1 من 2
سعيد بن زيد
ابن عمرو بن نفيل بن عبد العُزّى بن رياح بن عبد الله بن قُرْط بن رَزاح بن عدّي بن كعب بن لؤيّ، ويكنى أبا الأعور وأمّه فاطمة بنت بَعْجَة بن أُميّة بن خُويلد بن خالد بن المعمّر بن حَيّان بن غَنْم بن مُليح من خزاعة، وكان أبوه زيد بن عمرو بن نُفيل يَطْلُبُ الدّين وقدم الشأم فسأل اليهود والنصارى عن العلم والدين فلم يُعْجِبْه دينهم، فقال له رجل من النصارى: أنت تلتمس دين إبراهيم، فقال زيد: وما دين إبراهيم؟ قال: كان حنيفًا لا يَعْبُدُ إلّا اللهَ وحده لا شريك له، وكان يُعادي من عَبَدَ من دون الله شيئًا، ولا يأكل ما ذُبح على الأصنام، فقال زيد بن عمرو: وهذا الذي أعرف وأنا على هذا الدين، فأمّا عبادة حجر أو خشبة أنْحِتُها بيدي فهذا ليس بشيء. فرجع زيد إلى مكّة وهو على دين إبراهيم.
قال أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني عليّ بن عيسى الحكمي عن أبيه عن عامر بن ربيعة قال: كان زيد بن عمرو بن نُفيل يطلب الدين وكره النصرانيّة واليهوديّة وعبادة الأوثان والحجارة، وأظهر خلاف قومه واعتزالَ آلهتهم وما كان يعبد آباؤهم ولا يأكل ذبائحهم، فقال لي: يا عامر إني خالفتُ قومي واتّبعتُ ملّة إبراهيم وما كان يعبد وإسماعيل من بعده، وكانوا يصلّون إلى هذه القبلة، فأنا أنتظر نبيًّا من ولد إسماعيل يُبْعثُ ولا أراني أدْركه، وأنا أُومن به وأُصَدّّقه وأشهد أنّه نبيّ، فإنْ طالت بك مدّةٌ فرأيتَه فأقْرِئْهُ منّي السلام. قال عامر: فلما تنبّأ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، أسلمتُ وأخبرتُه بقول زيد بن عمرو وأقْرأتُه منه السّلام فردّ عليه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ورَحّم عليه وقال: "قد رأيتُه في الجنّة يسْحَبُ ذُيولًا".(*)
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سَبْرَة عن موسى ابن ميسرة عن ابن أبي مُليكة عن حُجير بن أبي إهاب قال: رأيتُ زيد بن عمرو وأنا عند صنم بُوانة بعدما رجع من الشأم وهو يراقب الشمس فإذا زالت استقبل الكعبة فصلّى ركعة وسجدتين ثمّ يقول: هذه قِبْلَةُ إبراهيم وإسماعيل، لا أعبد حجرًا ولا أُصَلّي له ولا أذبَحُ له ولا آكل ما ذُبح له ولا أستقسم بالأزلام ولا أصلّي إلا إلى هذا البيت حتى أموت. وكان يحجّ فيقف بعرفة، وكان يلبّي يقول: لَبّيْكَ لا شَرِيكَ لك ولا نِدّ لك، ثمّ يدفع من عرفة ماشيًا وهو يقول: لَبّيْكَ متعبّدًا لك مرقوقًا.
قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: أخبرنا وهيب قال: وأخبرنا المعلى بن أسد عن عبد العزيز بن المختار قال: وأخبرنا مالك بن إسماعيل أبو غسّان قال: أخبرنا زهير بن معاوية قالوا جميعًا أخبرنا موسى بن عقبة قال: أخبرني سالم بن عبد الله أنّه سمع عبدَ الله بن عمر يحدّث عن رسول الله أنّه لقي زيد بن عمرو بن نُفيل بأسفل بَلْدَح وذلك قبل أن ينزلَ على رسول الله الوحيُ، فَقَدَّمَ إليه رسول الله سُفْرَة فيها لحم فأبَى أن يأكل منها ثمّ قال: إني لا آكل ممّا تذبحون على أنصابكم ولا آكل ممّا لم يُذْكَر اسم الله عليه. (*)
قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: أخبرنا وهيب قال: أخبرنا موسى بن عقبة قال: سمعتُ سالمًا أبا النضر يحدّث، ولا أعلمه إلا عن محمّد بن عبد الله بن جحش، أنّ زيد بن عمرو كان يعيب على قريش ذبائحهم ثمّ يقول: الشاةُ خَلَقَها الله وأنزلَ من السماءِ ماءً وأنْبتَ لها الأرض ثمّ يذبحونها على غير اسم الله، إنكارًا لذلك وإعظامًا له لا آكُلُ ممّا لم يُذكر اسم الله عليه.
قال: أخبرنا أبو أُسامة حمّاد بن أُسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن أسماءَ بنت أبي بكر قالت: رأيتُ زيد بن عمرو بن نُفيل قائمًا مُسْنِدًا ظهره إلى الكعبة يقول: يا معشر قريش، ما منكم اليوم أحدٌ على دين إبراهيم غيري. وكان يحيي الموْءُودَه يقول للرجل إذا أراد أن يقتلَ ابنتَه: مَهْلًا لا تَقْتُلْهَا أنا أكْفِيكَ مَئُونتها، فيأخذها فإذا ترعرعت قال لأبيها: إن شئتَ دفعتُها إليك وإن شئتَ كفيتك مؤونتها.
قال: أخبرنا أبو أسامة عن مجالد عن عامر قال: سُئل النبيّ عن زيد بن عمرو بن نُفَيل فقال: "يُبْعَثُ يومَ القيامة أمّةً وَحْدَهُ".(*)
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني موسى بن شيبة عن خارجة بن عبد الله بن كعب بن مالك قال: سمعتُ سعيد بن المسيّب يذكر زيد بن عمرو بن نُفيل فقال: توفّي وقريش تبني الكعبة قبل أن ينزل الوحي على رسول الله بخمس سنين، ولقد نَزَلَ به وإنّه ليقول أنا على دين إبراهيم. فأسلم ابنه سعيد بن زيد أبو الأعور واتّبع رسول الله، وأتى عمرُ بن الخطاب وسعيد بن زيد رسول الله فسألاه عن زيد بن عمرو فقال رسول الله: "غفر الله لزيد بن عمرو ورحمه، فإنّه مات على دين إبراهيم". قال فكان المسلمون بعد ذلك اليوم لا يذكره ذاكر منهم إلًا ترحّم عليه واستغفر له. ثمّ يقول سعيد بن المسيّب رحمه الله وغفر له. (*)
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني زكريّاء بن يحيَى السعيدي عن أبيه قال: مات زيد بن عمرو فدُفن بأصل حِراءٍ.
قال: وكان لسعيد بن زيد من الولد عبد الرحمن الأكبر لا بقيّة له وأمّه رَمْلَة، وهي أمّ جميل بنت الخطاب بن نُفيل، وزيد لا بقيّة له، وعبد الله الأكبر لا بقيّة له، وعاتكة، وأمّهم جليسة بنت سُويد بن صامت، وعبد الرحمن الأصغر لا بقيّة له، وعمر الأصغر لا بقيّة له، وأمّ موسى وأمّ الحسن، وأمّهم أمامة بنت الدُّجيج من غسّان، ومحمد وإبراهيم الأصغر وعبد الله الأصغر وأمّ حبيب الكبرى وأمّ الحسن الصغرى وأمّ زيد الكبرى وأمّ سلمة وأمّ حبيب الصغرى وأمّ سعيد الكبرى توفّيت قبل أبيها، وأمّ زيد وأمّهم حَزْمَة بنت قيس بن خالد بن وهب بن ثعلبة بن واثلة بن عمرو بن شيبان بن محارب بن فهر، وعمرو الأصغر والأسود وأمّهما أمّ الأسود امرأة من بني ثعلب، وعمرو الأكبر، وطلحة هلك قبل أبيه لا بقية له، وزُجْلَة امرأة وأمّهم ضُبْخ بنت الأصبغ بن شعيب بن ربيع بن مسعود بن مصاد بن حصن بن كعب بن عُليم من كلب، وإبراهيم الأكبر وحفصة وأمّهما ابنة قربة من بني تغلب، وخالد وأمّ خالد توفّيت قبل أبيها وأمّ النعمان وأمّهم أمّ خالد أمّ ولد، وأمّ زيد الصغرى وأمّها أمّ بشير بنت أبي مسعود الأنصاريّ، وأمّ زيد الصغرى كانت تحت المختار بن أبي عُبيد وأمّها من طَيء، وعائشة وزينب وأمّ عبد الحَوْلاءِ وأمّ صالح وأمّهم أمّ ولد.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا محمد بن صالح عن زيد بن رومان قال: أسلم سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفيل قبل أن يدخل رسول الله دار الأرقم وقبل أن يدعو فيها.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا عبد الجبّار بن عُمارة عن عبد الله بن أبي بكر بن محمّد بن عمرو بن حَزْم قال: لما هاجر سعيد بن زيد إلى المدينة نزل على رِفاعة بن عبد المنذر أخي أبي لُبابَة.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال حدّثنيه عبد الملك بن زيد من ولد سعيد بن زيد عن أبيه قال: آخى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، بين سعيد بن زيد ورافع بن مالك الزّرَقّي. (*)
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سَبْرَة عن المِسْوَر بن رفاعة عن عبد الله بن مِكْنَف من بني حارثة من الأنصار. قال محمد بن عُمر: وسمعتُ بعض هذا الحديث من غير ابن أبي سَبْرَة، قالوا لما تَحَيَّن رسولُ الله فصولَ عِير قريش من الشأم بعث طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد بن عمرو بن نُفيل، قبل خروجه من المدينة بعشر ليالٍ يتحسّبان خبر العير، فخرجا حتى بلغا الحوراءَ فلم يزالا مقيمين هناك حتى مرّت بهما العير، وبلغ رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم، الخبرُ قبل رجوع طلحة وسعيد إليه فندب أصحابه وخرج يريد العير، فساحلت العير وأسرعت، وساروا الليل والنهار فَرَقًا من الطلبة، وخرج طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد يريدان المدينة ليخبرا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، خبرَ العير ولم يَعلما بخروجه، فقدما المدينة في اليوم الذي لاقَى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فيه النفير من قريش ببدر، فخرجا من المدينة يعترضان رسول الله فلقياه بتُرْبانَ فيما بين مَلَل والسيّالة على المحجّة منصرفًا من بدر، فلم يشهد طلحة وسعيد الوقعة، وضرب لهما رسولُ الله بسُهْامهما وأجورهما في بدر، فكانا كمن شهدها.(*) وشهد سعيدٌ أُحُدًا والخندق والمشاهد كلّها مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم.
قال: أخبرنا يحيَى بن سعيد الأمويّ قال: أخبرنا عُبيدة بن مُعتِّب عن سالم بن أبي الجَعْد عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفيل قال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "اثْبُتْ حِراءُ فإنّه ليس عليك إلّا نبيّ أو صدّيق أو شهيد" قال فسمّى تسعةً: رسول الله وأبا بكر وعمر وعليًّا وعثمان وطلحة والزّبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن مالك، وقال: لو شئتُ أن أُسمّيَ العاشرَ لفعلْتُ، يعني نفسه.(*)
قال: أخبرنا الحجّاج بن المِنْهال قال: أخبرنا حمّاد بن سلمة عن الكلبيّ عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفيل قال: قال رسول الله: "عشرةٌ من قريش في الجنّة: أبو بكر وعمر وعثمان وعليِّ وطلحة والزّبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن مالك وسعيد بن زيد بن عمرو بن نُفيل وأبو عُبيدة بن الجرّاح".(*)
قال: أخبرنا أنس بن عياض الليثي عن يحيَى بن سعيد قال: أخبرني نافع عن عبد الله بن عمر أنّه استُصْرِخَ على سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفيل يومُ الجمعة بعدما ارتفع الضّحى فأتاه ابن عمر بالعقيق وتَرَكَ الجُمعَة.
قال: أخبرنا عبد الله بن نُمير قال: أخبرنا عبيد الله، يعني ابن عمر، عن أبي عبد الجبّار قال: سمعتُ عائشة بنت سعد بن مالك تقول: غَسّلَ أبي سعدُ بن مالك سعيدَ بن زيد بن عمرو بن نفيل بالعقيق ثمّ احتملوه يمشون به حتى إذا حاذى سعد بداره دخل ومعه الناس، فدخل البيت فاغتسل ثمّ خرج فقال لِمَنْ معه: إني لم أغْتَسِلْ من غُسْلِ سعيدٍ إنّما اغتسلتُ من الحَرّ.
قال: أخبرنا أنس بن عياض أبو ضمرة الليثي عن عبيد الله بن عمر عن نافع أنّ ابن عمر حنّط سعيد بن زيد وحمله ثمّ دخل المسجد فصلّى ولم يتوضّأ.
قال: أخبرنا عبد الله بن نُمير عن عبيد الله بن عمرو عن نافع عن ابن عمر أنّه حنط سعيد بن زيد بن نفيل فقيل له: نَأتيك بمِسْك؟ فقال: نعم، وأيّ طيبٍ أطيب من المسك؟
قال: أخبرنا وكيع بن الجرّاح ومعن ابن عيسى قالا: أخبرنا عبد الله بن عمر العمريّ عن نافع عن ابن عمر أنّه اسْتُصِرخَ على سعيد بن زيد يوم الجمعة، وابن عمر يتجهّز للجمعة، فأتاه وترك الجمعة.
قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا يحيَى بن سعيد عن نافع عن ابن عمر أنّه اسْتُصْرِخَ على سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل يوم الجمعة بعدما ارتفع الضّحى فأتاه ابن عمر بالعقيق وترك الجمعة.
قال: أخبرنا معن بن عيسى قال: أخبرنا عبد الله بن عمر عن نافع أنّ سعيد بن زيد مات بالعقيق فحُمل إلى المدينة ودُفن بها.
قال: أخبرنا معن بن عيسى قال: أخبرنا مالك أنه سمع غير واحدٍ يقول: إنّ سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل مات بالعقيق فحُمل إلى المدينة ودُفن بها.
قال: أخبرنا الفضل بن دُكين عن ابن عُيينة عن ابن أبي نجيح عن إسماعيل بن عبد الرحمن قال: دُعيَ ابن عمر إلى سعيد بن زيد وهو يموت وابن عمر يَسْتَجْمِرُ للجمعة، فأتاه وترك الجمعة.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني عبد الملك بن زيد من ولد سعيد بن زيد عن أبيه قال: توفّي سعيد بن زيد بالعقيق فحُمل على رقاب الرجال فدفن بالمدينة ونزل في حفرته سعدٌ وابن عمر وذلك سنة خمسين أو إحدى وخمسين، وكان يوم مات ابن بضع وسبعين سنة، وكان رجلًا طُوالًا آدم أشعر.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا حكيم بن محمد من ولد المطّلب بن عبد مناف عن أبيه أنّه رأى في خاتم سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل آية من كتاب الله، قال محمد بن عمر: وهو الثبت عندنا لا اختلاف فيه بين أهل البلد وأهل العلم قِبَلَنا أنّ سعيد بن زيد مات بالعقيق وحمل فدفن بالمدينة وشَهِدَه سعدُ بن أبي وقّاص وابن عمر وأصحاب رسول الله وقومه وأهل بيته وولده على ذلك يعرفونه ويروونه. وروى أهل الكوفة أنّه مات عندهم بالكوفة في خلافة معاوية بن أبي سفيان وصلّى عليه المغيرة بن شعبة وهو يومئذٍ والي الكوفة لمعاوية.
(< جـ3/ص 352>)
2 من 2
سعيد بن زيد
ابن عمرو بن نُفيل بن عبد العُزّى بن رياح بن عبد الله بن قُرْط بن رَزَاح بن عديّ بن كعب، ويُكنى أبا الأعور، وأمّه فاطمة ابنة بَعْجة بن أُميّة بن خُويْلد بن خالد بن المعمور ابن حيّان بن غنم بن مُليح من خزاعة. وقد شهد بدرًا وقد كان بالكوفة ونزلها ثمّ رجع إلى المدينة وتوفّي بالعَقيق، فحُمل على رقاب الرجال فدُفن بالمدينة، ونزل في حفرته سعد بن أبي وقّاص وابن عمر وذلك في سنة خمسين، وهو يومئذٍ ابن بضع وسبعين سنة. هكذا قال محمد بن عمر في وقت وفاته، وقال غيره: بل مات بالكوفة في خلافة معاوية وصلّى عليه المغيرة بن شُعْبة وهو يومئذٍ والي الكوفة لمعاوية. وقد كتبنا خبره فيمن شهد بدرًا.
(< جـ8/ص 135>)