1 من 2
النـُّعمان بن بَشير
ابن سعد من بني الحارث بن الخزرج، وأمّه عَمْرة بنت رَواحة أخت عبد الله بن رَواحة من بني الحارث بن الخزرج. ويكنى النعمان أبا عبد الله وكان أوّل مولود من الأنصار وُلد بالمدينة بعد هجرة رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وُلد في شهر ربيع الآخر على رأس أربعة عشر شهرًا من هجرة رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم. هذا في رواية أهل المدينة، وأمّا أهل الكوفة فيروون عنه رواية كثيرة يقول فيها: سمعتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم. فدلّ على أنّه أكبر سنًّا ممّا روى أهل المدينة في مولده.
وكان ولي الكوفة لمعاوية بن أبي سفيان وأقام بها، وكان عثمانيًّا ثمّ عزله معاوية بن أبي سفيان فصار إلى الشأم. فلمّا مات يزيد بن معاوية دعا النعمان لابن الزّبير، وكان عاملًا على حِمْص. فلمّا قُتل الضحّاك بن قيس بمَرْج راهِط في ذي الحجّة سنة أربعٍ وستّين في خلافة مروان بن الحَكَم، هرب النعمان بن بشير من حمص، فطلبه أهل حمص فأدركوه فقتلوه واحتزّوا رأسه ووضعوه في حجر امرأته الكلبيّة.
قال: أخبرنا عبد الله بن بكر السهمي قال: حدّثنا حاتم بن أبي صَغيرة، عن سِماك ابن حرب أنّ معاوية استعمل النعمان بن بشير على الكوفة، وكان والِله من أخطبِ مَنْ سمعتُ من أهل الدنيا يتكلّم.
(< جـ8/ص 176>)
2 من 2
النّعمان بن بَشِير
ابن سَعْد بن ثَعْلبة بن خَلاَّس بن زيد بن مالك الأَغَرّ بن ثَعْلبة بن كَعْب بن الخَزْرجَ بن الحارث بن الخَزْرج. وأُمّهُ عَمْرةُ بنت رَوَاحَةَ أخت عبد الله بن رَوَاحة ابن ثَعْلبة بن امْرِئ القيس بن عَمرو بن امرئ القيْس بن مالك الأَغَرّ بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث ابن الخزرج.
فَوَلَدَ النُّعمانُ بن بَشِير: عبدَ الله، وبه كان يُكنى، دَرَج. ومحمدًا وأَمَةَ الله، وحَبِيَبةَ. وأُمُّهم أم عبد الله بنتُ عمرو بنت جرْوَةَ من بني الحارث بن الخزرج. ويزيدَ، وأبان، وأُمَّ أبان، تزوجها الحجّاج بن يوسف. وأُمُّهم نائِلة بنتُ بَشِير بن عمارة بن حسان بن جَبّار بن قرط، مِنْ كلبٍ ثم مِنْ بني مَاوِيةَ ثم أَحَد بني جَبار.
والوليدَ ويحيى وبشيرًا وأُمّهم أُمّ ولد. وأّمَّ محمد وهي حُمَيْدة، تزوجها رَوْحُ بن زِنْباع الجُذَامِيّ. وأُمّها ليلى بنت هانئ بن الأسود مِنْ كندة ثم مِنْ بني الحارث. وعَمرةَ تزوجها المختار بن أَبِي عُبيد الثَّقَفِي، وهي التي قتلها مصعب بن الزبير، وأُمّها ليلى بنت هانئ الكِنْدِي.
قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدّثني محمد بن صالح، عن عاصم بن عُمر بن قَتَادة عن يَزيد بن النعمان بن بَشِير، عن أبيه قال: أنا أول من وُلِدَ من الأنصار بالمدينة بعد هجرة رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فأتت بي أُمِّي عَمْرةُ بن رَوَاحة أخت عبد الله بن رَوَاحة إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فحَنَّكَنِي بتمرةٍ فَتَلَمَّظْتُ منها، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "الأنصارُ وحبّها التمر"(*).
قال محمد بن صالح: إنّ عَمْرَةَ أتت بهِ النبي صَلَّى الله عليه وسلم، يوم سَابِعِهِ وعليه شعر البطن، فَأَبَى رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم، أن يُترك عليهِ وقال: "احلقو عنه شَعرَ البطن" فحلق رأسهُ ثم بَرَّكَ عليهِ وقال: "عُقُّوا عنهُ بشاةٍ"(*). قال: وذلك في شهر ربيع الآخر على رأس أربعة عشر شهرًا من الهجرة.
قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عبد العزيز، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عَمْرو بن حَزْمِ، قال: جلسنا عندَهُ فذكرنا أول مولودٍ من الأنصار بعد قدوم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، المدينة فقال: النعمان بن بشير وُلِدَ بعد أن قدم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، المدينة بسنةٍ أو أقل من سنةٍِ. قال: فذكروا عبدَ الله بن أَبِي طَلْحة فقال: لقد كانت أُمّ سُلَيم بهِ حَمْلٌ يوم حُنَين، فَوَلَدَتْ بعد أن قدمت المدينة.
قال: أخبرنا عبد الملك بن عَمْرو أبو عامر العَقَدِيّ قال: حدّثنا محمد بن صالح، قال: حدّثنا عاصم بن عُمر بن قَتَادة، قال: جاءت عَمْرةُ بنت رَوَاحَة تحمل ابنها النُّعمانَ بن بَشِير في ليفه إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فدعا بتمرةٍ فمضغها ثم حَنَّكَهُ بها. فقالت: يا رسول الله، ادع الله أن يكثر مالهُ وولده. فقال: "أَوَ ما ترضين أن يعيش كما عاش خَالهُ؟ عاشَ حميدًا، وقُتِلَ شهيدًا، ودخلَ الجنة"(*).
قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدّثنا محمد بن يحيى بن سهل بن أَبِي حَثْمةَ، عن أبيه، عن جدّه، قال: كان أوّل مولودٍ من الأنصار النّعمان بن بَشِير بعد الهجرةِ بأربعة عشر شهرًا. وتُوفي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، والنعمان بن بشير ابن ثماني سنين أو أكثر قليلًا، وكان آخر غزوة غزاها رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، تبوكا سنة تسع، والنعمان يومئذٍ ابن سبع سنين.
قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدّثنا عبد الله بن جعفر، عن أبي عون، قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: وهو يذكر النعمان بن بشير وهو يقول: سمعت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقلت: يا أبا عبد الله، أيكما أَسَنّ؟ فقال: أنا أسَنّ منه بنحوٍ من عشرين سنة، لقد جَهدت أن أغزو بَدْرًا مع النبي صَلَّى الله عليه وسلم، فَأَبَى أَبِِي يومئذٍ حبسني على بناته، وما وُلِدَ النعمان إلاّ قبل بدر بثلاثة أشهر، أو أربعة أشهر.
قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال حدّثنا مُصْعَب بن ثابت، عن أَبِي الأَسْود قال: ذُكر النعمان بن بشير عند ابن الزبير فقال: هو أسَنّ مني بستة أشهر.
قال أبو الأسود: وَوُلِد ابنُ الزبير على رأس عشرين شهرًا من مهاجر رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ووُلد النعمان بن بَشِير في شهر ربيع الآخر على رأس أربعةَ عشر شهرًا.
قال أَبُو الأسود: أَرَى النعمان يقول: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ولا يقول: سمعت. قال مصعب بن ثابت وابن الزبير: لم يغزُ مع النبي صَلَّى الله عليه وسلم، ولا يقول سمعت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم.
قال محمد بن سعد: أُخِبْرتُ عن أَبِي اليَمَان الحِمْصِيّ، عن إسماعيل بن عَيّاش، عن يزيد بن سعيد، عن عبد الملك بن عُمَير أَنّ بَشِير بن سعد جاء بالنعمان بن بشير إلى النبي صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، ادع لابني هذا، فقال له رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "أما ترضى أن يبلغ ما بلغت؟ ثم يأتي الشام فيقتلُهُ منافقٌ من أهل الشام"(*).
قال محمد بن سعد: وأُخْبِرْتُ عن أَبِي اليَمَان الحِمْصِي، عن إسماعيل بن عَيّاش، عن صَفْوان بن عَمْرو، عن أبي الصلتِ المقرائي، وأبي المثنى، وشريح بن عُبيد، أن كعبًا كان يقول: ليؤمّرنّ على جند حمص أميرٌ أشهل العينين، طويل الأرنَبةِ، كثّ اللحيةِ، حلو اللسان، مُرّ القلب، فَلَيُصِيبُنَّهُ بقارعة، فذكروا النعمان بن بشير.
قال محمد بن عمر: فهذا ما روى لنا أصحابنا في مولد النعمان بن بشير، وأمّا أهل الكوفة فَيَرْوُنَ عنه روايةً كثيرةً يقول فيها: سمعت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم. يدل على أنه أكبر سنًّا مما رَوَى أهلُ المدينة في مولده.
منها ما حدّثنا بهِ الثَّوري، عن منصور، عن ذَرٍّ، عن يُسَيع، عن النّعمان بن بَشِير قال: سمعت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يقول: "أفضل العبادة الدعاء"(*). في أحاديث كثيرة رواها النعمان بن بشير عن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يقول فيها: سمعت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: كان النعمان بن بَشِير ممِّن نصر عثمان بن عفان وهو خرج إلى الشام بقتلِهِ.
قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدّثني أبو بكر بن عبد الله بن أَبِي سَبْرة، عن عبد المجيد بن سُهَيل بن عبد الرحمن بن عوف قال: لما قُتِل عثمان كَتَبَت نائِلة بنت الفُرَافِصَةَ إلى معاوية وأهل الشام بما كان من قتله، وَوَصَفَت لهم أَمْرَهُ، وَبَعَثَت إليهم بقَمِيصِه الذي قتل وهو عليه ودمهُ فيه، وبَعَثَت بذلك مع النعمان بن بَشِير. فَقَدِم النعمانُ الشامَ فدفع ذلك إلى معاوية.
قال محمد بن عمر: ونزل النعمانُ بن بَشِير وولدُهُ الشامَ والعراقَ زمن معاوية، ثم صار عامّتهم بعد ذلك إلى المدينة وبغداد، ولهم بَقِيَّةٌ وعَقِبٌ.
قال:أخبرنا علي بن محمد، عن يعقوب بن داود الثَّقَفِيّ، ومَسْلمة بن مُحارِب وغيرهما قالوا: لمّا قُتِل الضَّحّاكُ بن قَيْس بمَرْج رَاهِط وكان للنصف من ذي الحجة سنة أربع وستين في خلافة مروان بن الحكم، فأراد النعمان بن بَشِير أن يهرب من حِمْص، وكان عاملًا عليها، فَخَالفَ ودعَا لابن الزبير، فطلبه أهلُ حِمْص فقتلوه واحْتَزُّوا رأسَه، فقالت امرأته الكلبيّةُ: ألقوا رأسه في حجري فأنا أحق به. وقد كانت قبله عند معاوية بن أبي سفيان، فقال معاوية لامرأته مَيْسُون أم يزيد أو بنت قرظَهَ: اذهبي فانظري اليها، فأتتها فنظرت ثم رجعت، فقالت: ما رأيت مثلها، وقد رأيت خالًا تحت سُرَّتها ليوضعن رأس زوجها تحته في حجرها، فطلقها معاوية، فتزوجها حَبِيبُ بن مَسْلَمة، ثم طلقها، فتزوجها النعمان بن بَشِير فلمّا قُتِلَ وضعوا رأسَه في حجرها.
(< جـ5/ص 363>)