تسجيل الدخول


مارية أم إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليبه وسلم

1 من 1
ذِكر مارية أمّ إبراهيم ابن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني يعقوب بن محمد بن أبي صَعْصعة عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صَعْصعة قال: بعث المُقَوْقِس صاحب الإسكندرية إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، في سنة سبع من الهجرة بمارية وبأختها سِيرِين وألف مثقال ذهبًا، وعشرين ثوبًا لينًا، وبغلته الدُّلْدُل وحماره عُفير، ويقال يعفور، ومعهم خصيّ يقال له مَأْبُور، شيخ كبير، كان أخا مارية، وبعث بذلك كلّه مع حاطب بن أَبِي بَلْتَعَةَ، فعرض حاطب بن أبي بلتعة على مارية الإسلام ورغبّها فيه فأسلمت، وأسلمت أختها، وأقام الخصي على دينه حتى أسلم بالمدينة بعدُ في عهد رسول الله.

وكان رسول الله معجبًا بأُمّ إبراهيم، وكانت بيضاء جميلة، فأنزلها رسول الله في العالية في المال الذي يقال له اليوم مَشْرَبة أمّ إبراهيم. وكان رسول الله يختلف إليها هناك وضَرب عليها الحجاب، وكان يطؤها بملك اليمين. فلمّا حملت وضعت هناك وقَبِلَتها سَلْمَى مولاة رسول الله فجاء أبو رافع زوج سلمى فبشّر رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، بإبراهيم فوهب له عبدًا، وذلك في ذي الحجة سنة ثمانٍ وتنافست الأنصار في إبراهيم وأحبوّا أن يفرغوّا مارية للنبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، لما يعلمون من هواه فيها.

أخبرنا محمد بن عمر، حدّثني موسى بن محمد بن عبد الرحمن بن حارثة بن النعمان، عن أبيه، عن عَمْرَة عن عائشة قالت: ما غِرْتُ على امرأة إلا دون ما غِرت على مارية وذلك أنّها كانت جميلة من النساء جَعْدة، وأُعجب بها رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وكان أنزلها أوّل ما قُدم بها في بيتٍ لحارثة بن النعمان، فكانت جارتنا، فكان رسول الله عامّة النّهار والليّل عندها، حتى فَزِعْنا لها، فجزعت فحوّلها إلى العالية، فكان يختلف إليها هناك، فكان ذلك أشدّ علينا، ثمّ رزق الله منها الولد وحرمنا منه.

أخبرنا محمد بن عمر، حدّثنا محمد بن عبد الله بن مسلّم عن الزُّهْرِيّ عن أنس بن مالك قال: كانت أمُّ إبراهيم سريّّة النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، في مشربتها.
أخبرنا محمّد بن عمر قال: أخبرنا مالك بن أنس عن زيد بن أسلّم أنّ النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، حرّم أمّ إبراهيم فقال: "هي عليّ حرام"، وقال: "والله لا أقربها". قال: فنزلت {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}[التحريم:2].(*)
قال: قال محمد بن عمر، قال مالك بن أنس: فالحرام حلال في الإماء، إذا قال الرجل لجاريته أنت عليّ حرام فليس بشيء، وإذا قال والله لا أقربك فعليه الكفّارة.

أخبرنا محمّد بن عمر، حدّثني أبو حاتم عن جُوَيْبِر عن الضَّحَّاك أنّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، حرّم جاريته فأبَى الله ذلك عليه فردّها عليه وكفر يمينه.(*)

أخبرنا محمد بن عمر، حدّثنا مَعْمَر عن قَتَادَةَ قال: حرّمها تحريمًا فكانت يمينًا.

أخبرنا محمّد بن عمر، حدّثنا الثَّوْرِي عن داود بن أَبِي هند، عن الشَّعْبِيّ، عن مَسْرُوق قال: آلى رسول الله من أمته وحرّمها فأنزل الله في الإيلاء {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 21] وأنزل الله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1] الآية: فالحرام حلال، يعني في الإماء.

أخبرنا محمّد بن عمر، حدّثني سويد بن عبد العزيز عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن القاسم بن محمّد قال: خلا رسول الله بجاريته مارية في بيت حفصة فخرج النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، وهي قاعدة على بابه فقالت: يا رسول الله أفي بيتي وفي يومي! فقال النبيّ، صلى الله عليه وسلّم: "هي عليّ حرام فأمسكي عنّي". قالت: لا أقبل دون أن تحلف لي. فقال: "والله لا أمسّها أبدًا" وكان القاسم يرى قوله"حرام" ليس بشيء.(*)

أخبرنا محمد بن عمر، حدّثني محمد بن عبد الله، عن الزُّهْرِيّ قال: كانت مارية أم إبراهيم أهداها المقوقس وأختها سِيرين إلى النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فاتّخذ النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، أمّ إبراهيم ووهب سِيرِين لحسّان بن ثابت.

قال محمد بن عمر: وكانت مارية من حَفنْ من كورة أنصا أو أَنْصِنَا.

أخبرنا محمد بن عمر، حدّثني معمر ومحمد بن عبد الله عن الزهري عن ابن كعب عن مالك قال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، "استوصوا بالقبط خيرًا فإنّ لهم ذمّة ورحمًا". قال: ورحمهم أنّ أمّ إسماعيل بن إبراهيم منهم وأمّ إبراهيم ابن النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، منهم.(*)

أخبرنا محمد بن عمر، حدّثنا محمد بن عبد الله عن الزُّهْرِي، عن أنس بن مالك قال: كانت أمّ إبراهيم سريّة للنَبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، في مشربتها وكان قبطي يأوي إليها ويأتيها بالماء والحطب فقال الناس في ذلك: علج يدخل على علجة. فبلغ ذلك رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فأرسل عليّ بن أبي طالب فوجده عليّ على نخلة فلمّا رأى السيف وقع في نفسه فألقى الكساء الذي كان عليه وتَكَشَّفَ فإذا هو مَجْبُوب فرجع عليّ إلى النبيّ: صَلَّى الله عليه وسلم، فأخبره فقال: يا رسول الله أرأيت إذا أمرت أحدنا بالأمر ثمّ رأى في غير ذلك أيراجعك؟ قال: "نعم" فأخبره بما رأى من القبطيّ. قال: وولدت مارية إبراهيم فجاء جبريل، عليه السلام، إلى النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: السلام عليك يا أبا إبراهيم فاطمأنّ رسول الله إلى ذلك.(*)
أخبرنا محمد بن عمر، حدّثني عبد الله بن محمّد بن عمر عن أبيه عن عليّ مثل ذلك غير أنّه قال: خرج عليّ فلقيه على رأسه قدرة مستعذبًا لها من الماء، فلمّا رآه عليّ شهر السيف وعمد له فلمّا رآه القبطيّ طرح القربة ورقى في نخلة وتعرّى فإذا هو مجبوب، فأغمد عليّ سيفه ثمّ رجع إلى النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فأخبره الخبر فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "أصبت، إنّ الشاهد يرى ما لا يرى الغائب".(*)

أخبرنا معن بن عيسى، حدّثنا سعيد بن كُلَيب قاضي عَدَن، عن حسين بن عبد الله ابن عبيد الله بن عبّاس، عن عِكْرِمَة، عن ابن عبّاس. وأخبرنا عبد الله بن مَسْلَمَةَ بن قَعْنَب، وأبو بكر بن عبد الله بن أبي أُوَيْس، ومحمّد بن عمر قالوا: حدّثنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العبّاس عن عكرمة عن ابن عبّاس، وأخبرنا عبد الله بن جعفر الرقّي، حدّثنا يونس عن أبي بكر بن أَبِي سَبْرَة عن الحسين بن عبد الله عن عِكْرَمة عن ابن عبّاس قال لما ولدت أمّ إبراهيم قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "أعتقها ولدها".(*)

أخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس، حدّثني أبي عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله عن عكرمة عن ابن عبّاس عن النبي،ّ صَلَّى الله عليه وسلم، قال: "أيما أمة ولدت من سيدها فإنّها حرّة إذا مات إلا أن يعتقها قبل موته".(*)

أخبرنا محمد بن عمر، حدّثنا أسامة بن زيد، عن المنذر بن عبيد، عن عبد الرحمن ابن حسّان بن ثابت، عن أمّه وكانت أخت مارية يقال لها سِيرِين فوهبها النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، لحسّان فولدت له عبد الرحمن، قالت، رأيت النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، لما حُضر إبراهيم وأنا أصيح وأُختي ما ينهانا، فلمّا مات نهانا عن الصياح وغسلّه الفضل ابن عبّاس و رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، جالس، ثمّ رأيته على شفير القبر ومعه العبّاس إلى جنبه، ونزل في حفرته الفضل وأُسامة بن زيد وكسفت الشمس يومئذٍ فقال الناس: لموت إبراهيم. فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "إنها لا تكسف لموت أحد ولا لحياته". ورأى رسول الله فرجة في اللَّبِن فأمر بها تُسَدُّ فقيل للنبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: "أما إّنها لا تضرّ ولا تنفع ولكنّها تقرّ عين الحي وإنّ العبد إذا عمل عملًا أحبّ الله أن يتقنه".(*)

أخبرنا يحيَى بن عبيد الدمشقي، حدّثنا سعيد بن عبد العزيز، عن عطاء قال: أُمرت أمّ ولد النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، مارية أن تعتدّ ثلاث حيض.

أخبرنا محمد بن عمر، عن الوليد بن مسلم، عن سعيد بن عبد العزيز، عن عطاء، أنّ مارية لما أن توفيّ النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، اعتدّت ثلاث حيض.

أخبرنا محمد بن عمر، حدّثني موسى بن محمّد بن إبراهيم، عن أبيه قال: كان أبو بكر ينفق على مارية حتى توفيّ، ثمّ كان عمر ينفق عليها حتى توفيّت في خلافته.

قال محمد بن عمر: توفيت مارية أمّ إبراهيم ابن رسول الله في المحرّم سنة ستّ عشرة من الهجرة فَرُؤِي عمر بن الخطّاب يحشر الناس لشهودها وصلّى عليها، وقبرها بالبَقِيع.
(< جـ10/ص 201>)
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال