تسجيل الدخول


أبو خالد يزيد بن أبي سفيان الأموي

يَزِيدُ بن أَبي سُفْيان، واسم أَبي سفيان: صخر بن حَرْب القُرَشِيّ الأُمويّ، أَخو الخليفة معاوية، وكان يقال له: يزيد الخير.
يكنى أَبا خالد، وكانت أُمُّه أُم الحكم زينب بنت نوفل بن خَلَف من بني كنانة، وقيل: اسمها هند بنت حبيب بن يزيد، وهومن فضلاء الصحابة، ومن مسلمة الفتح، واستعمله النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم على صدقات بني فراس، وكانوا أخواله، ولم يعقب من بيت أبي سفيان ولدًا، وشَهِدَ مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم حنينًا وأعطاه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم مِن غنائم حُنين مائة مِن الإبل وأربعين أوقية وَزَنـَها له بلال(*).
لما قفل أبو بكر من الحج ـــ يعني سنة اثنتي عشرة ــ بعث أبو بكر أمراءه إلى الشام: يزيد بن أبي سفيان، وعَمرو بن العاص، وشُرَحْبِيل بن حَسَنَةَ، وأبا عبيد بن الجراح، ويزيد بن أبي سفيان على الناس، وكان يصلّي بهم في معسكرهم بالجُرْفِ، وقال أبو بكر: إن اجتمعتم في كيد فيزيد على الناس وإن تفرقتم فمن كانت الوقعة مما يلي معسكره فهو على أصحابه، وأمرهم أن يسلُكوا على البلقاء، وكتب إلى خالد بن الوليد، فسار إلى الشّام، فأغار على غسان بمَرْج راهط، ثم سار فنزل على قناة بُصرى، وقال ليزيد بن أبي سفيان: يا يزيد، إنك شاب تذكر بخير قد رُئِيَ منك، وذلك شيء خَلوت به في نفسك، وقد أردتُ أن أبلوك وأستخرجك من أهلك، فأنظر كيف أنت وكيف ولايتك وأخبرك، فإن أحسنتَ زدتك، وإن أسأتَ عزلتك، وقد وليتك عمل خالد بن سعيد ثم أوصاه بما أوصاه بما يعمل به في وجهه وقال له: أوصيك بأبي عُبَيْدة بن الجَرّاح خيرًا فقد عرفت مَكَانَه مِن الإسلام، وأن رسول لله صَلَّى الله عليه وسلم قال: "لكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عُبيدة بن الجراح" فاعرف له فَضْلَه وسابِقَتَه، وانظر مُعَاذَ بن جبل فقد عَرَفْتَ مَشَاهِدَه مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وأن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قال: "يأتي أمام العلماء يوم القيامة بِرَتْوَةٍ" فلا تقطع أمرًا دونهما فإنهما لن يَأْلُوَانك خيرًا، فقال يزيد: يا خليفة رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، أوصهما بي كما أوصيتني بهما فأنا إليهما أحوج منهما إليّ، قال أبو بكر: لن أدع أن أوصيهما بك، فقال يزيد: يرحمك الله وجزاك عن الإسلام خيرًا، وشَيَّع أبو بكر يزيد بن أبي سفيان، ووصل يزيد إلى الشام، فصلَّى خالد بن سعيد بهم الصُّبح بذي المَرْوَة وهو على الجيوش كلها، فأتاه آتٍ فقال: قدم يَزِيد بن أبي سفيان، فقال خالد بن سعيد: هذا عمل عمر بن الخطاب، كلّم أبا بكر في عزلي وولى يزيد بن أبي سفيان، فتحولوا إلى يزيد بن أبي سفيان وصار خالد كرجل منهم، وقدم على خالد بن الوليد يزيد بن أبي سفيان، وأبو عبيدة بن الجراح، وشرحبيل بن حَسَنة، فصالحت بُصرى، فكانت أول مدائن الشّام فتحت، ثم ساروا قِبلَ فلسطين، فالتقوا بالرّوم بأجنادين بين الرملة وبيت جبرين، والأُمراء كلّ على حدة، ومن النّاس من يزعم أنَّ عمرو بن العاص كان عليهم جميعًا، فهزم الله المشركين؛ وكان الفتح بأجنادين في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة، فلما استُخلف عمر وَلَّى أبا عبيدة، وفتح الله عليه الشّامات، وولى يزيد بن أبي سفيان على فلسطين وناحيتها، ثم لما مات أبو عبيدة استخلف معاذ بن جبل، ومات معاذ فاستخلف يزيد بن أبي سفيان، ومات يزيد، فاستخلف أخاهُ مُعاوية، وكان موت هؤلاء كلهم في طاعون عَمَواس سنة ثمان عشرة‏.
قال ابْنُ المُبَارَكِ في "الزُّهْدِ": عن ابن طاوس، عن أبيه؛ قال: رأى عمر يزيد بن أبي سفيان كاشفًا عن بطنه، فرأى جلدة رقيقة، فرفع عليه الدرة، وقال: أجلدة كافر؟ وقال ابْنَ عمر: بلغ عمر بن الخطاب أن يزيد بن أبي سفيان يأكل ألوان الطعام، فقال عمر: يا يزيد، أطعام بَعْدّ طعام؟ والذي نفسي بيده لئن خالفتم عن سننهم ليخالفن بكم عن طريقتهم، وقال أبُو عُمَرَ: كان أفضل أولاد أبي سفيان.
روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعن أبي بكر الصديق، وروى عنه عياض الأشعري، وعبادة بن أبي أمية، وروى عنه أَبو عبد اللّه الأَشعري أَن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قال: "مَثَلُ الَّذِي ُيصَلِّي وَلاَ يُتِمُّ رُكُوعَهُ وَلاَ سُجُودَهُ، مَثَلَ الْجَائِعِ الَّذِي لاَ يَأْكُلُ إِلاَّ الْتَّمْرَةَ وَالْتَّمْرَتَيْنِ، لاَ يُغْنِيَانِ عَنْهُ شَيْئًا"(*).
يقال: إنه مات في طاعون عمواس سنة ثمان عشرة. وقال الوليد بن مسلم: بل تأخر موته إلى سنة تسع عشرة بعد أن افتتح قيسارية.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال