تسجيل الدخول


أويس القرني

1 من 1
أُوَيْس القَرَني

ِمنْ مُراد، وهو أُويس بن عامر بن جَزْء بن مالك بن عَمْرو بن سَعد بن عَصْوان بن قَرَن ابن رَدْمَان بن نَاجِيَة بن مُراد، وهو يُحابر بن مالك بن أُدَد من مَذْحِج.

قال: أخبرنا هاشم بن القاسم قال: حدّثنا سليمان بن المُغيرة قال: حدّثني سعيد الجُريري، عن أبي نَضْرة، عن أُسير بن جابر قال: كان محدّث بالكوفة يحدّثنا، فإذا فرغ من حديثه تفرّقوا ويبقى رهط فيهم رجل يتكلّم بكلام لا أسمع أحدًا يتكلم كلامه، فأحببته ففقدته، فقلتُ لأصحابي: هل تعرفون رجلًا كان يجالسنا كذا وكذا؟ فقال رجل من القوم: نعم أنا أعرفه، ذاك أويس القَرَني. قال: فتعلم منزله؟ قال: نعم. فانطلقتُ معه حتى ضربتُ حُجْرته فخرج إليَّ، قال: قلت: يا أخي ما حبسك عنّا؟ قال: العُرْيُ. قال: وكان أصحابه يسخرون به ويؤذُونه. قال: قلت: خذ هذا البُردَ فالبَسْه. قال: لا تفعل فإنّهم إذًا يؤذونني إن رأوه عليّ. قال: فلم أزل به حتى لبسه فخرج عليهم فقالوا: من ترون خُدِعَ عن بُرده هذا؟ قال: فجاء فوضعه وقال: أترى؟

قال أُسير: فأتيتُ المجلس فقلتُ: ما تريدون من هذا الرجل؟ قد آذيتموه، الرجلُ يَعْرى مرّةً ويكتسي مرّةً. فأخذتهم بلساني أخْذًا شديدًا. قال: فقُضي أنّ أهل الكوفة وفدوا إلى عمر، فوفد رجل ممّن كان يسخر به، فقال عمر: هل ها هنا أحد من القَرنيّين؟ قال: فجاء ذلك الرجل فقال: إنّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، قد قال: "إنّ رجلًا يأتيكم من اليمن، يقال له أوَيْس، لا يَدَعُ باليمن غَيْرَ أُمّ له، وقد كان به بياض، فدعا الله، فأذهبه عنه إلا مثل موضع الدرهم، فمن لقيه منكم فمُروه فليستغفر لكم".

قال: فقدم علينا، قال: قلت: من أين؟ قال: من اليمن. قال: قلت: ما اسمك؟ قال: أويس. قال قلت: فمن تركتَ باليمن؟ قال: أُمًّا لي. قال: أكان بك بياض فدعوتَ الله فأذهبه عنك؟ قال: نعم. قال: اسْتَغْفِرْ لي. قال: أو يستغفر مثلي لمثلك يا أمير المؤمنين؟ قال: فاستغفر له.(*)

قال: قلت له: أنت أخي لا تفارقني. قال فامّلس منّي، فأُنْبَئْتُ أنّه قدم عليكم الكوفة. قال: فجعل ذلك الذي كان يسخر به ويحتقره يقول: ما هذا فينا يا أمير المؤمنين وما نعرفه. فقال عمر: بلى إنّه رجل كذا، كأنّه يضع من شأنه. قال: فينا يا أمير المؤمنين رجل يقال له أويس نسخر به. قال: أدْرِكْ ولا أُراك تُدْرِك.

قال: فأقبل ذلك الرجل حتى دخل عليه قبل أن يأتي أهله، فقال له أويس: ما هذه بعادتك فما بدا لك؟ قال: سمعتُ عمر يقول فيك كذا وكذا فاستغْفرْ لي يا أويس. قال: لا أفعل حتى تجعل لي عليك أن لا تسخر بي فيما بعدُ، ولا تذكر الذي سمعته من عمر لأحد. قال: فاستغفر له.

قال أُسير: فما لَبِثَ أن فشا أمره في الكوفة.

قال أُسير: فأتيتُه فدخلتُ عليه فقلت له: يا أخي ألا أراك العجب ونحن لا نشعر. قال: ما كان في هذا ما أتبلّغ به في الناس، وما يُجْزَي كل عبد إلاّ بعمله. ثمّ امّلس منهم فذهب.

قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: حدّثنا شَريك، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: نادى رجل من أهل الشأم يوم صفّين فقال: أفيكم أويس القَرَني؟ قالوا: نعم. قال: إنّي سمعتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يقول "إنّ من خير التابعين أويسًا القَرَني". ثمّ ضرب دابّته فدخل فيهم.(*)

قال: أخبرنا مسلم بن إبراهيم قال: حدّثنا سلاّم بن مسكين قال: حدّثني رجل قال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "خليلي من هذه الأمّة أويس القَرَني"(*)

قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: حدّثنا حمّاد بن سلَمَة، عن سعيد الجُريري، عن أبي نضرة، عن أُسير بن جابر عن عمر أنّه قال لأُويَس استغْفِرْ لي. قال: كيف أستغفر لك وأنت صاحب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم؟ قال: سمعتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يقول: "إنّ خير التابعين رجل يقال له أويس". وفي الحديث طول كنحو حديث سليمان بن المغيرة.(*)

أخبرنا يحيَى بن خُليف بن عُقْبة قال: أخبرنا ابن عون، عن محمّد قال: أُمر عمر إنْ لقي رجلًا من التابعين أن يستغفر له.

قال محمّد: فأُنْبِئْتُ أن عمر كان ينشده في الموسم، يعني أويسًا.

قال: أخبرنا عليّ بن عبد الله قال: حدّثنا مُعاذ بن هشام الدّسْتوائي قال: حدّثني أبي، عن قتادة، عن زُرارة بن أوفَى، عن أُسير بن جابر قال: كان عمر بن الخطاب إذا أتت عليه أمداد اليمن سألهم: أفيكم أويس بن عامر؟ حتى أتى على أويس فقال: أنت أويس بن عامر؟ قال: نعم. قال: من مُراد ثمّ من قَرَن؟ قال: نعم. قال: كان بك بَرَص فبرأتَ منه إلاّ موضع درهم؟ قال: نعم. قال: فلك والدة؟ قال: نعم. قال: سمعتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يقول: "يأتي عليكم أويس بن عامر من مُراد ثمّ من قَرَن كان به بَرَص فبرأ منه إلا موضع درهم، له والدة هو بها بَرّ، لو أقسم على الله لأبَرّه، فإن استطعتَ أن يستغفر لك فافعل"، فاستغفر لي. فاستغفر له. قال: أين تريد؟ قال: الكوفة. قال: ألا أكتب لك إلى عاملها فيستوصي بك؟ قال: لا، أكون في غُبَّر الناس أحبّ إليّ.

قال: فلمّا كان من العام المقبل حجّ رجل من أشرافهم فوافق عمرَ فسأله عن أويس كيف تركتَه، قال: تركتُه رَثّ البيت قليلَ المتاع. قال: سمعتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يقول: "يأتي عليك أويس بن عامر من أمداد أهل اليمن من مُراد ثمّ من قَرَن كان به برص فبرأ منه إلاّ موضع درهم، له والدة هو بها بَرّ، لو أقسم على الله لأبَرّه، فإن استطعتَ أن يستغفر لك فافعل". فلمّا قدم الرجل الكوفة أتى أويسًا فقال: استغفرْ لي. فقال: أنتَ أحدث عهدًا بِسَلَفٍ صالح فاستغفر لي. قال: لقيتَ عمر؟ قال: نعم. فاستغفرَ له. قال: ففطن له الناس فانطلق على وجهه.

قال أُسير: فكسوتُه بُردًا كان إذا رآه عليه إنسان قال: من أين لأويس هذا البرد.(*)

قال: أخبرنا قَبيصة بن عُقْبة قال: حدّثنا سفيان، عن ابن يُسير بن عمرو، عن أبيه أنّه أتى أُويسًا القَرَني فوجده لا يتوارى من العُرْي فكساه.

قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي قال: حدّثنا سفيان عن قيس بن يُسير بن عمرو، عن أبيه أنّه كسا أويسًا القَرَني ثوبين من العُرْي. قال: فأيّ شيء لقي من بن عمّ له؟

قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال: حدّثنا أبو الأحوص قال: أخبرناه صاحب لنا قال: جاء رجل من مُراد إلى أويس القَرَني فقال: السلام عليكم. قال: وعليكم. قال: كيف أنت يا أويس؟ قال: بخير نحمد الله. قال: كيف الزمان عليكم؟ قال ما تسأل رجلًا إذا أمسى لم يُرَ أنه يُصْبح، وإذا أصبح لم يُرَ أنّه يُمسي، يا أخا مُراد إنّ الموتَ لم يُبْقِ لمُؤمنٍ فرحًا، يا أخا مراد إن معرفة المؤمن بحقوق الله لم تُبْقِ له فضّةً ولا ذهبًا، يا أخا مُراد إنّ قيام المؤمن بأمر الله لم يُبّقِ له صديقًا، والله إنّا لنأمرهم بالمعروف وننهاهم عن المنكَر فيتّخذونا أعداءً ويجدون على ذلك من الفُسّاق أعوانًا حتى والله لقد رموني بالعظائم. وأيْمُ الله لا يمنعني ذلك أن أقوم لله بالحقّ.

قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: حدّثنا سيف بن هارون البُرْجُميّ، عن منصور، عن مسلم بن سابور قال: حدّثني شيخ من بني حَرام عن هَرِم بن حَيّان العبدي قال: قدمتُ من البصرة فلقيتُ أويسًا القَرَني على شطّ الفُرات بغير حذاء فقلتُ: كيف أنت يا أخي، كيف أنت يا أويس؟ فقال لي: كيف أنت يا أخي؟ قلت: حدّثْني. قال: إني أكره أن أفتح هذا الباب، يعني على نفسي، أن أكون محدثًا أو قاصًّا أو مفتيًا. ثمّ أخذ بيدي فبكى. قال: قلت: فاقْرَأ عليّ. قال: أعوذ بالله السميع العليم مِنَ الشيطان الرّجيم:{حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ}[الدخان: 1ـــ 3] حتى بلغ: {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الدخان: 6] قال فغُشي عليه ثمّ أفاق، ثمّ قال: الوحدة أحبُّ إليّ. وكان أويس ثقةً وليس له حديث عن أحد‏.
(< جـ8/ص 281>)
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال