تسجيل الدخول


عبد الله بن رواحة بن ثعلبة بن امرئ القيس بن عمرو بن امرئ القيس بن...

كنيته أبو رواحة، شهد العَقَبَة مع السبعين من الأنصار، وهو من السابقين الأولين من الأنصار، وشهد بدرًا وما بعدها إلى أن استشهد بمؤتة، وهو أحد النُّقباء الاثني عشر من الأنصار، وقدّمه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم من بدر يبشّر أهل العالية بما فتح الله عليه. وكان ينشد الشعر بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ عُمَرُ: يا ابْنَ رواحة، أفي حرم الله وبين يدي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم تقول هذا الشّعر؟ فقال: "خَلِّ عَنْهُ يَا عُمَرُ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِه لَكَلاَمُه أشَدُّ عَلَيْهِم مِنْ وَقْعِ النَّبلِ". وروى قيس بن أبي حازم قال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم لعبد الله بن رَوَاحة: "انْزِلْ فحَرّكْ بنا الركابَ"، قال: يا رسول الله، إني قد تركتُ قولي ذلك، قال: فقال له عمر: اسْمَعْ وأطِعْ، وقال: فنزل، وهو يقول: يا رَبّ لوْلا أنت ما اهْتَدَيَنا وَلا تَصَدّقنا وَلا صَلّينا فأنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَينْا وثَبّتِ الأقْدامَ إنْ لاقَيْنَا إنّ الكُفّارَ قَدْ بَغَوْا عليْنا وإنْ أرادوا فِتْنَةً أبَيْنا فقال النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم: "اللهمّ ارحَمْه"، فقال عمر: وجبت مناقبه: عن أبي هريرة أنَّ النبيَّ صَلَّى الله عليه وسلم قال: "نِعْمَ الرَّجُلُ عبدُ الله بنُ رَواحَةَ..." في حديث طويل. وروي أن النبيَّ صَلَّى الله عليه وسلم قال: "رَحِمَ الله ابْنَ رَوَاحَةَ؛ إنَّه يُحبُّ الْمَجَالِسَ الَّتِي تَتَبَاهَى بِهَا الْمَلَائِكةُ". وأخرج البيهقي بسندٍ صحيح، عن أبي ليلى كان النبي صَلَّى الله عليه وسلم يخطب، فدخل عبد الله بن رَوَاحة، فسمعه يقول: "أجْلِسُوه"، فجلس مكانَه خارجًا من المسجد، فلما فرغ قال له: "زَادَكَ الله حِرْصًا عَلَى طَوَاعيةِ الله وَطَوَاعيةِ رَسُولِه" . . ومرض عبد الله بن رواحة، فأغمي عليه، فعاده النبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: "اللَّهُمَّ إنْ كانَ أجَلُه قَدْ حَضَرَ فَيسِّرْهُ عَلَيهِ، وَإنْ لَمْ يَكُنْ حَضَرَ أجَلُه فاشْفِه" وقال أَبو الدَّرْداءِ: أَعوذ بالله أَن يأْتي عليّ يوم، لا أَذكر فيه عبد اللّه بن رواحة، كان إِذا لقيني مُقْبلًا ضرب بين ثَدْيَي، وإِذا لقيني مدبرًا ضرب بين كَتِفَيَّ، ثم يقول: يا عُوَيْمِر، اجلس فلنؤمن ساعة، فنجلس، فنذكر الله ما شاءَ، ثم يقول: يا عويمر، هذه مجالس الإِيمان. وكان عبد الله أول خارج إلى الغزو، وآخر قافل، ولما نزلت: }وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ {[الشعراء: 224] قال عبد الله بن رواحة: قد علم الله أني منهم فأنزل الله: }إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ{... [الشعراء: 227] الآية، ومن أحسن ما مدح به النبي صَلَّى الله عليه وسلم قوله: لَوْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ آيَاتٌ مُبَيَّنَةٌ كَانَتْ بَدِيهَتُه تُنْبِيكَ بِالخَبَرِ وروى هشام بن عروة، عن أبيه، قال: سمعت أبي يقول: ما سمعْتُ أحدًا أجْرَأ ولا أسرع شعرًا من عبد الله بن رواحة، سمعْتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول له يومًا: "قل شعرًا تقتضيه السّاعة، وأنا أنظر إليك"، فانبعث مكانه يقول: إِنِّي تًفَرَّسْتُ فِيكَ الْخَيَر أَعْرِفُهُ وَاللهُ يَعْلَمُ أَنْ مَا خَانَنِي البَصَرُ أَنْتَ النَّبِيُّ وَمَنْ يُحْرَمْ شَفَاعَتُهُ يَوْمَ الحِسَابِ لَقَدْ أَزْرَى بِهِ القَدَرُ فَثبَّتَ اللهُ مَا أتَاكَ مِنْ حَسَنٍ
تَثْبيِتَ مُوسَى وَنَصْرًا كَالَّذِي نَصَرُوا فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم‏‏: ‏"‏وَأَنْتَ فَثَبِّتَكَ اللهُ يَا بْنَ رَوَاحَةَ‏"‏‏، قال هشام بن عروة‏: فثبته الله عزّ وجل أحسن الثّبات، فقُتل شهيدًا. وعن أبي الدّرداء قال: لقد رأيتنا مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم في بعض أسفاره في اليوم الحارّ الشّديد حتى إِنَّ الرجل ليضَعُ من شدة الحرِّ يَده على رأسه، وما في القوم صائم إلاّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وعبد الله بن رواحة‏. وروى عروة بن الزبير قال: أَمَّرَ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم على الناس يوم مؤتة زيدَ بن حارثة، فإِن أُصيب فجعفر بن أَبي طالب، فإِن أُصيب جعفر فعبد اللّه بن رواحة، فإِن أُصيب عبد اللّه فليرتض المسلمون رجلًا فليجعلوه عليهم، فتجهز الناس وتهيئو للخروج، فودع الناسُ أُمراءَ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وسلموا عليهم، وودعوا عبد اللّه بن رواحة بكى، قالوا: ما يبكيك يا ابن رواحة؟ فقال: أَما والله ما بي حبُّ الدنيا ولا صَبابَة إِليها، ولكني سمعت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقرأَ: }وَإِن مِّنكُمْ إَِّلا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا {[مريم/ 71] فلست أَدري كيف لي بالصدَرِ بعد الوُرُود؟ فقال المسلمون: صَحِبَكم اللّهُ وردَّكم إِلينا صالحين ودفع عنكم، ثم أَتى عبدُ اللّه رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم فودَّعه، ثم خرج القوم حتى نزلوا مَعَان فبلغهم أَنَّ هرقل نزل بمَآبٍ في مائة أَلف من الروم، ومائة أَلف من المستعربة... فأَقاموا بمَعَان يومين، وقالوا: نبعث إِلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فنخبره بكثرةِ عَدُوِّنا، فإِما أَن يَمُدَّنا، وإِما أَنْ يأْمرنا أَمرًا، فشجَّعَهم عبدُ اللّه بن رواحة، فساروا وهم ثلاثة آلاف حتى لحقوا جموع الروم بقرية من قُرَى البلقاءِ، يقال لها: مشارف، ثم انحاز المسلمون إِلى مؤتة. وروى عبد السلام بن النعمان بن بَشِير: أَن جعفر بن أَبي طالب حين قُتِل دعا الناس عبد اللّه بن رواحة، وهو في جانب العسكر، فتقدم فقاتل، وقال يخاطب نفسه: يَا نَفْسُ إِلاَّ تُقْتَلِي تَمُوتِي هَذَا حِيَاضُ المَوْتِ قد صَلِيتِ وَمَا تَمَنَّيْتِ فَقَدْ لَقِيتِ إِنْ تَفْعَلِي فِعْلَهُمَا هُدِيتِ وَأَنْ تَأَخَّرْتِ فَقَدْ شَقِيتِ يعني زيدًا وجعفرًا، ثم قال: يا نفس، إِلى أَي شيءٍ تتوقين؟ إلى فُلانة ــ امرأَته ــ فهي طالق، وإِلى فلان وفلان ــ غلمان له ــ فهم أَحرار، وإِلى معجف ــ حائط له ــ فهو لله ولرسوله، ثم قال: يَا نَفْسُ مَالَكِ تَكْرَهِينَ الْجَنَّهْ أُقْسِمُ بِالله لِتَنْزِلِنَّهْ طَائِـعَةً أَوْ لَتُكْرَهِنَّهْ فَطَالَمَا قَدْ كُنْتِ مُطْمَئِنَّهْ هَلْ أَنْتِ إِلاَّ نُطْفَةٌ فِي شَنَّهْ قَدْ أَجْلَبَ النَّاسُ وَشَدُّوا الرَّنَّهْ ولما أُصيب القوم قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ــ فيما بلغني: "أَخذ زيد بن حارثة الراية فقاتل بها حتى قُتِل شهيدًا، ثم أَخذها جعفر بن أَبي طالب فقاتل حتى قُتِل شهيدًا"، ثم صمت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم حتى تَغَيَّرتْ وجوه الأَنصار، وظنوا أَنه قد كان في عبد اللّه بن رواحة ما يكرهون، فقال: "ثم أَخذها عبد اللّه بن رواحة فقاتل حتى قُتِل شهيدًا، ثم لقد رفعوا لي في الجنة فيما يرى النائم على سُرُرٍ من ذهب، فرأَيت في سرير عبد اللّه بن رواحة أزْورارًا عن سَرِيرَيْ صاحبيه، فقلت: عَمَّ هذا؟ فقيل لي: مَضيًا، وتردد عبد اللّه بعض التردد، ثم مضى فقتل". وكانت غزوة مؤتة التي استشهد فيها عبد الله بن رواحة في جمادى من سنة ثمانٍ بأرض الشام‏.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال