تسجيل الدخول


الزبرقان بن بدر التميمي

((الزِّبْرِقان بن بَدْر: بن امرئ القيس بن خلف بن بَهْدَلة بن عَوْف بن كعب بن سعد بن زيد بن مناة بن تميم بن مر التيمي السعديّ.)) الإصابة في تمييز الصحابة. ((الزّبرقان بن بَدْر التميميّ، غلب عليه الزبرقان، وعُرف به، وقد ذكرنا المعنى في ذلك في باب الزّاي، لأن الزّبرقان هو المشهور المعروف)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((أخرجه أبو عمر، واستدركه أبو موسى على ابن منده؛ إلا أنه أسقط من نسبه امرأ القيس، والصواب إثباته.))
((يكنى أبا عَيّاش، وقيل: أبو شَذْرَة)) أسد الغابة. ((يُكْنَى أَبا سدرة.)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب.
((كان يقال للزبرقان: قَمَرُ نجد، لجماله. وكان ممن يدخل مكة متعممًا لحسنه)) أسد الغابة.
((كان ينزل أرض بني تميم ببادية البصرة وكان ينزل البصرة كثيرًا.)) الطبقات الكبير. ((وفد على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم في وفد بني تميم، منهم: قيس بن عاصم المِنْقَري وعمرو بن الأهتم، وعطارد بن حاجب، وغيرهم، فأسلموا. وأجازهم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فأحسن جوائزهم، وذلك سنة تسع، وسأل النبي صَلَّى الله عليه وسلم عَمْرو بن الأهتم عن الزبرقان بن بدر فقال: مطاع في أدْنَية شديد العارضة، مانع لما وراء ظهره، قال الزبرقان: واللّه لقد قال ما قال وهو يعلم أني أفضل مما قال. قال عمرو: إنك لزَمِرُ المروءة، ضيق العَطَن، أحمق الأب، لئيم الخال. ثم قال: يا رسول الله، لقد صدقت فيهما جميعًا، أرضانى فقلت بأحسن ما أعلم فيه، وأسخطني فقلت بأسوأ ما أعلم فيه، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "إِنَّ مِنَ البَيَانِ لَسِحْرًا"(*) أخرجه أبو داود في السنن 2/ 721 ـــ 722 كتاب الأدب باب ما جاء في الشعر حديث رقم 5011، 5012 وأحمد في المسند 1/ 269، 303، وابن حبان في صحيحه حديث رقم 2009 والحاكم في المستدرك 3/ 613..)) أسد الغابة. ((قال أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ البَرِّ: ولَّاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صدقاتِ قومه، فأدّاها في الردّة إلى أبي بكر فأقره ثم إلى عمر؛ وأنشد له وَثيمة في الردّة في وَفائه بأداء الزكاة، وتعرض قيس بن عاصم بأذواد الرسول:

وَفَيْت بِأَذُوَادِ الرَّسُولِ وَقَدْ أَتَتْ سُعَاةٌ فَلَمْ يَرْدُدْ بَعِيرًا مخرفا

[الطويل]

ويقول في أخرى:

مَنْ مُبْلِغٌ قَيْسًا وَخِنْدِفَ أَنَّهُ عَزْمُ الإِلَه لَنَا وَأَمْرُ مُحَمَّدِ

[الكامل]

قلت: وله في ذلك قصةٌ مع قَيْس بن عاصم ذكرها أبو الفرج في ترجمة قَيْس، وعاش الزِّبْرِقان إلى خلافة معاوية، فذكر الجاحظ في كتاب "البيان" أنه دخل على زياد وقد كفَّ بصره، فسلّم خفيفًا فأدناه زياد وأجلسه معه، وقال: يا أبا عبّاس، إن القوم يضحكون مِن جفائك. فقال: وإن ضحكوا، والله: إن رجلًا إلا يودّ أني أبوه لغيَّة أو لرشْدَة. وذكره المُرَادِيُّ في نسخة أخرى فيمن عمي من الأشراف. وذكر الكَوْكَبِيّ أنه وفد على عبد الملك، وقاد إليه خمسة وعشرين فرسًا، ونسب كل فرس إلى آبائه وأمهاته، وحلف على كل فرس [[منها]] يمينًا غير التي حلف بها على غيرها، فقال عبد الملك: عجبي من اختلاف أيمانه أشدُّ من عجبي بمعرفته بأنساب الخيل.)) الإصابة في تمييز الصحابة. ((وفد على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم في قومه، وكان أحدَ ساداتهم، فأَسلموا، وذلك في سنة تسع، فولّاه رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم صدقات قومه، وأقره أبو بكر، وعمر على ذلك، وله في ذلك اليوم من قوله بين يدي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم مفاخرًا. [البسيط]

نَحْنُ
المُلُوكُ
فَلَا حَيٌّ
يُقَاوِمُنَا فِينَا العَلَاءُ وفينا تُنْصَبُ البِيَعُ

وَنَحْنُ نُطْـعِمُهُمْ فِي القَحْطِ مَا أَكَلُوا مِنَ العَبِيطِ إِذَا لَمْ يُونِس القَزَعُ

وَنَنْحَرُ الكُـومَ عُبْطًا فِي
أَرُومَتِنَا لِلنَّازِلِيـنَ إِذَا مَا أنزلُوا شَبعُوا

تِلْكَ المَكَارِِِمُ
حُزْنَاهَا
مقَارَعَةٌ إِذَا الكِرَامُ عَلَى أَمْثَالِهَا اقْتَرَعُوا

وأجابه عليها حسّان فأحسن، وأجاب خطيبُهم ثابت بن قيس يومئذ فقرعهم، وخبرُهم مشهور بذلك عند أهل السّير موجودٌ في كتبهم وفي كتب جماعةٍ من أصحاب الأخبار، وقد اختصرناه في باب حسَّان بن ثابت‏ [[من جيّد شعر حسّان ما ارتجله بين يَدي النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في حين قدوم وَفْد بني تميم، إِذ أتَوْه بخطيبهم وشاعرهم، ونادَوْه من وراءِ الحجُرات أَن اخْرُج إلينا يا محمّد، فأنزل الله فيهم: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ...}‏ [[الحُجْرات‏: 4، 5]]‏ الآية. وكانت حجراته صلّى الله عليه وآله وسلّم تسعًا، كلُّها من شعر مغلقة من خشب العَرْعَر. فخرج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إليهم، وخطب خطيبُهم مُفتخرًا، فلما سكت أمرَ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ثابت بن قيس بن شماس أنْ يخْطُبَ بمعنى ما خطب به خطيبُهم، فخطب ثابت بن قيس فأحسن، ثم قام شاعرهم، وهو الزّبرقان بن بدر فقال: [‏البسيط]

نَحْنُ
المُلُوكَ
فَلَا
حَيٌّ
يُقَارِبُنَا فِينَا العَلَاءُ وَفِينَا تُنْصَبُ البَيْعُ

وَنَحْنُ نُطْعِمُهُمْ فِي القَحْطِ مَا أَكَلُوا مِنْ العَبِيطِ إِذَا لَمْ يُؤْنَسِ القَزَعُ

وَنَنْحَرُ
الكُومَ عُبْطًا فِي أَرُومَتِنَا للِنَّازِلِينَ إِذَا مَا أُنْزِلُوا
شَبِعُوا

تِلْكَ
المَكَارِمُ
حُزْنَاهَا
مُقَارَعَةً إِذَا الكِرَمُ عَلَى أَمْثَالِهَا اقْتَرَعُوا

ثم جلس. فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لحسّان بن ثابت: "قم"، فقام وقال: [‏البسيط]

إِنَّ الذَّوَائِبَ مِنْ فِهْرٍ
وَإِخْوَاتَهُمْ قَدْ
بَيَّنُوا
سُنَّةً
لِلنَّاسِ
تُتَّبَعُ

يَرْضَى بِهَا كُلُّ مَنْ
كَانَتْ سَرِيرَتُهُ تَقْوَى الإِلَهِ وَبِالأَمْرِ
الَّذِي
شَرَعُوا

قَوْمٌ إِذَا حَارَبُوا ضَرُّوا
عَدُوَّهُمُ أَوْ حَاوَلُوا النَّفْعَ فِي أَشْيَاعِهِمْ نَفَعُوا

سَجِيَّةٌ تِلْكَ
مِنْهُمْ
غَيْرُ مُحْدَثَةٍ إِنَّ
الخَلَائِقَ فَاعْلَمْ شَرُّهَا
البِدَعُ

لَوْ كَانَ فِي النَّاسِ سَبَّاقُونَ بَعْدَهُمُ فَكُلُّ سَبْقٍ
لِادَْنَى
سَبْقِهِمْ
تَبَعُ

لَا يَرْقَعُ النَّاسُ مَا
أَوْهَتْ أَكُفُّهُمُ عِنْدَ الدِّفَاعِ
وَلَا يُوهُونَ مَا رَقَعُوا

وَلَا يَضِنُّونَ
عَنْ
جَارٍ
بِفَضْلِهِمُ وَلَا يَمَسُّهُمُ
فِي
مَطْمَعٍ
طَبَعُ

أَعِفُّةٌ
ذُكِرَتْ
لِلنَّاسِ
عِفَّتُهُمْ لَا
يَبْخَلُونَ
وَلَا
يُرْدِيهُمُ طَمَعُ

خُذْ مِنْهُمُ مَا أَتَوْا عَفْوًا إِذَا عَطَفُوا وَلَا
يَكُنْ هَمُّكَ الأَمْرَ الَّذِي مَنَعُوا

فَإِنَّ فِي حَرْبِهِمْ فَاتْرُكْ عَدَاوَتَهُمْ شَرًّا
يُخَاضُ إِلَيْهِ الصَّابُ وَالسَّلُعُ

أَكْرِمْ بِقَوْمٍ رَسُولُ
اللَّهِ
شِيْعَتُهُمْ إِذَا
تَفَرَّقَتِ
الأَهْوَاءُ
وَالشِّيَعُ

فقال التميميون عند ذلك؛ وربكم إنّ خطيبَ القوم أخطَبُ من خطيبنا، وإنَّ شاعرَهم أشعر من شاعرنا، وما أنتصفنا ولا قاربْنَا(*).]] <<من ترجمة حسَّان بن ثابت "الاستيعاب في معرفة الأصحاب".>>. وقيل: إن الزّبرقان بن بدر اسمه الحصين بن بدر، وإنما سمي الزّبرقان لحُسْنه، شبِّه بالقمر، لأن القمر [[يقال له]] الزّبرقان‏‏. قال الأصمعيّ: الزّبرقان القمر، والزَّبرقان الرجل الخفيف اللّحية‏. وقد قيل: إن اسم الزّبرقان بن بدر القمر بن بدر، والأكثر على ما قدمت لك، وقيل: بل سُمّي الزّبرقان، لأنه لبس عمامةً مزبرقة بالزعفران، والله أعلم‏. وفي الزّبرقان يقول رجلٌ من النمر بن قاسط في كلمةٍ يمدحُ بها الزّبرقان وأهلَه، وقيل: إنه الحطيئة، والأول أصحّ‏: [الوافر]

تَقُولُ
حَلِيلَتي
لَمَّا
الْتَقَيْنَا سَتُدْرِكُنَـا بَنُو القِرْمِ الهِجَانِ

سَيُدْرِكُنَا بَنُو القَمَرِ بْنِ بَدْرِ سِـرَاجُ اللَّيلِ لِلشَّمْسِ الحَصَانِ

فَقُلْتُ ادْعِي وَأَدْعُوَ إِنَّ أَنْدَى لِصَـوْتٍ أَنْ يُنَادِيَ
دَاعِيَانِ

فَمَنْ يَكُ سَائِلًا
عَنِّي فَإِنِّي أَنَا
النمِريُّ جارُ الزَّبْرَقَانِ

وفي إقبال الزّبرقان إِلى عُمر بصدقات قومه لقيه الحطيئة وهو سائرٌ ببنيه وأهله إلى العراق فرارًا من السَّنَةِ وطلبًا للعيش، فأمره الزَّبرقان أَن يقصد داره، وأعطاه أمارة يكونُ بها ضيفًا له حتى يلحق به، ففعل الحطيئة؛ ثم هجاه بعد ذلك بقوله: [البسيط]

دَعِ المَكَارِمَ لَا تَرْحَلْ لبُغْيَتَهَا وَاقْعُدْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الطَّاعِمُ الكَاسِي

فشكاه الزبرقان إلى عمر، فسأَل عمر حسّان بن ثابت عن قوله هذا، فقضى أنه هَجْوٌ له وضعة منه، فأَلقاه عمر بن الخطّاب لذلك في مطمورة حتى شفَع له عبدُ الرَّحمن بن عوف والزَّبير، فاطلقه بعد أن أخذِ عليه العهد، وأوعده ألّا يعود لهجاء أحدٍ أبدًا، قصتُه هذه مشهورةٌ عند أهل الأخبار ورُواة الأشعار فلم أر لذكرها وَجْهًا‏.)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال