمس سنين، وكان ينزل بيت المقدس ومات بها، وقال ابْنُ سَميعٍ: مات في خلافة عبد الملك وأرخه إسماعيل بن عياش، عن سعيد بن خالد، سنة ثلاث وثمانين؛ وزاد: أنه كان حينئذ ابن مائة وخمس وستّين سنة. وقال أبو مُسهر وغيره: مات سنة خمس وثمانين، وفيها أرّخَه الواقديّ، وزاد: وهو ابْنُ ثمان وسبعين سنة، وهو آخر مَنْ مات بدمشق من الصَّحابة.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال