الرئيسية
الصحابة
فضائل
مواقف إيمانية
كرامات
الأوائل
الأنساب
الغزوات
فوائد
مسابقات
تسجيل الدخول
البريد الالكتروني :
كلمة المرور :
تسجيل
تسجيل مشترك جديد
الصحابة
سبب غزوة تبوك
الرسول صلى الله عليه وسلم يقرر القيام بإقدام حاسم
المسلمون يجيبون أمر الرسول ويتسابقون إلى التجهز للغزو
موقف المنافقين والذين في قلوبهم مرض
الجيش الإسلامي إلى تبوك
هروب الروم وأعوانهم بعد نزول المسلمين بتبوك
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى أكيدر دومة
المنافقون يحاولون قتل النبي في طريق العودة للمدينة
المخلفون الثلاثة
مسجد الضرار
المخلفون الثلاثة
Your browser does not support the audio element.
كانت غزوة تبوك ــ لظروفها الخاصة بها ــ اختبارًا شديدًا من الله تعالى، تميز به المؤمنون عن غيرهم، كما هو دأبه تعالى في مثل هذه المواطن، حيث يقول:
{مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}
[آل عمران: 179].
فقد خرج لهذه الغزوة كل من كان مؤمنًا صادقًا، حتى صار التخلف أمارة على نفاق الرجل، فكان الرجل إذا تخلف وذكروه لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قال لهم:
"دعوه فإن يكن فيه خير فسيُلحقه الله بكم، وإن يكن غير ذلك فقد أراحكم منه"
، فلم يتخلف إلا من حبسهم العذر، أو الذين كذبوا الله ورسوله من المنافقين، الذين قعدوا بعد أن استأذنوا للقعود كذبًا، أو قعدوا ولم يستأذنوا رأسًا.
نعم كان هناك ثلاثة نفرٍ من المؤمنين الصادقين تخلفوا من غير مبرر، هم الذين ابتلاهم الله، ثم تاب عليهم، ولما دخل رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم المدينة بدأ بالمسجد، فصلى فيه ركعتين، ثم جلس للناس، فأما المنافقون ــ وهم بضعة وثمانون رجلًا ــ فجاءوا يعتذرون بأنواع شتى من الأعذار، وراحوا يحلفون له، فقبل منهم علانيتهم واستغفر لهم، ووكل سرائرهم إلى الله، وأما النفر الثلاثة من المؤمنين الصادقين، وهم كعب بن مالك، ومرارة بن الربيع، وهلال بن أمية، فاختاروا الصدق، فأمر رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم الصحابة أن لا يكلموا هؤلاء الثلاثة.
يقول كعب بن مالك ــ رضي الله عنه ــ يحكي هذه الواقعة: وكان من خبري حين تخلفت عن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنه في تلك الغزوة، والله ما جمعت قبلها راحلتين قط حتى جمعتهما في تلك الغزوة، ولم يكن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يريد غزوة إلا ورى بغيرها ــ أي أوهم أنه سيغزو غيرها ــ حتى كانت تلك الغزوة، فغزاها رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم في حر شديد، واستقبل سفرًا بعيدًا ومفأزًا ــ أي صحاري ــ واستقبل عدوًا كثيرا، فجلى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة غزوهم، فأخبرهم بوجههم الذي يريد، والمسلمون مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم كثير ولا يجمعهم كتابٌ حافظ، يريد بذلك الديوان، قال كعب: فقل رجل يريد أن يتغيب إلا يظن أن ذلك سيخفى له ما لم ينزل فيه وحي من الله، وغزا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم تلك الغزوة حين طابت الثمار والظلال فتجهز رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم والمسلمون معه، وطفقت ــ أي أخذت ــ أغدو لكي أتجهز معهم، فارجع ولم أقض شيئًا، وأقول في نفسي: أنا قادر على ذلك إذا أردت، فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى استمر بالناس الجد، فأصبح رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم غاديًا والمسلمون معه، ولم أقض من جهازي شيئا، ثم غدوت فرجعت ولم أقض شيئا، فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى أسرعوا وتفارط الغزو ــ أي راح وقته ــ فهممت أن أرتحل فأدركهم، فياليتني فعلت، ثم لم يقدر ذلك لي، فطفقت إذا خرجت في الناس بعد خروج رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يحزنني أني لا أرى لي أسوة، إلا رجلًا مغموصًا عليه في النفاق ــ أي متهمًا بالنفاق ــ أو رجلًا ممن عذر الله تعالى من الضعفاء، ولم يذكرني رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوك، فقال وهو جالس في القوم بتبوك:
"ما فعل كعب بن مالك؟"
فقال رجل من بني سلمة: يا رسول الله حبسه برداه، والنظر في عطفيه ــ يقال: فلان ينظر في عطفيه إذا كان معجبا بنفسه ــ فقال له معاذ بن جبل ــ رضي الله عنه: بئس ما قلت! والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيرا، فسكت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فبينا هو على ذلك رأى رجلًا مبيضا يزول به السراب، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم:
"كن أبا خيثمة"
، فإذا هو أبو خيثمة الأنصاري وهو الذي تصدق بصاع التمر حين لمزه ــ أي سخروا منه ــ المنافقون.
