تسجيل الدخول


أويس القرني

1 من 1
ذكر ابن سعد في "الطبقات الكبير"، عن أُسير بن جابر قال: كان محدّث بالكوفة يحدّثنا، فإذا فرغ من حديثه تفرّقوا، ويبقى رهط فيهم رجل يتكلّم بكلام لا أسمع أحدًا يتكلم كلامه، فأحببته ففقدته، فقلتُ لأصحابي: هل تعرفون رجلًا كان يجالسنا كذا وكذا؟ فقال رجل من القوم: نعم أنا أعرفه، ذاك أويس القَرَني، قلت: فتعلم منزله؟ قال: نعم، فانطلقتُ معه حتى ضربتُ حُجْرته فخرج إليَّ، قلت: يا أخي ما حبسك عنّا؟ قال: العُرْيُ، وكان أصحابه يسخرون به ويؤذُونه، قلت: خذ هذا البُردَ فالبَسْه، قال: لا تفعل فإنّهم إذًا يؤذونني إن رأوه عليَّ، فلم أزل به حتى لبسه فخرج عليهم فقالوا: من ترون خُدِعَ عن بُرده هذا؟ فجاء فوضعه وقال: أترى؟ فأتيتُ المجلس فقلتُ: ما تريدون من هذا الرجل؟ قد آذيتموه، الرجلُ يَعْرى مرّةً، ويكتسي مرّةً، فأخذتهم بلساني أخْذًا شديدًا، فوفد أهل الكوفة إلى عمر، فقال عمر: هل ها هنا أحد من القَرنيّين؟ فجاء رجلٌ كان يسخر به، فقال عمر: إنّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قد قال: "إنّ رجلًا يأتيكم من اليمن، يقال له أوَيْس، لا يَدَعُ باليمن غَيْرَ أُمٍّ له، وقد كان به بياض، فدعا الله، فأذهبه عنه إلا مثل موضع الدرهم، فمن لقيه منكم فمُروه فليستغفر لكم"، فقدم علينا، فقلت: من أين؟ قال: من اليمن، قال عمر: ما اسمك؟ قال: أويس، قال عمر: فمن تركتَ باليمن؟ قال: أُمًّا لي، قال عمر: أكان بك بياض فدعوتَ الله فأذهبه عنك؟ قال: نعم، قال عمر: اسْتَغْفِرْ لي، قال: أو يستغفر مثلي لمثلك يا أمير المؤمنين؟ فاستغفر له(*)، قال عمر: أنت أخي لا تفارقني، فامّلس منّي، فأُنْبَئْتُ أنّه قدم عليكم الكوفة، فجعل ذلك الذي كان يسخر به ويحتقره يقول: ما هذا فينا يا أمير المؤمنين، وما نعرفه، فقال عمر: بلى إنّه رجل كذا، كأنّه يضع من شأنه، قال: فينا يا أمير المؤمنين رجل يقال له أويس نسخر به، قال: أدْرِكْ ولا أُراك تُدْرِك، فأقبل ذلك الرجل حتى دخل عليه قبل أن يأتي أهله، فقال له أويس: ما هذه بعادتك فما بدا لك؟ قال: سمعتُ عمر يقول فيك كذا وكذا؛ فاستغْفرْ لي يا أويس، قال: لا أفعل حتى تجعل لي عليك أن لا تسخر بي فيما بعدُ، ولا تذكر الذي سمعته من عمر لأحد، فاستغفر له، قال أُسير: فما لَبِثَ أن فشا أمره في الكوفة، فأتيتُه فدخلتُ عليه فقلت له: يا أخي ألا أراك العجب ونحن لا نشعر، قال: ما كان في هذا ما أتبلّغ به في الناس، وما يُجْزَي كل عبد إلاّ بعمله، ثمّ امّلس منهم فذهب.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال