1 من 2
صرمة بن أبي أنس الأنصاري:
صِرْمَة بن أبي أنس اسم أبي أنس قيس بن صرمة بن مالك بن عديّ بن عامر بن غَنْم ابن عديّ بن النّجّار الأنصاريّ، يُكْنَى أبا قيس، غلبت عليه كنيتُه، وربما قال فيه بعضهم: صرمة بن مالك، فنسبه إِلى جدّه، وهو الذي نزلت في سببه وسبب عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ} إِلى قوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا...} [البقرة 187] الآية؛ لقصَّةٍ محفوظةٍ في التّفسير، وفي الناسخ والمنسوخ.
قال ابنُ إسحاق: كان رجلًا قد ترهَّب في الجاهلية، ولبس المسوح، وفارق الأوثان، واغتسل من الجنابة، واجتنب الحائض من النّساء، وهمّ بالنّصرانية، ثم أمسك عنها، ودخل بَيْتًا له فاتخذه مسجدًا لا يدخل عليه فيه طامِثٌ ولا جنُب، وقال: أعبُد ربَّ إبراهيم، وأَنا على دين إِبراهيم. فلم يزل بذلك حتى قدم النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم المدينة فأسلم وحسُنَ إسلامه، وهو شيخٌ كبير، وكان قوَّالًا بالحق، يعظِّم الله في الجاهلية، ويقول أشعارًا في ذلك حسانًا، فذكر أشعارًا منها قوله: [الطويل]
يَقُولُ أَبُو قَيْسٍ وَأَصْبَحَ نَاصِحًا أَلَا مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ وَصَايَايَ فَافْعَلُوا
وهي ستة أبيات قد ذكرتها في بابه من الْكُنَى.
ومنها قوله أيضًا: [الخفيف]
سَبِحُوا اللَّهَ شَرْقَ كُلِّ صَبَاحٍ طَلَعَتْ شَمْسُهُ وَكُلِّ هِلَالِ
وهي خمسة عشر بيتًا قد ذكَرْتُ أكثرَها في بابه في الْكُنَى.
وذكر سفيان بن عيينة، عن يحيى بن سعيد قال: سمعت عجوزًا من الأنصار تقول: رأَيت ابن عبَّاس يختلف إلى صِرْمة بن قيس يتعلّم منه هذه الأبيات: [الطويل]
ثَوَى فِي قُرَيشٍ بِضْع
عَشْرَةَ حِجَّةً يُذَكَّرُ لَوْ يَلْقَى صَدِيقًا
مُوَاسِيَا
وَيُعْرِضُ
فِي
أَهْلِ المَوَاسِمِ نَفْسَهُ فَلَمْ يَرَ مَنْ يُؤْوِي
وَلَمْ يَرَ دَاعِيَا
فَلَمَّا
أَتَانَا
وَاسْتَـقَرَّتْ بِه النَّوَى وَأَصْبَحَ مَسْرُورًا بِطِيبَةَ رَاضِيَا
وَأَصْبَحَ مَا يَخْشَى
ظُلَامَةَ ظَالِمٍ بَعِيدٍ وَلَا يَخْشَى مِنَ النَّاسِ بِاغِيَا
بَذَلْنَا لَهُ الأَمْوَالَ
مِنْ جُلِّ
مَالِنَا وَأَنْفُسَنَا عِنْدَ الوَغى
وِالتأَسِّيَا
نُعَادِي الِّذِي عَادَى مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ جَمِيعًا وَإِنْ كَانَ الحَبِيبَ المُوَاتِيَا
وَنَعْلَمُ أَنَّ
اللَّهَ
لَا
شَيءَ
غَيْرُهُ وَأَنَّ كِتَابَ
اللَّهِ
أَصْبَحَ هَادِيَا
(< جـ2/ص 290>)
2 من 2
أبو قيس:
أبو قيس. قيل مالك بن الحارث. وقيل: بل اسم أبي قيس صرْمَة بن أبي أنس بن مالك بن عدي بن عامر بن غنم بن عديّ بن النّجار هذا قول ابن إسحاق. وقال قتادة: أبو قيس مالك بن صفرة. والصّحيح ما تقدّم من قول ابن إسحاق. وقال ابن إسحاق: كان رجلًا قَدَ ترهَّب في الجاهلية، ولبس المسوح، وفارق الأوثان، واغتسل من الجنابة، وهَمّ بالنّصرانية، ثم أمسك عنها، ودخل بيْتًا له، فاتخذه مسجدًا لا يدخل عليه فيه طامث ولا جُنب، وقال: أعبُد ربَّ إبراهيم. فلما قدم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم المدينةَ أسلم فحسن إسلامُه وهو شيخ كبير، وكان قوَّالًا بالحق، معظّمًا لله في الجاهلية، ثم حسن إسلامه، وكان يقول في الجاهلية أَشعارًا حسانًا يعظّّم الله تعالى فيها، وهو الذي يقول: [الطويل]
يَقُولُ أَبُو قَيسٍ وَأَصْبَـحَ
نَاصِحًـا أَلَا مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ وَصَاتِيَ فَافْعَلُـوا
أُوصِيـكُمُ بِاللَّـهِ
وَالبِـرِّ
وَالتُّقَـى وَأَعْـرَاضِكُـمْ
وَالبِــرُّ
بِاللَّـهِ أَوَّلُ
وَإِنْ قَوْمُكُمْ سَادُوا فَلَا تَحْسُـدُوهُمُ وَإْنْ كُنْتُـمُ أَهْـلَ الرِّيَاسَـةِ
فَاعْدِلُـوا
وَإِنْ نَزَلَتْ إِحْدَى الدَّوَاهِي بِقَوْمِكُمْ فَأَنْفُسَكُــمْ دُونَ العَشِيـرَةِ
فَاجْعَلُـوا
وَإِنْ يَأْت
غُرْمٌ قَـادِحٌ
فارفُقُوهُـمُ وَمَا حَمَلُوكُمْ فِـي المُلِّمَـاتِ فَاحْمِلُوا
وَإِنْ
أَنْتُــمُ
أَمْلَقْتُــمُ
فَتَعفَّفُــوا وَإِنْ كَانَ فَضْلُ الخَيْرِ فِيكُمْ فَأَفْضِلـوُا
وله أشعار حِسَان فيها حكم ووصايَا وعلم، ذكر بعضها ابن إسحاق في السِّيَر، منها قوله: [الخفيف]
سَبِّحُوا اللَّهَ شَرْقَ كُلِّ صَبَاحِ طَلَعَتْ شَمْسُهُ وَكُلَّ هِلَالِ
عَالِمَ السِّـرِّ
وَالبَيَـانِ لَدَينَـا لَيْسَ مَا قَالَ رَبُّنَا بِضَلَالِ
وفيها يقول: [الخفيف]
يَا بَنِـيَّ الأَرْحَـامَ لَا تَقْطَعُـوُهَا وَصِلُوهَا
قَصِيرَةً مِنْ
طِـوَالِ
وَاتَّقُوا اللَّهَ فِي ضِعَافِ اليَتَامَـى رُبَّمَا يُسْتَحَلُّ
غَيْـرُ
الحَلَالِ
وَاعْلَمُـوا
أَنَّ
لِلْيَتِيــم
وَلِيًّا عَالِمًا يَهْتدِي
بِغَيـرِ السُّـؤَالِ
ثُمَّ
مَـالَ
اليَتِيــمِ
لَا تَأْكُلُــوه إِنَّ
مَـالَ اليَتِيـمِ
يَرْعَـاهُ وَالِ
يَا بَنِـيَّ النُّجُـومَ
لَا تَخْذُلُوهَـا إِنَّ خَذْلَ النُّجُـومِ
ذُو
عقَــالِ
يَـا بَنِـيَّ
الأَيـَّامَ
لَا تَأْمَنُوهَـا وَاحْذَرُوا مَكْرَها وَمَكْرَ اللَّيَالـِي
وَاجْمَعُوا أَمْرَكُمْ عَلَى البِرِّ وَالتَّقْـ ـوَى وَتَرْكِ الخَنَا وَأَخْذِ الحَلَالِ
وقد ذكرنا له في باب اسمه أبياتًا حسنة من شعره في مدة مقام النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم بمكّة ونزوله المدينة.
(< جـ4/ص 299>)