تسجيل الدخول


كعب بن زهير

1 من 1
كعب بن زهير:

كعب بن زهير بن أبي سُلْمى، واسم أبي سُلمى ربيعة بن رِياح المزنيّ، من مزينة بن أد ابن طابخة بن إلياس بن مضر، وكانت محلتهم في بلاد غطفان، فيظن الناس أنهم من غطفان ـــ أعني زهيرًا وبنيه، وهو غلط. قدم كَعْب بن زُهير على النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم بعد انصرافه من الطّائف، فأنشده قصيدته التي أولها: [البسيط]

*بَانَتْ سُعَادُ فَقَلْبِي اليَوْمَ مَتْبُولُ*

القصيدة بأسرها، وأثنى فيها على المهاجرين، ولم يذكر الأنصار؛ فكلَّمته الأنصار، فصنع فيهم حينئذ شعرًا والله أعلم، ولا أعلم له في صُحْبته وروايته غير هذا الخبر. وكان قد خرج هو وأخوه بُجَيْر بن زهير إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم حتى بلغا أبرق العزاف، فقال كعب لبجير: ألْقَ هذا الرّجل وأنا مقيم لك هنا. فقدم بُجير على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم؛ فسمع منه وأسلم، وبلغ ذلك كعبًا، فقال: [الطويل]

أَلَا أَبْلِغَا عَنِّي بُجَيْرًا رِسَالَةً عَلَى أَيِّ شَيْءٍ وَيكَ غَيْرِكَ دَلَّكَا

عَلَى خُلُقٍ لَمْ تَلْفِ أُمًّا وَلَا أَبًا عَلَيْهِ وَلَمْ تُدْرِكْ عَلَيهِ أَخــًا لَكَـا

فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: ‏"‏أَجَل، لَمْ يُلْفِ عَلَيْهِ أَبَاهُ وَلَا أُمَّهُ‏"‏. وفيها: [الطويل]

شَرِبْتَ بَكَأْسٍ عِنْدَ آلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْهَلَكَ المَأْمُونُ مِنْهَا وَعَلّكَا

فكتب إليه بُجير: أقْبِل إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فإنك إِن فعلْتَ ذلك قبِل منك، وأسقط ما كان منك قبل ذلك فقدم على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم مُسْلمًا، ودخل عليه مسجده، وأنشده:

*بَانَتْ سُعَادُ فَقَلْبِي اليَوْمَ مَتْبُولُ*

فلما بلغ إلى قوله: [البسيط]

إِنَّ الرَّسُولَ لَسَيْفٌ يُستَضَاءُ بِهِ مُهنَّدٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ مَسْلـُولُ

أنْبِئْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَوْعَدَنـِي وَالعَفْوُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ مَأْمُولُ

ومنها: [البسيط]

فِي فِتْيةٍ مِنْ قُرَيشٍ قَالَ قَائِلُهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ لَمَّا أَسْلَمُوا زُولُوا

قال الخليل: أي قال لهم: هاجرُوا إلى المدينة ـــ فأشار رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إلى مَنْ معه أن اسمعوا.(*)

قال أبو عمر رحمة الله عليه: كان كعب بن زهير شاعرًا مجوِّدًا كثير الشّعر، مقدّمًا في طبقته هو وأخوه بجير. وكعب أشعرهما، وأبوهما زهير فوقهما.

قال خلف الأحمر: لولا قصائد لزهير ما فضلته على ابنه كعب، ولكعب ابنٌ شاعر اسمه عقبة، ولقبه المضرّب: لأنه شبّبَ بامرأةٍ، فضربه أخوها بالسّيف ضربات كثيرة، فلم يمت، وله ابنٌ أيضًا يقال له العوّام شاعر:

وقال الحطيئة لكعب بن زهير: أنتم أهل بيت يُنْظَر إليكم في الشّعر، فاذكرْني في شعرك، فقال كعب في ذلك شعرًا ذكره أهل الأخبار.

ومما يستجاد لكعب بن زهير قوله شعرًا: [البسيط]

لَوْ كُنْتُ أَعْجَبُ مِنْ شَيْءٍ لَاعْجَبَنِي سَعيُ الفَتَى وَهُوَ مَخْبُوءٌ له القَدَرُ

يَسْعَى الفَتَى لأُمُورٍ لَيْسَ يُدْرِكُهَا فَالنَّفْسُ وَاحِدَةٌ
وَالهَـمُّ
مُنتَشِرُ

وَالـمَرْءُ مَا عَـاشَ مَمْدُودٌ لَـهُ أَمَلٌ لَاتَنْتَهِـي العَيْنُ حَتَّى يْنْتَهِـي الأَثــَرُ

ومنها يستجاد له أيضًا قوله: [السريع]

إِنْ كُنْـتَ لَا تَرْهَبُ ذَمِّـي لِمَــا تَعْرِفُ مِنْ صَفْحِي عَنِ الجَاهِلِ

فَاخْشَ سُكُوتِي إِذْ أَنَا مُنْصِـتٌ فِيــكَ لِمَسْمُـــوعِ خَنَـى القَائِـلِ

فَالسَّامِعُ
الذَّام َ شَـرِيـكٌ
لـهُ وَمُطْعِمُ
المَـأْكُـولِ
كَـالآكِـلِ

مَقَالَةُ
السُّوءِ
إِلى
أَهْـلِهَا أًَسْرَعُ مِنْ
مُنْـحَـدَرٍ
سَـائِـلِ

وَمَـنْ دَعَا النَّاس َ إِلَى
ذَمِّهِ ذَمُّوهُ بِـالحَـقِّ
وَبـِالبَاطِلِ

في أبيات من هذه؛ وله ولأبيه قبله ضروبٌ من حكم الشعر.

ومن جيد شعره قصيدته التي يفتخر فيها على مراد أولها: [الطويل]

أَتَعْرِفُ
رَسْمًا
بَيْنَ
دَهْمَانَ
فَالرَّقـمْ إِلَى ذي مَرَاهِيطَ كَمَا خُطَّ بِالقَلَـمْ

عَفَتْهُ
رِيَاحُ
الصَّيْفِ
بَعْدِي
بمورِهَا وَأَنْدِيَةُ
الجَوْزَاءِ
بِالوَبْـلِ
والدِّيَـمْ

دِيَارُ
الَّتِي
َبتَّتْ حِبَالِي
وَصَرَّمَـتْ وَكُنْتُ إِذَا ما الحَبْلُ مِنْ خُلَّةٍ صَرَمْ

فَزِعْتُ
إِلَى
أَدْمَاءَ
حَرْفٍ
كَـأَنَّمَـا بِأَقْرَابِهَا قَارٌ إِذَا
جِـلْدُهَا اسْتَحَـمْ

أَلَا
أَبْلِغَا
هَـذَا
الـمُعـرِّضَ
أَنَّـهُ أَيَقْظَانُ قَالَ القَوْلَ إِذْ قَالَ أَوْ حَلَـمْ

فَإِنْ
تَسْأَلِي
الأَقْوَامَ
عَنِّـي فَـإِننِّيِ أَنَا ابنُ أَبِي سُلْمَى عَلَى رَغْمِ مَنْ رَغمْ

أَنَا ابْنُ الَّذِي
قَدْ عَاشَ تِسْعِينَ حِجَّةً فَلَمْ يَخْزِ
يَوْمًا فِي مَعَدٍّ وَلَـمْ يُلَـمْ

وَأَكْرَمَهُ
الأَكْفَاءُ
مِنْ
كُـلِّ
مَعْشَـرٍ كِرَامٍ فَإِنَّ
كذَّبْتَنِي
فَاسْـأَلِ الأُمَـمْ

أَقُولُ
شَبِيهَاتٍ
بِمَا
قَـالَ
عَالِـمـًا بِهِنَّ، وَمَنْ
يُشْبهْ
أَبَاهُ
فَمَـا ظَلَـمْ

فَأَشْبَهْتُهُ مِنْ بَينِ مَنْ
وَطِئَ الحَصَى وَلَمْ يَنْتَزِعْنِي شِبْهُ خَالٍ ولَا ابْنُ عَمْ

إِذَا شِئْتُ أَعْلَكْتُ الجُموعَ اذَا بَـدَتْ نَواجِذُ
لِحْيَيْهِ
بِأَغْلَظِ
مَـا عَجَـمْ

أَعَيَّرْتَنِي
عِـزًّا
قَـدِيمـًا
وَسَـادةً كِرَامًا بَنَوْا لي المَجْدَ فِي بَاذِخِ الشَّمَمْ

هُمُ
الأَصْلُ
مِنِّـي
حَيْـثُ
وَإنِّـنِـي مِنَ المُزَنِيِّينَ
المُضِيفيِنَ
لِلْكَـرَمْ

هُمُ ضَرَبُوكُمْ حِينَ جُزتُم عَنِ الهُدَى بِأَسْيَافِهِمْ
حَتَّي
اسْتَقَمْتُمْ عَلَى أُمَمْ

وَسَاقَتْكَ
مِنْـهـُمْ
عُصْبَـةٌ
خِنْـدَفِيَّـةٌ فَمَالَكَ مِنْهَا
قَيْدُ شِـبْرٍ
وَلَا
قَـدَمْ

هُمُ الأُسْدُعِنْدَ النَّاسِ والحَشَدُفِي القُرَى وَهُمْ عِنْدَ عَقْدِ الجَارِ
يُوفُونَ بِالذِّمَمْ

هُمُ
مَنَعُوا
سَهْلَ
الحِجَازِ وَحَزْنَـهُ قَدِيمًا وَهُمْ أَجْلَوْا
أَبَاكَ عَنِ الحَرَمْ

مَتَى أَدْعُ فِي
أَوْسٍ
وَعُثْمَانَ
تَأْتِني مَسَاعِرُ حَرْبٍ
كُلُّهُمْ
سَادَةٌ وَعَـمْ

فَكَمْ فِيهِمُ
مِنْ
سـيِّدٍ
وَابْنِ
سَـيِّدٍ وَمِنْ عَامِلٍ لِلْخَيْرِ إِنْ قَالَ أَوْ زَعَمْ
(< جـ3/ص 373>)
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال