تسجيل الدخول

إجلاء بني قينقاع عن المدينة

حين حدث ما حدث من يهود بني قينقاع في سوقهم، وظهر عدم اهتمامهم بالمعاهدة، نفِد صبر رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فاستخلف على المدينة أبا لبابة بن عبد المنذر وأعطى لواء المسلمين حمزة بن عبد المطلب وسار بجنود الله إلى بني قينقاع، ولما رأوه تحصنوا في حصونهم، فحاصرهم أشد الحصار، وكان ذلك يوم السبت للنصف من شوال سنة اثنتين للهجرة، ودام الحصار خمس عشرة ليلة إلى هلال ذي القعدة وقذف الله في قلوبهم الرعب، فنزلوا على حكم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم في رقابهم وأموالهم ونسائهم وذريتهم، فأمر بهم فكتفوا.
وحينئذ قام عبد الله بن أبي ابن سلول بدوره النفاقي، فألح على الرسول صَلَّى الله عليه وسلم أن يصدر عنهم عفوًا، فقال: يا محمد أحسن في موالي، وكان بنو قينقاع حلفاء الخزرج، فلم يرد عليه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فكرر ابن أبي مقالته فأعرض عنه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فأمسكه من ملابسه بشدة، فقال له رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "أرسلني"، وغضب حتى رأوا لوجهه ظُللا، ثم قال: "ويحك أرسلني"! ولكن المنافق مضى على إصراره وقال: لا والله لا أرسلك حتى تحسن في موالي، أربعمائة حاسر وثلاثمائة دارع قد منعوني من الأحمر والأسود وتحصدهم في غداة واحدة؟ إني والله امرؤ أخشى الدوائر.
وعامل رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم هذا المنافق، الذي لم يكن مضى على إسلامه إلا نحو شهر واحد فحسب، عامله بالمراعاة فوهبهم له، وأمرهم أن يخرجوا من المدينة ولا يجاوروه بها، فخرجوا إلى أذرُعات الشام، فما لبثوا فيها إلا قليلا حتى هلك أكثرهم.
وقَبَضَ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم منهم أموالهم، فأخذ منهم ثلاث قسي ودرعين وثلاثة أسياف وثلاثة رماح، وخَمّسَ غنائمهم، وكان الذي تولى جمع الغنائم محمد بن مسلمة.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال