1 من 1
رُقَيْقَةُ بِنْتُ صَيْفِيٍّ
(ب ع س) رُقَيقَةُ بنتُ صَيفيّ بن هاشم بن عَبد مَنَاف.
أوردها الطبراني وجعفر المستغفري في الصحابيات، وقال أبو نعيم: لا أراها أدركت البَعثة والدَّعوة.
أخبرنا أبو موسى إذنًا، أخبرنا الكُوشِيدِيّ، أخبرنا أبو بكر بن رِيذَة، حدثنا سليمان ابن أحمد، أخبرنا محمد بن موسى البربري، أخبرنا زكريا بن يحيى الطائي، حدثني عم أبي زَحْر بن حصن، عن جده حميد بن مُنْهب، حدثني عُرْوَة بن مُضَرِّس، أخبرنا مَخْرَمَة بن نوفل، عن أمه رقيقة ـــ قال: وكانت لِدَة عبد المطلب بن هاشم ـــ قالت: تتابعت على قريش سنون أقحلت الضرع، وأدقَّت العظم، فبينا أنا راقدة ـــ اللهم أو مُهَوِّمة ـــ إذ أنا بهاتف يصرخ بصوت صَحِل، يقول: يا معشر قريش، إن هذا النبي مبعوث، قد أظلتكم أيامه، وهذا إبَّان نجومه، فحيَّ هَلًا بالحيا والخصب، ألا فانظروا رجلًا منكم وسيطًا، عُظَامًا جُسَامًا، أبيض بَضًّا، أوْطَفَ الأهداب، سهل الخدين، أشمّ العرنين، له فخر يكْظِمُ عليه، وسُنَّة تهدي إليه فليخلُص هو وولده، ولْيَهبطْ إليه من كل بطن رجل فليشُنّوا من الماء، وليمسّوا من الطيب، وليستلموا الركن، ثم ليرقَوا أبا قُبَيس، ثم لْيدْع الرجل، ولْيَؤمّن القوم فَغُثْتُم ما شئتم. فأصبحت ـــ علم الله ـــ مذعورة، اقشعرَّ جلدي، ودَله عَقْلي، واقتصصت رؤياي، ونمت في شعاب مكة، فوالحرمة والحرم ما بقي بها أبطحيُّ إلا قال: هذا شيبة الحمد. وتناهت إليه رجالات قريش، وهبط إليه من كل بطن رجل، فشَنُّوا ومَسُّوا واستلموا، ثم ارتقوا أبا [[قبيس]]، واصطفوا حوله ما يبلغ سَعْيُهم مَهْلَه، حتى إذا استووا بذروة الجبل، قام عبد المطلب ومعه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم غلام قد أيفع، أو كَرِبَ، فرفع يديه فقال: اللهم سَادّ الخلّة، وكاشف الكربة، أنت مُعَلِّم غير مُعَلَّم، ومسؤول غير مُبَخَّل، وهذه عِبِدَّاك وإماؤك بعَذِرَات حَرَمِك، يشكون إليك سنتهم التي أذهبت الخف والظلف، اللهم فأمطر علينا مُغْدِقًا مرتعًا. فورب الكعبة ما راموا حتى تفجرت السماء بما فيها، واكتظ الوادي بثجيجه، فسمعت شيخَان قريش وَجِلّتها: عبد الله بن جُدْعان، وحرب بن أمية، وهشام بن المغيرة يقولون لعبد المطلب: هنيئًا لك أبا البطحاء، أي: عاش بك أهل البطحاء. وفي ذلك تقول رقيقة: [البسيط]
بِشَيبَةِ الْحَمْـدِ أَسْقَى الله بَلْدَتَنَـا وَقَـدْ فَـقَـدْنَـا الْـحَـيَـا وَاجلَوَّذَ المَطَـرُ
فَـجَـادَ بِـالْـمَـاءِ جَـوْنِـيٌّ لَـهُ سُـبُــلٌ سَحًّا، فعَاشَتْ بِهِ الْأنْعَامُ وَالْشَّجَـرُ
مِـنَّـا مِــنَ الله بِـالْـمَـيْـمُــونِ طَـائِــرُهُ وَخَـيـرُ مَـنْ بُـشِّـرَتْ يـومًـا بِـهِ مُـضَـرُ
مُبَارَكُ الأمْرِ يُـسْـتَسْقَى الْغَمَامُ بِـهِ مَـا فِـي الْـأَنْـامِ لَـهُ عِـدْلٌ وَلاَ خَـطَــرُ
أخرجه أبو نعيم وأبو موسى، وقال أبو موسى: هذا حديث حَسَنٌ عال، في هذا الحديث غريب نشرحه مختصرًا.
قوله: لِدَةَ عبد المطلب، أي: على سِنِّه. وأقحلت: أيبست. وأدقَّت العظم، أي: جعلته ضعيفًا من الجهد. وروى: أرقت، بالراء. والتهويم: أول النوم، والإبّان: الوقت. وحي هلا كلمة تعجيل. والحيا ـــ مقصور ـــ: المطر، والخصب، أي: أتاكم المطر والخصب عاجلا. والوسيط: النسيب. والعظام ـــ بضم العين ـــ: أبلغ من العظيم، وكذلك الجسام أبلغ من الجسيم. والبضّ: الرقيق البشرة. والأوطف: الطويل، والأشم: المرتفع.
وقوله: له فخر يكظِمُ عليه، أي يُخفيه ولا يُفَاخر به. والسُّنَّة: الطريقة. وتهدى إليه، أي: تدل الناس عليه. فليشنوا ـــ بالسين والشين ـــ أي: فليصبوا. ومعناه: فليغتسلوا. فغُثْتُم، أي: أتاكم الغيث والغوث. ونمت، أي: فشت. وشيبة الحمد: لقب عبد المطلب. وتناهت إليه ـــ وفي رواية ـــ: تنامت إليه، ومعناهما واحد، أي: جاءوا كلهم، ويعني بقوله: رجالات قريش: رؤساهم. ومهله: سكونه.
وقوله: كرب، أي: قرب.
والخلة: الحاجة.
والعبدّي ـــ مقصور ـــ: العباد.
والعذرات: الأفنية.
والسَّنة: القحط والشدة.
ويعني بالظلف والخف: الغنم والإبل.
والمغدق: الكثير.
ومرتعًا: أي ترتع فيه الدواب.
واكتظ: أي ازدحم.
والثجيج: سيلان كثرة الماء.
والشِّيخان: المشايخ.
والجلة: ذووا الأقدار.
اجلوذ أي: تأخر.
والجوني: السحاب الأسود.
وسحًّا أي: منصبًا.
(< جـ7/ص 112>)