1 من 5
عُزَيْلة: بالتَّصغير، ويقال غُزَيّة، بالتّشديد بدل اللّام، ويقال بفتح أوله مع التَّشديد بلا لام: هي أم شريك، مشهورة بكنيتها، وستأتي في الكُنَى.
وأخرج ابْنُ سَعْدٍ عن الوَاقِدِيّ من مرسل سليمان بن يسار؛ قال: لما تزوَّج رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم الكنديَّة، وخطب في العامريات، ووهبت له أمُّ شريك غزية بنت جابر نَفْسَهَا قالت أزواجه: لئن تزوَّج الغرائب لا تَبْقَى له فينا حاجة... الحديث.(*)
(< جـ8/ص 254>)
2 من 5
أم شريك بنت جابر: الغفارية. قال أَبُو عُمَرَ: ذكرها أحمد بن صالح في أزواج النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم اللاتي لم يدخل بهن. وقال ابن الأثير: ذكرها ابن حبيب في المبايعات.
(< جـ8/ص 415>)
3 من 5
أم شريك الأنصاريّة: قيل: هي بنت أنس الماضية [[يعني: أم شريك بنت أنس بن رافع]]، وقيل هي بنت خالد المذكورة قبلها [[يعني: أم شريك بنت خالد بن خنيس]]، وقيل هي غيرهما، وقيل هي أم شريك بنت أبي العَكَر بن سُمَي، وذكرها ابن أبي خيثمة من طريق قتادة، قال: وتزوّج النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم أم شريك الأنصاريّة النّجّارية، وقال: "إني أحبّ أن أتزوّج في الأنصار"، ثم قال: "إني أكره غيرة الأنصار"، فلم يدخل بها.(*)
قلت: ولها ذكر في حديثٍ صحيح عند مسلم، من رواية فاطمة بنت قيس في قصّة، الجساسة في حديث تميم الدّاري؛ قال فيه: وأم شريك امرأة غنيّة من الأنصار عظيمة النفقة في سبيل الله عزّ وجلّ ينزل عليها الضّيفان.
ولها حديث آخر أخرجه ابْنُ مَاجَه من طريق شهْر بن حوشب، حدّثتني أم شريك الأنصاريّة، قالت: أمرنا رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم أن نقرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب،(*) ويقال: إنها التي أمرت فاطمة بنت قيس أن تعتدَّ عندها، ثم قيل لها اعتدّي عند ابن أم مكتوم.
(< جـ8/ص 416>)
4 من 5
أم شَريك: الدَّوْسِيَّة. ذكرها يونس بن بكير في رواية السّيرة عن أبي إسحاق، فقال يُونُسُ عن عبد الأعلى بن أبي المساور، عن محمد بن عمر بن عطاء، عن أبي هريرة، قال: كانت امرأة من دوس يقال لها أم شريك أسلمت في رمضان فأقبلت تطلب مَنْ يصحبها إلى رسول الله عليه وآله وسلم، فلقيت رجلًا من اليهود، فقال: مالك يا أم شريك؟ قالت: أطلب من يصحبني إلى النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم. قال: تعالي، فأنا أصحبك... وذكر الحديث بطوله.(*)
وأخرجه ابْنُ سَعْدٍ، من طريق يحيى بن سعيد الأنصاريّ مرسلًا؛ قال: هاجرت أم شريك الدَّوْسِيّة فصحبَتْ يهوديًّا في الطريق، فأمست صائمة، فقال اليهودي لامرأته: لئن سقيتها لأفعلنّ؛ فباتت كذلك حتى إذا كان في آخر اللّيل إذا على صَدْرها دلو موضوع وصَفَن، فشربت منه؛ ثم بعثتهم للدلجة، فقال اليهوديّ؛ إني لأسمع صوت امرأة، لقد شربت، فقالت: لا، والله إن سقيتني. قال: والصّفن، بفتح المهملة والفاء، مثل الجراب أو المزود.
وسيأتي لها قصّة أخرى في التي بعدها [[يعني: أم شريك القرشية العامرية]].
قال الوَاقِدِيُّ: الثّبت عندنا أن الواهبة امرأة من دوس بن الأزد عرضت نَفْسَها على النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وكانت جميلة وقد أسنَّت، فقالت: إني أهب نفسي لك وأتصدّق بها عليك فقَبِلها. فقالت عائشة: ما في المرأة تَهَبُ نفسها لرجل خَيْرٌ. فقالت أم شريك: هي أنا، فنزلت: {وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ} [الأحزاب: 50] قال الواقديّ: رأيت مَنُ عندنا يقول: إن هذه الآية نزلت في أمّ شريك.
(< جـ8/ص 416>)
5 من 5
أم شريك: القُرشيّة العامريّة. من بني عامر بن لؤيّ.
نسبها ابْنُ الكَلْبِيِّ، فقال: بنت دودان بن عوف بن عمرو بن خالد بن ضِبَاب بن حُجَير بن مَعيص بن عامر. وقال غيره: عمرو بن عامر بن رواحة بن حُجَير. وقال ابن سعد: اسمها غزية بنت جابر بن حكيم، كان محمد بن عمر يقول: هي من بني مَعيص بن عامر بن لؤيّ. وكان غيره يقول: هي دوسيّة من الأزد، ثم أسند عن الواقديّ، عن موسى ابن محمد بن إبراهيم التيميّ، عن أبيه، قال: كانت أم شريك من بني عامر بن لؤي معيصيّة وهبت نفسها للنبي فلم يقبلها فلم تتزوّج حتى ماتت.(*)
وقال أَبُو عُمَرَ: كانت عند أبي العَكَر بن سمي بن الحارث الأزديّ ثم الدّوْسي، فولدت له شريكًا، وقيل: إن اسمها غزيلة، بالتّصغير. ويقال غزيّة بتشديد الياء بدل اللّام، وقيل بفتح أولها. وقال ابن منده: فاختلف في اسمها فقيل غزيلة. وقال أبو عمر: مَنْ زعم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نكحها قال: كان ذلك بمكّة. انتهى.
وهو عجيب، فإنّ قصة الواهبة نفسها إنما كانت بالمدينة، وقد جاء من طرق كثيرة أنها كانت وهبت نفسها للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم.
وأخرج أَبُو نُعَيْمٍ، مِن طريق محمد بن مروان السّدّيّ ـــ أحد المتروكين، وأبو موسى من طريق إبراهيم بن يونس، عن زياد، عن بعض أصحابه، عن ابن الكلبيّ، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس، قال: ووقع في قلب أم شريك الإسلام وهي بِمكّة، وهي إحدى نساء قريش ثم إحدى بني عامر بن لؤيّ، وكانت تحت أبي العَكَر الدَّوْسي، فأسلمت، ثم جعلت تدخلُ على نساء قريش سرًّا فتدعوهن وترغّبهن في الإسلام حتى ظهر أمْرُها لأهل مكّة؛ فأخذوها وقالوا لها: لولا قومُك لفعلنا بك وفعلنا. ولكنا سنردك إليهم.
قالت: فحملوني على بعير ليس تحتي شيء موطَأ ولا غيره، ثم تركوني ثلاثًا لا يطعموني ولا يسقوني. قالت: فما أتَتْ عليّ ثلاث حتى ما في الأرض شيء أسمعه، فنزلوا منزلًا، وكانوا إذا نزلوا أوْثقُوني في الشّمس واستظلوا وحبسوا عني الطّعام والشّراب حتى يرتحلوا، فبينما أنا كذلك إذ أنا بأثر شيء عليّ برد منه، ثم رفع، ثم عاد فتناولته، فإذا هو دلو ماء؛ فشربت منه قليلًا ثم نزع مني، ثم عاد فتناولته فشربتُ منه قليلَا، ثم رفع ثم عاد أيضًا، ثم رفع فصنع ذلك مرارًا حتى رويت، ثم أفضْتُ سائره على جسدي وثيابي. فلما استيقظوا فإذا هم بأثر الماء، ورأوني حسنة الهيئة، فقالوا لي: انحللت فأخذت سقاءنا فشربت منه، فقلت: لا، والله ما فعلتُ ذلك، كان من الأمر كذا وكذا، فقالوا: لئن كنتِ صادقة فدينُك خير من ديننا، فنظروا إلى الأسقية فوجدوها كما تركوها، وأسلموا بعد ذلك.
وأقبلَتْ إلى النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ووهبت نفسها له بغير مهر، فقبلها ودخل عليها، فلما رأى عليها كبرةً طلقها.
وقد تقدّمت هذه القصة عن أم شريك بلفظ آخر من وجه آخر في ترجمة بنت أبي العَكَر في كُنَى النِّسَاءِ، وسنَدهُ مرسل، وفيه الواقديّ. وأخرج أبو موسى في الذّيل لها قصّة أخرى مع يهوديّ رافقته إلى المدينة شبيهة بهذه في شربها من الدّلو.
وأخرج أَبُو مُوسَى أيضًا من وَجْهٍ آخر عن الكلبيّ عن أبي صالح، عن ابن عبّاس ـــ شبيهة بالقصّة التي في الخبر المرسل، وحاصلُه أنه اختلف على الكلبيّ في سياق القصّة، ويتحصل منها ـــ إن كان ذلك محفوظًا ـــ أنّ قصّة الدّلو وقعت لأم شريك ثلاث مرات. قال ابن الأثير: استدلّ أبو نعيم بهذه القصّة على أن العامريّة هي الدّوْسِيّة.
قلت: فعلى هذا يلزم منه أن تكون نسبتها إلى بني عامر، من طريق المجاز، مع أنه يحتمل العكس بأن تكون قرشيّة عامريّة، فتزوّجت في دوس فنُسبت إليهم.
وأخرج الحُمَيْدِيُّ في مسنده، من رواية مجالد، عن الشّعبيّ، عن فاطمة بنت قيس ـــ أن النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال لها: "اعْتَدِّي عِنْدَ أُمِّ شَرِيك بِنْت أَبِي العَكِر"،(*) وهذا يخالف ما تقدم أنها زوج أبي العكر، ويمكن الجمع بأن تكون كنية والدها وزوجها اتفقتا أو تصحَّفَت بنت بالموحدة والنّون من بيت بالموحدة والتّحتانية، وبيت الرجل يطلق على زوجته؛ فتتفق الرّوايتان.
وقد ذكرت في ترجمة أبي العَكر وَهْم قول أبي عمر في قوله: إن أبا العكر ابنها، وجاء عن أم شريك ثلاثة أحاديث مسندة، ولم تنسب في بعضها، ونسبت في بعضها مع اختلاف من الرّواية في النسبة الأولى، أخرجه مسلم في الفتن، والترمذيّ في المناقب، من رواية الزّبير، عن جابر، عن أم شريك؛ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "يَتَفَرَّقُ النَّاسُ مِنَ الدَّجَّالِ". قالت أم شريك: يا رسول الله، فأين العرب يومئذ؟ قال: "هُمْ قَلِيلٌ".(*)
وأخرج ابْنُ مَاجَه من حديث أبي أُمَامة عن النّبي صلى الله عليه وآله وسلم في ذكر الدّجال؛ قال: "تَرْجُفُ المَدِينَةُ ثَلَاثَ رَجَفَاتٍ، فََلَا يَبْقَى مُنَافِقٌ وَلَا مُنَافِقَةٌ إِلَّا خَرَجَ إِلَيْهِ وَيُدعَى ذَلِك اليَوْمُ يَوْمُ الحَلَامِ" أورده المتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم 38537. .
قالت أم شريك بنت أبي العكر: يا رسول الله؛ فأين العرب يومئذ؟ قال: "هم يومئذ قليل"، ذكره في حديث طويل.(*)
وهذا يوافق ما أخرجه الحُمَيْدِيُّ، وغيره، من طريق مجالد، عن الشّعبي، عن فاطمة بنت قيس أن النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال لها: "اعْتَدِّي عَنْدَ أُمِّ شَرِيك بِنْت أَبِي العَكر"(*) أخرجه مسلم 2/1114 حديث رقم 36 ـــ 1480.،وعلى هذا ـــ إن كان محفوظًا ـــ فهي الأنْصَاريّة المتقدّمة، فكأن نسبتها كذلك مجازية أيضًا.
الثاني أخرجه الشَّيْخانِ من رواية سعيد بن المسيب، عن أم شريك أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمرها بقتْل الأوزاغ،(*) ولم تنسب في هذه الرّواية إلا في رواية لأبي عَوَانة عن سماك.
الثالث أخرجه النَّسَائِيُّ، من رواية هشام بن عروة، عن أم شريك ـــ أنها كانت ممن وهبت نفسها للنّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم،(*) ورجاله ثقات ولم ينسبها. وقد أخرجه ابن سعيد، عن عبيد الله بن موسى، عن سنان عن فراس عن الشّعبي؛ قال: المرأة التي عدل رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم أم شريك الأنصاريّة.(*) وهذا مرسل. رجاله ثقات. ومن طريق شريك القاضي وشعبة، قال شريك عن جابر الجعفي، عن الحكم، عن علي بن الحسين أن النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم تزوَّج أم شريك الدّوْسِيّة، لفظ شريك. وقال شعبة في روايته: إن المرأة التي وهبت نفسها للنّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أم شريك امرأة من الأزد.
وأخرج ابْنُ سَعْدٍ من طريق عكرمة، ومن طريق عبد الواحد بن أبي عون في هذه الآية: {وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ} [الأحزاب: 50]. قال: هي أم شريك، وفي مسندهما الواقدي ولم ينسبها.
والذي يظهر في الجمع أن أم شريك واحدة، اختلف في نسبتها أنصارية، أو عامرية من قريش، أو أزدية من دَوْس؛ واجتماع هذه النّسب الثلاث ممكن، كأن يقول قرشيّة تزوّجت في دوس فنسبت إليهم، ثم تزوّجت في الأنصار فنسبت إليهم؛ أو لم تتزوّج بل هي نسبت أنصاريّة بالمعنى الأعم.
(< جـ8/ص 417>)