تسجيل الدخول


سراقة بن جعشم

1 من 1
سُرَاقَةُ بن مالك

ابن جُعْشُم بن مالك بن عَمْرو بن مالك بن تَيْم بن مُدْلِج بن مُرَّةَ بن عَبْد مَنَاة بن كِنَانة.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني مَعْمَر عن الزُّهْرِيّ عن عبد الرحمن بن مالك بن جُعْشُم عن سُرَاقَة بن جُعْشُم قال: جاء ناس من قريش يجعلون في رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وأبي بكر ديةَ كل واحد منهما لمن قتلهما أو أسرهما، يعني حين خرجا إلى الهجرة، قال سراقة: فبينا أنا جالس في مجلس من مجالس قومي من بني مُدْلِج أقبل رجل منهم حتى قام علينا فقال: يا سُرَاقَ، إني قد رأيت آنفًَا أَسْوَدِةً بالساحل أراها محمدًا وأصحابه، قال سراقة: فعرفت أنهم هم، فقلت له: إنهم ليسوا بهم، ولكن رأيت فلانًا وفلانًا وفلانًا، انطلقوا بغيانًا.

قال: ثم تَلَبَّثْتُ في المجلس ساعة، ثم قمت فدخلت بيتي، وأمرت جاريتي أن تخرج إلي فرسى وهي من وراء أَكَمَة تَحْبِسها عَلَيّ، وأخذت رمحي فخرجت به من ظهر البيت فخططت بزُجِّه الأرضَ وخَفَضْتُ عالِيةَ الرمح حتى أتيتُ فرسي فَرَكِبْتُها، فَرَفَعْتُها تُقَرِّب بي حتى رأيت أَسْودَتَهم، فلما دَنَوْتُ منه بحيث يُسْمِعُهم الصوتُ عَثَرَتْ فرسي، فخررت عنها فأَهْوَيْتُ إلى كِنَانَتِي فاستخرجتُ الأزلام فاستقسمت بها: أَضُرُّهم أَمْ لاَ، فخرج الذي أَكْرَه أن لا أضرهم.

فعصيت الأزلام فركبت فرسي تُقَرِّب بي، حتى إذا دنوت من القوم عثرت بي، فقمت فأهويت بيدي إلى كنانتي فاستخرجت الأزلام فاستقسمت بها فخرج الذي أكره أن لا أضرهم، فركبت فرسي فرفعتها تقرب بي، حتى سمعتُ قراءة رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وهو لا يلتفت وأبو بكر يكثر الالتفات، فساخت يَدَا فرسي في الأرض حتى بلغتا الركبتين، فَخَرَرْتُ عنه، ثم زَجَرْتُها فَنَهَضَتْ ولم تَكَد تُخْرِج يَدَيْها، فلما استوت قائمة إِذَا ِلأَثَرِ يديها عُثَانٌ ساطعٌ في السماء مثل الدخان، فاستقسمت بالأزلام فخرج الذي أكره أن لا أضرهما، فناديتهما بالأمان، فوقفا لي، فركبت فرسي حتى جئتهم فوقع في نفسي حين لقيتُ ما لقيتُ من الحَبْس عنهم أنه سَيَظْهَرُ أَمْرُ رسولِ الله صَلَّى الله عليه وسلم.

فقلت لهما: إن قومكما قد جعلوا فيكما الدية، وأخبرتهم من أخبار سفرهم وما يريد الناس بهم، وعرضت عليهم الزاد والمتاع فلم يَرْزَآنِي شيئًا ولم يسألوني، إلا أن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، قال: "أَخْفِ عَنَّا". فسألته أن يكتب لي كتابًا موادعة آمن به، فأمر عامر بن فُهَيْرَة أن يكتب لي في رُقْعَة أَدِيم، ثم مضى، فوالله ما ذكرتُ من أمره حرفًا حتى أعزَّه الله وأظهره.

فلما كان بين الطائف والجعرانة لقيته فتخلصت إليه فوقفت في مِقْنَب من خيل الأنصار، فجعلوا يقرعونَني بالرماح ويقولون: إليك إليك ما أنت وما تريد، وأنكروني حتى إذا دنوت وعرفت أنه يسمع أخذت الكتاب الذي كتبه فجعلته بين أصبعي ثم رفعت يدي إليه وناديت: أنا سراقة بن جعشم وهذا كتابي، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "هذا يَوْمُ وَفَاءٍ وَبِرٍّ أدنوه"، فأُدنيت إليه فكأني أنظر إلى ساق رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، في غَرْرِهِ كأنها جُمَّارَة، فلما انتهيت إليه أسلمتُ وسُقْتُ إليه الصَّدقة فما ذكرتُ شيئًا أسأله عنه إلا أني قلتُ: يا رسول الله أرأيت الضَّالَةَ من الإبل تَغْشَى حِياضي وقد مََلأْتُها لإِبلي هل لي من أجر أسقيها؟! فقال: "نعم، في كل كَبِدٍ حَرَّى أَجْرٌ".(*)

قال محمد بن عمر: وفي حديث غير معمر قال: فرجع سراقة فوجد الناس يلتمسون رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: ارجعوا، فقد استبرأت لكم، ما ها هنا، قد عرفتم بصرى بالأثر، فرجعوا عنه.
(< جـ6/ص 148>)
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال