تسجيل الدخول


محمد بن طلحة بن عبيد الله القرشي التيمي

مُحَمَّد بن طَلْحة بن عُبَيد اللّه القُرَشي التيميّ:
قال عبد الرحمن بن أبي ليلى: نظر عمر بن الخطّاب إلى أبي عبد الحميد، وكان اسمه محمدًا، ورجلٌ يقول له: فعل الله بك وفعل، وجعل يسبّه! فقال عمر ــ عند ذلك: يا ابن زيد ادْنُ مني، ألا أرى محمدًا يُسَبُ بك، والله لا تُدْعَى محمدًا ما دمتُ حيًّا، فسمّاه عبد الرحمن، ثمّ أرسل إلى بني طلحة وهم يومئذٍ سبعة وأكبرهم وسيّدهم محمد بن طلحة، فأراد أن يغيّر اسمه، فقال محمد بن طلحة: يا أمير المؤمنين، أنشدك الله، فوالله إن سمّاني محمدًا لمحمد، فقال عمر: قوموا، فلا سبيل إلى شيء سمّاه محمد صَلَّى الله عليه وسلم، وحدث محمد بن عثمان العُمَري، عن أبيه؛ قال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "ما ضرّ أحدكم لو كان في بيته محمد، ومحمدان، وثلاثة"(*)، وقد قيل: كنيتُه أبو سليمان، والصّحيحُ أبو القاسم؛ فقد أخرج ابْنُ قَانِعٍ، وابن السّكن، وابن شاهين عن ظئر محمد بن طلحة، قالت: أتيْتُ النبيَّ صَلَّى الله عليه وآله وسلم بمحمد بن طلحة حين ولد ليحنِّكه، ويدعو له؛ وكان يفعل ذلك بالصبيان؛ فقال لعائشة: "مَنْ هَذَا"؟ قالت: محمد بن طلحة؛ فَقَالَ: "هَذَا سَميي هَذَا أَبُو القَاسِم"(*)، ورُوِيَ أنه: أتى به أبوه طلحة إلى النّبي صَلَّى الله عليه وسلم، فمسح رأسه، وسمَّاه محمدًا، وكناه بأبي القاسم(*)‏‏، وقال محمد بن عمر: كان عبد الله بن محمد بن عمران بن إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله من بين الناس ومن بين أهل بيته يقول: كانت كنية محمد بن طلحة أبا القاسم، وكنى ابنه بها، وسمّاه محمدًا، وكانت كنية محمد بن عمران بن إبراهيم: أبا سليمان، وكان أهل بيته يعرفون ذلك ويروونه، وقال أبو راشد بن حفص الزّهري: أدركت أربعة من أبناء أصحاب النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم كلَّهم يسمَّى محمدًا، ويُكْنَى أبا القاسم: محمد بن علي، ومحمد بن أبي بكر، ومحمد بن طلحة، ومحمد بن سعد بن أبي وقّاص، ومن قال‏: كنيته أبو سليمان احتجَّ بما رُوي عن محمد بن زيد بن المهاجر قال: لما وُلِد محمد بن طلحة أَتى به أبوه طلحة إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: "سَمّهِ محمدًا"، فقال: يا رسول الله؛ أُكَنّيه أبا القاسم؟ فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "لَا أَجْمَعَهُما لَهُ هُوَ أَبو سُلَيْمَان"(*)، وروي عن إبراهيم بن محمد بن طلحة؛ قال: لما ولدت حمنة بنت جحش محمد بن طلحة بن عبيد الله جاءت به إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فسمَّاه محمدًا، وكَنّاه أبا سليمان(*)، وكان محمد سيّد أَولاد طلحة، وأُمه حَمْنَة بنت جَحش بن رِئاب، أَخت زينب بنت جَحش زوج رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وأمّها أميمة بنت عبد المطّلب بن هاشم.
ووَلَدَ محمدُ بن طلحة: إبراهيمَ الأعرج؛ وكان شريفًا صارمًا ولّاه عبد الله بن الزّبير خَراج العراق، وسليمانَ بن محمد؛ وبه كان يكنى، وداودَ، وأمَّ القاسم؛ وأمّهم خَوْلة بنت منظور بن زِبّان، وأخوهم لأمّهم حسن بن حسن بن عليّ بن أبي طالب، وقال محمد بن عمر: "كان محمد بن طلحة يسمّى السَّجَّاد لعبادته وفضله في نفسه"، وكان من أطول النّاس صلاة، وكان ثقةً قليل الحديث؛ روى عنه ابنه إبراهيم بن محمد بن طلحة، وعبد الرّحمن بن أبي ليلى، وقد سمع محمد بن طلحة من عمر بن الخطّاب وأمره عمر أن ينزل في قبر خالته زينب بنت جَحْش زوج رسول الله، ولما قدموا البصرة فأخذوا بيت المال ختماه جميعًا، طلحة والزبير، وحضرت الصلاة فتدافع طلحة والزبير حتى كادت الصلاة تفوت، ثمّ اصطلحا على أن يصلّي عبد الله بن الزّبير صلاة، ومحمد بن طلحة صلاة، فذهب ابن الزبير يتقدّم فأخّره محمد بن طلحة، وذهب محمد بن طلحة يتقدّم فأخره عبد الله بن الزبير عن أوّل صلاة، فاقترعا فقرعه محمد بن طلحة فتقدّم فقرأ: {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ}[سورة المعارج:1].
وشهد مع أبيه الجَمَل، وكان هواه فيما ذكروا مع علي بن أبي طالب، وكان عليّ قد نهى عن قَتْله في ذلك اليوم، وقال‏: إيَّاكم وصاحب البِرنس؛ قالوا: وقاتل محمد بن طلحة يوم الجمل قتالًا شديدًا، فلمّا لحم الأمر، وعُقِر الجَمل، وقُتل كلّ من أخَذَ بخطامه، فتقدّم محمد بن طلحة، فأخذ بخطام الجمل وعائشة عليه، فقال لها: ما تَرين يا أُمّهْ؟ قالت: أرى أن تكون خير بني آدم، فلم يزل كافًّا، فأقبل عبد الله بن مُكَعْبِر؛ رجل من بني عبد الله بن غَطَفَان حليف لبني أسَد، فحمل عليه بالرمح، فقال له محمد: أذكّرك حم، فطعنه، فقتله، ويقال: الذي قتله ابن مكيس الأزدي، وقال بعضهم: معاوية بن شدّاد العَبْسي، وقيل: شداد بن معاوية العبسيّ، ويقال: قتله رجل من بني أسد بن خزيمة يقال له: كعب بن مدلج، وقيل: بل قتله الأشتر، وقال سيف: ادَّعى قَتْلَ محمد بن طلحة جماعةٌ منهم بن المكعبر الضبي، وغفار بن المسعر البصريّ، وقال الذي قتله:
وَأشْعَثَ
قَوّام ٍ
بـآياتِ
رَبّهِ قليلِ الأذى فيماترى العينُ مسلمِ
هَتكـتُ له بالرُّمح جَيبَ قَميصهِ فَخَرّ
صَرِيعًا
لليَدَينِ
وَللفَمِ
يُذَكّرُني
(حم)
قَبْلَ
التّقَدّمِ فَهَلاّ تلا (حم)، قَبْلَ
التّقَدّمِ
على غَيرِ شيء غيرَ أن ليسَ تابِعًا عَليًّا وَمَنْ لا يَتْبَعِ الحقَّ ينَدَمِ
وقيل: بل قتله عصام بن مقشعر النّصريّ، وهو قول أكثرهم، وهو الذي يقول:
وَأَشْعَثَ
قَوَّامٍ بِآياتِ
رَبِّهِ قَلِيلِ الأَذَى فِيمَا تَرَى العَيْنُ مُسْلِمِ
دَلَفْتُ لَهُ بِالرُّمُحِ مِنْ
تَحْتِ نَحْرِهِ فَخرَّ
صَرِيعًا
لِليْدَينِ
وَلِلْفَمِ
شَكَكْتُ إِلَيهِ
بِالسَّنَانِ
قَمِيصَهُ فَأَذْرَيْتُهُ
عَنْ ظَهْرِ طِرْفٍ مُسَوَّمِ
أَقْمتُ لَهُ فِي دَفْعَهِ
الخَيْلِ صُلْبَهُ بِمثْلِ
قدَامَى النِّسْرِ حَرَّانَ لَهْذَمِ
عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ غَيْرَ أَنْ لَيْسَ تَابِعًا عَلِيًّا وَمَنْ لَا
يَتْبَعِ
الحَقَّ يَظّلِمِ
يُذَكِّرُنِي
حَامِيمَ
لَمَّا
طَعَنْتُهُ فَهَلَّا تَلَا
حَامِيمَ
قَبْلَ
التَّقَدُّمِ
قالوا: وأفرج الناس يوم الجمل عن ثلاثة عشر ألف قتيل، فسار عليّ من ليلته في القتلى معه النيران، فمرّ بمحمد بن طلحة بن عبيد الله قتيلًا، فردّ رأسه إلى الحَسن بن عليّ؛ فقال: يا حسن، السجّاد وربّ الكعبة قتيل كما ترى، ثم قال: أبوه صَرعه هذا المصرع، وقال: لولا أبوه وبرّه به ما خرج ذلك المخرج لورعه وفضله ــ يعني: أن أباه أكرهه على الخروج في ذلك اليوم، وكان طلحة قد أمره أنْ يتقدّم للقتال، فتقدّم، ونَثل دِرْعَه بين رجليه، وقام عليها، وجعل كلما حمل عليه رجل، قال: نشدتك بحاميم، وقال محمد بن حاطب‏: لما فَرغنَا من قتال يوم الجمل قام علي بن أبي طالب، والحسن بن علي، وعمار بن ياسر، وصعصعة بن صوحان، والأشتر، ومحمد بن أبي بكر، يطوفون في القتلى، فأبصر الحسنُ بن علي قتيلًا مكبوبًا على وَجْهه، فأكَبَّه على قَفَاه، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، هذا فَرْع قريش، والله! فقال له أبوه: ومَنْ هو يا بني؟ فقال: محمد بن طلحة، فقال: إنا لله وإنّا إليه راجعون، إن كانَ ــ ما علمته ــ لشابًا صالحًا، ثم قعد كئيبًا حزينًا، فقال له الحسن: يا أبت، قد كنْتُ أنهاك عن هذا المسير، فغلبك على رأيك فلان وفلان، قال: قد كان ذلك يا بنيّ، فلودِدْتُ أني متّ قبل هذا بعشرين سنة.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال