تسجيل الدخول


إباية بن أثال

1 من 1
ثمامة بن أثال الحنفي:

ثمامة بن أُثال الحنَفي، سيّد أهل اليمامة، روى حديثَه أبو هريرة.

ذكر عبدُ الرّزّاق عن عبيد الله وعبد الله ابني عمرَ عن سعيد المَقْبُري عن أبي هريرة أن ثمامة الحنفي أسِرَ، فقال له النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم‏: "‏مَا عِنْدَكَ يَا ثمامَةُ؟" فقال: إنْ تقتل تقتل ذا دم، وإن تمنُنْ تمنن على شَاكِرٍ، وإن تُردِ المال تُعْطَ ما شِئْتَ. قال: فغدَا عليه يومًا فقال له مثل ذلك فأسلم، فأمره النبيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يغتسل‏.(*)

وروى عُمَارة بن غَزِيّة عن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُرِيّ عن أبي هريرة، قال: خرج ثمامة بن أُثال الحنفي مُعْتَمِرًا فظفرت به خَيْلُ لرسولِ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بنَجْد، فجاءو به، فأصبح مربوطًا بأسطوانة عند باب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فرآه فعرفَهُ فقال: "مَا تَقُولُ يَا ثُمَامُ؟" فقال: إن تَسأَلْ مالًا تُعْطَه، وإن تقتل تقتل ذا دم، وإنْ تُنْعم تنعم على شَاكِرٍ.

فمضى عنه، وهو يقولُ‏: "‏اللَّهُمَّ إنَّ أَكْلَةً مِنْ لَحْمِ جَزُورٍ أَحَبُّ إِليَّ مِنْ دَمِ ثُمَامَةَ‏"،‏‏ ثم كرّر عليه فقال: "مَا تَقُولُ يَا ثُمَامَةُ؟"‏‏ قال: إن تسأَلْ مالًا تُعْطَه، وإن تَقْتل تقتل ذا دَمٍ، وإن تُنعم تنعم على شاكرٍ. قال‏: "‏اللَّهُمَّ إنَّ أَكْلَةً مِنْ لَحْمِ جَزُورٍ أَحَبُّ إِليَّ مِنْ دَمِ ثُمَامَةَ‏"‏‏. ثم أمر به فأطلق.

فذهب ثمامة إلى المصانع، فغسل ثيابَه واغتسل، ثم جاء إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وشهد بشهادة الحقّ، وقال: يا رسولَ الله، إنَّ خيلك أخذَتْني، وأنا أريدُ العُمْرة، فمُرْ من يسيّرن إلى الطّريق، فأمر من يسيره، فخرج حتى قدم مكّة، فلما سمع به المشركون جاءوه فقالوا: يا ثمامة، صبَوْت وتَرَكْتَ دينَ آبائك، قال: لا أدري ما تقولون، إلّا إني أقسمْتُ بربّ هذه البنية لا يصل إِليكم من اليمامة شيء مما تنتفعون به حتى تتبعوا محمّدًا عن آخركم.

قال: وكانت مِيْرَة قريش ومنافعهم من اليمامة، ثم خرج فحبسَ عنهم ما كان يأتيهم منها من ميرتهم ومنافعهم، فلما أضرَّ بهم كتُبوا إلى رسولِ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: إنَّ عهْدَنا بك وأنْتَ تأمرُ بصلَةِ الرَّحِم، وتحضُّ عليها، وإنَّ ثمامةَ قد قطع عنا ميرتنا وأضرَّ بنا، فإنْ رأيت أن تكتَب إليه أنْ يخلّي بيننا وبين مِيْرَتنا فافْعَل. فكتب إليه رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أنْ: "خَلِّ بَيْنَ قَوْمِي وَبَيْنِ مِيرَتهم".

وكان ثمامةُ حين أسلم قال: يا رسول الله؛ والله لقد قدمتُ عليكَ وما على وَجْهِ الأرض وجه أبغَض إليَّ من وَجْهِك، ولا دين أبْغَض إليَّ من دينك، ولا بلد أبغض إليّ من بلدك، وما أصبحَ على وجْهِ الأرض وجهٌ أحبّ إلي من وجهك، ولا دين أحبّ إليَّ من دينك، ولا بلد أحبّ إليّ من بلَدك‏.(*)

وقال محمد بن إسحاق: ارتدَّ أهلُ اليمامةِ عن الإسلام غير ثمامة بن أُثال. ومن اتّبعه من قومه، فكان مقيمًا باليمامة ينهاهم عن اتباع مسيلمة وتصديقه، ويقول: إياكم وامرأ مُظْلِمًا لا نورَ فيه، وإنه لشقاءٌ كتبه اللّهُ عزَّ وَجَل على من أخذ به منكم، وبلاءٌ على مَنْ لم يأْخُذ به منكم يا بَنِي حنيفة.

فلما عصَوْه ورأْى أنهم قد أصفقوا على اتِّباع مسيلمة عزم على مُفارقتهم، ومرّ العَلَاء ابن الحضرميّ ومَن تبعه على جانبِ اليمامة، فلما بلغه ذلك قال لأصحابه من المسلمين: إني والله ما أرى أنْ أُقيمَ مع هؤلاء مع ما قد أَحدثوا، وإنّ الله تَعَالى لضاربُهم ببليَّةٍ لا يَقُومون بها ولا يَقْعدون، وما نرى أنْ نتخلَّفَ عن هؤلاء وهم مسلمون، وقد عرَفْنَا الذي يريدون، وقد مرُّوا قريبًا، ولا أرى إلا الخروج إليهم، فمن أراد الخروج منكم فليخرُجْ. فخرج ممدًّا للعلاء بن الحضرميّ، ومعه أصحابُه من المسلمين، فكأنّ ذلك قد فَتَّ في أعضاد عدوّهم حين بلغهم مدَدُ بني حنيفة‏.

وقال ثمامة بن أُثال في ذلك:‏‏ [الطويل]

دَعَانَا إلَى تَرْكِ الدِّيَانَةِ وَالهُدَى مُسَيْلَمَةُ الكَذَّابُ إذْ جَاءَ يَسْجَعُ

فَيَا عَجَبًا مِنْ مَعْشَرٍ قَدْ تَتَابَعُوا لَهُ فِي سَبِيلِ الغَيِّ وَالغَيُّ أَشْنَعُ

في أبيات كثيرة ذكرها ابنُ إسحاق في الرّدة وفي آخرها:‏ [‏الطويل]

وَفِي البُعْدِ عَنْ دَارٍ وَقَدْ ضَلَّ أَهْلُهَا هدًى وَاجْتِمَاعٌ كُلُّ ذَلِكَ مَهْيَعُ

وروى ابن عُيَيْنة عن ابن عجلان عن سعيد المَقْبُريّ عن أبي هريرة نحو حديث عُمارة ابن غزيّة، ولم يذكر الشّعر، وبعث رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فراتَ بن حيَّان إلى ثمامة بن أثال في قتال مسيلمة وقتله‏.(*)
(< جـ1/ص 287>)
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال