تسجيل الدخول


عامر بن عبد القيس

عامر بن عبد قيس بن قيس، وقيل: عامر بن عبد قيس بن ناشب التميمي العنبري، وقيل: عَامِرُ بن عَبْد القَيْس، وقيل: ابن عبد اللّه بن عبد قَيْس.
أبو عبد الله، وقيل: أبو عمرو النصرى الزاهد المشهور، وقيل: أَبو عمرو البَصْري. روى أبو عبيدة العصفري أن عامر كان فيمن شهد فتح المدائن. قَالَ الْعِجْلِيّ: تابعي ثقة مِنْ كبار التابعين، وأما كعب الأحبار فقال: هذا راهِبُ هذه الأمة، يعد من الزهاد الثمانية، ذكره أَبو موسى في كتابه في الصحابة، قيل: أَدرك الجاهلية، وكان أَعبد أَهل زمانه، وأَشدهم اجتهادًا، وسُعِي به إِلى عثمان بن عفان رضي الله عنه أَنُه لا يأْكل اللحم ولا ينكح النساءَ وأَنه يَطْعُن على الأَئمة، ولا يشهد الجمعة، فأَمره أَن يسير إِلى الشام، فسار فقدم على معاوية فوافقه وعنده ثريد، فأَكل معه أَكلًا غريبًا، فعلم أَن الرجل مكذوب عليه، فقال معاوية: يا هذا، أَتدري فيم أَخرجت؟ قال عامر: لا. قال معاوية: بَلَغَ الخليفة أَنك لا تأكل اللحم، وقد رأَيتك تأْكل، وأَنك لا ترى التزويج، ولا تشهد الجمعة. قال عامر: أَما الجمعة فإِني أَشهدها في مؤخر المسجد، ثم أَرجع في أَوائل الناس، وأَما اللحم فقد رأَيت ــ ولكن رأَيت قصابًا يَجُر الشاة ليذبحها وهو يقول: النفاقَ النفاقَ حتى ذبحها ولم يذكر اسم الله ــ فإِذا اشتهيت اللحم ذبحت الشاة وأَكلتها، وأَما التزويج فقد خرجت وأَنا يُخْطَب عَليَّ. قال معاوية: فترجع إِلى بلدك قال عامر: لا أَرجع إِلى بلد استحل أَهله مني ما استحلوا، فكان يُقيم في السواحل، فكان يكثر معاوية أَن يقول له: حاجتَك، فقال عامر يومًا: حاجتي أَن تَرُدَ علي حَر البصرة فإِن ببلادكم لا يشتد عَلَيَّ الصوم. وكان عامر إِذا خرج إِلى الجهاد وقف يَتَوسم الناس، فإِذا رأَى رفقة توافقه قال: أُريد أَن أَصحبكم على ثلاث خلال، فإِذا قالوا: ما هي؟ قال: أَكون لكم خادمًا لا ينازعني أَحد الخدمة، وأَكون مؤذنًا، وأُنفق عليكم بقدر طاقتي. فإِذا قالوا: نعم صحبهم، فإِذا نازعه أَحد من ذلك شيئًا فارقهم. وكان وِرْدَهُ كُلَّ يومٍ أَلف ركعة، ويقول لنفسه: بهذا أُمرت ولهذا خُلقْت. ويصلي الليل أَجمع، وقيل لعامر: أَتحدث نفسك بشيئ في الصلاة؟ قال: نعم أَحدث نفسي بالوقوف بين يدي الله عز وجل، ومنصرفي من بين يديه. وقال عامر: لقد أَحببت الله تعالى حُبًّا سَهَّل عليّ كُلَّ مُصيبةٍ ورَضَّاني بكل قضية، فما أُبالي مع حُبِّي إِياه ما أَصبحت عليه وما أَمسيت. وكان إِذا رأَى الناس في حوائجهم يقول: يا رب غدًا الغادون في حوائجهم، وغدوت إِليك أَسأَلك المغفرة.
رَوَى مالك بن دينار، قال: مَرَّ عامر بن عبد قيس بقافلةٍ حبسها الأسد، فقال: ما لكم؟ قالوا: الأسد... فمَرَّ هو حتى أصاب ثَوْبُهُ فمَ الأسد، وَرَوَى عامر بن عبد قيس وُشِيَ به إلى عثمان، فأمر أن يُنفَى إلى الشام على قَتَب، أنزله معاوية الخضراء، وبعث إليه بجارية وأمرها أن تُعْلِمه ما حاله، فكان يقوم الليل كله، ويخرج من السحرَ فلا يعودُ إلا بعد العَتمة، ولا يتناول من طعام معاوية شيئًا؛ كان يجيئ معه بكسرٍ فيجعلها في ماء فيأكلها ويشرب من ذلك الماء. فكتب معاوية إلى عثمان بحاله، فأمره أن يَصِله ويُدْنيه، فقال عامر: لا حاجة لي في ذلك. قَالَ بِلاَلُ بْنُ سَعْدٍ: فأخبرني مَنْ رآه بأرض الروم على بغلته تلك يركبها عقبة ويحمل عليها عقبة. روى المعلّى بن زياد يقول: كان عامر ابن عبد الله دعا ربه أن يهون عليه الطّهور في الشتاء، فكان يؤتي بالماء له بخار، وسأل ربه أن ينزعَ منه شهوة النساء مِنْ قلبه، ففعل؛ فكان لا يبالي مَن لقي، أذكر أم أنثى. وكان إذا غزا قال: إني لأستحي من ربي أن أَخْشَى غيره. وَرَوَى عامر بن عبد قيس: كان يأخذ عطاءَه، فيجعله في طَرف ثوبه، فلا يلقاه أحدٌ من المساكين إلا أعطاه، فإذا دخل بيتَه رمى به إليهم فيعدونها فيجدونها سواء كما أُعطيها. لما نزل بعامر الموت بكى، وقال: لمثل هذا المصرع فَلْيعمل العامِلون، اللهُم إِني أَسْتَغْفِرك من تقصيري وتفريطي، وأَتوب إِليك من جميع ذنوبي لا إِله إِلا أَنت. وما زال يُرَدِّدُها حتى مات. قيل: إِن قبره ببيت المقدس في خلافة معاوية.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال