مارية أم إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليبه وسلم
بعث المُقَوْقِس صاحب الإسكندريَّة إلى رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم في سنة سبعٍ من الهجرة بمارية وأختها سيرين، وألف مثقال ذهبًا، وعشرين ثوبًا لينًا، وبعث بذلك كلّه مع حاطب بن أبي بَلْتَعَة، فعرض حاطب بن أبي بلتعة على مارية الإسلام ورَغبها فيه فأسلمت، وأسلمت أختُها، ووصلت مارية إلى المدينة سنة ثمان.
فلما وضعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ابنه إبراهيم، وقَبِلَتها سَلْمَى مولاة رسول الله فجاء أبو رافع زوج سلمى فبشّر رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بإبراهيم فوهب له عبدًا، وروى ابن عبّاس عن النّبي صَلَّى الله عليه وسلم أنه لما ولدت مارية القبطيّة لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ابنه إبراهيم قال صَلَّى الله عليه وسلم: "اعْتَقَها وَلَدُهَا" قال أبو عمر: "وإسنادُه لا تقوم به حجّة لضعفه"، وروى ابن عبّاس أيضا عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم، قال: "أيما أمة ولدت من سيدها فإنّها حرّة إذا مات إلا أن يعتقها قبل موته، وذلك في ذي الحجة سنة ثمانٍ وتنافست الأنصار في إبراهيم.
وعن أخت مارية قالت: رأيت النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، لما حُضر إبراهيم وأنا أصيح وأُختي ما ينهانا، فلمّا مات نهانا عن الصياح، وغسلّه الفضل بن عبّاس، ورسول الله صَلَّى الله عليه وسلم جالس، ثمّ رأيته على شفير القبر ومعه العبّاس إلى جنبه، ونزل في حفرته الفضل وأُسامة بن زيد وكسفت الشمس يومئذٍ فقال الناس: لموت إبراهيم، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "إنها لا تكسف لموت أحد ولا لحياته"، ورأى رسول الله فرجة في اللَّبِن فأمر بها تُسَدُّ فقيل للنبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: "أما إّنها لا تضرّ ولا تنفع ولكنّها تقرّ عين الحي وإنّ العبد إذا عمل عملًا أحبّ الله أن يتقنه" .
قال مالك: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم "استوصوا بالقبط خيرًا فإنّ لهم ذمّة ورحمًا"، قال: ورحمهم أنّ أمّ إسماعيل بن إبراهيم منهم وأمّ إبراهيم ابن النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم منهم.
وفاتها:
وكان أبو بكر ينفق على مارية حتى توفيّ، ثمّ كان عمر ينفق عليها حتى توفيّت في خلافته، وتوفيت مارية أمّ إبراهيم ابن رسول الله في المحرّم سنة ستّ عشرة من الهجرة فَرُؤِي عمر بن الخطّاب يحشر الناس لشهودها وصلّى عليها، وقبرها بالبَقِيع، وكانت وفاتها رضي الله عنها بعد النَّبيّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم بخمس سنين.