1 من 1
عَامِرُ بْنُ عَبْدِ الْقَيْسِ
(س) عَامِرُ بن عَبْد القَيْس، وقيل: ابن عبد اللّه بن عبد قَيْس بن ناشب بن أُسامة بن خدينه بن معاوية بن شيطان بن معاوية بن أَسعد بن جَوْن بن العنبر بن عمرو بن تميم التيمي العنبري، أَبو عبد اللّه، وقيل: أَبو عمرو البَصْري.
يعد من الزهاد الثمانية، ذكره أَبو موسى في كتابه في الصحابة، وهو تابعي، قيل: أَدرك الجاهلية، وكان أَعبد أَهل زمانه، وأَشدهم اجتهادًا، وسُعِي به إِلى عثمان بن عفان رضي الله عنه أَنُه لا يأْكل اللحم ولا ينكح النساءَ وأَنه يَطْعُن على الأَئمة، ولا يشهد الجمعة، فأَمره أَن يسير إِلى الشام، فسار، فقدم على معاوية فوافقه وعنده ثريد، فأَكل معه أَكلًا غريبًا، فعلم أَن الرجل مكذوب عليه، فقال: يا هذا، أَتدري فيم أَخرجت؟ قال: لا. قال: بلغ الخليفة: أَنك لا تأكل اللحم، وقد رأَيتك تأْكل، وأَنك لا ترى التزويج، ولا تشهد الجمعة. قال: أَما الجمعة فإِني أَشهدها في مؤخر المسجد، ثم أَرجع في أَوائل الناس، وأَما اللحم فقد رأَيت، ولكن رأَيت قصابًا يَجُر الشاة ليذبحها وهو يقول: النفاقَ النفاقَ، حتى ذبحها ولم يذكر اسم الله، فإِذا اشتهيت اللحم ذبحت الشاة وأَكلتها، وأَما التزويج فقد خرجت وأَنا يُخْطَب علي. قال: فترجع إِلى بلدك قال. لا أَرجع إِلى بلد استحل أَهله مني ما استحلوا، فكان يُقيم في السواحل، فكان يكثر معاوية أَن يقول له: حاجتَك، فقال يومًا: حاجتي أَن ترد علي حَر البصرة فإِن ببلادكم لا يشتد عَلَيَّ الصوم.
وكان عامر إِذا خرج إِلى الجهاد وقف يَتَوسم الناس، فإِذا رأَى رفقة توافقه قال: أُريد أَن أَصحبكم على ثلاث خلال، فإِذا قالوا: ما هي؟ قال: أَكون لكم خادمًا، لا ينازعني أَحد الخدمة، وأَكون مؤذنًا، وأُنفق عليكم بقدر طاقتي. فإِذا قالوا: نعم، صحبهم، فإِذا نازعه أَحد من ذلك شيئًا فارقهم.
وكان ورده كل يوم أَلف ركعة، ويقول لنفسه: بهذا أُمرت، ولهذا خُلقْت. ويصلي الليل أَجمع، وقيل لعامر: أَتحدث نفسك بشيءٍ في الصلاة؟ قال: نعم، أَحدث نفسي بالوقوف بين يدي الله عز وجل، ومنصرفي من بين يديه.
وقال عامر: لقد أَحببت الله تعالى حُبًّا سَهَّل عليّ كُلَّ مُصيبة، ورضَّاني بكل قضية، فما أُبالي مع حُبِّي إِياه ما أَصبحت عليه، وما أَمسيت.
وكان إِذا رأَى الناس في حوائجهم يقول: يا رب، غدا الغادون في حوائجهم، وغدوت إِليك أَسأَلك المغفرة.
ولما نزل به الموت بكى، وقال: لمثل هذا المصرع فَلْيعمل العامِلون؛ اللهُم، إِني أَسْتَغْفِرك من تقصيري وتفريطي، وأَتوب إِليك من جميع ذنوبي، لا إِله إِلا أَنت. وما زال يُرَدِّدُها حتى مات.
قيل: إِن قبره بالبيت المقدس.
(< جـ3/ص 131>)