قال كعب بن مالك: فلما بلغني أن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قد توجه قافلًا ــ أي عائدًا ــ من تبوك حضرني بثي ــ أي اشتد علي حزني ــ فطفقت أتذكر الكذب وأقول: بم أخرج من سخطه غدا؟ وأستعين على ذلك كل ذي رأي من أهلي، فلما قيل لي: إن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قد أظل قادمًا، زاح عني الباطل حتى عرفت أني لن أنجو منه بشيء أبدا، فأجمعت ــ أي قررت ــ صدقه، وصبّح رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قادمًا، وكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين ثم جلس للناس، فلما فعل ذلك جاءه المخلفون فطفقوا يعتذرون إليه ويحلفون له، وكانوا بضعًا وثمانين رجلًا، فقبل منهم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم علانيتهم وبايعهم واستغفر لهم، ووكل سرائرهم الى الله تعالى حتى جئت، فلما سلمت تبسم تبسم المغضب ثم قال:
"تعال"
فجئت أمشي حتى جلست بين يديه، فقال لي:
"ما خلفك؟ ألم تكن قد ابتعت ظهرك؟"
ــ أي اشتريت دابة ــ قلت: يا رسول الله، إني والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أني سأخرج من سخطه بعذر، لقد أعطيت جدلا ــ أي قوة في الحجة والإقناع ــ ولكنني والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به عني ليوشكن الله أن يسخطك علي، ولئن حدثتك حديث صدق تجد علي فيه إني لأرجو فيه عُقبى الله عز وجل، والله ما كان لي عذر، والله ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك.
قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم:
"أما هذا فقد صدق، فقم حتى يقضي الله فيك"
.
وسار رجال من بني سلمة فاتبعوني، فقالوا لي: والله ما علمناك أذنبت ذنبًا قبل هذا، لقد عجزت في أن لا تكون اعتذرت إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بما اعتذر به إليه المخلفون، فقد كان كافيك ذنبك استغفار رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم لك، فوالله ما زالوا يؤنبونني حتى أردت أن أرجع إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فأُكذب نفسي، ثم قلت له: هل لقي هذا معي من أحد؟ قالوا: نعم، لقيه معك رجلًان قالا مثلما قلت، فقيل لهما مثلما قيل لك، قلت: من هما؟ قالوا: مرارة بن الربيع العمري، وهلال بن أمية الواقفي، فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدرًا فيهما أسوة، فمضيت حين ذكروهما لي.
قال: ونهى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم عن كلامنا أيها الثلاثة من بين من تخلّف عنه، فاجتنبنا الناس، وقال: تغيروا لنا حتى تنكرت لي في نفسي الأرض، فما هي بالأرض التي أعرف، فلبثنا على ذلك خمسين ليلة، فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان، وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم ــ أي أكثرهم شبابًا وقوة ــ فكنت أخرج فأشهد الصلاة، وأطوف في الأسواق ولا يكلمني أحد، وآتي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فأُسلم عليه، وهو في مجلسه بعد الصلاة، فأقول في نفسي: هل حرك شفتيه برد السلام أم لا؟ ثم أصلي قريبًا منه وأسارقه النظر، فإذا أقبلت على صلاتي نظر إلي، وإذا التفت نحوه أعرض عني، حتى إذا طال ذلك عليّ من جفوة المسلمين مشيت حتى تسورت ــ أي علوت ــ جدار حائط ــ أي بستان ــ أبي قتادة، وهو ابن عمي وأحب الناس إلي، فسلمت عليه فوالله ما رد علي السلام، فقلت له: يا أبا قتادة أنشدك بالله هل تعلمني أُحب الله ورسوله صَلَّى الله عليه وسلم؟ فسكت، فعدت فناشدته فسكت: فعدت فناشدته فقال: الله ورسوله أعلم، ففاضت عيناي، وتوليت حتى تسورت الجدار، فبينا أنا أمشي في سوق المدينة إذا نبطي ــ أي فلاح من الأعاجم ــ من نبط أهل الشام ممن قدم بالطعام يبيع بالمدينة يقول: من يدل على كعب بن مالك؟ قال: فطفق الناس يشيرون له إلي حتى جاءني، فدفع إلي كتابًا من ملك غسّان، وكنت كاتبًا، فقرأته فإذا فيه: أما بعد، فإنه قد بلغنا أن صاحبك قد جفاك ــ أي خاصمك ــ ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة، فالحق بنا نواسك ــ المقصود نكرمك ــ فقلت حين قرأتها: وهذه أيضًا من البلاء، فتيممت بها التنور فسجرتها بها ــ أي فقصدت بها الموقد فحرقتها ــ حتى إذا مضت أربعون من الخمسين واستلبث الوحي ــ أي تأخر ــ إذا رسول رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يأتيني، فقال: إن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك، فقلت: أطلقها،أم ماذا أفعل؟ قال: لا، بل اعتزلها فلا تقربنّها، قال: فأرسل إلى صاحبي بمثل ذلك، فقلت لامرأتي: الحقي بأهلك فكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر، قال: فجاءت امرأة هلال بن أمية رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فقالت له: يا رسول الله، إن هلال بن أمية شيخ ضائع ليس له خادم، فهل تكره أن أخدمه؟ قال:
"لا، ولكن لا يقربنّك"
فقالت: إنه والله ما به من حركة إلى شيء، ووالله ما زال يبكي منذ كان من أمره ما كان إلى يومه هذا، فقال لي بعض أهلي: لو استأذنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم في امرأتك، فقد أذن لامرأة هلال بن أمية أن تخدمه؟ فقلت: لا استأذن فيها رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وما يدريني ماذا يقول رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إذا استأذنته فيها وأنا رجلٌ شاب! فلبثت بذلك عشر ليالي، فكمل لنا خمسون ليلة من حين نُهي عن كلامنا.
قال: ثم صليت صلاة الفجر صباح خمسين ليلة على ظهر بيت من بيوتنا، فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله تعالى منا، قد ضاقت علي نفسي وضاقت علي الأرض بما رحبت، سمعت صوت صارخ أوفى على سلع ــ أي صعد على جبل سلع ــ يقول بأعلى صوته: يا كعب بن مالك، أبشر، قال: فخررت ساجدًا، وعرفت أن قد جاء فرج، قال: فآذن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم الناس بتوبة الله عز وجل علينا حين صلى صلاة الفجر، فذهب الناس يبشروننا، فذهب قبل صاحبي مبشرون، وركض رجال إلي فرسًا وسعى ساع من أسلم قبلي وأوفى الجبل، فكان الصوت أسرع من الفرس، فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني نزعت له ثوبي فكسوتهما إياه ببشارته، والله ما أملك غيرهما يومئذ، واستعرت ثوبين فلبستهما، فانطلقت أتأمم ــ أي أقصد ــ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يتلقاني الناس فوجًا فوجًا يهنئونني بالتوبة، ويقولون: لتهنك توبة الله عليك، حتى دخلت المسجد فإذا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم جالس في المسجد وحوله الناس، فقام طلحة بن عبيد الله ــ رضي الله عنه ــ يُهرول حتى صافحني وهنأني، والله ما قام رجل من المهاجرين غيره، قال: فكان كعب لا ينساها لطلحة.
قال كعب: فلما سلمت على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، قال وهو يبرق وجهه من السرور، ويقول:
"أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك"
فقلت: أمن عندك يا رسول الله أم من عند الله؟ قال:
"لا، بل من عند الله عز وجل"
وكان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إذا سر استنار وجهه حتى كأن وجهه قطعة قمر، وكنا نعرف ذلك منه، فلما جلست بين يديه قلت: يا رسول الله إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله صَلَّى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم:
"أمسك عليك بعض مالك فهو خيرٌ لك"
فقلت: فإني أمسك سهمي الذي بخيبر، وقلت: يا رسول الله إن الله تعالى إنما أنجاني بالصدق، وإن من توبتي أن لا أحدث إلا صدقًا ما بقيت، قال: فوالله ما علمت أن أحدًا من المسلمين أبلاه الله تعالى في صدق الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أحسن مما أبلاني الله تعالى به، والله ما تعمّدت كذبة منذ قلت ذلك لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إلى يومي هذا، وإني لأرجو أن يحفظني الله تعالى فيما بقي.
الصفحة الأم
|
مساعدة
|
المراجع
|
بحث
|
المسابقات
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال