تسجيل الدخول


أم معبد الخزاعية

أم معبَد عَاتِكَةُ بنتُ خَالِد، بن مُنقِذ، وقيل: بنت خالد بن خليف ابن منقذ الخزاعية، كنيت بابنها معبد، وهي بكنيتها أشهر، وهي التي نزل عندها رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم حين هاجر إلى المدينة. وروي عن أمّ مَعْبَد قالت: طلع علينا أربعة على راحلتين فنزلوا بي فجئت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، بشاة أريد أن أذبحها فإذا هي ذات دَرّ فأدنيتها منه فلمس ضرعها فقال: "لا تذبحيها"فأرسلتها قالت: وجئت بأخرى فذبحتها فطحنت لهم فأكل هو وأصحابه، قلت: ومَن معه؟ قالت: ابن أبي قُحافة، ومولى ابن أبي قُحافة، وابن أريقط، وهو على شِرْكه، وقالت: فتغدّى رسول الله منها وأصحابه، وسفّرتهم منها ما وسعت سفرتهم وبقي عندنا لحمها أو أكثره فبقيت الشاة التي لمسَ رسول الله ضرعها عندنا حتى كان زمان الرَّمَادَة، زمان عمر بن الخطّاب، وهي سنة ثماني عشرة من الهجرة، قالت: وكنّا نحلبها صَبوحًا، وغَبوقًا، وما في الأرض قليل ولا كثير، وكانت أمّ معبد يومئذٍ مسلمة. وفي رواية أخرى رواها حزام بن هشام، عن أبيه، عن جدّه حبيش بن خالد صاحب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أنّ رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم حين خرج من مكّة إلى المدينة مهاجرًا هو وأبو بكر، ومولى أَبي بكر عامر بن فهيرة، ودليلهما اللَّيثي عبد الله بن الأريقط، مرُّوا على خيْمَتيّ أمّ معبد الخزاعيّة، وكانت امرأة برزَةً جَلْدَةً تَحْتَبي بفناء القُبّة، ثم تسقي وتطعم، فسألوها لحمًا، وتمرًا ليشتَروه منها، فلم يصيبوا عندها شيئًا من ذلك؛ وكان القوم مُرمِلين مُسْنِتين، فنظر رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم إلى شاة في كِسْرِ الخيمة فقال:‏‏"‏ما هذه الشّاةُ يا أُم معبد‏"‏‏؟ قالت‏:‏ شاة خَلَّفها الجهد عن الغنم،‏ قال: ‏"‏هل بها من لبن‏"‏‏! قالت:‏ هي أَجهد من ذلك، قال: ‏"‏أَتأذنين لي أَن أَحْلُبها‏"‏‏؟ قالت‏:‏ نعم، بأبي أَنت وأُمي! إنْ رأَيت بها حَلبًا فاحلبها، فدعا بها رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم فمسح بيده ضرعها، وسمى الله، ودعا لها في شاتها فتفاجَّت عليه، ودرَّت واجتَرت، ودَعَا بإناءٍ يرْبضِ الرَّهْطَ، فحلب فيه ثجّا حتى عَلَاهُ البَهَاء، ثم سقاها حتى رويت، وسقَى أَصحابَه حتى رووا، وشرب آخرهم، ثم أراحوا ثم حلب ثانيًا فيها بعد ذلك حتى ملأ الإناء، ثم غَادَرَه عندها، وبايعها، وارتحلوا عنها، فقلما لبثت حتى جاء زوْجُها أبو مَعْبَد يسوق أَعْنُزًا عِجَافًا يتساوَكْن هُزَالًا مخهنّ قليل، فلما رأى أَبو مَعْبَد اللّبن عجب، وقال:‏ مِنْ أَيْنَ لكِ هذَا اللّبن يا أمّ مَعْبَد، والشّاة عازب حِيَال، ولا حَلُوبَ في البيت؟ قالت:‏ لا والله، إلا أنه مَرَّ بنا رجل مبارَك، مِنْ حاله كذا وكذا، قال: صِفيه لي يا أمّ معبد،‏ قالت:‏ رأَيتُ رجلًا ظاهر الوضاءة، أبلج الوَجْهِ، حسن الخلق، لم تعبه ثجلة، ولم تزر به صَعْلةٌ، وسيم قسيم، في عينيه دَعَج، وفي أشفاره عطف، وفي عنقه سَطَع، وفي صوته صَحَل، وفي لحيته كَثَاثة، أزجّ أقرن، إن صمت فعليه الوَقار، وإن تكلّم سما وعلَاه البَهاء، أجمل الناس وأبهاه من بعيد، وأَحسنه وأَجمله من قريب، حُلْوُ المنطق، فَصْل، لا نَزْرٌ ولا هَذْر، كأنّ منطقه خرزات نَظْم يتحدَّرْن، ربعة، لا بائن من طول، ولا تقتحمه عين من قصر، غُصْنٌ بين غُصْنين، فهو أنضر الثّلاثة منظرًا، أحسنهم قَدْرًا، له رفقاء يحفّون به، إن قال أنصَتُوا لقوله، وإن أمر تبادَرُوا إلى أمره، محفود مَحْشود، لا عابس ولا مُفنِد. قال أبو معبد:‏ هو والله صاحبُ قريش الذي ذُكر لنا من أمره ما ذُكر بمكة، ولقد هممت أن أَصحبه، ولأفعلنّ إن وجدتُ إلى ذلك سبيلًا.
الاسم :
البريد الالكتروني :  
عنوان الرسالة :  
نص الرسالة :  
ارسال