تسجيل الدخول


خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبدالعزى بن قصي القرشية الأسدية

زوج النّبي صَلَّى الله عليه وسلم:، وكانت تكنى أمّ هند بولدها من زوجها أبي هالة التميمي، وكانت تُدْعَى في الجاهليّة الطّاهرة، وُلد له صَلَّى الله عليه وسلم منها ولده كلّهم ما عدا إبراهيم، وكانت إذ تزوّجها رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم بنت أربعين سنة‏، فأقامت معه صَلَّى الله عليه وسلم أربعًا وعشرين سنة، وكان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إذ تزوّج خديجة ابن خمس وعشرين سنة، ولدت له أربع بنات كلهن أدركن الإسلام، وهاجرن، فهن:‏ زينب، وفاطمة، ورقية، وأم كلثوم‏، وَلدت له ابنًا يسمى القاسم، وبه كان يُكْنَى صَلَّى الله عليه وسلم، وكانت زينب أكبر بنات النّبي صَلَّى الله عليه وسلم‏. وكان سبب تزوجها برسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أنَّ خديجة كانت امرأة تاجرة، ذات شَرَف ومال، تستأجر الرجال في مالها تُضاربهم إياه بشيء تجعله لهم منه، فلما بلغها عن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ما بلغها من صدق حديثه، وعِظَم أمانته، وكرم أخلاقه بعثت إليه، وَعَرَضت عليه أن يخرج في مالها إلى الشام تاجرًا، وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار، مع غلام لها يقال له: ميسرة، فقبله منها، وخرج في مالها، ومعه غلامها ميسرة، حتى قدم الشام، فنزل رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم في ظل شجرة قريبًا من صَومعة راهب، فاطلع الراهب إلى ميسرة فقال: من هذا الرجل الذي نزل تحت هذه الشجرة؟ قال: هذا الرجل من قريش من أهل الحرم، فقال له الراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي، ثم باع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم سلعته التي خرج بها، واشترى ما أراد، ثم أقبل قافلًا إلى مكة، فلما قَدِم على خديجة بمالها باعت ما جاء به، فأضعف أو قريبًا، وحدّثها ميسرة عن قول الراهب، وكانت خديجة امرأة حازمة، لبيبة، شريفة مع ما أراد الله بها من كرامتها، فلما أخبرها ميسرة بعثت إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فقالت له: إني قد رَغِبتُ فيك لقرابتك مني، وشرفك في قومك، وأمانتك عندهم، وحسن خلقك، وصدق حديثك، ثم عرضت عليه نفسها، وكانت أوسط نساء قريش نسبًا، وأعظمهم شرفًا، وأكثرهم مالًا، فلما قالت لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ما قالت، ذكر ذلك لأعمامه، فخرج معه حمزة بن عبد المطلب حتى دخل على خويلد بن أسد، فخطبها إليه فتزوجها رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم. وهي رضي الله عنها أوّل من أسلم، ومكث رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وخديجة يصلّيان سرًا ما شاء الله. ولما نزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقرأه: }اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ{فرجع بها رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يرجف فؤاده، فدخل على خديجة رضي الله عنها، فقال: "زَمِّلُوني"، فزملوه حتى ذهب عنه الروع، وقال لخديجة، وأخبرها الخبر: "لقد خشيت على نفسي" فقالت خديجة: كلا، والله لا يخزيك الله أبدًا، إنك لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَحَمِلُ الكَلَّ، وتُكْسِبُ المعدوم، وتَقْرِي الضيف، وتعين على نوائب الحق، وانطلقت به خديجة إلى ورقة بن نوفل، وكان امرأً تنصر في الجاهلية، ويكتب الكتاب العِبْرَاني، ويكتب من الإنجيل ما شاء الله أن يكتب، فقالت له خديجة: يا ابن عَمّ، اسمع من ابن أخيك، فقال له وَرَقة: ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: يا ليتني فيها جَذَعًا، ليتني أكون حيًّا إذ يخرجك قومك. وكانت رضي الله عنها نعم المعين لرسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يسمع شيئًا يكرهه من رَدّ عليه، وتكذيب له؛ فيحزنه إلا فَرَّج الله عنه بها إذا رجع إليها تُثَبِّته وتخفِّف عنه، وتصدِّقه، وتهوّن عليه أمر الناس، رضي الله عنها، وعن خديجة أنها قالت لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: يا ابن عم، هل تستطيع أن تُخبرني بصاحبك الذي يأتيك إذا جاءك؟ قال:"نعم"، فبينا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم عندها إذ جاءه جبريل، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "هَذَا جِبْرِيْلُ قَدْ جَاءَنِي"، فقالت: أتراه الآن؟ قال: "نَعَمْ"، قالت: اجلس على شِقَّي الأيسر، فجلس، فقالت: هل تراه الآن؟ قال: "نَعَمْ"، قالت: فاجلس على شقي الأيمن، فجلس فقالت: هل تراه الآن؟ قال: "نَعَمْ"، قالت فتحَّول فاجلس في حجري، فتحول رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فجلس، فقالت: هل تراه؟ قال: "نَعَمْ"، فتحسَّرت وألقت خمارها، فقالت: هل تراه؟ قال: "لاَ"، قالت: ما هذا شيطان، إن هذا لمَلَكَ يا ابن عم، اثبت وأبْشر، ثم آمنت به، وشهدت أن الذي جاء به الحق. وروي أنّ النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم قال:‏ ‏"‏يَا خَدِيجَةُ، إِنَّ جِبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُقْرِئُكِ السَّلَامَ". وبعضهم يروي هذا الخبر أنّ جبرئيل قال:‏ يا محمد، اقرأ على خديجة من رَبّها السّلام، فقال‏‏ النّبي صَلَّى الله عليه وسلم: "يَا خَدِيجَةُ، هَذَا جِبْرَئِيلُ يُقْرِئُكِ السَّلَامَ مِنْ رَبِّكِ"، فقالت خديجة:‏ الله هو السّلام، ومنه السَّلامَ، وعلى جبرئيل السّلام . وروى ابن يحيَى بن عفيف عن جدّه عفيف الكندي قال: جئت في الجاهليّة إلى مكّة، وأنا أريد أن ابتاع لأهلي من ثيابها وعطرها، فنزلت على العبّاس بن عبد المطّلب، قال فأنا عنده وأنا أنظر إلى الكعبة، وقد حلّقت الشمس، فارتفعت إذ أقبل شاب حتى دنا من الكعبة، فرفع رأسه إلى السماء فنظر، ثمّ استقبل الكعبة قائمًا مستقبلها، إذ جاء غلام حتى قام عن يمينه، ثمّ لم يلبث إلاّ يسيرًا حتى جاءت امرأة فقامت خلفهما، ثمّ ركع الشابّ، فركع الغلام وركعت المرأة، ثمّ رفع الشابّ رأسه، ورفع الغلام رأسه، ورفعت المرأة رأسها، ثمّ خَرَّ الشابُّ، وخَرَّ الغلامُ ساجدًا، وخَرَّت المرأة، قال: فقلت: يا عبّاس إني أرى أمرًا عظيمًا، فقال العبّاس: أمر عظيم، هل تَدْرِي مَنْ هذا الشاب؟ قلت: لا، ما أدري، قال: هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطّلب ابن أخي، هل تدري من هذا الغلام؟ قلت: لا، ما أدري، قال: عليّ بن أبي طالب بن عبد المطّلب ابن أخي، هل تدري مَن هذه المرأة؟ قلت: لا، ما أدري، قال: هذه خديجة بنت خُوَيْلِد زوجة ابن أخي هذا، إنّ ابن أخي هذا الذي ترى حدّثنا أنّ ربّه ربّ السماوات والأرض، أَمَرَهُ بهذا الدين الذي هو عليه، فهو عليه، ولا والله ما علمت على ظهر الأرض كلّها على هذا الدّين غير هؤلاء الثلاثة، قال عفيف: فتمنّيتُ بعدُ أني كنتُ رابعهم. وروى عكرمة، عن ابن عبّاس، قال:‏ خَطَّ رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم فِي الأرض أربعة خطوط، ثم قال:‏ ‏"‏أَتَدْرُونَ َما هَذَا‏"‏‏؟‏ قالوا:‏ الله ورسوله أعلم،‏ فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: ‏"‏أفْضَلُ نِسَاِء أَهْلِ الَجَنَّةِ أَرْبَعٌ: خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَآسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ"‏‏. وعن عائشة، قالت‏: كان رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم لا يكاد يخرجُ من البيت حتى يذكر خديجة فيحسن الثّناءَ عليها؛ فذكرها يومًا من الأيام فأدركتني الغِيرة، فقلت:‏ هل كانت إلّا عجوزًا، فقد أبدلكَ الله خيرًا منها، فغضب حتى اهتزّ مقدّم شَعْرِه من الغضب، ثم قال‏: ‏ ‏"‏لَا وَاللَّهِ، مَا أَبْدَلَنِي اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا، آمنَتُ بي إِذْ كَفَرَ النَّاسُ، وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ، وَوَاسَتْنِي فِي مَالِهَا إذْ حرَمَنِي النَّاسُ، وَرَزَقَنِي اللَّهُ مِنْهَا أَوْلَادًا إِذْ حَرَمَنِي أَوْلَادَ النِّسَاءِ‏" ، قالت عائشة:‏ فقلت في نفسي: لا أذكرُها بسيئةٍ أبدًا. وفي الصحيح عن عائشة كان رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم إذا ذبح الشاة يقول: "أرْسِلُوا إلَى أصْدِقَاءِ خَدِيجةَ"، فقال: فذكرت له يومًا، فقال: "إنِّي لأحِبُّ حَبِيبَهَا". وفي الصَّحِيحَيْنِ، عن عائشة: أن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بشر خديجة ببيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نَصَب. وفاتها: وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على خديجة في مرضها الذي ماتت فيه، فقال لها: "بِالْكُرْهِ منِّي مَا أُثنِيَ عَلَيْكِ يَا خَدِيْجَةُ، وَقَدْ يَجْعَلُ الله فِي الْكُرْهِ خَيْرًا كَثِيْرًا، أَمَا عَلِمْتِ أَنَّ الله تَعَالَى زَوَّجَنِي مَعَكِ فِي الْجَنَّةِ مَرْيَمَ بِنْتَ عِمْرَانَ، وَكَلْثَمَ أُخْتَ مُوْسَى، وَآسِيَةَ امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ"، فقالت: وقد فعل ذلك يا رسول الله؟ قال: "نَعَمْ"، قالت: بالرِّفاء والبنين. فخديجة رضي الله عنها توفيت بعد أبي طالب وكانا ماتا في عام واحد قبل الهجرة، فتتابعت على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم المصائب بهلاك خديجة، وأبي طالب، وكانت خديجة وَزِيرة صِدْق على الإسلام كان يسكن إليها. وقد توفّيت خديجة لعشرٍ خَلَون من شهر رمضان، وهي يومئذ بنت خمسٍ وستّين سنة، ونزل رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، في حفرتها، ولم تكن يومئذٍ سنّة الجنازة الصلاة عليها.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال