إباية بن أثال
لما ظهر مسيلمة وادعى النبوة، قام ثمامة بن أثال في قومه؛ فوعظهم وذكرهم وقال: إنه لا يجتمع نبيان بأمر واحد!، وإن محمدًا رسول الله لا نبيَّ بعده، ولا نبيَّ يشرك معه، وقرأ عليهم {حم. تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ. غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ} [غافر: 1ـــ3]، هذا كلام الله، أين هذا من يا ضفدع نقي، لا الشراب تمنعين، ولا الماء تكدرين؟! والله إنكم لترون أن هذا كلام ما خرج من إلٍ، فلما قدم خالد بن الوليد اليمامة شكر ذلك له، وعرف به صحة إسلامه.
وروى محمد بن إسحاق قال: ارتد أهل اليمامة عن الإسلام غير ثُمَامَة بن أثال، ومن اتبعه من قومه، فكان مقيمًا باليمامة ينهاهم عن اتباع مسيلمة وتصديقه، ويقول: إياكم وأمرًا مظلمًا لا نورَ فيه، وإنه لشقاءٌ كتبه الله عز وجل على من أخذ به منكم، وبلاءٌ من لم يأخذ به منكم يا بني حنيفة، فلما عصوه ورأى أنهم قد أصفقوا على اتباع مسيلمة عزم على مفارقتهم.
ومر العلاء بن الحضرمي ومن تبعه على جانب اليمامة، فلما بلغه ذلك قال لأصحابه من المسلمين: إني والله ما أرى أن أقيم مع هؤلاء مع ما قد أحدّثوا، وإن الله تعالى لضاربهم ببليةٍ لا يقومون بها ولا يقعدون، وما نرى أن نتخلف عن هؤلاء وهم مسلمون، وقد عرفنا الذي يريدون، وقد مروا قريبًا ولا أرى إلا الخروج إليهم، فمن أراد الخروج منكم فليخرج، فخرج ممدًا للعلاء بن الحضرمي ومعه أصحابه من المسلمين، فكان ذلك قد فتَّ في أعضاد عدوهم حين بلغهم مدد بني حنيفة، وقال ثُمَامَة بن أثال في ذلك:
دعانا إلى ترك الديانة والهــــدى مسيلمة الكذاب إذ جــاء يسجع
فيا عجبا من معشر قد تتابعوا له في سبـــيـــل الغـي والغيُّ أشنع.