1 من 1
سعيد بن العاص
ابن سعيد بن أُحَيْحَة بن العاص بن أُميّة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قُصَيّ، وأمّه أمّ كلثوم بنت عَمرو بن عبد الله بن أبي قَيس بن عَبد وُدّ بن نَصْر بن مالك بن حِسْلِ بن عامر بن لؤيّ، وأمّها أمّ حبيب ابنة العاص بن أُميّة بن عبد شمس. فَوَلَدَ سعيدُ بن العاص: عثمانَ الأكبر دَرَج، ومحمدًا، وعَمْرًا، وعبدَ الله الأكبر درج، والحَكَمَ درج، وأمُّهم أمّ البنين ابنة الحكم بن أبي العاص بن أُميّة، وعبد الله بن سعيد وأمُّه أمّ حبيب بنت جُبَيْر بن مُطْعِم بن عديّ بن نوفل، ويحيَى بن سعيد، وأيّوبَ درج، وأمّهما العالية ابنة سلمَة بن يزيد بن مَشْجَعَة بن المُجَمِّع بن مالك بن كعب بن سعد بن عوف بن حَريم بن جُعْفِيّ بن سعد العَشيرة مِن مَذْحِج.
وأبان بن سعيد، وخالدًا، والزّبيرَ درجا، وأمّهم جُوَيْرِية بنت سفيان بن عُويف بن عبد الله بن عامر بن هلال بن عامر بن عوف بن الحارث بن عبد مناة بن كنانة.
وعثمان الأصغر بن سعيد، وداودَ، وسليمان، ومعاويةَ، وآمنةَ وأمُّهم أمّ عمرو ابنة عثمان بن عفّان، وأمّها رَمْلَة بنت شيبة بن ربيعة بن عبد شمس.
وسليمانَ الأصغر بن سعيد، وأمُّه أمّ سلَمة بنت حبيب بن بُجير بن عامر بن مالك ابن جعفر بن كلاب، وسعيدَ بن سعيد وأمّه مريم بنت عثمان بن عفّان، وأمُّها نائلة بنت الفرافصَة بن الأحوص من كلب، وعنبسةَ بن سعيد لأمّ ولد، وعُتْبَةَ بن سعيد لأمّ ولد، وعُتبة بن سعيد، ومريم وأمّهما أُمّ ولد.
وإبراهيمَ بن سعيد وأمّه بنت سلمَة بن قيس بن عُلاثة بن عوف بن الأحوص بن جعفر ابن كلاب، وجريرَ بن سعيد، وأمَّ سعيد ابنةَ سعيد وأمّهما عائشة بنت جرير بن عبد الله البَجَلي، وَرَمْلةَ بنت سعيد، وأمَّ عثمان بنت سعيد، وأميمة بنت سعيد وأمّهنّ أُميمة بنت عامر بن مالك بن عامر بن عمرو بن ذُبيان بن ثعلبة بن عَمرو بن يَشْكُر مِن بَجيلة وهي أخت أبي أراكة وأمها الرُّواع ابنة جرير بن عبد الله البَجَلي، وحفصةَ بنت سعيد، وعائشة الكبرى، وأمَّ عمرو، وأمَّ يحيَى وفَاخِتَةَ، وأمَّ حبيب الكبرى، وأمَّ حبيبِ الصّغْرى، وأمَّ كلثوم، وسارة، وأمَّ داود وأمَّ سليمان، وأمَّ إبراهيم، وحُميدَةَ وهنّ لأمّهات أولاد شتّى، وعائشة الصغرى ابنة سعيد وأمّها أمّ حبيب ابنة بُجير بن عامر بن مالك بن جعفر ابن كلاب.
قالوا: وقُبض رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وسعيد بن العاص ابن تسع سنين أو نحوها وذلك أنّ أباه العاص بن سعيد بن العاص بن أُميّة قُتل يوم بدر كافرًا.
وقال عمر بن الخطّاب لسعيد بن العاص: ما لي أراك مُعْرِضًا كأنّك ترى أني قتلتُ أباك؟ ما أنا قتلته، ولكنّه قتله عليّ بن أبي طالب، ولو قتلتُه ما اعتذرتُ من قتل مُشرِك، ولكني قتلتُ خالي بيدي: العاصَ بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عُمر بن مخزوم. فقال سعيد بن العاص: يا أميرَ المؤمنين، لو قتلتَه كنتَ على حقّ وكان على باطل. فَسَرَّ ذلك عمرَ منه.
قال: أخبرنا الوليد بن عطاء بن الأغرّ، وأحمد بن محمّد بن الوليد الأزرقيّ قالا: حدّثنا عمرو بن يحيَى بن سعيد الأمويّ، عن جدّه، أنّ سعيد بن العاص أتَى عمر يستزيده في داره التي بالبلاط وخِطَط أعمامه مع رسول الله. صَلَّى الله عليه وسلم، فقال عمر: صَلّ معي الغداة وغَبِّشْ ثمّ أذْكرْني حاجتك. قال ففعلتُ حتى إذا هو انصرف قلتُ: يا أمير المؤمنين حاجتي التي أمَرتَني أن أذكرها لك. قال فوثب معي ثمّ قال: امْضِ نحو دارك، حتى انتهيتُ إليها فزادني وخطّ لي برجله فقلتُ: يا أمير المؤمنين زِدْني فإنّه نبتت لي نابتة من ولد وأهل. فقال: حسبُك وأخْتَبِىء عندك أن سيَلي الأمرَ بعدي من يصل رحمك ويقضي حاجتك. قال فمكثتُ خلافة عمر بن الخطّاب حتى استُخلف عثمان وأخذها عن شورى ورِضًى فوصلني وأحسن وقضى حاجتي وأشركني في أمانته.
قالوا ولم يزل سعيد بن العاص في ناحية عثمان بن عفّان للقرابة، فلمّا عزل عثمانُ الوليدَ بن عُقْبة بن أبي مُعَيْط عن الكوفة، دعا سعيدَ بن العاص واستعمله عليها، فلمّا قدم الكوفة قدمها شابًّا مترفًا ليست له سابقة فقال: لا أصعدُ المنبر حتى يُطَهَّر، فأمر به فغُسل، ثم صعد المنبر فخطب أهل الكوفة وتكلّم بكلام قَصَّر بهم فيه ونسبهم إلى الشقاق والخلاف فقال: إنّما هذا السواد بُستان لأُغَيْلِمة من قريش. فشكوه إلى عثمان فقال: كلمّا رأى أحدكم من أميره جَفْوة أرادنا أن نعزله!
وقدم سعيد بن العاص المدينة وافدًا على عثمان فبعث إلى وجوه المهاجرين والأنصار بصلاتٍ وكُسًى، وبعث إلى عليّ بن أبي طالب أيضًا فقبل ما بعث إليه وقال عليّ: إنّ بني أُميّة ليفوّقوني تراثَ محمد صَلَّى الله عليه وسلم، تفوّقًا، والله لئن بقيت لهم لأنّفضنهم من ذلك نَفْضَ القصّاب التِّرابَ الوَذِمَةَ. ثم انصرف سعيد بن العاص إلى الكوفة فأضَرّ بأهلها إضرارًا شديدًا وعمل عليها خمس سنين إلّا أشهرًا.
وقال مرّة بالكوفة: من رأى الهلال منكم؟ وذلك في فطر رمضان، فقال القوم: ما رأيناه. فقال هاشم بن عُتْبة بن أبي وقّاص: أنا رأيتُه. فقال له سعيد بن العاص: بعينك هذه العوراء رأيتَه من بين القوم؟ فقال هاشم: تعيّرني بعيني وإنّما فُقِئتْ في سبيل الله! وكانت عينه أصيبت يوم اليرْموك ثمّ أصبح هاشم في داره مفطرًا وغدّى النّاسَ عنده، فبلغ ذلك سعيدَ بن العاص فأرسل إليه فضربه وحَرّق داره، فخرجت أمُّ الحَكَم بنت عُتْبة ابن أبي وقّاص - وكانت من المهاجرات - ونافع بن أبي وقّاص من الكوفة حتى قدما المدينة فَذَكَرَا لِسَعْد بن أبي وقّاص ما صنع سعيد بهاشم، فأتى سعد عثمانَ فذكر ذلك له فقال عثمان: سعيد لكم بهاشم اضْربوه بضربه، ودار سعيد لكم بدار هاشم فأحرِقوها كما حرّق داره. فخرج عمر بن سعد بن أبي وقّاص وهو يومئذٍ غلام يسعى حتى أشعل النار في دار سعيد بالمدينة.
فبلغ الخبر عائشة فأرسلت إلى سعد بن أبي وقّاص تطلب إليه وتسأله أن يكفّ، ففعل ورحل من الكوفة إلى عثمان الأشترُ مالك بن الحارث، ويزيد بن مكفّف، وثابت بن قيس، وكُمَيْل بن زِياد النّخَعي، وزيد وصَعْصَعة ابنا صوحان العَبْدِيّان، والحارث بن عبد الله الأعور، وجُنْدب بن زهير، وأبو زينب الأزْديّان، وأصْغَر بن قيس الحارثي، يسألونه عزل سعيد بن العاص عنهم.
ورحل سعيد وافدًا على عثمان فوافقهم عنده، فأبى عثمان أن يعزله عنهم وأمره أن يرجع إلى عمله. فخرج الأشترُ من لَيلته في نفرٍ من أصحابه فسار عشر ليال إلى الكوفة فاستولى عليها وصعد المنبر فقال: هذا سعيد بن العاص قد أتاكم يزعم أنّ هذا السواد بستان لأُغَيْلِمَة من قريش، والسواد مَساقط رءوسكم ومراكز رماحكم وفَيْؤُكم وفَيْءُ آبائكم، فمن كان يرى لله عليه حقًّا فلينهضْ إلى الجَرَعة.
فخرج الناس فعسكروا بالجَرَعة ــ وهي بين الكوفة والحيرة ــ وأقبل سعيد بن العاص حتى نزل العُذيب، فدعا الأشترُ يزيد بن قيس الأرْحبيّ وعبد الله بن كنانة العَبْدي، وكانا مِحْرَبين فعقد لكلّ واحدٍ منهما على خمسمائة فارس وقال لهما: سيرا إلى سعيد بن العاص فأزْعِجاه وألحِْقاه بصاحبه، فإنْ أبَى فاضربا عنقه وأتياني برأسه. فأتياه فقالا له: ارْحَلْ إلى صاحبك. فقال: إِبلي أنْضَاءٌ أعْلِفها أيّامًا ونقدم المصر فنشتري حوائجنا ونتزوّد ثمّ أرتحلّ. فقالا: لا والله ولا ساعةً، لترحلنّ أو لَنَضْرِبَنَّ عنقك.
فلمّا رأى الجدّ منهما ارتحل لاحقًا بعثمان. وأتيا الأشترَ فأخبراه، وانصرف الأشتر من معسكره إلى الكوفة فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال: والله يا أهلَ الكوفة ما غضبتُ إلا لله ولكم وقد ألحقْنا هذا الرجلَ بصاحبه، وقد وليَّت أبا موسى الأشعري صلاتكم وثغركم، وحُذَيْفة بن اليَمَان على فَيْئكم. ثمّ نزل وقال: يا أبا موسى، اصعدْ فقال أبو موسى: ما كنتُ لأفعل، ولكن هلمّوا فبايعوا لأمير المؤمنين عثمان وجَدّدوا له البَيعة في أعناقكم، فأجابه الناس إلى ذلك فقبل ولايتهم، وجدّد البيعة لعثمان في رقابهم، وكتب إلى عثمان بما صنع فأعجب ذلك عثمان وسرّه فقال عُتْبَة بن الوَغْلُ التّغْلبي شاعر أهل الكوفة:
تصَدّقْ علينا اِبْنَ عَفّانَ واحْتَسبْ وأَمِّرْ علينا الأَشْعرِيَّ لياليا
فقال عثمان: نعم وشهورًا وسنين إن بقيتُ.
وكان الذي صنع أهلُ الكوفة بسعيد بن العاص أوّل وَهْن دخل على عثمان حين اجتُرىء عليه. ولم يزل أبو موسى واليًا لعثمان على الكوفة حتى قُتل عثمان. ولم يزل سعيد بن العاص - حين رجع عن الكوفة - بالمدينة حتى وثب الناس بعثمان فحصروه، فلم يزل سعيد معه في الدار يلزمه فيمن يلزمه لم يفارقه ويقاتل دونه.
أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني عبد الله بن يزيد الهُذَلي عن عبد الله بن ساعدة قال: جاء سعيد بن العاص إلى عثمان فقال: يا أمير المؤمنين، إلى متى تُمْسِك بأيدينا؟ قد أكلنا أكلًا هؤلاء القومُ، منهم مَن قد رمانا بالنَّبل ومنهم مَن قد رمانا بالحجارة ومنهم شاهرٌ سيفَه! فمُرْنا بأمرك. فقال عثمان: إني والله ما أريد قتالهم ولو أردتُ قتالهم لرجوتُ أن أمتنع منهم ولكنّي أكلُهم إلى الله وأكلُ مَنْ أَلَّبَهُم عَلَيَّ إلى الله، فإنّا سنجتمع عند ربّنا، فأمّا قتال، فوالله ماآمُرك بقتال. فقال سعيد: والله لا أَسأل عنك أحدًا أبدًا. فخرج فقاتل حتى أُمّ.
أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني الحَكَم بن القاسم، عن مُصْعَب بن محمّد بن عبد الله بن أبي أُميّة قال: حدّثني من رأى سعيد بن العاص يومئذٍ يقاتل فضربه رجل يومئذٍ ضربة مأمومةً فلقد رأيتُه وإنّه ليسمع الرعد فيُغْشَى عليه.
قالوا: فلمّا خرج طلحة، والزّبير، وعائشة من مكّة يريدون البصرة خرج معهم سعيد ابن العاص، ومَرْوان بن الحكَم، وعبد الرحمن بن عتّاب بن أسيد، والمُغيرة بن شُعْبَة، فلمّا نزلوا مَرَّ الظّهْران، ويقال ذات عِرْق، قام سعيد بن العاص فحمد الله وأثْنى عليه ثمّ قال: أمّا بعدُ فإنّ عثمان عاش في الدنيا حميدًا وخرج منها فقيدًا وتوفّي سعيدًا شهيدًا فضاعف الله حسناته، وحَطّ سيّئاته ورفع درجاته مَعَ الذّينَ أنَْعَمَ الله عَلَيْهِمْ مِنَ النّبِيّينَ وَالصّدّيقِينَ وَالشّهَداءِ وَالصّالحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفيقًا، وقد زعمتم أيّها الناس أنّكم إنّما تخرجون تطلبون بدم عثمان، فإن كنتم ذلك تريدون، فإنّ قَتَلَة عثمان على صدور هذه المَطيّ وأعجازها فميلوا عليهم بأسيافِكم، وإلّا فانصرِفوا إلى منازلكم ولا تقتلوا في رضى المخلوقين أنفسكم، ولا يُغْني الناسُ عنكم يوم القيامة شيئًا. فقال مروان بن الحَكَم: لا بل نضرب بعضهم ببعض فمن قُتل كان الظفر فيه ويبقى الباقي فنطلبه وهو واهن ضعيف.
وقام المغيرة بن شعبة فحمد الله وأثنى عليه وقال: إنّ الرأي ما رأى سعيد بن العاص، من كان من هوازن فأحبّ أن يتبعني فليفعل. فتبعه منهم أناس وخرج حتى نزل الطائف فلم يزل بها حتى مضى الجَمَلُ وصِفّينَ.
ورجع سعيد بن العاص بمن اتّبعه حتى نزل مكّة فلم يزل بها حتى مضى الجمل وصفّين ومضى طلحة والزّبير وعائشة ومعهم عبد الرحمن بن عتّاب بن أسيد ومروان بن الحكم ومن اتّبعهم من قريش وغيرهم إلى البصرة فشهدوا وقعة الجمل.
فلمّا ولي معاوية الخلافة ولّى مروان بن الحكم المدينة ثمّ عزله، وولّاها سعيد بن العاص ثمّ عزله، وولّاها مروان بن الحكم ثمّ عزله عنها، وولّاها سعيد بن العاص فمات الحسن بن عليّ بن أبي طالب في ولايته تلك سنة خمسين بالمدينة فصلّى عليه سعيد بن العاص.
(< جـ7/ص 33>)