تسجيل الدخول


عثمان بن مظعون الجمحي

1 من 1
عثمان بن مظعون

ابن حبيب بن وَهْب بن حُذافة بن جُمَح ويكنى أبا السائب وأمّه سُخَيْلَة بنت العَنْبَس بن وَهْبان بن حذافة بن جمح، وكان لعثمان من الولد عبد الرحمن والسائب وأمّهما خولة بنت حكيم بن أميّة بن حارثة بن الأوقص السُّلَميّة.

قال: وأخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا محمد بن صالح عن يزيد بن رومان قال: انْطلق عثمان بن مظعون وعبيدة بن الحارث بن المطّلب وعبد الرحمن بن عوف وأبو سلمة ابن عبد الأسد وأبو عبيدة بن الجرّاح حتى أتوا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فعرضَ عليهم الإسلامَ وأنبأهم بشرائعه فأسلموا جميعًا في ساعة واحدة وذلك قبل دخول رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، دار الأرقم، وقبل أن يدعو فيها.(*)

قالوا: وهاجر عثمان بن مظعون إلى أرض الحبشة الهجرتين جميعًا في رواية محمد بن إسحاق ومحمد بن عمر.

قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الأسديّ قال: أخبرنا عمر بن سعيد عن عبد الرحمن ابن سابط قال: زعموا أنّ عثمان بن مظعون حَرّمَ الخمر في الجاهليّة وقال في الجاهليّة: إني لا أشربُ شيئًا يُذْهِبُ عقلي ويُضحك بي من هو أدنى مني ويَحْمِلُني على أن أُنْكِحَ كريمتي من لا أريد. فنزلت هذه الآية في سورة المائدة في الخمر، فمرّ عليه رجل فقال: حُرّمَت الخمر، وتلا عليه الآية فقال: تَبًّا لها قد كان بصري فيها ثابتًا.

قال: أخبرنا محمد بن يزيد الواسطي ويَعْلى بن عبيد الطنافسي قالا: أخبرنا الإفريقي عن سعد بن مسعود وعُمارة بن غُراب اليَحْصَبِي أنّ عثمان بن مظعون أتى النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله إني لا أحبّ أن تَرى امرأتي، قال محمد بن يزيد: عُرْيَتي، وقال يعلى بن عبيد: عَوْرتي، قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "ولِمَ؟" قال: أسْتَحيي من ذلك وأكرَهُه، قال: "إنّ الله جعلها لك لباسًا وجعلك لها لباسًا وأهلي يَرَوْنَ عُرْيَتي، في حديث محمد بن يزيد، وفي حديث يعلى عَوْرَتي، وأنا أرى ذلك منهم"، قال: أنت تفعل ذلك يا رسول الله؟ قال: "نعم"، قال: فمِنْ بَعْدِكَ. فلمّا أدبَرَ قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "إنّ ابن مظعون لحييّ سِتّير".(*)

قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب أنّ عثمان بن مظعون أراد أن يختصي ويسيح في الأرض فقال له رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "ألَيْس لكَ فيّ أُسْوَةٌ حسنة؟ فأنا آتي النساء وآكلُ اللحمَ وأصومُ وأُفْطِرُ، إنّ خِصاءَ أُمّتي الصيامُ وليس من أُمّتي مَنْ خَصى أو اخْتَصى".(*)

قال: أخبرنا سليمان بن داود الطيالسي قال: أخبرنا إبراهيم بن سعد عن الزهريّ عن سعيد بن المسيّب عن سعد بن أبي وقّاص قال: لقد رَدّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، على عثمان بن مظعون التبتّل ولو أذِنَ له في ذلك لاخْتَصى.(*)

قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: أخبرنا إسرائيل قال: وأخبرنا الحسن بن موسى قال: أخبرنا زهير قال: أخبرنا أبو إسحاق عن أبي بُرْدة: دَخَلَت امرأةُ عثمان بن مظعون على نساء النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فَرَأيْنَها سَيّئَةَ الهيئة فقلن لها: ما لكِ؟ فما في قريش أغنى من بعلك! قالت: ما لنا منه شيءٌ، أمّا لَيْلَهُ فقائمٌ وأمّا نهارَه فصائم. فدخل النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فذَكَرْنَ ذلك له، فلقيه فقال: "يا عثمان بن مظعون أما لك بي أسْوَةٌ؟" فقال: يا بأبي وأُمّي، وما ذاك؟ قال: "تَصومُ النهارَ وتقومُ الليلَ"، قال: إني لأفعل، قال: "لا تَفْعَلْ، إنّ لعينَيك عليك حَقًّا وإنّ لجَسَدِكَ حقًّا وإنّ لأهْلك حقًّا فصَلّ ونَمْ وصُمْ وأفْطِرْ". قال فأتَتْهُنّ بعد ذلك عَطِرَةً كأنّها عَروس فقلنَ لها: مه؟ قالت: أصابنا ما أصاب الناس.(*)

قال: أخبرنا عارم بن الفضل قال: أخبرنا حمّاد بن زيد قال: أخبرنا معاوية بن عَيّاش الجَرْمي عن أبي قلابة أنّ عثمان بن مظعون اتّخذ بيتًا فقعد يتعبّد فيه فبلغ ذلك النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فأتاه فأخذ بعِضادتي باب البيت الذي هو فيه فقال: "يا عثمان إنّ الله لم يَبْعَثْني بالرهْبانيّة، مرّتين أو ثلاثًا، وإنّ خيرَ الدينِ عند الله الحنيفيّة السّمحَةُ".(*)

قال: أخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس المدني قال: حدّثني عبد الملك بن قُدامة عن أبيه وعن عمر بن حسين عن عائشة بنت قُدامة بن مظعون عن أبيها عن أخيه عثمان بن مظعون أنّه قال: يا رسول الله إني رجلٌ تَشُقّ عليّ هذه العُزْبَةُ في المغازي فتأذَنُ لي يا رسول الله في الخصاءِ فأخْتَصِيَ؟ قال: "لا، ولكن عليك يابن مظعون بالصيّام فإنّه مَجْفَرٌ". قال إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس: والمُجْفِرُ الذي إذا أتى النساءَ فإذا قام انْقَطَعَ ذلك.(*)

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا يونس بن محمد الظفري عن أبيه قال: وحدّثني محمد بن قُدامة بن موسى عن أبيه عن عائشة بنت قُدامة قالا: نَزَلَ عثمان وقُدامة وعبد الله بنو مظعون والسائب بن عثمان بن مظعون ومعمر بن الحارث حين هاجروا من مكّة إلى المدينة على عبد الله بن سلمة العَجْلاني.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني مُجَمّع بن يعقوب عن أبيه قال: نزلوا على حزام ابن وديعة. قال محمد بن عمر: وآلُ مظعون ممّن أوْعَبَ في الخروج إلى الهجرة رجالهم ونساؤهم ولم يبقَ منهم بمكّة أحد حتى غُلقت دورهم.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا معمر عن الزهري عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أمّ العلاءِ قالت: نزل رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، والمهاجرون معه المدينة في الهجرة فتشاحّت الأنصار فيهم أنْ يُنْزِلوهم في منازلهم حتى اقْتَرَعوا عليهم، فطار لنا عثمان بن مظعون على القُرْعة، تعني وقع في سهمنا.(*)

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا محمد بن عبد الله عن الزهريّ عن عبيد الله ابن عبد الله بن عتبة قال: خَطّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، لعثمان بن مظعون وإخوته موضع دارهم اليومَ بالمدينة.(*)

قالوا: وآخى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، بين عثمان بن مظعون وأبي الهيثم بن التّيّهان. وشَهِدَ عثمان بن مظعون بدرًا ومات في شعبان على رأس ثلاثين شهرًا من الهجرة.

قال: أخبرنا عمر بن سعد أبو داود الحَفَريّ ووكيع بن الجرّاح وأبو نُعيم ومحمد بن عبد الله الأسديّ عن سفيان بن الثوري عن عاصم بن عبيد الله عن القاسم بن محمد عن عائشة أنّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، قَبّلَ عثمان بن مظعون وهو مَيّتٌ، قال فرأيتُ دموعَ النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، تَسيلُ على خدّ عثمان بن مظعون.(*)

قال: أخبرنا الفضل بن دُكين عن خالد بن إلياس عن إسماعيل بن عمرو بن سعيد بن العاص عن عبد الله بن عثمان بن الحارث بن الحكم أنّ عثمان بن مظعون مات فخرج رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فكَبّر عليه أربع تكبيرات.(*)

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سَبْرَة عن عاصم ابن عبيد الله بن أبي رافع قال: كان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يَرتادُ لأصْحابه مَقْبَرةً يُدْفَنونَ فيها فكان قد جاء نواحي المدينة وأطرافها، قال ثمّ قال: أُمِرْتُ بهذا الموضع، يعني البقيع، وكان يُقال له بقيعُ الخَبْجَبَة، وكان أكثر نباته الغَرْقَدَ وبه نِجالٌ كثيرة، والنَّجْلُ النّزّ، وأثْلٌ وطَرْفاء، وبه بعوضٌ كالدّخان إذا أمسَوْا، فكان أوّلُ من قُبر هناك عثمانَ بن مظعون، فوضع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، حجرًا عند رأسه وقال: "هذا فَرَطُنا". فكان إذا مات الميّتُ بعده قيل: يا رسول الله أينَ نَدْفِنُه؟ فيقول رسول الله: "عند فَرَطِنا عثمان بن مظعون".(*)

قال: أخبرنا وكيع بن الجرّاح عن أسامة بن زيد عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حَزْم قال: رأيتُ قبر عثمان بن مظعون وعنده شيءٌ مرتفع، يعني كأنّه عَلَمٌ.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا محمد بن عبد الله عن الزهريّ عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال: أوّلُ من دُفن بالبقيع من المسلمين عثمان بن مظعون فأمَرَ به رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فدفن عند موضع الكِبَا اليومَ عند دار محمد بن الحنفيّة. قال محمد بن عمر: والكِبَا الكُناسة.(*)

قال: أخبرنا محمد بن عُمر ومعن بن عيسى قالا: أخبرنا مالك بن أنس عن أبي النضر قال: لما مُرّ بجنازة عثمان بن مظعون قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "ذهبتَ ولم تَلَبّسْ منها بشيءٍ"، يعني الدنيا.(*)

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني معمر عن الزهريّ عن خارجة بن زيد عن أمّ العلاء امرأةٍ من نسائهم قال: وأخبرنا مالك بن إسماعيل أبو غسّان عن إبراهيم بن سعد قال: أخبرنا ابن شهاب عن خارجة بن زيد عن أمّ العلاءِ امرأة من نسائهم قد كانت بايعت رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم، وذَكَرَتْ أنّ عثمان بن مظعون اشتكى عندهم: فَمَرَّضْنَاهُ حتى إذا توفّي جعلناه في أثوابه فأتانا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقلتُ اذْهَبْ عَنكَ أبا السّائب شَهادتي عليك لقد أكْرَمَك اللُّه، قالت: فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "وما يُدْريكِ أنّ الله أكرمه؟" فقلت له: لا أدْري بأبي أنت وأمّي يا رسول الله، فمَنْ؟ قال: "أمّا هو فقد جاءَه اليقينُ، والله إني لأرجو له الخيرَ وإنّي لَرَسُولُ الله، وما أدْري ما يُفْعَلُ بي". قالت: فمَنْ بأبي وأمّي؟ فوالله لا أُزَكّي بعده أحدًا أبدًا. قالت: فأحْزَنَني ذلك فنِمْتُ فأُريتُ لعثمان عينًا تَجْري، قالت: فأتيتُ النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فأخبرتُه فقال: "ذلك عَمَلُه".(*)

قال: أخبرنا يزيد بن هارون وعفّان بن مسلم وسليمان بن حرب قالوا: أخبرنا حمّاد ابن سلمة قال: أخبرنا عليّ بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عبّاس قال: لمّا مات عثمان بن مظعون قالت امرأته: هَنِيئًا لك الجنّةُ عثمان بن مظعون! فنظر إليها رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، نَظَرَ غَضْبانَ فقال لها: "وما يُدْريكِ؟" فقالت: يا رسول الله فارسُك وصاحبُك، فقال: "واللِّه إنّي لَرَسُولُ الله فما أدْري ما يُفْعَلُ بي ولا به". فاشْتَدّ ذلك على أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، أنْ يقول ذلك لمثل عثمان بن مظعون وهو من أفضلهم. فلمّا ماتت، قال يزيد: زينبُ بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وقال عفّان: رُقيّةُ بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وقال سليمان بن حرب: ابنَةٌ لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، قال رسول الله: "الْحَقي بسَلَفِنا الخْير عثمان بن مظعون". قال يزيد بن هارون في حديثه: فبَكَت النساءُ فجعل عمر بن الخطّاب يَضْرِبُهُنّ بسوطه، فأخذ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، بيده وقال: "مَهْلًا يا عمر"، ثمّ قال: "ابْكِينَ وإيّاكُنّ ونَعيقَ الشيطانِ". ثمّ قال: "إنّه مَهْما كان من العَيْن والقَلْب فمِن اللِّه ومن الرّحْمَةِ وما كان من اليد واللسان فمِن الشيطان".(*)

قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فُديك عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم قال: توفّي عثمان بن مظعون فسمع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، عجوزًا تقول وراء جنازته: هنيئًا لك أبا السائب الجنّة فقال لها رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "وما يُدْرِيكِ؟" فقالت: يا رسول الله أبو السائب، قال: "والله ما نعلم إلاّ خيرًا". ثمّ قال: "بِحَسْبِكِ أن تقولي كان يُحِبّ اللَّه ورسولَه".(*)

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله ابن عتبة أنّه بلغه أن عمر بن الخطّاب قال لمّا توفّي عثمان بن مظعون وفاةً لم يُقتَلْ: هَبَطَ من نفسي هَبْطَةً فقلتُ انْظُروا إلى هذا الذي كان أشدّنا تَخَلّيًا من الدنيا ثمّ مات ولم يُقْتَلْ فلم يزل عثمان بتلك المنزلة من نفسي حتى توفّي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقلت وَيْكَ إنّ خِيارَنا يَموتونَ، ثمّ توفّي أبو بكر فقلت ويك إنّ خيارنا يموتون، فرجع عثمان في نفسي إلى المنزلة التي كان بها قبل ذلك.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا محمد بن قدامة بن موسى عن أبيه عن عائشة بنت سعد قالت: نَزَلَ في قبر عثمان بن مظعون والنبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، قائم على شفير القبر، عبدُ الله بن مظعون وقُدامة بن مظعون والسائب بن عثمان بن مظعون ومعمر ابن الحارث.(*)

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا كثير بن زيد عن المطلب بن عبد الله بن حَنْطَب قال: لما مات عثمان بن مظعون دُفن بالبقيع فأمر رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، بشيء فوضع عند رأسه وقال: "هذا علامةُ قَبره يُدْفَنُ إليه"، يعني مَنْ مات من بعده.(*)

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني محمد بن قُدامة عن أبيه عن عائشة بنت قدامة قالت: كان عثمان بن مظعون وإخوته متقاربين في الشّبَه، كان عثمان شديد الأدمة ليس بالقصير ولا بالطويل، كبير اللحية عريضها، وكذلك صِفَةُ قُدامة بن مظعون إلاّ أنّ قدامة كان طويلًا، وكانت كنيةُ عثمان أبا السائب.
(< جـ3/ص 365>)
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال